فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق

( .

     قَوْلُهُ  قَتْلِ أَبِي رَافِعٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ)

وَيُقَالُ سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ كَانَ بِخَيْبَرَ وَالْحُقَيْقُ بِمُهْمَلَةٍ وَقَافٍ مُصَغَّرٌ وَالَّذِي سَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ مِنْ حَدِيثِهِ مُطَوَّلًا وَأَوَّلُهُ أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ لِيَقْتُلُوهُ وَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَحَلِيفٌ لَهُمْ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَنَّهُمْ قَدِمُوا خَيْبَرَ لَيْلًا فَذَكَرَ الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ هُوَ سَلَّامُ أَيْ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ قَالَ لَمَّا قَتَلَتِ الْأَوْسُ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ اسْتَأْذَنَتِ الْخَزْرَجُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَهُوَ بِخَيْبَرَ فَأَذِنَ لَهُمْ قَالَ فَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ أَنَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَانَا يَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ لَا تَصْنَعُ الْأَوْسُ شَيْئًا إِلَّا قَالَتِ الْخَزْرَجُ وَاللَّهِ لَا تَذْهَبُونَ بِهَذِهِ فَضْلًا عَلَيْنَا وَكَذَلِكَ الْأَوْسُ فَلَمَّا أَصَابَتِ الْأَوْسُ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ تَذَاكَرَتِ الْخَزْرَجُ مَنْ رَجُلٌ لَهُ مِنَ الْعَدَاوَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ لِكَعْبٍ فَذكرُوا بن أَبِي الْحُقَيْقِ وَهُوَ بِخَيْبَرَ .

     قَوْلُهُ  وَيُقَالُ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ وَهُوَ قَوْلٌ وَقَعَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ الْمَوْصُولِ فِي الْبَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِصْنُهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ فِي طَرَفِ أَرْضِ الْحِجَازِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَطَرَقُوا أَبَا رَافِعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ بِخَيْبَرَ فَقَتَلُوهُ فِي بَيْتِهِ وَلِأَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورِ أَخَوَانِ مَشْهُورَانِ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ أَحَدُهُمَا كِنَانَةُ وَكَانَ زَوْجَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخُوهُ الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ وَقَتَلَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ .

     قَوْلُهُ  وقَال الزُّهْرِيُّ هُوَ بَعْدَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَصَلَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الزُّهْرِيّ وَقد ذكرت من عِنْد بن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ بِزِيَادَةٍ فِيهِ قَالَ بن سَعْدٍ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَقِيلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَقِيلَ فِيهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ ثُمَّ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ قِصَّتَهُ مِنْ رِوَايَةِ ثَلَاثَةٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْأُولَى رِوَايَةُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا إِلَى أَبِي رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا وَهُوَ نَائِمٌ فَقَتَلَهُ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَولُهُ



[ قــ :3842 ... غــ :4038] بَيْتَهُ لِلْأَكْثَرِ بِسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَلِلسَّرَخْسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي مِنَ التَّبْيِيتِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجِهَادِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُطَوَّلًا نَحْوَ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ الْآتِيَةِ



[ قــ :3843 ... غــ :4039] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى هُوَ الْقَطَّانُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى هُوَ الْعَبْسِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ هُنَا بِوَاسِطَةٍ .

     قَوْلُهُ  بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْآتِيَةِ بَعْدَ هَذِهِ بَعَثَ إِلَى أَبِي رَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ فِي أُنَاسٍ مَعَهُمْ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ بَعَثَ وَهُوَ الْمَبْعُوثُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ وَلَيْسَ هُوَ اسْمَ أَبِي رَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ لَمْ يُذْكَرْ إِلَّا فِي هَذَا الطَّرِيق وَزعم بن الْأَثِير فِي جَامع الْأُصُول أَنه بن عتبَة بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ النُّونِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ خَوْلَانِيٌّ لَا أَنْصَارِيٌّ وَمُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ وَالرِّوَايَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ لَا بِالنُّونِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ سُمِّيَ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ عبد الله بن عتِيك وَعبد الله بن عتبَة وَعند بن إِسْحَاقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ وَمَسْعُودُ بْنُ سِنَانٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَخُزَاعِيُّ بْنُ أَسْوَدَ فَإِنْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ مَحْفُوظًا فَقَدْ كَانُوا سِتَّةً فَأَمَّا الأول فَهُوَ بن عتِيك بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر الْمُثَنَّاة بن قَيْسِ بْنِ الْأَسْوَدِ مِنْ بَنِي سِلْمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ فَقَدْ شرحت مَا فِيهِ وَأما مَسْعُود فَهُوَ بن سِنَانٍ الْأَسْلَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي سِلْمَةَ شَهِدَ أُحُدًا وَاسْتُشْهِدَ بِالْيَمَامَةِ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ فَهُوَ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ وَقَدْ فَرَّقَ الْمُنْذِرِيُّ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ وَجَزَمَ بِأَنَّ الْأَنْصَارِيَّ هُوَ الَّذِي كَانَ فِي قتل بن أبي الْحقيق وَتبع فِي ذَلِك بن الْمَدِينِيِّ وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ جُهَنِيٌّ حَالَفَ الْأَنْصَارَ.
وَأَمَّا أَبُو قَتَادَةَ فَمَشْهُورٌ.
وَأَمَّا خُزَاعِيُّ بْنُ أَسْوَدَ فَقَدْ قَلَبَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ أَسْوَدُ بْنُ خُزَاعِيٍّ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِي الْإِكْلِيلِ أَسْوَدُ بْنُ حَرَامٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْ ذُكِرَ وَإِلَّا فَهُوَ تَصْحِيفٌ ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي دَلَائِلِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَلَى الشَّكِّ هَلْ هُوَ أَسْوَدُ بْنُ خُزَاعِيٍّ أَوْ أَسْوَدُ بْنُ حَرَامٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعِينُ عَلَيْهِ ذكر بن عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ أَعَانَ غَطَفَانَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ ذَكَرَ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ سَبَبًا لِتَأْخِيرِ غَلْقِ الْبَابِ فَقَالَ فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ أَيْ شُعْلَةٍ مِنْ نَارٍ يَطْلُبُونَهُ قَالَ فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ فَغَطَّيْتُ رَأْسِي .

     قَوْلُهُ  وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ أَيْ رَجَعُوا بِمَوَاشِيهِمُ الَّتِي تَرْعَى وَسَرْحٌ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ هِيَ السَّائِمَةُ مِنْ إِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ .

     قَوْلُهُ  يَا عبد الله لم يرد اسْمه الْعلم لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ قد عرفه وَالْوَاقِع أَنه كَانَ مستخفا مِنْهُ فَالَّذِي يظْهر أَنه أَرَادَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ لِأَن الْجَمِيع عبيد الله .

     قَوْلُهُ  تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ أَيْ تَغَطَّى بِهِ لِيُخْفِيَ شَخْصَهُ لِئَلَّا يُعْرَفَ .

     قَوْلُهُ  فَهَتَفَ بِهِ أَيْ نَادَاهُ وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ الْبَابِ أَيِ الْبَوَّابُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ .

     قَوْلُهُ  فَكَمَنْتُ أَيِ اخْتَبَأْتُ وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِي مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الْحِصْنِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ عَلَّقَ الْأَغَالِيقَ عَلَى وَدٍّ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ هُوَ الْوَتَدُ وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ وَضَعَ مِفْتَاحَ الْحِصْنِ فِي كُوَّةٍ وَالْأَغَالِيقُ بِالْمُعْجَمَةِ جَمْعُ غَلَقٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مَا يُغْلَقُ بِهِ الْبَابُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَفَاتِيحُ كَأَنَّهُ كَانَ يَغْلِقُ بِهَا وَيَفْتَحُ بِهَا كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْمِفْتَاحُ بِلَا إِشْكَالٍ وَالْكَوَّةُ بِالْفَتْحِ وَقَدْ تُضَمُّ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ غَيْرُ النَّافِذَةِ وَبِالضَّمِّ النَّافِذَةُ .

     قَوْلُهُ  فَقُمْتُ إِلَى الْأَقَالِيدِ هِيَ جَمْعُ إِقْلِيدٍ وَهُوَ الْمِفْتَاحُ وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ فَفَتَحْتُ بَاب الْحصن .

     قَوْلُهُ  يُسْمَرُ عِنْدَهُ أَيْ يَتَحَدَّثُونَ لَيْلًا وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أَبِي رَافِعٍ وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ .

     قَوْلُهُ  فِي عَلَالِيٍّ لَهُ بِالْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَلِّيَّةٍ بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهِيَ الْغُرْفَةُ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَكَانَ فِي عَلِيَّةٍ لَهُ إِلَيْهَا عَجَلَةٌ وَالْعَجَلَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ السُّلَّمُ مِنَ الْخَشَبِ وَقَيده بن قُتَيْبَةَ بِخَشَبِ النَّخْلِ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَلَمْ يَدَعُوا بَابًا إِلَّا أَغْلَقُوهُ .

     قَوْلُهُ  نَذِرُوا بِي بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة أَي علمُوا واصله مِنَ الْإِنْذَارِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِالشَّيْءِ الَّذِي يُحْذَرُ مِنْهُ وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ كَانَ يَرْطُنُ بِالْيَهُودِيَّةِ فَاسْتَفْتَحَ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةُ أَبِي رَافِعٍ مَنْ أَنْتَ قَالَ جِئْتُ أَبَا رَافِعٍ بِهَدِيَّةٍ فَفَتَحَتْ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ فَلَمَّا هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ أَيْ سَكَنَتْ وَعِنْدَهُ ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَأَغْلَقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ .

     قَوْلُهُ  فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ أَيْ قَصَدْتُ نَحْوَ صَاحِبِ الصَّوْتِ وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَا دَهِشٌ بِكَسْرِ الْهَاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا أَيْ لَمْ أَقْتُلْهُ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ يَا أَبَا رَافِعٍ هَذَا صَوْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ فَقَالَ ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ وَأَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ





[ قــ :3844 ... غــ :4040] .

     قَوْلُهُ  هدأت الْأَصْوَات بِهَمْزَة أَي سكنت وَزعم بن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ هَدَتْ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَأَنَّ الصَّوَابَ بِالْهَمْزِ .

     قَوْلُهُ  فَأَضْرِبُهُ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ مُبَالَغَةً لِاسْتِحْضَارِ صُورَةِ الْحَالِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ مَضَى .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يُغْنِ أَيْ لَمْ يَنْفَعْ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ فَقُلْتُ مَالك وَغَيَّرْتُ صَوْتِي .

     قَوْلُهُ  لِأُمِّكَ الْوَيْلُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ زَادَ.

     وَقَالَ  أَلَا أَعْجَلْتُكَ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ قَالَ فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ الْمُسْتَغِيثِ فَإِذَا هُوَ مستلق على ظَهره وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ فَنَوَّهَتْ بِنَا فَجَعَلْنَا نَرْفَعُ السَّيْفَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَذْكُرُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ فَنَكُفُّ عَنْهَا .

     قَوْلُهُ  ضَبِيبَ السَّيْفِ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ وَزْنَ رَغِيفٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا يُرْوَى وَمَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا وَإِنَّمَا هُوَ ظُبَّةُ السَّيْف وَهُوَ حرف حد السَّيْفِ وَيُجْمَعُ عَلَى ظُبَّاتٍ قَالَ وَالضَّبِيبُ لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ سَيَلَانُ الدَّمِ مِنَ الْفَمِ قَالَ عِيَاضٌ هُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْحَرْبِيُّ.

     وَقَالَ  أَظُنُّهُ طَرَفَهُ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ طَرَفُ السَّيْفِ وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ فأضع السَّيْف فِي بَطْنه ثمَّ اتكىء عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ .

     قَوْلُهُ  فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا أُرَى بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّ وَذكر بن إِسْحَاق فِي رِوَايَته أَنه كَانَ سيء الْبَصَرِ .

     قَوْلُهُ  فَانْكَسَرَتْ سَاقِي فَعَصَبْتُهَا فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ فَسَقَطْتُ مِنْهُ فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا انْخَلَعَتْ مِنَ الْمِفْصَلِ وَانْكَسَرَتِ السَّاقُ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ هَذَا اخْتِلَافٌ وَقَدْ يُتَجَوَّزُ فِي التَّعْبِيرِ بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ لِأَنَّ الْخَلْعَ هُوَ زَوَالُ الْمِفْصَلِ مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ أَيْ بِخِلَافِ الْكَسْرِ.

قُلْتُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالْحَمْلِ عَلَى وُقُوعِهِمَا مَعًا أَوْلَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ فَوَثَبَتْ يَدُهُ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ رِجْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَوَقَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ وَزَادَ أَنَّهُمْ كَمَنُوا فِي نَهَرٍ وَأَنَّ قَوْمَهُ أَوْقَدُوا النِّيرَانَ وَذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَ حَتَّى أَيِسُوا رَجَعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْضِي .

     قَوْلُهُ  قَامَ النَّاعِي فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ صَعِدَ النَّاعِيَةُ .

     قَوْلُهُ  أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ كَذَا ثَبَتَ فِي الرِّوَايَاتِ بِفَتْح الْعين قَالَ بن التِّينِ هِيَ لُغَةٌ وَالْمَعْرُوفُ انْعُوا وَالنَّعْيُ خَبَرُ الْمَوْتِ وَالِاسْمُ النَّاعِي وَذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الْكَبِيرُ رَكِبَ رَاكِبٌ فَرَسًا وَسَارَ فَقَالَ نَعْيُ فُلَانٍ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ النَّجَاء بِالنّصب أَيْ أَسْرِعُوا فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي أَحْجُلُ فَقُلْتُ انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَولُهُ أَحْجُلُ هُوَ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ جِيمٍ الْحَجْلُ هُوَ أَنْ يَرْفَعَ رِجْلًا وَيَقِفَ عَلَى أُخْرَى مِنَ الْعَرَجِ وَقَدْ يَكُونُ بِالرِّجْلَيْنِ مَعًا إِلَّا أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَمَّى قَفْزًا لَا مَشْيًا وَيُقَالُ حَجَلَ فِي مَشْيِهِ إِذَا مَشَى مِثْلَ الْمُقَيَّدِ أَيْ قَارَبَ خَطْوَهُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ وَتَوَجَّهْنَا مِنْ خَيْبَرَ فَكُنَّا نَكْمُنُ النَّهَارَ وَنَسِيرُ اللَّيْلَ وَإِذَا كَمَنَّا بِالنَّهَارِ أَقْعَدْنَا مِنَّا وَاحِدًا يَحْرُسُنَا فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَخَافُهُ أَشَارَ إِلَيْنَا فَلَمَّا قَرُبْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَتْ نَوْبَتِي فَأَشَرْتُ إِلَيْهِمْ فَخَرَجُوا سِرَاعًا ثُمَّ لَحِقْتُهُمْ فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا مَاذَا رَأَيْتَ.

قُلْتُ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ تَكُونُوا أُعْيِيتُمْ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَحْمِلَكُمُ الْفَزَعُ .

     قَوْلُهُ  فَمَسَحَهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ النَّاعِيَ قَالَ فَقُمْتُ أَمْشِي مَا بِي قَلَبَةٌ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ عِلَّةٌ أَنْقَلِبُ بِهَا.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ أَصْلُ الْقِلَابِ بِكَسْرِ الْقَافِ دَاءٌ يُصِيبُ الْبَعِيرَ فَيَمُوتُ مِنْ يَوْمِهِ فَقِيلَ لِكُلِّ مَنْ سَلِمَ مِنْ عِلَّةٍ مَا بِهِ قَلَبَةٌ أَيْ لَيْسَتْ بِهِ عِلَّةٌ تُهْلِكُهُ و.

     قَوْلُهُ  فَأَدْرَكْتُ أَصِحَابِي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرْتُهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ مِنَ الدَّرَجَةِ وَقَعَ لَهُ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ لَكِنَّهُ مِنْ شِدَّةِ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِالْأَمْرِ مَا أَحَسَّ بِالْأَلَمِ وَأُعِينَ عَلَى الْمَشْيِ أَوَّلًا وَعَلَيْهِ يَدُلُّ .

     قَوْلُهُ  مَا بِي قَلَبَةٌ ثُمَّ لَمَّا تَمَادَى عَلَيْهِ الْمَشْيُ أَحَسَّ بِالْأَلَمِ فَحَمَلَهُ أَصْحَابُهُ كَمَا وَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ ثُمَّ لَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَيْهِ فَزَالَ عَنْهُ جَمِيعُ الْأَلَمِ بِبَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ اغْتِيَالِ الْمُشْرِكِ الَّذِي بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَأَصَرَّ وَقَتْلُ مَنْ أَعَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ لِسَانِهِ وَجَوَازُ التَّجسِيسِ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ وَتَطَلُّبُ غِرَّتِهِمْ وَالْأَخْذُ بِالشِّدَّةِ فِي مُحَارَبَةِ الْمُشْرِكِينَ وَجَوَازُ إِبْهَامِ الْقَوْلِ لِلْمَصْلَحَةِ وَتَعَرُّضِ الْقَلِيلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِلْكَثِيرِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْحكم بِالدَّلِيلِ والعلامة لاستدلال بن عَتِيكٍ عَلَى أَبِي رَافِعٍ بِصَوْتِهِ وَاعْتِمَادِهِ عَلَى صَوت الناعي بِمَوْتِهِ وَالله أعلم



( قَولُهُ بَابُ الْأَجِيرِ لِلْأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ)
حَالَانِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ اسْتُؤْجِرَ لِلْخِدْمَةِ أَوِ اسْتُؤْجِرَ لِيُقَاتِلَ فَالْأَوَّلُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يُسْهَمُ لَهُ.

     وَقَالَ  الْأَكْثَرُ يُسْهَمُ لَهُ لِحَدِيثِ سَلَمَةَ كُنْتُ أَجِيرًا لِطِلْحَةَ أَسُوسُ فَرَسَهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لَهُ.

     وَقَالَ  الثَّوْرِيُّ لَا يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ إِلَّا إِنْ قَاتَلَ.
وَأَمَّا الْأَجِيرُ إِذَا اسْتُؤْجِرَ لِيُقَاتِلَ فَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ لَا يُسْهَمُ لَهُ.

     وَقَالَ  الْأَكْثَرُ لَهُ سَهْمُهُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَاسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ قَوْمًا عَلَى الْغَزْوِ لَمْ يُسْهَمْ لَهُمْ سِوَى الْأُجْرَةِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْجِهَادُ أَمَّا الْحُرُّ الْبَالِغُ الْمُسْلِمُ إِذَا حَضَرَ الصَّفَّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ فَيُسْهَمُ لَهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً .

     قَوْلُهُ  وقَال الْحسن وبن سِيرِينَ يُقْسَمُ لِلْأَجِيرِ مِنَ الْمَغْنَمِ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق عَنْهُمَا بِلَفْظ يُسهم للاجير وَوَصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا بِلَفْظِ الْعَبْدُ وَالْأَجِيرُ إِذَا شَهِدَا الْقِتَالَ أُعْطُوا مِنَ الْغَنِيمَةِ .

     قَوْلُهُ  وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ إِلَخْ وَهَذَا الصَّنِيعُ جَائِزٌ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ الْمُخَابَرَةَ.

     وَقَالَ  بِصِحَّتِهِ هُنَا الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ خِلَافًا لِلثَّلَاثَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ الْمُخَابَرَةِ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْقِصَاصِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ



[ قــ :3844 ... غــ :4040] .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا قَالَ الْمُهَلَّبُ اسْتَنْبَطَ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازَ اسْتِئْجَارِ الْحُرِّ فِي الْجِهَادِ وَقَدْ خَاطَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خمسه الْآيَةَ فَدَخَلَ الْأَجِيرُ فِي هَذَا الْخِطَابِ.

قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَوْضَحَ مِنَ الَّذِي هُنَا وَلَفْظُهُ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَزْوِ وَأَنَا شَيْخٌ لَيْسَ لِي خَادِمٌ فَالْتَمَسْتُ أَجِيرًا يَكْفِينِي وَأُجْرِي لَهُ سَهْمِي فَوَجَدْتُ رَجُلًا فَلَمَّا دَنَا الرَّحِيلُ أَتَانِي فَقَالَ مَا أَدْرَى مَا سَهْمُكَ وَمَا يَبْلُغُ فَسَمِّ لِي شَيْئًا كَانَ السَّهْمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَسَمَّيْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ الْحَدِيثَ وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَهُوَ أَوْثَقُ أَعْمَالِي فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ أَحْمَالِي بِالْمُهْمَلَةِ وَلِلْمُسْتَمْلِي بِالْجِيمِ وَالَّذِي قَاتَلَ الْأَجِيرُ هُوَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ نَفْسُهُ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بَيْنَ أَثَرِ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ وَحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ بَابُ اسْتِعَارَةِ الْفَرَسِ فِي الْغَزْوِ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَخْلُوَ بَابُ الْأَجِيرِ مِنْ حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ وَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَكَأَنَّهُ وَجَدَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فِي الطُّرَّةِ خَالِيَةً عَنْ حَدِيثٍ فَظَنَّ أَنَّ هَذَا مَوْضِعَهَا وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ التَّرْجَمَةِ الْمَاضِيَةِ قَرِيبًا وَهِيَ بَابُ الْخُرُوجِ فِي الْفَزَعِ وَحْدَهُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُورِدَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ فَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ أَيْضًا فَلم يتَّفق ذَلِك وَيُقَوِّي هَذَا أَن بن شَبُّوَيْهِ جَعَلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ مُسْتَقِلَّةً قَبْلَ بَابِ الْأَجِيرِ بِغَيْرِ حَدِيثٍ وَأَوْرَدَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَقِبَ بَابِ الْأَجِيرِ.

     وَقَالَ  لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا حَدِيثًا ثَانِيهِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ تَقْدِيمُ بَابِ الْجَعَائِلِ وَمَا بَعْدَهُ إِلَى هُنَا وَأَخَّرَ ذَلِكَ الْبَاقُونَ وَقَدَّمُوا عَلَيْهِ بَابُ مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَطْبُ فِيهِ قريب