فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قوله: {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} [النصر: 3] «

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)
تَوَّابٌ عَلَى الْعِبَادِ وَالتَّوَّابُ مِنَ النَّاسِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ هُوَ كَلَامُ الْفَرَّاءِ فِي مَوْضِعَيْنِ



[ قــ :4706 ... غــ :4970] .

     قَوْلُهُ  كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ أَيْ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَكَانَتْ عَادَةُ عُمَرَ إِذَا جَلَسَ لِلنَّاسِ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ فِي السَّابِقَةِ وَكَانَ رُبَّمَا أَدْخَلَ مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ إِذَا كَانَ فِيهِ مَزِيَّةً تَجْبُرُ مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ أَيْ غَضِبَ وَلَفْظُ وَجَدَ الْمَاضِي يُسْتَعْمَلُ بِالِاشْتِرَاكِ بِمَعْنَى الْغَضَبِ وَالْحُبِّ وَالْغِنَى وَاللِّقَاءِ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي يُلْقَى ضَالَّةً أَوْ مَطْلُوبًا أَوْ إِنْسَانًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ كَانَ أُنَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرين وجدوا على عمر فِي إدنائه بن عَبَّاسٍ وَفِي تَارِيخِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوُهُ وَزَادَ وَكَانَ عُمَرُ أَمَرَهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْء فَلم يجيبوا وأجابه بن عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ أَعْجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ هَذَا الْغُلَامِ ثُمَّ قَالَ إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فَتَكَلَّمِ الْآنَ مَعَهُمْ وَهَذَا الْقَائِلُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ هُنَا بِقَوْلِهِ بَعْضُهُمْ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ أَحَدُ الْعَشَرَةِ كَمَا وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بشر بِهَذَا الْإِسْنَاد كَانَ عمر يدني بن عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مِثْلَهُ أَيْ فِي مِثْلِ سِنِّهِ لَا فِي مِثْلِ فَضْلِهِ وَقَرَابَتِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ لَا أَعْرِفُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف ولدا فِي مثل سنّ بن عَبَّاسٍ فَإِنَّ أَكْبَرَ أَوْلَادِهِ مُحَمَّدٌ وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى لَكِنَّهُ مَاتَ صَغِيرًا وَأَدْرَكَ عُمَرَ مِنْ أَوْلَادِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيُقَالُ إِنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّهُ إِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُدْرِكْ مِنَ الْحَيَاةِ النَّبَوِيَّةِ إِلَّا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ لِأَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَ أُمَّهُ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فَهُوَ أَصْغَر من بن عَبَّاسٍ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْمِثْلِيَّةِ غَيْرَ السِّنِّ أَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَنَا مَنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فِي مِثْلِ سِنِّ بن عَبَّاسٍ مِنَ الْبَدْرِيِّينَ إِذْ ذَاكَ غَيْرُ الْمُتَكَلِّمِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ مَنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ إِنَّهُ مِمَّنْ عَلِمْتُمْ وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ نَعْلَمُ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى قَرَابَتِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَفِطْنَتِهِ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ لعمر أَلا تَدْعُو أبناءنا كَمَا تَدْعُو بن عَبَّاسٍ قَالَ ذَاكُمْ فَتَى الْكُهُولِ إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَئُولًا وَقَلْبًا عَقُولًا وَأَخْرَجَ الْخَرَائِطِيُّ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ وَالزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَا قَالَ الْعَبَّاسُ لِابْنِهِ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي عُمَرَ يُدْنِيكَ فَلَا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا وَلَا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا وَلَا يَسْمَعُ مِنْكَ كَذِبًا وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ بَدَلَ الثَّالِثَةِ وَلَا تَبْتَدِئْهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَسْأَلَكَ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ فِي رِوَايَةٍ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَدَعَاهُ وَفِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ .

     قَوْلُهُ  فَمَا رُئِيَتُ بِضَمِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ فَمَا أَرَيْتُهُ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا لِيُرِيَهُمْ زَادَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنِّي أَيْ مِثْلَ مَا رَآهُ هُوَ مِنِّي مِنَ الْعِلْمِ وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَقَالَ أَمَا إِنِّي سَأُرِيكُمُ الْيَوْمَ مِنْهُ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ فَضْلَهُ .

     قَوْلُهُ  مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْح فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ .

     قَوْلُهُ  إِذَا جَاءَ نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا فِي رِوَايَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ قَالُوا فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ .

     قَوْلُهُ  وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ لَا نَدْرِي أَوْ لم يقل بَعضهم شَيْئا قَوْله فَقَالَ لي أكذاك تَقول يَا بن عَبَّاس فَقلت لَا قَالَ فَمَا تَقول فِي رِوَايَة بن سعد فَقَالَ عمر يَا بن عَبَّاسٍ أَلَا تَتَكَلَّمُ فَقَالَ أَعْلَمَهُ مَتَى يَمُوتُ قَالَ إِذَا جَاءَ .

     قَوْلُهُ  إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْح زَادَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَتْحُ مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  وَذَلِكَ عَلامَة أَجلك فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَهُوَ آيَتُكَ فِي الْمَوْتِ وَفِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ أَجَلٌ أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَوَهِمَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم نعيت إِلَى نَفسِي أخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِهِ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ بِلَفْظِ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ ولِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ نُعِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسُهُ فَأَخَذَ بِأَشَدِّ مَا كَانَ قَطُّ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَلِأَحْمَدَ من طَرِيق أبي رزين عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ عَلِمَ أَنْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفسه وَلأبي يعلى من حَدِيث بن عُمَرَ نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَعَرَفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ الْوَدَاعُ وَسُئِلْتُ عَنْ قَوْلِ الْكَشَّافِ إِنَّ سُورَةَ النَّصْرِ نَزَلَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَكَيْفَ صُدِّرَتْ بِإِذَا الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ فَأَجَبْتُ بِضَعْفِ مَا نَقَلَهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَالشَّرْطُ لَمْ يَتَكَمَّلْ بِالْفَتْحِ لِأَنَّ مَجِيءَ النَّاسِ أَفْوَاجًا لَمْ يَكُنْ كَمُلَ فَبَقِيَّةُ الشَّرْطِ مُسْتَقْبَلٌ وَقَدْ أَوْرَدَ الطِّيبِيُّ السُّؤَالَ وَأَجَابَ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إِذَا قَدْ تَرِدُ بِمَعْنَى إِذْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة الْآيَةَ ثَانِيهِمَا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ قَدِيمٌ وَفِي كُلٍّ مِنَ الْجَوَابَيْنِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى .

     قَوْلُهُ  إِلَّا مَا تَقُولُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ إِلَّا مَا تَعْلَمُ زَادَ أَحْمَدُ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِهِ فَقَالَ عُمَرُ كَيْفَ تَلُومُونَنِي عَلَى حُبِّ مَا تَرَوْنَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ أَنَّهُ سَأَلَهُمْ حِينَئِذٍ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَذكر جَوَاب بن عَبَّاسٍ وَاسْتِنْبَاطَهُ وَتَصْوِيبَ عُمَرَ قَوْلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ عُمَرَ قِصَّةٌ أُخْرَى فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَكِنْ أَجَابُوا فِيهَا بِقَوْلِهِمْ الله أعلم فَقَالَ عمر قُولُوا نعلم أَولا نعلم فَقَالَ بن عَبَّاسٍ فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَتَأْثِيرٌ لِإِجَابَةِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ اللَّهُ التَّأْوِيلَ وَيُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِيهِ جَوَازُ تَحْدِيثِ الْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ بِمِثْلِ هَذَا لِإِظْهَارِ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِعْلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ لِيُنْزِلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ لَا لِلْمُفَاخَرَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَفِيهِ جَوَازُ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ بِمَا يُفْهَمُ مِنَ الْإِشَارَاتِ وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَسَخَتْ قَدَمُهُ فِي الْعِلْمِ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوْ فَهْمًا يؤتيه الله رجلا فِي الْقُرْآن .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَر وَأَبُو لَهب هُوَ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَأُمُّهُ خُزَاعِيَّةٌ وَكُنِّيَ أَبَا لَهَبٍ إِمَّا بِابْنِهِ لَهَبٍ وَإِمَّا بِشِدَّةِ حُمْرَةِ وَجْنَتِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ أَبَا لَهَبٍ لِأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ يَتَلَهَّبُ مِنْ حُسْنِهِ انْتَهَى وَوَافَقَ ذَلِكَ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ مِنْ أَنَّهُ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَلِهَذَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ وَلِكَوْنِهِ بِهَا أَشْهَرُ وَلِأَنَّ فِي اسْمِهِ إِضَافَةً إِلَى الصَّنَمِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ تَكْنِيَةِ الْمُشْرِكِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ مَحَلُّ الْجَوَازِ إِذَا لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ التَّعْظِيمَ لَهُ أودعت الْحَاجَةُ إِلَيْهِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ كَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَاحَى أَبَا لَهَبٍ فَقَعَدَ أَبُو لَهَبٍ عَلَى صَدْرِ أَبِي طَالِبٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِضَبْعَيْ أَبِي لَهَبٍ فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَقَالَ لَهُ أَبُو لَهَبٍ كِلَانَا عَمُّكَ فَلِمَ فَعَلْتَ بِي هَذَا وَاللَّهِ لَا يُحِبُّكَ قَلْبِي أَبَدًا وَذَلِكَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ.

     وَقَالَ  لَهُ إِخْوَتُهُ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ لَوْ عضدت بن أَخِيكَ لَكُنْتَ أَوْلَى النَّاسِ بِذَلِكَ وَلَقِيَهُ فَسَأَلَهُ عَمَّنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِ فَقَالَ إِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ دِينٍ فَغَضِبَ وَتَمَادَى عَلَى عَدَاوَتِهِ وَمَاتَ أَبُو لَهَبٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يَحْضُرْهَا بَلْ أَرْسَلَ عَنْهُ بَدِيلًا فَلَمَّا بَلَغَهُ مَا جَرَى لِقُرَيْشٍ مَاتَ غَمًّا .

     قَوْلُهُ  وَتَبَّ خسر تباب خسران وَقع فِي رِوَايَة بن مَرْدَوَيْهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الْأَعْمَشِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ فَأَنْزَلَ الله تبت يدا أبي لَهب قَالَ يَقُولُ خَسِرَ وَتَبَّ أَيْ خَسِرَ وَمَا كَسَبَ يَعْنِي وَلَدَهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ قَالَ فِي هَلَكَةٍ .

     قَوْلُهُ  تَتْبِيبٍ تَدْمِيرٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تتبيب أَي تدمير وإهلاك





[ قــ :4707 ... غــ :4971] قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ مَعَ بَقِيَّةِ مبَاحث هَذَا الحَدِيث وفوائده