فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قصة أهل نجران



[ قــ :4142 ... غــ :4380] .

     قَوْلُهُ  قِصَّةُ أَهْلِ نَجْرَانَ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَلَدٌ كَبِيرٌ عَلَى سَبْعِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى جِهَةِ الْيَمَنِ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسبعين قَرْيَة مسيرَة يَوْم للراكب السَّرِيعِ كَذَا فِي زِيَادَاتِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ بِإِسْنَاد لَهُ فِي الْمَغَازِي وَذكر بن إِسْحَاق أَنهم وفدوا علىرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَهُمْ حِينَئِذٍ عِشْرُونَ رَجُلًا لَكِنْ أَعَادَ ذِكْرَهُمْ فِي الْوُفُود بِالْمَدِينَةِ فكأنهم قدمُوا مرَّتَيْنِ.

     وَقَالَ  بن سَعْدٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَفْدُهُمْ فِي أَرْبَعَةَ عشر رجلا من اشرافهم وَعند بن إِسْحَاقَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا وَسَرَدَ أَسْمَاءَهُمْ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ هُوَ بَغْدَادِيٌّ ثِقَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ تَقَدَّمَ فِي التَّهَجُّدِ مَقْرُونًا .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن بن مَسْعُودٍ بَدَلَ حُذَيْفَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ إِسْرَائِيلَ وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ هَذِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ شُعْبَةَ قَدْ رَوَى أَصْلَ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ عَنْ حُذَيْفَةَ كَمَا فِي الْبَابِ أَيْضًا وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ فَهِمَ ذَلِكَ فَاسْتَظْهَرَ بِرِوَايَةِ شُعْبَةَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ صَحِيحَانِ فَقَدْ رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَن صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ .

     قَوْلُهُ  جَاءَ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ صَاحِبَا نَجْرَانَ أَمَّا السَّيِّدُ فَكَانَ اسْمُهُ الْأَيْهَمَ بِتَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ وَيُقَالُ شُرَحْبِيلُ وَكَانَ صَاحِبَ رِحَالِهِمْ وَمُجْتَمَعِهِمْ وَرَئِيسَهُمْ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْعَاقِبُ فَاسْمُهُ عَبْدُ الْمَسِيحِ وَكَانَ صَاحِبَ مَشُورَتِهِمْ وَكَانَ مَعَهُمْ أَيْضًا أَبُو الْحَارِثِ بْنُ عَلْقَمَةَ وَكَانَ أُسْقُفَهُمْ وحبرهم وَصَاحب مِدْرَاسهمْ قَالَ بن سَعْدٍ دَعَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلىالاسلام وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَامْتَنَعُوا فَقَالَ إِنْ أَنْكَرْتُمْ مَا أَقُولُ فَهَلُمَّ أُبَاهِلْكُمْ فَانْصَرَفُوا عَلَى ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ أَيْ يُبَاهِلَاهُ وَذَكَرَ بن إِسْحَاقَ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ أَنَّ ثَمَانِينَ آيَةً مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبناءنا وأبناءكم وَنِسَاءَنَا ونساءكم الْآيَةَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الصَّحَابَةِ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ الْقَائِلَ ذَلِكَ هُوَ السَّيِّدُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ بَلِ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ هُوَ الْعَاقِبُ لِأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ رَأْيِهِمْ وَفِي زِيَادَاتِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ فِي الْمَغَازِي بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ شُرَحْبِيلُ أَبُو مَرْيَمَ .

     قَوْلُهُ  فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبيا فَلَا عَنَّا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَلَاعَنَنَا بِإِظْهَارِ النُّونِ .

     قَوْلُهُ  لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا زَاد فِي رِوَايَة بن مَسْعُود أبدا وَفِي مُرْسل الشّعبِيّ عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَدْ أَتَانِي الْبَشِيرُ بِهَلَكَةِ أَهْلِ نَجْرَانَ لَوْ تَمُّوا عَلَى الْمُلَاعَنَةِ وَلَمَّا غَدَا عَلَيْهِمْ أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَفَاطِمَةَ تَمْشِي خَلْفَهُ لِلْمُلَاعَنَةِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ أَنَّهُ صَالَحَهُمْ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ أَلْفٍ فِي رَجَبٍ وَأَلْفٍ فِي صَفَرٍ وَمَعَ كُلِّ حُلَّةٍ أُوقِيَّةٌ وَسَاقَ الْكتاب الَّذِي كتبه بَينهم مطولا وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ السَّيِّدَ وَالْعَاقِبَ رَجَعَا بَعْدَ ذَلِكَ فَأَسْلمَا زَاد فِي رِوَايَة بن مَسْعُودٍ فَأَتَيَاهُ فَقَالَا لَا نُلَاعِنُكَ وَلَكِنْ نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَ وَفِي قِصَّةِ أَهْلِ نَجْرَانَ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ إِقْرَارَ الْكَافِرِ بِالنُّبُوَّةِ لَا يُدْخِلُهُ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى يَلْتَزِمَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا جَوَازُ مُجَادَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَدْ تَجِبُ إِذَا تَعَيَّنَتْ مَصْلَحَتُهُ وَفِيهَا مَشْرُوعِيَّةُ مُبَاهَلَةِ الْمُخَالِفِ إِذَا أصر بعد ظُهُور الْحجَّة وَقد دَعَا بن عَبَّاسٍ إِلَى ذَلِكَ ثُمَّ الْأَوْزَاعِيُّ وَوَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمِمَّا عُرِفَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ مَنْ بَاهَلَ وَكَانَ مُبْطِلًا لَا تَمْضِي عَلَيْهِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ الْمُبَاهَلَةِ وَوَقَعَ لِي ذَلِكَ مَعَ شَخْصٍ كَانَ يَتَعَصَّبُ لِبَعْضِ الْمَلَاحِدَةِ فَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهَا غَيْرَ شَهْرَيْنِ وَفِيهَا مُصَالَحَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يُؤْخَذُ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى وَجْهِ الصَّغَارِ فِي كُلِّ عَامٍ وَفِيهَا بَعْثُ الْإِمَامِ الرَّجُلَ الْعَالِمَ الْأَمِينَ إِلَى أَهْلِ الْهُدْنَةِ فِي مَصْلَحَةِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقد ذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ لِيَأْتِيَهُ بِصَدَقَاتِهِمْ وَجِزْيَتِهِمْ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ غَيْرُ قِصَّةِ أَبِي عُبَيْدَةَ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ تَوَجَّهَ مَعَهُمْ فَقَبَضَ مَالَ الصُّلْحِ وَرَجَعَ وَعَلِيٌّ أَرْسَلَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقْبِضُ مِنْهُمْ مَا اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجِزْيَةِ وَيَأْخُذُ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَاللَّهُ أعلم ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَنَسٍ أَنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ سَبَبَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِب أبي عُبَيْدَة