فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قتل كعب بن الأشرف

( قَولُهُ بَابُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ)
أَيِ الْيَهُودِيّ قَالَ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ كَانَ عَرَبِيًّا مِنْ بَنِي نَبْهَانَ وهم بطن من طئ وَكَانَ أَبُوهُ أَصَابَ دَمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَحَالَفَ بَنِي النَّضِيرِ فَشَرُفَ فِيهِمْ وَتَزَوَّجَ عَقِيلَةَ بِنْتَ أَبِي الْحَقِيقِ فَوَلَدَتْ لَهُ كَعْبًا وَكَانَ طَوِيلًا جَسِيمًا ذَا بَطْنٍ وَهَامَةٍ وَهَجَا الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَنزل على بن وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ وَالِدِ الْمُطَّلِبِ فَهَجَاهُ حَسَّانُ وَهَجَا امْرَأَتَهُ عَاتِكَةَ بِنْتَ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ فَطَرَدَتْهُ فَرَجَعَ كَعْبٌ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَشَبَّبَ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى آذَاهُمْ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بن مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ كَانَ شَاعِرًا وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٌ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَهْلُهَا أَخْلَاطٌ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِصْلَاحَهُمْ وَكَانَ الْيَهُودُ وَالْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ أَشَدَّ الْأَذَى فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ فَلَمَّا أَبَى كَعْبٌ أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَاهُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَنْ يَبْعَثَ رهطا ليقتلوه وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ قَتْلَهُ كَانَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ



[ قــ :3841 ... غــ :4037] .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو هُوَ بن دِينَارٍ كَذَا هُنَا وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ فِي الْجِهَادِ وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو .

     قَوْلُهُ  مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ أَيْ مَنِ الَّذِي يَنْتَدِبُ إِلَى قَتْلِهِ .

     قَوْلُهُ  آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ فَقَدْ آذَانَا بِشِعْرِهِ وَقَوَّى الْمُشْرِكِينَ وَأَخْرَجَ بن عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ قَدِمَ عَلَى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فَحَالَفَهُمْ عِنْدَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ يَهْجُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيُحَرِّضُ قُريْشًا عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ قَالُوا لَهُ أَدِينُنَا أَهْدَى أَمْ دَيْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ دِينُكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَنَا بِابْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَعْلَنَ بِعَدَاوَتِنَا وَوَجَدْتُ فِي فَوَائِدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاق الخرساني مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ إِلَيْهِ لِقَتْلِ كَعْبٍ سَبَبًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ صَنَعَ طَعَامًا وَوَاطَأَ جَمَاعَةً مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُ يَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَإِذَا حَضَرَ فَتَكُوا بِهِ ثُمَّ دَعَاهُ فَجَاءَ وَمَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَأَعْلَمَهُ جِبْرِيلُ بِمَا أَضْمَرُوهُ بَعْدَ أَنْ جَالَسَهُ فَقَامَ فَسَتَرَهُ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ فَخَرَجَ فَلَمَّا فَقَدُوهُ تَفَرَّقُوا فَقَالَ حِينَئِذٍ مَنْ يَنْتَدِبُ لِقَتْلِ كَعْبٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِتَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ خَالِي .

     قَوْلُهُ  قَالَ نَعَمْ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ فَقَالَ أَنْت لَهُ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ قَالَ فَافْعَلْ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ فَسَكَتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَقَرَّ صَامِتٌ وَمِثْلُهُ عِنْدَ سَمُّويَةَ فِي فَوَائِدِهِ فَإِنْ ثَبَتَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَكَتَ أَوَّلًا ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَلَا تَعْجَلْ حَتَّى تُشَاوِرَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَالَ فَشَاوَرَهُ فَقَالَ لَهُ تَوَجَّهْ إِلَيْهِ وَاشْكُ إِلَيْهِ الْحَاجَةَ وَسَلْهُ أَنْ يُسَلِّفَكُمْ طَعَامًا .

     قَوْلُهُ  فائذن لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ قُلْ كَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ أَنْ يَفْتَعِلَ شَيْئًا يَحْتَالُ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَقد ظهر من سِيَاق بن سَعْدٍ لِلْقِصَّةِ أَنَّهُمُ اسْتَأْذَنُوا أَنْ يَشْكُوا مِنْهُ وَيَعِيبُوا رَأْيَهُ وَلَفْظُهُ فَقَالَ لَهُ كَانَ قُدُومُ هَذَا الرَّجُلِ عَلَيْنَا مِنَ الْبَلَاءِ حَارَبَتْنَا الْعَرَبُ ورمتنا عَن قَوس وَاحِدَة وَعند بن إِسْحَاق بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى مَعَهُمْ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ثُمَّ وَجَّهَهُمْ فَقَالَ انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ وَنَحْنُ لَا نَجِدُ مَا نَأْكُلُ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ نَبِيَّنَا أَرَادَ مِنَّا الصَّدَقَةَ وَلَيْسَ لَنَا مَالٌ نَصْدُقُهُ .

     قَوْلُهُ  قَدْ عَنَّانَا بِالْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى مِنَ الْعَنَاءِ وَهُوَ التَّعَبُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَأَيْضًا أَيْ وَزِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَالنُّونِ مِنَ الْمَلَالِ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِأَبِي نَائِلَةَ أَخْبِرْنِي مَا فِي نَفْسِكَ مَا الَّذِي تُرِيدُونَ فِي أَمْرِهِ قَالَ خِذْلَانَهُ وَالتَّخَلِّي عَنْهُ قَالَ سَرَرْتَنِي .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسَلِّفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ قَائِلُ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَأُحِبُّ أَنْ تُسَلِّفَنَا طَعَامًا قَالَ أَيْنَ طَعَامُكُمْ قَالُوا أَنْفَقْنَاهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ قَالَ أَلَمْ يَأْنِ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الَّذِي خَاطَبَ كَعْبًا بِذَلِكَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَالَّذِي عِنْد بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهُ أَبُو نَائِلَةَ وَأَوْمَأَ الدِّمْيَاطِيُّ إِلَى تَرْجِيحِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا نَائِلَةَ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَمُحَمَّدَ بْنَ مسلمة بن أُخْتِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فِي الْكُلِّ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ قَالُوا وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَائْذَنْ لَنَا أَنْ نُصِيبَ مِنْكَ فَيَطْمَئِنَّ إِلَيْنَا قَالَ قُولُوا مَا شِئْتُمْ وَعِنْدَهُ أَمَّا مَالِي فَلَيْسَ عِنْدِي الْيَوْم وَلَكِن عِنْدِي التَّمْر وَذكر بن عَائِذٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ بَعَثَ مُحَمَّدًا بن أَخِيهِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ .

     قَوْلُهُ  ارْهَنُونِي أَيِ ادْفَعُوا لِي شَيْئًا يَكُونُ رَهْنًا عَلَى التَّمْرِ الَّذِي تُرِيدُونَهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ لَعَلَّهُمْ قَالُوا لَهُ ذَلِكَ تَهَكُّمًا وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي نَفْسِهِ كَانَ جَمِيلًا زَادَ بن سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَلَا نَأْمَنُكَ وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْكَ لِجَمَالِكَ وَفِي الْمُرْسَلِ الْآخَرِ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ وَأَنْتَ رَجُلٌ حُسَّانٌ تُعْجِبُ النِّسَاءَ وَحُسَّانٌ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلَاحَ كَذَا قَالَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ اللَّأْمَةُ الدِّرْعُ فَعَلَى هَذَا إِطْلَاقُ السِّلَاحِ عَلَيْهَا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ سِلَاحَنَا مَعَ عِلْمِكَ بِحَاجَتِنَا إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لِئَلَّا يُنْكِرَ مَجِيئَهُمْ إِلَيْهِ بِالسِّلَاحِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ بِنُونٍ وَبَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتَانِيَّةٌ وَاسْمُهُ سِلْكَانُ بْنُ سَلَامَةَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يَعْنِي كَانَ أَبُو نَائِلَةَ أَخَا كَعْبٍ وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ نَدِيمَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ يَرْكَنُ إِلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ أَيْضًا كَانَ أَخَاهُ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانُوا أَرْبَعَةً سَمَّى عَمْرٌو مِنْهُمُ اثْنَيْنِ.

قُلْتُ وَسَتَأْتِي تسميتهم قَرِيبا وَعند الخرساني فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَلَمَّا كَانَ فِي الْقَائِلَةِ أَتَوْهُ وَمَعَهُمُ السِّلَاحُ فَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ سَامِعًا دَعَوْتَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا .

     قَوْلُهُ  وقَال غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ .

     وَقَالَتْ  مَكَانَكَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى حُمْرَةَ الدَّمِ مَعَ الصَّوْتِ وَبَيَّنَ الْحُمَيْدِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ الْغَيْرَ الَّذِي أَبْهَمَهُ سُفْيَانُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هُوَ الْعَبْسِيُّ وَأَنَّهُ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ عَن عِكْرِمَة مُرْسلا وَعند بن إِسْحَاقَ فَهَتَفَ بِهِ أَبُو نَائِلَةَ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَوَثَبَ فِي مِلْحَفَتِهِ فَأَخَذَتِ امْرَأَتُهُ بِنَاحِيَتِهَا .

     وَقَالَتْ  لَهُ أَنْتَ امْرُؤٌ مُحَارِبٌ لَا تَنْزِلُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ فَقَالَ إِنَّهُ أَبُو نَائِلَةَ لَوْ وَجَدَنِي نَائِمًا مَا أَيْقَظَنِي فَقَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِنْ صَوْتِهِ الشَّرَّ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَتْ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ لَا تَنْزِلَ إِلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتًا يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَيَدْخُلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو قَالَ سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ.

     وَقَالَ  غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ.

قُلْتُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ فَأَتَاهُ وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ مُعَاذٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَذَا أَدْرَجَهُ وَرِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ مُفَصَّلَةٌ وَنُسِبَ الْحَارِثُ بْنُ مُعَاذٍ إِلَى جَدِّهِ وَوَقَعَتْ تَسْمِيَتُهُمْ كَذَلِكَ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَعَلَى هَذَا فَكَانُوا خَمْسَةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ مِنْ قَصِيدَةٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَشَدَّ بِسَيْفِهِ صَلْتًا عَلَيْهِ فَقَطَّعَهُ أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرِ وَكَانَ اللَّهُ سَادِسَنَا فَأُبْنَا بِأَنْعَمِ نِعْمَةٍ وَأَعَزِّ نَصْرِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ كَانَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَأَبُو عَتِيكَ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُمَا وَكَذَا فِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَمَعَهُ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مَرَّةً ثَلَاثَةً وَفِي الْأُخْرَى خَمْسَةً .

     قَوْلُهُ  فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعْرِهِ فَأَشُمُّهُ وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ .

     قَوْلُهُ  وقَال مَرَّةً فَأُشِمُّكُمْ أَيْ أُمَكِّنُكُمْ مِنَ الشَّمِّ وَهُوَ يَنْفَحُ بِالْفَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ .

     قَوْلُهُ  رِيحُ الطِّيبِ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَدْنِ مِنِّي رَأْسَكَ أَشُمُّهُ وَأَمْسَحُ بِهِ عَيْنَيَّ وَوَجْهِي .

     قَوْلُهُ  عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ وَعِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَأَجْمَلُ بِالْجِيمِ بَدَلَ الْكَافِ وَهِيَ أَشْبَهُ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ هَذَا عِطْرُ أُمِّ فُلَانٍ يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَكَانَ كَعْبٌ يَدَّهِنُ بِالْمِسْكِ الْمُفَتَّتِ وَالْعَنْبَرِ حَتَّى يَتَلَبَّدَ فِي صُدْغَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَعِنْدِي أَعْطَرُ سَيِّدِ الْعَرَبِ وَكَأَنَّ سَيِّدَ تَصْحِيفٌ مِنْ نِسَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً فَالْمَعْنَى أَعْطَرُ نِسَاءِ سَيِّدِ الْعَرَبِ عَلَى الْحَذْفِ .

     قَوْلُهُ  دُونَكُمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَتَلَهُ وَأَصَابَ ذُبَابُ السَّيْفِ الْحَارِثَ بْنَ أَوْسٍ وَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِجُرُفِ بُعَاثٍ تَخَلَّفَ الْحَارِثُ وَنَزَفَ فَلَمَّا افْتَقَدَهُ أَصْحَابُهُ رَجَعُوا فَاحْتَمَلُوهُ ثُمَّ أَقْبَلُوا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَلَ عَلَى جُرْحِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ فَلَمْ يُؤْذِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَبَزَقَ فِيهَا ثُمَّ أَلْصَقَهَا فَالْتَحَمَتْ وَفِي رِوَايَةِ بن الْكَلْبِيِّ فَضَرَبُوهُ حَتَّى بَرَدَ وَصَاحَ عِنْدَ أَوَّلِ ضَرْبَةٍ وَاجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ فَأَخَذُوا عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففاتوهم وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَمَّا أَخَذَ بِقُرُونِ شَعْرِهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ فَالْتَفَّتْ عَلَيْهِ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا قَالَ مُحَمَّدٌ فَذَكَرْتُ مِعْوَلًا كَانَ فِي سَيْفِي فَوَضَعْتُهُ فِي سُرَّتِهِ ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ فَغَطَطْتُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَانَتِهِ فَصَاحَ وَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ يَا آلَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَرَّتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَأَخْبَرُوهُ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ فَأَخْبَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَفِي رِوَايَةِ بن سَعْدٍ فَلَمَّا بَلَغُوا بَقِيعَ الْغَرْقَدِ كَبَّرُوا وَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فَلَمَّا سَمِعَ تَكْبِيرَهُمْ كَبَّرَ وَعَرَفَ أَنْ قَدْ قَتَلُوهُ ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَيْهِ فَقَالَ أَفْلَحَتِ الْوُجُوهُ فَقَالُوا وَوَجْهُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَمُوا رَأْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى قَتْلِهِ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ فَأَصْبَحَتْ يَهُودُ مَذْعُورِينَ فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا قتل سيدنَا غيلَة فَذكرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَنِيعَهُ وَمَا كَانَ يُحَرِّضُ عَلَيْهِ وَيُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ زَاد بن سَعْدٍ فَخَافُوا فَلَمْ يَنْطِقُوا قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي قِصَّةِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ قَتْلُ الْمَعَاهَدِ إِذَا سَبَّ الشَّارِعَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ فِي الْجِهَادِ يُعْطِي أَنَّ كَعْبًا كَانَ مُحَارِبًا حَيْثُ تَرْجَمَ لِهَذَا الْحَدِيثِ الْفَتْكُ بِأَهْلِ الْحَرْبِ وَتَرْجَمَ لَهُ أَيْضًا الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَفِيهِ جَوَازُ قَتْلِ الْمُشْرِكِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ قَدْ بَلَغَتْهُ وَفِيهِ جَوَازُ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْحَرْبِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ قَائِلُهُ إِلَى حَقِيقَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى قُوَّةِ فِطْنَةِ امْرَأَته الْمَذْكُورَة وَصِحَّة حَدِيثهَا وَبَلَاغَتِهَا فِي إِطْلَاقِهَا أَنَّ الصَّوْتَ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّم