فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قوله: (وامرأته حمالة الحطب)

قَوْله بَاب وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ كَانَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ يَقْرَأُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ بِالنَّصْبِ وَيَقُولُ هُوَ ذَمٌّ لَهَا.

قُلْتُ وَقَرَأَهَا بِالنَّصْبِ أَيْضًا مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَاصِمٌ وَاسْمُ امْرَأَةِ أَبِي لَهَبٍ الْعَوْرَاءُ وَتُكَنَّى أُمَّ جَمِيلٍ وَهِيَ بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ وَالِدِ مُعَاوِيَةَ وَتَقَدَّمَ لَهَا ذِكْرٌ فِي تَفْسِيرِ وَالضُّحَى يُقَالُ إِنَّ اسْمَهَا أَرْوَى وَالْعَوْرَاءُ لَقَبٌ وَيُقَالُ لَمْ تَكُنْ عَوْرَاءَ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِجَمَالِهَا وَرَوَى الْبَزَّارُ بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهب جَاءَتْ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَنَحَّيْتَ قَالَ إِنَّهُ سَيُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا فَأَقْبَلَتْ فَقَالَتْ يَا أَبَا بَكْرٍ هَجَانِي صَاحِبُكَ قَالَ لَا وَرَبَّ هَذِهِ الْبِنْيَةِ مَا يَنْطِقُ بِالشِّعْرِ وَلَا يَفُوهُ بِهِ قَالَتْ إِنَّكَ لَمُصَدَّقٌ فَلَمَّا وَلَّتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا رَأَتْكَ قَالَ مَا زَالَ مَلَكٌ يَسْتُرُنِي حَتَّى وَلَّتْ وَأَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ وَأَبُو يعلى وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِنَحْوِهِ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ لَمَّا نَزَلَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ قِيلَ لِامْرَأَةِ أَبِي لَهَبٍ إِنَّ مُحَمَّدًا هَجَاكِ فَأَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ هَلْ رَأَيْتَنِي أَحْمِلُ حَطَبًا أَوْ رَأَيْتَ فِي جِيدِي حَبْلًا .

     قَوْلُهُ  وقَال مُجَاهِدٌ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْهُ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانَتْ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ تَنِمُّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ كَانَتْ تَنِمُّ فَتُحَرِّشُ فَتُوقِدُ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ فَكُنِّيَ عَنْ ذَلِكَ بِحَمْلِهَا الْحَطَبَ .

     قَوْلُهُ  فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ يُقَالُ مِنْ مَسَدٍ لِيفِ الْمُقْلِ وَهِيَ السِّلْسِلَةُ الَّتِي فِي النَّارِ.

قُلْتُ هُمَا قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ قَالَ هِيَ السِّلْسِلَةُ الَّتِي فِي النَّارِ وَيُقَالُ الْمَسَدُ لِيفُ الْمُقْلِ وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ قَالَ مِنْ حَدِيدٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي عُنُقهَا حَبل من النَّار والمسد عِنْد الْعَرَب حبال من ضروب .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا سُورَةُ الْإِخْلَاصِ وَجَاءَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ فَنَزَلَتْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَفِي آخِرِهِ قَالَ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ وَلَا شَيْءَ يَمُوتُ إِلَّا يُورَثُ وَرَبُّنَا لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ شِبْهٌ وَلَا عِدْلٌ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مُرْسَلًا.

     وَقَالَ  هَذَا أصح وَصحح الْمَوْصُول بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ لَا يُنَوَّنُ أَحَدٌ أَيْ وَاحِدٌ كَذَا اخْتَصَرَهُ وَالَّذِي قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ اللَّهُ أَحَدٌ لَا يُنَوَّنُ كُفُوًا أَحَدٌ أَيْ وَاحِدٌ انْتَهَى وَهَمْزَةُ أَحَدٍ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَحْدَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ أَحَدٍ الْمُرَادُ بِهِ الْعُمُومُ فَإِنَّ هَمْزَتَهُ أَصْلِيَّةٌ.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ الَّذِي قَرَأَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ يَقُولُ النُّونُ نُونُ إِعْرَابٍ إِذَا اسْتَقْبَلَتْهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ حُذِفَتْ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ انْتَهَى وَقَرَأَهَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ أَيْضًا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَرُوِيَتْ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَيْضًا وَهُوَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ عَمْرو الْعلي هشيم الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ الْأَبْيَاتَ وَقَوْلُ الْآخَرِ وَلَا ذَاكِرَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ إِذا استقبلتها أَيْ إِذَا أَتَتْ بَعْدَهَا وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ إِنَّمَا حُذِفَ التَّنْوِينُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَهِيَ لُغَةٌ كَذَا قَالَ



[ قــ :4710 ... غــ :4974] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ لِشُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ المُصَنّف من حَدِيث بن عَبَّاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَاهُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالشَّكُّ فِيهِ مِنَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا أَحْسَبُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ الله تَعَالَى كَذبَنِي بن آدَمَ سَأَذْكُرُ شَرْحَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى