فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب {وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك} [الشعراء: 215] ألن جانبك

( قَولُهُ بَابُ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ)
أَلِنْ جَانِبَكَ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَزَادَ وكلامك



[ قــ :4510 ... غــ :4770] قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ هَذَا مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ وَهَذِهِ الْقِصَّة وَقعت بِمَكَّة وبن عَبَّاسٍ كَانَ حِينَئِذٍ إِمَّا لَمْ يُولَدْ وَإِمَّا طِفْلًا وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ نِدَاءُ فَاطِمَةَ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ بِحَيْثُ تُخَاطَبُ بِالْأَحْكَامِ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي بَابِ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ احْتِمَالَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَكْرَارِ النُّزُولِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ حِينَ نَزَلَتْ نَعَمْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ لما نزلت وأنذر عشيرتك جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي هَاشِمٍ وَنِسَاءَهُ وَأَهْلَهُ فَقَالَ يَا بَنِي هَاشِمٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ وَاسْعَوْا فِي فِكَاكِ رِقَابِكُمْ يَا عَائِشَةُ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ يَا حَفْصَةُ بِنْتَ عُمَرَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فَهَذَا إِنْ ثَبَتَ دَلَّ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ لِأَنَّ الْقِصَّةَ الْأُولَى وَقَعَتْ بِمَكَّةَ لِتَصْرِيحِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ صَعِدَ الصَّفَا وَلَمْ تَكُنْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَهُ وَمِنْ أَزْوَاجِهِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُتَأَخِّرَةً عَنِ الْأُولَى فَيُمْكِنُ أَنْ يَحْضُرَهَا أَبُو هُرَيْرَة وبن عَبَّاسٍ أَيْضًا وَيُحْمَلُ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا نَزَلَتْ جَمَعَ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا أَنَّ الْجَمْعَ وَقَعَ عَلَى الْفَوْرِ وَلَعَلَّهُ كَانَ نَزَلَ أَوَّلًا وَأَنْذِرْ عشيرتك الْأَقْرَبين فَجَمَعَ قُرَيْشًا فَعَمَّ ثُمَّ خَصَّ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ نَزَلَ ثَانِيًا وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ فَخَصَّ بِذَلِكَ بَنِي هَاشِمٍ وَنِسَاءَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ تَعَقُّبٌ عَلَى النَّوَوِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إِنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُخَرِّجْهَا أَعْنِي وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ اعْتِمَادًا عَلَى مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَأَغْفَلَ كَوْنَهَا مَوْجُودَةً عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي سُورَةِ تَبَّتْ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا نَزَلَتْ وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين زَادَ فِي تَفْسِيرِ تَبَّتْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا السَّنَدِ وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَصَلَهَا الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَعَلَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ كَانَتْ قُرْآنًا فَنُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا ثُمَّ اسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إِنْذَارُ الْكُفَّارِ وَالْمُخْلَصُ صِفَةُ الْمُؤْمِنِ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَطْفُ الْخَاص على الْعَام فَقَوله وأنذر عشيرتك عَامٌّ فِيمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ الرَّهْطَ الْمُخْلَصِينَ تَنْوِيهًا بِهِمْ وَتَأْكِيدًا وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَا فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَدْخُلُ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ إِذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَكَانَ يَتَحَمَّلُ عَنْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُخَلِّصُهَا فَإِذَا كَانَ عَمَلُهُ لَا يَقَعُ نِيَابَةً عَنِ ابْنَتِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ يَشْفَعُ فِيمَنْ أَرَادَ وَتُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ حَتَّى يُدْخِلَ قَوْمًا الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَيَرْفَعَ دَرَجَاتِ قَوْمٍ آخَرِينَ وَيُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ دَخَلَهَا بِذُنُوبِهِ أَوْ كَانَ الْمَقَامُ مَقَامَ التَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِيرِ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي الْحَضِّ عَلَى الْعَمَلِ وَيَكُونُ فِي قَوْلِهِ لَا أُغْنِي شَيْئًا إِضْمَارُ إِلَّا إِنْ أَذِنَ اللَّهُ لِي بِالشَّفَاعَةِ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَ يُنَادِي يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَلَاذُرِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن بن عَبَّاسٍ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا وَلَفْظُهُ فَقَالَ يَا بَنِي فِهْرٍ فَاجْتَمَعُوا ثُمَّ قَالَ يَا بَنِي غَالِبٍ فَرَجَعَ بَنُو مُحَارِبٍ وَالْحَارِثُ ابْنَا فِهْرٍ فَقَالَ يَا بَنِي لُؤَيٍّ فَرَجَعَ بَنُو الْأَدْرَمِ بْنِ غَالِبٍ فَقَالَ يَا آلَ كَعْبٍ فَرَجَعَ بَنُو عَدِيٍّ وَسَهْمٍ وَجُمَحٍ فَقَالَ يَا آلَ كِلَابٍ فَرَجَعَ بَنُو مَخْزُومٍ وَتَيْمٍ فَقَالَ يَا آلَ قُصَيٍّ فَرَجَعَ بَنُو زُهْرَةَ فَقَالَ يَا آلَ عَبْدِ مَنَافٍ فَرَجَعَ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وَعَبْدِ الْعُزَّى فَقَالَ لَهُ أَبُو لَهَبٍ هَؤُلَاءِ بَنو عَبْدِ مَنَافٍ عِنْدَكَ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ قَصَرَ الدَّعْوَةَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ وَالطَّبَرِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ أَنَّهُمْ كَانُوا حِينَئِذٍ أَرْبَعُونَ يَزِيدُونَ رَجُلًا أَوْ يَنْقُصُونَ وَفِيهِ عُمُومَتُهُ أَبُو طَالِبٍ وَحَمْزَةُ وَالْعَبَّاسُ وَأَبُو لَهَبٍ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ أَنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ غَيْرَ رَجُلٍ أَوْ أَرْبَعُونَ وَرَجُلٌ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ صَنَعَ لَهُمْ شَاةً عَلَى ثَرِيدٍ وَقَعْبِ لَبَنٍ وَأَنَّ الْجَمِيعَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ وَشَرِبُوا وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ وَقَدْ كَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ إِلَخْ أَرَادَ بِذَلِكَ تَقْرِيرَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ صِدْقَهُ إِذَا أَخْبَرَ عَنِ الْأَمْرِ الْغَائِبِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ مَا أَعْلَمُ شَابًّا مِنَ الْعَرَبِ جَاءَ قَوْمُهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا جِئْتُكُمْ بِهِ إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ أَيْ مُنْذِرٌ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ مُحَارِبٍ وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ فَجَعَلَ يُنَادِي إِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ وَإِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَرَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ فَجَعَلَ يَهْتِفُ يَا صَبَاحَاهُ يَعْنِي يُنْذِرُ قَوْمَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ أَنَا النَّذِيرُ وَالسَّاعَةُ الْمَوْعِدُ وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ مُرْسَلِ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنِهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ.

     وَقَالَ  يَا صَبَاحَاهُ وَوَصَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى عَنْ قَسَامَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مَوْصُولًا أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  فَنَزَلَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ وَزَادَ هَكَذَا قَرَأَهَا الْأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ انْتَهَى وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ فِيمَا نَقَلَ الْفَرَّاءُ عَنِ الْأَعْمَشِ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ قَرَأَهَا حَاكِيًا لَا قَارِئًا وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذَا السِّيَاقِ يَوْمَئِذٍ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَمِرُّ على قرَاءَتهَا كَذَلِك وَالْمَحْفُوظ أَنَّهَا قِرَاءَة بن مَسْعُودٍ وَحْدَهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ تَخْلِيصِهَا مِنَ النَّارِ كَأَنَّهُ قَالَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا مِنَ الْعَذَابِ فَكَانَ ذَلِكَ كَالشِّرَاءِ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الطَّاعَةَ ثَمَنَ النَّجَاةِ.
وَأَمَّا قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهم فَهُنَاكَ الْمُؤْمِنُ بَائِعٌ بِاعْتِبَارِ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ وَالثَّمَنُ الْجَنَّةُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ النُّفُوسَ كُلَّهَا مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ مَنْ أَطَاعَهُ حَقَّ طَاعَته فِي امْتِثَال أوامره وَاجْتنَاب نواهيه وَفِي مَا عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ





[ قــ :4511 ... غــ :4771] .

     قَوْلُهُ  يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ اللَّهِ يَا عَبَّاسُ إِلَخْ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُريْشًا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبٍ كَذَلِك يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ كَذَلِكَ يَا مَعْشَرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَذَلِكَ الْحَدِيثُ .

     قَوْلُهُ  يَا صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَصْبِ عَمَّةٍ وَيَجُوزُ فِي صَفِيَّةَ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ يَا فَاطِمَةُ بنت مُحَمَّد قَوْله تَابعه أصبغ عَن بن وَهْبٍ إِلَخْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي الْوَصَايَا وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَقْرَبَ لِلرَّجُلِ مَنْ كَانَ يَجْمَعُهُ هُوَ وَجَدٌّ أَعْلَى وَكُلُّ مَنِ اجْتَمَعَ مَعَهُ فِي جَدٍّ دُونَ ذَلِكَ كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي الْمُرَادِ بِالْأَقْرَبِينَ وَالْأَقَارِبِ فِي الْوَصَايَا وَالسِّرُّ فِي الْأَمْرِ بِإِنْذَارِ الْأَقْرَبِينَ أَوَّلًا أَنَّ الْحُجَّةَ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِمْ تَعَدَّتْ إِلَى غَيْرِهِمْ وَإِلَّا فَكَانُوا عِلَّةً لِلْأَبْعَدِينَ فِي الِامْتِنَاعِ وَأَنْ لَا يَأْخُذَهُ مَا يَأْخُذُ الْقَرِيبَ لِلْقَرِيبِ مِنَ الْعَطْفِ وَالرَّأْفَةِ فَيُحَابِيهِمْ فِي الدَّعْوَةِ وَالتَّخْوِيفِ فَلِذَلِكَ نَصَّ لَهُ عَلَى إِنْذَارِهِمْ وَفِيهِ جَوَازُ تَكْنِيَةِ الْكَافِرِ وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ كَذَا قِيلَ وَفِي إِطْلَاقِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ حَيْثُ يَكُونُ السِّيَاقُ يُشْعِرُ بِتَعْظِيمِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهِ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا كَمَا فِي هَذَا أَوْ لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَا يؤول أمره إِلَيْهِ من لَهب وجهنم وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ ذِكْرَهُ بِاسْمِهِ لِقُبْحِ اسْمِهِ لِأَنَّ اسْمَهُ كَانَ عَبْدَ الْعُزَّى وَيُمْكِنُ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ التَّكْنِيَةَ لَا تَدُلُّ بِمُجَرَّدِهَا عَلَى التَّعْظِيمِ بَلْ قَدْ يَكُونُ الِاسْمُ أَشْرَفُ مِنَ الْكُنْيَةِ وَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ بِأَسْمَائِهِمْ دون كناهم