فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب غزوة أوطاس

( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ أَوْطَاسٍ)
قَالَ عِيَاضٌ هُوَ وَادٍ فِي دَارِ هَوَازِنَ وَهُوَ مَوْضِعُ حَرْبِ حُنَيْنٍ انْتَهَى وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ وَادِيَ أَوْطَاسٍ غَيْرُ وَادِي حُنَيْنٍ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ بن إِسْحَاقَ أَنَّ الْوَقْعَةَ كَانَتْ فِي وَادِي حُنَيْنٍ وَأَن هوَازن لما انْهَزمُوا صَارَت طَائِفَة مِنْهُم إِلَى الطَّائِفِ وَطَائِفَةٌ إِلَى بَجِيلَةَ وَطَائِفَةٌ إِلَى أَوْطَاسٍ فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَسْكَرًا مُقَدَّمُهُمْ أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ إِلَى مَنْ مَضَى إِلَى أَوْطَاسٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ ثُمَّ تَوَجَّهَ هُوَ وَعَسَاكِرُهُ إِلَى الطَّائِفِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَكْرِيُّ أَوْطَاسٌ وَادٍ فِي دِيَارِ هَوَازِنَ وَهُنَاكَ عَسْكَرُوا هُمْ وَثَقِيفٌ ثُمَّ الْتَقَوْا بِحُنَيْنٍ



[ قــ :4091 ... غــ :4323] .

     قَوْلُهُ  بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ هُوَ عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمِ بْنِ حِضَارٍ الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ عَم أبي مُوسَى.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاق هُوَ بن عَمِّهِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ .

     قَوْلُهُ  فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ فَقُتِلَ دُرَيْدٌ أَمَّا الصِّمَّةُ فَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم أَي بن بكر بن عَلْقَمَة وَيُقَال بن الْحَارِثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْجُشَمِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَنِي جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ فَالصِّمَّةُ لَقَبٌ لِأَبِيهِ وَاسْمُهُ الْحَارِثُ وَقَولُهُ فَقُتِلَ رُوِّينَاهُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَاخْتُلِفَ فِي قَاتِلِهِ فَجَزَمَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِأَنَّهُ رَبِيعَةُ بْنُ رُفَيْعٍ بِفَاءٍ مصغر بن وَهْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيُّ وَكَانَ يُقَال لَهُ بن الذَّعِنَّةِ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَيُقَالُ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجمَة وَهِي أمه.

     وَقَالَ  بن هِشَامٍ يُقَالُ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُبَيْعِ بْنِ أُهْبَانَ وَسَاقَ بَقِيَّةَ نَسَبِهِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضا بن الدغنة وَلَيْسَ هُوَ بن الدُّغُنَّةِ الْمَذْكُورُ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْهِجْرَةِ وَرَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِ أَنَسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ قَاتِلَ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ هُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَلَفْظُهُ لَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ انْحَازَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ فِي سِتِّمِائَةِ نَفْسٍ عَلَى أَكْمَةٍ فَرَأَوْا كَتِيبَةً فَقَالَ خَلُّوهُمْ لِي فَخَلَّوْهُمْ فَقَالَ هَذِهِ قُضَاعَةُ وَلَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ ثُمَّ رَأَوْا كَتِيبَةً مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ هَذِهِ سُلَيْمٌ ثُمَّ رَأَوْا فَارِسًا وَحْدَهُ فَقَالَ خَلُّوهُ لِي فَقَالُوا مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ فَقَالَ هَذَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَهُوَ قَاتِلُكُمْ وَمُخْرِجُكُمْ مِنْ مَكَانِكُمْ هَذَا قَالَ فَالْتَفَتَ الزُّبَيْرُ فَرَآهُمْ فَقَالَ علام هَؤُلَاءِ هَا هُنَا فَمَضَى إِلَيْهِمْ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ فَحَزَّ رَأْسَ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ فَجَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيحْتَمل أَن يكون بن الدُّغُنَّةِ كَانَ فِي جَمَاعَةِ الزُّبَيْرِ فَبَاشَرَ قَتْلَهُ فَنُسِبَ إِلَى الزُّبَيْرِ مَجَازًا وَكَانَ دُرَيْدٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ الْفُرْسَانِ الْمَشْهُورِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ لما قتل بن عشْرين وَيُقَال بن سِتِّينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو مُوسَى وَبَعَثَنِي أَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي عَامِرٍ أَيْ إِلَى مَنِ الْتَجَأَ إِلَى أَوْطَاس.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّ فِي آثَارِ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَى أَوْطَاسٍ فَأَدْرَكَ بَعْضَ مَنِ انْهَزَمَ فَنَاوَشُوهُ الْقِتَالَ .

     قَوْلُهُ  فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ رَمَاهُ جُشَمِيٌّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جُشَمٍ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ هَذَا الْجُشَمِي فَقَالَ بن إِسْحَاقَ زَعَمُوا أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ هُوَ الَّذِي رَمَى أَبَا عَامِرٍ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ رُكْبَتَهُ فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ الرَّايَةَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَقَاتلهُمْ فَفتح الله عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  بن هِشَامٍ حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ الَّذِي رَمَى أَبَا عَامِرٍ أَخَوَانِ مِنْ بَنِي جُشْمٍ وَهُمَا أَوْفَى وَالْعَلَاءُ ابْنَا الْحَارِثِ وَفِي نُسْخَةٍ وَافَى بَدَلَ أَوْفَى فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا رُكْبَتَهُ وَقَتَلَهُمَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَعند بن عَائِذٍ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعَثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْلِ الطَّلَبِ أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّ وَأَنا مَعَه فَقتل بن دُرَيْدٍ أَبَا عَامِرٍ فَعَدَلْتُ إِلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ وَأَخَذْتُ اللِّوَاء الحَدِيث فَهَذَا يُؤَيّد مَا ذكره بن إِسْحَاق وَذكر بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي أَيْضًا أَنَّ أَبَا عَامِرٍ لَقِيَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِخْوَةً فَقَتَلَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحَدٍ حَتَّى كَانَ الْعَاشِرُ فَحمل عَلَيْهِ وَهُوَ يَدعُوهُ الىالاسلام وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ اللَّهُمَّ لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ فَكَفَّ عَنْهُ أَبُو عَامِرٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ أَسْلَمَ فَقَتَلَهُ الْعَاشِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهِ شَهِيدُ أَبِي عَامِرٍ وَهَذَا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ فِي أَنَّ أَبَا مُوسَى قَتَلَ قَاتِلَ أَبِي عَامِرٍ وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ وَلَعَلَّ الَّذِي ذَكَرَهُ بن إِسْحَاقَ شَارَكَ فِي قَتْلِهِ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ أَيِ انْصَبَّ مِنْ مَوْضِعِ السَّهْمِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ يَا بن أخى هَذَا يرد قَول بن إِسْحَاق إِنَّه بن عَمِّهِ وَيُحْتَمَلُ إِنْ كَانَ ضَبَطَهُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ بن عَائِذٍ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعِي اللِّوَاءُ قَالَ يَا أَبَا مُوسَى قُتِلَ أَبُو عَامِرٍ .

     قَوْلُهُ  عَلَى سَرِيرٍ مُرَمَّلٍ بِرَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ مِيمٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ مَعْمُولٍ بِالرِّمَالِ وَهِيَ حِبَالُ الْحُصْرِ الَّتِي تُضَفَّرُ بهَا الاسرة قَوْله وَعَلِيهِ فرَاش قَالَ بن التِّينِ أَنْكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ.

     وَقَالَ  الصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ فِرَاشٌ فَسَقَطَتْ مَا انْتَهَى وَهُوَ إِنْكَارٌ عَجِيبٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ رَقَدَ عَلَى غَيْرِ فِرَاشٍ كَمَا فِي قِصَّةِ عُمَرَ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى سَرِيرِهِ دَائِمًا فِرَاشٌ .

     قَوْلُهُ  فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ التَّطْهِيرِ لِإِرَادَةِ الدُّعَاءِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ ذَلِكَ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ .

     قَوْلُهُ  فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خلقك أَي فِي الْمرتبَة وَفِي رِوَايَة بن عَائِذٍ فِي الْأَكْثَرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو بردة هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور