فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار)

( قَولُهُ بَابُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ بَابُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ بن عَبَّاس أَسْفَل النَّار وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ الدَّرْكُ الْأَسْفَلُ أَسْفَلَ النَّارِ قَالَ الْعُلَمَاءُ عَذَابُ الْمُنَافِقِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الْكَافِرِ لاستهزائه بِالدّينِ قَوْله نفقا سربا وَصله بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ بِهِ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ لَيْسَتْ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَلَعَلَّ مُنَاسَبَةَ ذِكْرِهَا هُنَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى اشْتِقَاقِ النِّفَاقِ لِأَنَّ النِّفَاقَ إِظْهَارُ غَيْرِ مَا يُبْطِنُ كَذَا وَجَّهَهُ الْكَرْمَانِيُّ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ مِمَّا قَالُوهُ فِي اشْتِقَاقِ النِّفَاقِ أَنَّهُ مِنَ النَّافِقَاءِ وَهُوَ جُحْرُ الْيَرْبُوعِ وَقِيلَ هُوَ مِنَ النَّفَقِ وَهُوَ السَّرَبِ حَكَاهُ فِي النِّهَايَةِ



[ قــ :4349 ... غــ :4602] .

     قَوْلُهُ  إِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ وَالْأسود خَاله وَهُوَ بن يَزِيدَ النَّخَعِيُّ .

     قَوْلُهُ  كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ الله يَعْنِي بن مَسْعُود قَوْله فجَاء حُذَيْفَة هُوَ بن الْيَمَانِ .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ أَيِ ابْتُلُوا بِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ طَبَقَةِ الصَّحَابَةِ فَهُمْ خَيْرٌ مِنْ طَبَقَةِ التَّابِعِينَ لَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلَاهُمْ فَارْتَدُّوا وَنَافَقُوا فَذَهَبَتِ الْخَيْرِيَّةُ مِنْهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ تَابَ فَعَادَتْ لَهُ الْخَيْرِيَّةُ فَكَأَنَّ حُذَيْفَةَ حَذَّرَ الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ وَأَشَارَ لَهُمْ أَنْ لَا يَغْتَرُّوا فَإِنَّ الْقُلُوبَ تَتَقَلَّبُ فَحَذَّرَهُمْ من الْخُرُوجِ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالْخَاتِمَةِ وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِي غَايَةِ الْوُثُوقِ بِإِيمَانِهِمْ فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَأْمَنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَإِنَّ الطَّبَقَةَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَهُمُ الصَّحَابَةُ كَانُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ وُجِدَ بَيْنَهُمْ مَنِ ارْتَدَّ وَنَافَقَ فَالطَّبَقَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ بَعْدِهِمْ أَمْكَنُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَقَولُهُ فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنَّهُ تَبَسَّمَ تَعَجُّبًا مِنْ صِدْقِ مَقَالَتِهِ .

     قَوْلُهُ  فَرَمَانِي أَيْ حُذَيْفَةُ رَمَى الْأَسْوَدَ يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ أَيْ مِنِ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ عَرَفَ مَا.

قُلْتُ أَيْ فَهِمَ مُرَادِي وَعَرَفَ أَنَّهُ الْحَقُّ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ تَابُوا فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَيْ رَجَعُوا عَنِ النِّفَاقِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّ الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ وَالْإِخْلَاصَ وَالنِّفَاقَ كُلٌّ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقْدِيرِهِ وَإِرَادَتِهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤمنِينَ صِحَّةُ تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ وَقَبُولُهَا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَإِنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ فِي أَحْكَام الْقُرْآن وَالله أعلم