فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة: 183]

( قَولُهُ بَابُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)
أَمَّا .

     قَوْلُهُ  كُتِبَ فَمَعْنَاهُ فُرِضَ وَالْمُرَادُ بِالْمَكْتُوبِ فِيهِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  كَمَا فَاخْتُلِفَ فِي التَّشْبِيهِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ هَلْ هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَيَكُونُ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا أَوِ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الصِّيَامِ دُونَ وَقْتِهِ وَقَدْرِهِ فِيهِ قَوْلَانِ



[ قــ :4254 ... غــ :4501] وَورد فِي أول حَدِيث مَرْفُوع عَن بن عمر أوردهُ بن أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مَجْهُولٌ وَلَفْظُهُ صِيَامُ رَمَضَانَ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرُ أخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيقِ مَعْقِلٍ النَّسَّابَةِ وَهُوَ مِنَ الْمُخَضْرَمِينَ وَلَمْ تثبت لَهُ صُحْبَةٌ وَنَحْوُهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ التَّشْبِيهَ وَاقِعٌ عَلَى نَفْسِ الصَّوْمِ وَهُوَ قَول الْجُمْهُور وأسنده بن أبي حَاتِم والطبري عَن معَاذ وبن مَسْعُود وَغَيرهمَا من الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَزَادَ الضَّحَّاكُ وَلَمْ يَزَلِ الصَّوْمُ مَشْرُوعًا مِنْ زَمَنِ نُوحٍ وَفِي قَوْلِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ قَبْلَنَا كَانَ فَرْضُ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبِيلِ الْآصَارِ وَالْأَثْقَالِ الَّتِي كُلِّفُوا بِهَا.
وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ فَتَكْلِيفُهَا بِالصَّوْمِ لِيَكُونَ سَبَبًا لِاتِّقَاءِ الْمَعَاصِي وَحَائِلًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا فَعَلَى هَذَا الْمَفْعُولُ الْمَحْذُوفُ يُقَدَّرُ بِالْمَعَاصِي أَو بالمنهيات ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي البَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ بن عمر وَقد تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَعَ شَرْحِهِ ثَانِيهَا





[ قــ :455 ... غــ :450] حَدِيثُ عَائِشَةَ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ كَذَلِك ثَالِثهَا حَدِيث بن مَسْعُود





[ قــ :456 ... غــ :4503] قَوْله حَدثنِي مَحْمُود هُوَ بن غَيْلَانَ وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ كَذَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بَدَلَ مَحْمُودٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْكَلَابَاذِيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ بن يَحْيَى الذُّهْلِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ لَكِنْ هُنَا الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا قَالَ الْجَمَاعَةُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ الْمَرْوَزِيِّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَشْعَثُ وَهُوَ يَطْعَمُ أَيْ يَأْكُلُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ إِلَى عَلْقَمَةَ قَالَ دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى بن مَسْعُودٍ وَهُوَ يَأْكُلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ عَلْقَمَةَ حَضَرَ الْقِصَّةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يحضرها وَحملهَا عَن بن مَسْعُودٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ رِوَايَةِ الْبَابِ وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَتَغَذَّى .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ كَذَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا وَتَمَامُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ فَقَالَ أَيِ الْأَشْعَثُ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن وَهِي كنية بن مَسْعُود وأوضح من ذَلِكَ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْمَذْكُورَةُ فَقَالَ أَي بن مَسْعُودٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَهِيَ كُنْيَةُ الْأَشْعَثِ ادن إِلَى الْغَدَاء فَقَالَ أَو لَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ إِنَّمَا هُوَ يَوْمٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ شَهْرُ رَمَضَانَ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تَرَكَ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ فَإِن كنت مُفطرا فأطعم وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ كُنَّا نَصُومُ عَاشُورَاءَ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ وَكُنَّا نَفْعَلُهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ نَحْوُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ صِيَامَ عَاشُورَاءَ كَانَ مُفْتَرَضًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فَرْضُ رَمَضَانَ ثُمَّ نُسِخَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ مَبْسُوطًا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الصِّيَامِ وَإِيرَادُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ يَمِيلُ إِلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الثَّانِي وَوَجْهُهُ أَنَّ رَمَضَانَ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا قَبْلَنَا لَصَامَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَصُمْ عَاشُورَاءَ أَوَّلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ صِيَامَهُ عَاشُورَاءَ مَا كَانَ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَلَا يَضُرُّنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُهُمْ هَلْ كَانَ صَوْمه فرضا أَو نفلا