فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قوله: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3]

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)
سَقَطَ بَابُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ  وقَال بن عَبَّاسٍ مَخْمَصَةٍ مَجَاعَةٍ كَذَا ثَبَتَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ هُنَا وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا



[ قــ :4353 ... غــ :4606] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَن هُوَ بن مهْدي قَوْله عَن قيس هُوَ بن مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَتِ الْيَهُودُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ قَيْسٍ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَسْمِيَتُهُ هُنَاكَ وَأَنَّهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي حَيْثُ أَفْرَدَ السَّائِلَ أَرَادَ تَعْيِينَهُ وَحَيْثُ جَمَعَ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ مَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى رَأْيِهِ وَأُطْلِقَ عَلَى كَعْبٍ هَذِهِ الصِّفَةَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ سُؤَالَهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا مَضَى .

     قَوْلُهُ  إِنِّي لَأَعْلَمُ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اخْتِصَارٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ فَقَالَ عُمَرُ أَيُّ آيَةٍ إِلَخْ .

     قَوْلُهُ  حَيْثُ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حَيْثُ أُنْزِلَتْ وَأَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ وَبِهَا يَظْهَرُ أَنْ لَا تَكْرَارَ فِي قَوْلِهِ حَيْثُ وَأَيْنَ بَلْ أَرَادَ بِإِحْدَاهُمَا الْمَكَانَ وَبِالْأُخْرَى الزَّمَانَ .

     قَوْلُهُ  وَأَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ حِينَ بَدَلَ حَيْثُ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُنْزِلَتْ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ بِتَكْرَارِ أُنْزِلَتْ وَهِيَ أَوْضَحُ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ وَبُنْدَارٌ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُفْيَانُ وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَزْمُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَسَيَأْتِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ مِسْعَرٍ عَنْ قَيْسٍ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بَيَانُ مُطَابَقَةِ جَوَابِ عُمَرَ لِلسُّؤَالِ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ اتِّخَاذِهِ عِيدًا فَأَجَابَ بِنُزُولِهَا بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَكِلَاهُمَا بِحَمْدِ اللَّهِ لَنَا عِيدٌ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ أَجَابَ بِأَنَّ النُّزُولَ كَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَمِنَ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَ عَرَفَةَ هُوَ عِيدٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْنَاهُ عِيدًا بَعْدَ إِدْرَاكِنَا اسْتِحْقَاقَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِلتَّعَبُّدِ فِيهِ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ يَوْمَ النُّزُولِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ النُّزُولَ كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْعِيدُ إِلَّا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ إِنَّ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ نَهَارًا تَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ انْتَهَى وَالتَّنْصِيصُ عَلَى أَنَّ تَسْمِيَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ يَوْمُ عِيدٍ يُغْنِي عَنْ هَذَا التَّكَلُّفِ فَإِنَّ الْعِيدَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَوْدِ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعُودُ فِي كُلِّ عَامٍ وَقَدْ نَقَلَ الْكَرْمَانِيُّ عَنِ الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّ الْعِيدَ هُوَ السُّرُورُ الْعَائِدُ وَأَقَرَّ ذَلِكَ فَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ شُرِعَ تَعْظِيمُهُ يُسَمَّى عِيدًا انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ عِيدٌ لِبَعْضِ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ لِلْحُجَّاجِ خَاصَّةً وَلِهَذَا يُكْرَهُ لَهُمْ صَوْمُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَيُسْتَحَبُّ وَيَوْمُ الْعِيدِ لَا يُصَامُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بَيَانُ مَنْ رَوَى فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ عِيدٍ وَأَنَّهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ.
وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ لِتَرْكِ جَعْلِهِ عِيدًا بِأَنَّ نُزُولَ الْآيَةِ كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَا يَمْنَعُ أَنْ يُتَّخَذَ عِيدًا وَيُعَظَّمُ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ أَوَّلِهِ لِوُقُوعِ مُوجَبِ التَّعْظِيمِ فِي أَثْنَائِهِ وَالتَّنْظِيرُ الَّذِي نَظَّرَ بِهِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ مَرْجِعَ ذَلِك من جِهَة سير الْهلَال وَإِنِّي لَا تعجب مِنْ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ ضعف مَا أخرجه الطَّبَرِيّ بِسَنَد فِيهِ بن لَهِيعَة عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَضَعَّفَ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَعَلَى مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرُوحُوا إِلَى مِنًى وَصَلَّى الظُّهْرَ بِهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيث عمر أولى وَهُوَ كَمَا قَالَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَزِيَّةِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يَخْتَارُ لِرَسُولِهِ الْأَفْضَلَ وَأَنَّ الْأَعْمَالَ تَشْرُفُ بِشَرَفِ الْأَزْمِنَةِ كَالْأَمْكِنَةِ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ السَّاعَةَ الْمُسْتَجَابَ فِيهَا الدُّعَاءُ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ رَزِينٌ فِي جَامِعِهِ مَرْفُوعًا خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةٍ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ حَدِيثٌ لَا أَعْرِفُ حَالَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ صَحَابِيَّهُ وَلَا مَنْ أَخْرَجَهُ بَلْ أَدْرَجَهُ فِي حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُرْسَلًا عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ وَلَيْسَتِ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُوَطَّآتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ احْتَمَلَ أَنْ يُرَادَ بِالسَّبْعِينَ التَّحْدِيدُ أَوِ الْمُبَالَغَةُ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَثَبَتَتِ المزية بذلك وَالله أعلم