فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} [النساء: 95] {والمجاهدون في سبيل الله} [النساء: 95]

( قَولُهُ بَابُ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْآيَةَ)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاخْتَلَفَتِ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرُ أُولِي الضَّرَر فَقَرَأَ بن كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْقَاعِدُونَ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِالْجَرِّ عَلَى الصِّفَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ



[ قــ :4339 ... غــ :4592] .

     قَوْلُهُ  عَن صَالح هُوَ بن كَيْسَانَ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ كَذَا قَالَ صَالِحٌ وَتَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَخَالَفَهُمَا مَعْمَرٌ فَقَالَ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ رَأَى مَرْوَان بن الحكم أَي بن أَبِي الْعَاصِ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ الَّذِي صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ خَلِيفَةً .

     قَوْلُهُ  فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَأَخْبَرَنَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةُ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُوَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ.

قُلْتُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ السَّمَاعِ عَدَمُ الصُّحْبَة وَالْأَوْلَى مَا قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرَهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ عَامِ أُحُدٍ وَقِيلَ عَامَ الْخَنْدَقِ وَثَبَتَ عَنْ مَرْوَانَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا طَلَبَ الْخِلَافَةَ فَذَكَرُوا لَهُ بن عمر فَقَالَ لَيْسَ بن عُمَرَ بِأَفْقَهَ مِنِّي وَلَكِنَّهُ أَسَنُّ مِنِّي وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ فَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِعَدَمِ صُحْبَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ مِنْهُ مُمْكِنًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى أَبَاهُ إِلَى الطَّائِفِ فَلَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا عُثْمَانُ لَمَّا اسْتُخْلِفَ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ مَقْرُونَةً بِالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَنَبَّهْتُ هُنَاكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا مُرْسَلَةٌ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى عَلَيْهِ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله فِي رِوَايَةِ قَبِيصَةَ الْمَذْكُورَةِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ كُنْتُ أَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ إِنِّي لَقَاعِدٌ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ وَغَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ فَوَضَعَ فَخِذَهُ عَلَى فَخِذِي قَالَ زَيْدٌ فَلَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا قَطُّ أَثْقَلَ مِنْهَا وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الَّذِي فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْعُ لِي فُلَانًا فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ وَالْكَتِفُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ فِي الْبَابِ أَيْضًا دَعَا زَيْدًا فَكَتَبَهَا فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَمَّا نَزَلَتْ كَادَتْ أَنْ تَنْزِلَ لِتَصْرِيحِ رِوَايَةِ خَارِجَةَ بِأَنَّ نُزُولَهَا كَانَ بِحَضْرَة زيد قَوْله فَجَاءَهُ بن أُمِّ مَكْتُومٍ فِي رِوَايَةِ قَبِيصَةَ الْمَذْكُورَةِ فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ جَاءَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقَدْ نَبَّهَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَعَمْرٌو وَأَنَّ اسْمَ أَبِيهِ زَائِدَةُ وَأَنَّ أُمَّ مَكْتُومٍ أُمُّهُ.

قُلْتُ وَاسْمُهَا عَاتِكَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ خَبَرِهِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ يُمِلُّهَا بِضَمِّ أَوله وكسرالميم وَتَشْدِيدِ اللَّامِ هُوَ مِثْلُ يُمْلِيهَا يُمْلِي وَيُمْلِلْ بِمَعْنًى وَلَعَلَّ الْيَاءَ مُنْقَلِبَةٌ مِنْ إِحْدَى اللَّامَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ مَعَكَ لَجَاهَدْتُ أَيْ لَوِ اسْتَطَعْتُ وَعَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ إِشَارَةً إِلَى الِاسْتِمْرَار واستحضارا لِصُورَةِ الْحَالِ قَالَ وَكَانَ أَعْمَى هَذَا يُفَسِّرُ مَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ فَقَالَ أَنَا ضَرِيرٌ وَفِي رِوَايَة خَارِجَة فَقَامَ حِين سَمعهَا بن أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ مِمَّنْ هُوَ أَعْمَى وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ قَبِيصَةَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنْ بِي مِنَ الزَّمَانَةِ مَا تَرَى ذَهَبَ بَصَرِي .

     قَوْلُهُ  أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي أَيْ تَدُقَّهَا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ سُرِّيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ كُشِفَ .

     قَوْلُهُ  فَأَنْزَلَ اللَّهُ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ فِي رِوَايَةِ قَبِيصَةَ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَوَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ كَانَ فِي الْكَتِفِ .

     قَوْلُهُ  فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْبَرَاءِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأَبُو سِنَانٍ اسْمُهُ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ وَهُوَ ثِقَةٌ إِلَّا أَنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ كَذَا اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَمِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالتِّرْمِذِيّ أَيْضا وَالنَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَأَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشِ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَمِسْعَرٍ ثَمَانِيَّتُهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ





[ قــ :4341 ... غــ :4594] .

     قَوْلُهُ  ادْعُوا فُلَانًا كَذَا أَبْهَمَهُ إِسْرَائِيلُ فِي رِوَايَتِهِ وَسَمَّاهُ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بن أُمِّ مَكْتُومٍ كَذَا فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ الَّتِي قَبْلَهَا دَعَا زَيْدًا فَكَتَبَهَا فجَاء بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَيُجْمَعُ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ جَاءَ أَنَّهُ قَامَ مِنْ مَقَامِهِ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ مُوَاجِهَهُ فَخَاطَبَهُ قَوْله فَنزلت مَكَانهَا قَالَ بن التِّينِ يُقَالُ إِنَّ جِبْرِيلَ هَبَطَ وَرَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ الْقَلَمُ .

     قَوْلُهُ  لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله قَالَ بن الْمُنِيرِ لَمْ يَقْتَصِرِ الرَّاوِي فِي الْحَالِ الثَّانِي عَلَى ذِكْرِ الْكَلِمَةِ الزَّائِدَةِ وَهِيَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَر فَإِنْ كَانَ الْوَحْيُ نَزَلَ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ غَيْرُ أولي الضَّرَر فَقَطْ فَكَأَنَّهُ رَأَى إِعَادَةَ الْآيَةِ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى يَتَّصِلَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْوَحْيُ نَزَلَ بِإِعَادَةِ الْآيَةِ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ بِدُونِهَا فَقَدْ حَكَى الرَّاوِي صُورَةَ الْحَالِ.

قُلْتُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ فَفِيهَا ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ اقْرَأْ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤمنِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ أولى الضَّرَر وَفِي حَدِيثِ الْفَلَتَانِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ وَبِمُثَنَّاةٍ فوقانية بن عَاصِمٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فَقَالَ الْأَعْمَى مَا ذَنْبُنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَخَافَ أَنْ يَنْزِلَ فِي أَمْرِهِ شَيْءٌ فَجَعَلَ يَقُولُ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْكَاتِبِ اكْتُبْ غير أولى الضَّرَر أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَوَقَعَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ وَهُوَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نزلت حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى الْحَدِيثُ الْثَالِثُ





[ قــ :434 ... غــ :4595] .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَأَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ بن رَاهْوَيْهِ لِقَوْلِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي أَصْلِ النَّسَفِيِّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق فَعرفت أَنه بن مَنْصُور لِأَن بن رَاهْوَيْهِ لَا يَقُولُ فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ حَدَّثَنَا .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ أَنَّهُ الْجَزَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَمَّا مقسم فَتقدم ذِكْرُهُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بن الْحَارِث فَهُوَ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ وَلَهُ هُوَ رُؤْيَةٌ وَكَانَ يُلَقَّبُ بَبَّةَ بِمُوَحَّدَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ الثَّانِيَةُ ثَقِيلَةٌ .

     قَوْلُهُ  لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصرا وَظن بن التِّينِ أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِحَدِيثَيْ سَهْلِ وَالْبَرَاءِ فَقَالَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ فِي الشَّيْءِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ حجاج بن مُحَمَّد عَن بن جُرَيْجٍ بِهَذَا مِثْلَهُ وَزَادَ لَمَّا نَزَلَتْ غَزْوَةُ بدر قَالَ عبد الله بن جحش وبن أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَيَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَنَا رُخْصَةٌ فَنَزَلَتْ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم على القاعدين دَرَجَة فَهَؤُلَاءِ الْقَاعِدُونَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ هَكَذَا أَوْرَدَهُ سِيَاقًا وَاحِدًا وَمِنْ قَوْلِهِ دَرَجَةً الخ مدرج فِي الْخَبَر من كَلَام بن جُرَيْجٍ بَيَّنَهُ الطَّبَرِيُّ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجٍ نَحْوَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ إِلَى قَوْلِهِ دَرَجَةً وَوَقَعَ عِنْدَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ وَهُوَ الصَّوَابُ فِي بن جَحْشٍ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخُوهُ.
وَأَمَّا هُوَ فَاسْمُهُ عَبْدٌ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ثمَّ أخرجه بالسند الْمَذْكُور عَن بن جُرَيْجٍ قَالَ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أجرا عَظِيما دَرَجَات مِنْهُ قَالَ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَر وَحَاصِل تَفْسِير بن جُرَيْجٍ أَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ.
وَأَمَّا أُولُو الضَّرَرِ فَمُلْحَقُونَ فِي الْفَضْلِ بِأَهْلِ الْجِهَادِ إِذَا صَدَقَتْ نِيَّاتُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَأَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ وَيَحْتَمِلُ أَن يكون المُرَاد بقوله فضل اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً أَيْ مِنْ أُولِي الضَّرَرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَولُهُ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات مِنْهُ أَيْ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَنْ أَنَسٍ وَلَا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ مِنِ اسْتِوَاءِ أُولِي الضَّرَرِ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ لِأَنَّهَا اسْتَثْنَتْ أُولِي الضَّرَرِ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ فَأَفْهَمَتْ إِدْخَالَهُمْ فِي الِاسْتِوَاءِ إِذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الِاسْتِوَاءِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ اسْتِوَاؤُهُمْ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ لَا فِي الْمُضَاعَفَةِ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِالْجِهَادِ فِي ذَلِكَ سَائِرُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا أتخاذ الْكَاتِب وتقريبه وَتَقْيِيد الْعلم بِالْكِتَابَةِ