فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، والله على كل شيء قدير} [البقرة: 284]

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ الْآيَةِ)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَاقَ غَيْرُهُ الْآيَةَ إِلَى قَدِيرٍ



[ قــ :4294 ... غــ :4545] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمَا وَوَقَعَ لِأَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ فَأَسْقَطَ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ الْمُهْمَلِ وَالصَّوَاب إثْبَاته وَلَعَلَّ بن السَّكَنِ ظَنَّ أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الْبُخَارِيُّ فَحَذَفَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْتُهُ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ مَحْذُوفًا فِي رِوَايَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الصَّوَابَ إِثْبَاتُهُ انْتَهَى وَكَلَامُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ ثَابِتٌ وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ الكلاباذي هُوَ بن يَحْيَى الذُّهْلِيُّ فِيمَا أُرَاهُ قَالَ.

     وَقَالَ  لِي الْحَاكِمُ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ قَالَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا أَمْلَاهُ الْبُوشَنْجِيُّ بِنَيْسَابُورَ انْتَهَى وَذَكَرَ الْحَاكِمُ هَذَا الْكَلَامَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْرَمِ وَكَلَامُ أَبِي نُعَيْمٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِهِ ثُمَّ قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ النُّفَيْلِيِّ وَالنُّفَيْلِيُّ بِنُونٍ وَفَاءٍ مُصَغَّرٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ يُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ وَلَا لِشَيْخِهِ مِسْكِينِ بْنِ بُكَيْرٍ الْحَرَّانِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ وَشُعْبَةُ وَكَتَبَ بَيْنَ الْأَسْطُرِ أُرَاهُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا شَكَّ فِيهِ وَمِسْكِينٌ هَذَا إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ شُعْبَةَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ تَقَدَّمَ ذِكْرِهِ فِي الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَآخَرُ فِي الْحَجِّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بن عُمَرَ لَمْ يَتَّضِحْ لِي مَنْ هُوَ الْجَازِمُ بِأَنَّهُ بن عُمَرَ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ الْآتِيَةَ بَعْدَ هَذِهِ وَقَعَتْ بِلَفْظ أَحْسبهُ بن عمر وَعِنْدِي فِي ثُبُوت كَونه بن عمر توقف لِأَنَّهُ ثَبت أَن بن عُمَرَ لَمْ يَكُنِ اطَّلَعَ عَلَى كَوْنِ هَذِهِ الْآيَةِ مَنْسُوخَةً فَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ دخلت على بن عَبَّاس فَقلت كنت عِنْد بن عُمَرَ فَقَرَأَ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ فَبكى فَقَالَ بن عَبَّاسٍ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا أُنْزِلَتْ غَمَّتْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَمَّا شَدِيدًا وَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا فَإِنَّ قُلُوبَنَا لَيْسَتْ بِأَيْدِينَا فَقَالَ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فَقَالُوا فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ لَا يُكَلِّفُ الله نفسا إِلَّا وسعهَا وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاس دون قصَّة بن عُمَرَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنه سمع سعيد بن مرْجَانَة يَقُول كنت عِنْد بن عُمَرَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَئِنْ وَاخَذَنَا اللَّهُ بِهَذَا لَنَهْلِكَنَّ ثُمَّ بَكَى حَتَّى سُمِعَ نَشِيجُهُ فَقُمْتُ حَتَّى أتيت بن عَبَّاس فَذكرت لَهُ مَا قَالَ بن عُمَرَ وَمَا فَعَلَ حِينَ تَلَاهَا فَقَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَعَمْرِي لَقَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ نَزَلَتْ مِثْلَ مَا وَجَدَ فَأَنْزَلَ الله لايكلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْض الْآيَةَ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُطَوِّلًا وَفِيهَا فَلَمَّا فَعَلُوا نَسَخَهَا اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ لايكلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا إِلَى آخر السُّورَة وَلم يذكر قصَّة بن عمر وَيُمكن أَن بن عُمَرَ كَانَ أَوَّلًا لَا يَعْرِفُ الْقِصَّةَ ثُمَّ لَمَّا تَحَقَّقَ ذَلِكَ جَزَمَ بِهِ فَيَكُونُ مُرْسَلَ صَحَابِيّ وَالله أعلم