فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به

( قَولُهُ بَابُ إِثْمِ مَنْ رَاءَى بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةٍ رايا بتحتانية بدل الْهمزَة وَتَأَكَّلَ أَيْ طَلَبَ الْأَكْلَ وَقَولُهُ أَوْ فَجَرَ بِهِ للْأَكْثَر بِالْجِيم وَحكى بن التِّين أَن فِي رِوَايَة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي صُحْبَةِ سُوَيْدٍ وَالصَّحِيحُ مَا هُنَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْغَلَطِ الَّذِي نَشَأَ لَهُ عَنِ السَّقْطِ وَالَّذِي فِي جَمِيعِ نُسَخِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَسَانِيدِ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ لِسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَسْمَعْ سُوَيْدٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ قِيلَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَصِحُّ وَالَّذِي يَصِحُّ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ حِينَ نُفِضَتِ الْأَيْدِي مِنْ دُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَّ سَمَاعُهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَكِبَارِ الصَّحَابَةِ وَصَحَّ أَنَّهُ أَدَّى صَدَقَةَ مَالِهِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ سَنَةَ إِحْدَى.

     وَقَالَ  عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَبَلَغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَهُوَ جُعْفِيٌّ يُكَنَّى أَبَا أُمَيَّةَ نَزَلَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ بِهَا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ فِي كِتَابِ الْمُحَارِبِينَ وَقَولُهُ الْأَحْلَامِ أَيِ الْعُقُولِ وَقَولُهُ



[ قــ :4787 ... غــ :5057] يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ هُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ أَيْ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلتَّرْجَمَةِ وَقَوْلِهِ





[ قــ :4788 ... غــ :5058] لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ قَالَ الدَّاوُدِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ.

قُلْتُ إِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِالتَّعَلُّقِ الْحِفْظَ فَقَطْ دُونَ الْعِلْمِ بِمَدْلُولِهِ فَعَسَى أَنْ يَتِمَّ لَهُ مُرَادُهُ وَإِلَّا فَالَّذِي فَهِمَهُ الْأَئِمَّةُ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْإِيمَانَ لَمْ يَرْسَخْ فِي قُلُوبِهِمْ لِأَنَّ مَا وَقَفَ عِنْدَ الْحُلْقُومِ فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ لَا يَصِلُ إِلَى الْقَلْبِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ نَحْوُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِنَ الزِّيَادَةِ لَا يُجَاوز تراقيهم وَلَا تعيه قُلُوبهم الحَدِيث الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ أَيْضًا فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ وَتَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَمُنَاسَبَةُ هَذَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ إِذَا كَانَتْ لِغَيْرِ اللَّهِ فَهِيَ لِلرِّيَاءِ أَوْ لِلتَّأَكُّلِ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَالْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ دَالَّةٌ لِأَرْكَانِ التَّرْجَمَةِ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ رَايَا بِهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَكَّلَ بِهِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا وَمِنْهُمْ مَنْ فَجَرَ بِهِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَأَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ رَفَعَهُ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ بِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَتَعَلَّمُهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ رَجُلٌ يُبَاهِي بِهِ وَرَجُلٌ يَسْتَأْكِلُ بِهِ وَرَجُلٌ يَقْرَؤُهُ لِلَّهِ وَعِنْدَ بن أبي شيبَة من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا لَا تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ الشَّكَّ فِي قُلُوبِكُمْ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رَفَعَهُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَغْلُوا فِيهِ وَلَا تَحْفُوا عَنْهُ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ الْحَدِيثَ وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سَيَجِيءُ زَمَانٌ يُسْأَلُ فِيهِ بِالْقُرْآنِ فَإِذَا سألوكم فَلَا تعطوهم الحَدِيث الثَّالِث حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الَّذِي تَقَدَّمَ مَشْرُوحًا فِي بَابِ فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ وَوَقَعَ هُنَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ بِسَنَدِهِ قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِي شِبْلٌ يَعْنِي بن عَزْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بِهَذَا.

قُلْتُ وَهُوَ حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مثل الجليس الصَّالح والجليس السوء