فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الطلاق في الإغلاق والكره، والسكران والمجنون وأمرهما، والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره

( قَولُهُ بَابُ الطَّلَاقِ فِي الْإِغْلَاقِ وَالْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ)
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى اشْتَمَلَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ عَلَى أَحْكَامٍ يَجْمَعُهَا أَنَّ الْحُكْمَ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْعَاقِلِ الْمُخْتَارِ الْعَامِدِ الذَّاكِرِ وَشَمَلَ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَاقِلِ الْمُخْتَارِ لَا نِيَّةَ لَهُ فِيمَا يَقُولُ أَوْ يَفْعَلُ وَكَذَلِكَ الْغَالِطُ وَالنَّاسِي وَالَّذِي يُكْرَهُ عَلَى الشَّيْءِ وَحَدِيثُ الْأَعْمَالِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَوَصَلَهُ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى فِي أَمَاكِنَ أُخْرَى وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ وَقَولُهُ الْإِغْلَاقُ هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ يَتَغَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَيَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ تَصَرُّفُهُ وَقِيلَ هُوَ الْعَمَلُ فِي الْغَضَبِ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ أَبُو دَاوُدَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَائِشَةَ لَا طَلَاق وَلَا اعتاق فِي غِلَاقٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالْغِلَاقُ أَظُنُّهُ الْغَضَبَ وَتَرْجَمَ عَلَى الْحَدِيثِ الطَّلَاقُ عَلَى غَيْظٍ وَوَقَعَ عِنْدَهُ بِغَيْرِ أَلِفٍ فِي أَوَّلِهِ وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَوَقَعَ عِنْدَ بن مَاجَهْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْإِغْلَاقُ بِالْأَلِفِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ فَإِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِغَيْرِ أَلِفٍ هِيَ الرَّاجِحَةُ فَهُوَ غَيْرُ الْإِغْلَاقِ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ .

     قَوْلُهُ مْ إِيَّاكَ وَالْغَلْقَ أَيِ الضَّجِرَ وَالْغَضَبَ وَرَدَّ الْفَارِسِيُّ فِي مَجْمَعِ الْغَرَائِبِ عَلَى مَنْ قَالَ الْإِغْلَاقُ الْغَضَبُ وَغَلَّطَهُ فِي ذَلِكَ.

     وَقَالَ  إِنَّ طَلَاقَ النَّاسِ غَالِبًا إِنَّمَا هُوَ فِي حَال الْغَضَب.

     وَقَالَ  بن الْمَرَابِطِ الْإِغْلَاقُ حَرَجُ النَّفْسِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ وَقَعَ لَهُ فَارَقَ عَقْلَهُ وَلَوْ جَازَ عَدَمُ وُقُوعِ طَلَاقِ الْغَضْبَانِ لَكَانَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَقُولَ فِيمَا جَنَاهُ كُنْتُ غَضْبَانًا اه وَأَرَادَ بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْغَضَبِ لَا يَقَعُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ وَلَمْ يُوجَدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ مُتَقَدِّمِيهِمْ إِلَّا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِي الْمَطَالِعِ الْإِغْلَاقُ الْإِكْرَاهُ وَهُوَ مِنْ أَغْلَقْتُ الْبَابَ وَقِيلَ الْغَضَبُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعُرِفَ بِعِلَّةِ الِاخْتِلَافِ الْمُطْلَقِ إِطْلَاقُ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ وَإِذَا أَطْلَقَهُ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ فَمُرَادُهُ مُقَابِلُ الْمَرَاوِزَةِ مِنْهُمْ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنْ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ مُطْلَقًا وَالْمُرَادُ النَّفْيُ عَنْ فِعْلِهِ لَا النَّفْيُ لِحُكْمِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ بَلْ يُطَلِّقُ لِلسُّنَّةِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَقَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَالْكُرْهُ هُوَ فِي النُّسَخِ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفِي عَطْفِهِ عَلَى الْإِغْلَاقِ نَظَرٌ إِلَّا إِنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْإِغْلَاقَ الْغَضَبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْكَافِ مِيمٌ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ السَّكْرَانَ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ بَابَ حُكْمِ الطَّلَاقِ فِي الْإِغْلَاقِ وَحُكْمِ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ إِلَخْ وَقَدِ اخْتَلَفَ السّلف فِي طَلَاق الْمُكْره فروى بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يَقَعُ قَالَ لِأَنَّهُ شَيْءٌ افْتَدَى بِهِ نَفْسَهُ وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الرَّأْيِ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ تَفْصِيلٌ آخَرُ إِنْ وَرَّى الْمُكْرَهُ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ.

     وَقَالَ  الشَّعْبِيُّ إِنْ أَكْرَهَهُ اللُّصُوصُ وَقع وَأَن اكرهه السُّلْطَان فَلَا أخرجه بن أبي شيبَة وَوجه بِأَنَّ اللُّصُوصَ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يَقْتُلُوا مَنْ يُخَالِفُهُمْ غَالِبًا بِخِلَافِ السُّلْطَانِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا يَقَعُ فِيهِ وَاحْتَجَّ عَطَاءٌ بِآيَةِ النَّحْلِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَان قَالَ عَطَاءٌ الشِّرْكُ أَعْظَمُ مِنَ الطَّلَاقِ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَقَرَّرَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا وَضَعَ الْكُفْرَ عَمَّنْ تَلَفَّظَ بِهِ حَالَ الْإِكْرَاهِ وَأَسْقَطَ عَنْهُ أَحْكَامَ الْكُفْرِ فَكَذَلِكَ يَسْقُطُ عَنِ الْمُكْرَهِ مَا دُونَ الْكُفْرِ لِأَنَّ الْأَعْظَمَ إِذَا سَقَطَ سَقَطَ مَا هُوَ دُونَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَإِلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِعَطْفِ الشِّرْكِ عَلَى الطَّلَاقِ فِي التَّرْجَمَةِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَالسَّكْرَانُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُ حُكْمِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَثَرِ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ يَأْتِي السَّكْرَانُ فِي كَلَامِهِ وَفِعْلِهِ بِمَا لَا يَأْتِي بِهِ وَهُوَ صَاحٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ فإِنَّ فِيهَا دَلَالَةً عَلَى أَنَّ مَنْ عَلِمَ مَا يَقُول لَا يكون سكرانا.
وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَسَيَأْتِي فِي أَثَرِ عَلِيٍّ مَعَ عُمَرَ وَقَولُهُ وَأَمَرَهُمَا فَمَعْنَاهُ هَلْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ أَوْ يَخْتَلِفُ وَقَولُهُ وَالْغَلَطُ وَالنِّسْيَانُ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ أَيْ إِذَا وَقَعَ مِنَ الْمُكَلَّفِ مَا يَقْتَضِي الشِّرْكَ غَلَطًا أَوْ نِسْيَانًا هَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ وَإِذَا كَانَ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ فَلْيَكُنِ الطَّلَاقُ كَذَلِكَ وَقَولُهُ وَغَيْرِهِ أَيْ وَغَيْرِ الشِّرْكِ مِمَّا هُوَ دُونَهُ وَذَكَرَ شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ أَنَّهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالشَّكِّ بَدَلَ الشِّرْكِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ قَالَ وَهُوَ أَلْيَقُ وَكَأَنَّ مُنَاسَبَةَ لَفْظِ الشِّرْكِ خَفِيَتْ عَلَيْهِمَا وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا بِلَفْظِ الشَّكِّ فَإِنْ ثَبَتَتْ فَتَكُونُ مَعْطُوفَةً عَلَى النِّسْيَانِ لَا عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ رَأَيْتُ سَلَفَ شَيْخِنَا وَهُوَ قَوْلُ بن بَطَّالٍ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ وَالشَّكُّ مَكَانَ الشِّرْكِ اه فَفَهِمَ شَيْخُنَا مِنْ قَوْلِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ أَنَّ فِي بَعْضِهَا بِلَفْظ الشَّكِّ فَجَزَمَ بِذَلِكَ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي طَلَاقِ النَّاسِي فَكَانَ الْحَسَنُ يَرَاهُ كَالْعَمْدِ إِلَّا إِنِ اشْترط فَقَالَ الا أَن أنسى أخرجه بن أبي شيبَة وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَاهُ شَيْئًا وَيَحْتَجُّ بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ الْآتِي كَمَا سَأُقَرِّرُهُ بَعْدُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي طَلَاقِ الْمُخْطِئِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ مِمَّنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ شَيْئًا فَسَبَقَهُ لِسَانُهُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ الْغَلَط وَالنِّسْيَان إِلَى الحَدِيث الْوَارِد عَن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي التَّجَاوُزِ فَمَنْ حَمَلَ التَّجَاوُزَ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ خَاصَّةً دُونَ الْوُقُوعِ فِي الْإِكْرَاهِ لَزِمَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي النسْيَان والْحَدِيث قد أخرجه بن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي طَلَاقِ الْمُشْرِكِ فَجَاءَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَرَبِيعَةَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَنُسِبَ إِلَى مَالِكٍ وَدَاوُدَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَقَعُ كَمَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَعِتْقُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ .

     قَوْلُهُ  وَتَلَا الشَّعْبِيُّ لَا تُؤَاخِذنَا أَن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا روينَاهُ مَوْصُولًا فِي فَوَائِدِ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ الصَّغِيرِ مِنْ رِوَايَةِ سَلِيمٍ مَوْلَى الشَّعْبِيِّ عَنْهُ بِمَعْنَاهُ .

     قَوْلُهُ  وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَالْوَاوُ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَةٌ .

     قَوْلُهُ  وقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَبِكَ جُنُونٌ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ بِلَفْظ هَلْ بِكَ جُنُونٌ وَأَوْرَدَهُ فِي الْحُدُودِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ هُنَاكَ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ ذِكْرُ السُّكْرِ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَلِيٌّ بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ الْحَدِيثَ هُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ الشَّارِفَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي غَزْوَةِ بدر من كتاب الْمَغَازِي وبقر بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ أَيْ شَقَّ وَالْخَوَاصِرُ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ جَمْعُ خَاصِرَةٍ وَقَولُهُ فِي آخِرِهِ إِنَّهُ ثَمِلٌ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا لَامٌ أَيْ سَكْرَانُ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى أَدِلَّةِ مَنْ لَمْ يُؤَاخِذِ السَّكْرَانَ بِمَا يَقَعُ مِنْهُ فِي حَالِ سُكْرِهِ مِنْ طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ وَاعْتَرَضَ الْمُهَلَّبُ بِأَنَّ الْخَمْرَ حِينَئِذٍ كَانَتْ مُبَاحَةً قَالَ فَبِذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ مَا نَطَقَ بِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ قَالَ وَبِسَبَبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَانَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ اه وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّ الِاحْتِجَاجَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّة إِنَّمَا هُوَ بِعَدَمِ مُؤَاخَذَةِ السَّكْرَانِ بِمَا يُصْدَرُ مِنْهُ وَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشُّرْبُ مُبَاحًا أَوْ لَا.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَدَعْوَاهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ كَانَ بِسَبَبِ قِصَّةِ الشَّارِفَيْنِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ قِصَّةَ الشَّارِفَيْنِ كَانَتْ قَبْلَ أُحُدٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّ حَمْزَةَ اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ وَكَانَ ذَلِكَ بَيْنَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ عِنْدَ تَزْوِيجِ عَلِيٍّ بِفَاطِمَةَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ جَمَاعَةً اصْطَبَحُوا الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ وَاسْتُشْهِدُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَكَانَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ بَعْدَ أُحُدٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ .

     قَوْلُهُ  وقَال عُثْمَانُ لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَبَابَةَ وَرُوِّينَاهُ فِي الْجُزْءِ الرَّابِعِ مِنْ تَارِيخِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ آدم بن أبي إِيَاس كِلَاهُمَا عَن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَأَنَا سَكْرَانُ فَكَانَ رَأْيُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ رَأْيِنَا أَنْ يَجْلِدَهُ وَيُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى حَدَّثَهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمَجْنُون وَلَا على السَّكْرَان طَلَاق فَقَالَ عُمَرُ تَأْمُرُونَنِي وَهَذَا يُحَدِّثُنِي عَنْ عُثْمَانَ فَجَلَدَهُ وَرَدَّ إِلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَثَرَ عُثْمَانَ ثمَّ بن عَبَّاسٍ اسْتِظْهَارًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ حَمْزَةَ وَذَهَبَ إِلَى عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ أَيْضًا أَبُو الشَّعْثَاءَ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَالْقَاسِمُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ذَكَرَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ وَالْمُزَنِيُّ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ لَا يَقَعُ قَالَ وَالسَّكْرَانُ مَعْتُوهٌ بِسُكْرِهِ.

     وَقَالَ  بِوُقُوعِهِ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالزُّهْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ الْمُصَحَّحُ مِنْهُمَا وُقُوعُهُ وَالْخِلَافُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَكِنَّ التَّرْجِيحَ بِالْعَكْسِ.

     وَقَالَ  بن الْمُرَابِطِ إِذَا تَيَقَّنَّا ذَهَابَ عَقْلِ السَّكْرَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ حَدَّ السُّكْرِ الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَا يَقُولُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَا يَأْبَاهُ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ طَلَاقِهِ وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِوُقُوعِهِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ عَاصٍ بِفَعْلِهِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ الْخِطَابُ بِذَلِكَ وَلَا الْإِثْمُ لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ فِي السُّكْرِ أَوْ فِيهِ وَأَجَابَ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ فَاقِدِ الْعَقْلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَهَابُ عَقْلِهِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كَمَنْ كَسَرَ رِجْلَ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْقِيَامَ انْتَقَلَ إِلَى بَدَلٍ وَهُوَ الْقُعُودُ فَافْتَرَقَا وَأجَاب بن الْمُنْذِرِ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ بِأَنَّ النَّائِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ فَافْتَرقَا.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ الْأَصْلُ فِي السَّكْرَانِ الْعَقْلُ وَالسُّكْرُ شَيْءٌ طَرَأَ عَلَى عَقْلِهِ فَمَهْمَا وَقَعَ مِنْهُ مِنْ كَلَامٍ مَفْهُومٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَصْلِ حَتَّى يثبت ذهَاب عقله قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ جَمِيعًا عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمُزَنِيِّ عَنْ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَيْسَ لِسَكْرَانَ وَلَا لِمُضْطَهَدٍ طَلَاقٌ الْمُضْطَهَدُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ طَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ هَاءٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ هُوَ الْمَغْلُوبُ الْمَقْهُورُ وَقَولُهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ أَيْ بِوَاقِعٍ إِذْ لَا عَقْلَ لِلسَّكْرَانِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ وَلَا اخْتِيَارَ لِلْمُسْتَكْرَهِ .

     قَوْلُهُ  وقَال عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ أَيْ لَا يَقَعُ لِأَنَّ الْوَسْوَسَةَ حَدِيثُ النَّفْسِ وَلَا مُؤَاخَذَةَ بِمَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  وقَال عَطَاءٌ إِذَا بَدَأَ بِالطَّلَاقِ فَلَهُ شَرْطُهُ تَقَدَّمَ مَشْرُوحًا فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي الطَّلَاقِ وَتَقَدَّمَ عَنْ عَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَبَيَّنْتُ مَنْ وَصَلَهُ عَنْهُمْ وَمَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وقَال نَافِعٌ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ أَن خرجت فَقَالَ بن عُمَرَ إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ أَمَّا .

     قَوْلُهُ  أَلْبَتَّةَ فَإِنَّهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَصْدَرِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ هُنَا قَالَ النُّحَاةُ قَطْعُ هَمْزَةِ أَلْبَتَّةَ بِمَعْزِلٍ عَنِ الْقيَاس اه وَفِي دَعْوَى أَنَّهَا تقال بِالْقَطْعِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَلِفَ أَلْبَتَّةَ أَلِفُ وَصْلٍ قَطْعًا وَالَّذِي قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ أَلْبَتَّةَ الْقَطْعُ وَهُوَ تَفْسِيرُهَا بِمُرَادِفِهَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُقَالُ بِالْقَطْعِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  بُتَّتْ فَبِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْمَفْتُوحَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِ هَذَا هُنَا وَإِنْ كَانَتِ الْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بالبتة تقدّمت مُوَافقَة بن عُمَرَ لِلْجُمْهُورِ فِي أَنْ لَا فَرْقَ فِي الشَّرْطِ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ أَثَرِ عَطَاءٍ وَكَذَا مَا بَعْدَ هَذَا وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجه صَحِيح عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَلِيَّةِ وَالْبَتَّةِ ثَلَاثٌ ثَلَاثٌ .

     قَوْلُهُ  وقَال الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قَالَ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا يسْأَل عَمَّا قَالَ وَعقد عَلَيْهِ قلبه حِين حَلَفَ بِتِلْكَ الْيَمِينِ فَإِنْ سَمَّى أَجَلًا أَرَادَهُ وَعقد عَلَيْهِ قلبه حِين حلف جعل ذَلِك فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ أَيْ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ فِي الرَّجُلَيْنِ يَحْلِفَانِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقَةِ عَلَى أَمْرٍ يَخْتَلِفَانِ فِيهِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ عَلَى قَوْلِهِ قَالَ يَدِينَانِ وَيَحْمِلَانِ مِنْ ذَلِكَ مَا تَحَمَّلَا وَعَنْ مَعْمَرٍ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ مِثْلُهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال إِبْرَاهِيمُ إِنْ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ نِيَّتُهُ أَيْ إِنْ قَصَدَ طَلَاقًا طلقت وَإِلَّا فَلَا قَالَ بن أبي شيبَة حَدثنَا حَفْص هُوَ بن غِيَاثٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ قَالَ نِيَّتُهُ وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا قَالَا إِنْ نَوَى طَلَاقًا فَوَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا .

     قَوْلُهُ  وَطَلَاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ قَالَ حَدَّثَنَا بن أَبِي إِدْرِيسَ وَجَرِيرٌ فَالْأَوَّلُ عَنْ مُطَرِّفٍ وَالثَّانِي عَنِ الْمُغِيرَةِ كِلَاهُمَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ طَلَاقُ الْعَجَمِيِّ بِلِسَانِهِ جَائِزٌ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ بِالْفَارِسِيَّةِ يَلْزَمُهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال قَتَادَةُ إِذَا قَالَ إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مرّة فَإِن استبان حملهَا فقد بَانَتْ مِنْهُ وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عُرْوَةَ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى تَطْهُرَ وَذَكَرَ بَقِيَّتَهُ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ يَغْشَاهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ ثُمَّ يُمْسِكُ عَنْهَا إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  بن سِيرِينَ يَغْشَاهَا حَتَّى تَحْمِلَ وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن مَالك فَفِي رِوَايَة بن الْقَاسِمِ إِنْ وَطِئَهَا مَرَّةً بَعْدَ التَّعْلِيقِ طَلُقَتْ سَوَاءٌ اسْتَبَانَ بِهَا حَمْلَهَا أَمْ لَا وَإِنْ وَطِئَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي قَالَ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الْوَطْءِ طَلُقَتْ مَكَانَهَا.
وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَ فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ لَا يَقَعُ إِلَّا إِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ قَالَ فَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ فَلْيَكُنْ .

     قَوْلُهُ  وقَال الْحَسَنُ إِذَا قَالَ الْحَقِي بِأَهْلِكِ نِيَّتُهُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ هُوَ مَا نَوَى وَأَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اخْرُجِي اسْتَبْرِئِي اذْهَبِي لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ هِيَ تَطْلِيقَةٌ إِنْ نوى الطَّلَاق قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ الطَّلَاقُ عَنْ وَطَرٍ وَالْعَتَاقُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ كَالنُّشُوزِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ دَائِمًا وَالْوَطَرُ بِفَتْحَتَيْنِ الْحَاجَةُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَلَا يُبْنَى مِنْهَا فِعْلٌ .

     قَوْلُهُ  وقَال الزُّهْرِيُّ إِنْ قَالَ مَا أَنْت بامرأتي نِيَّته وَإِن نوى طَلَاقا فَهُوَ مَا نوى وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ قَالَ هُوَ مَا نَوَى وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ إِذَا وَاجَهَهَا بِهِ وَأَرَادَ الطَّلَاقَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ إِنْ كَرَّرَ ذَلِكَ مِرَارًا مَا أَرَاهُ أَرَادَ إِلَّا الطَّلَاقَ وَعَنْ قَتَادَةَ إِنْ أَرَادَ طَلَاقًا طَلُقَتْ وَتَوَقَّفَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ هِيَ كِذْبَةٌ.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَقَعُ بِذَلِكَ طَلَاقٌ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَلِيٌّ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنِ ثَلَاثَة عَن الْمَجْنُون حَتَّى يفِيق وَعَن الصَّبِي حَتَّى يدْرك وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَصَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أبي ظبْيَان عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِمَجْنُونَةٍ قَدْ زَنَتْ وَهِيَ حُبْلَى فَأَرَادَ أَنْ يَرْجُمَهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أَمَّا بَلَغَكَ أَنَّ الْقَلَمَ قَدْ وُضِعَ عَن ثَلَاثَة فَذكره وَتَابعه بن نُمَيْرٍ وَوَكِيعٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ فَصَرَّحَ فِيهِ بِالرَّفْع أخرجه أَبُو دَاوُد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا لَكِنْ لم يذكر فيهمَا بن عَبَّاسٍ جَعَلَهُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ عَلِيٍّ وَرُجِّحَ الْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَأَخَذَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ الْجُمْهُورُ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي إِيقَاعِ طَلَاقِ الصَّبِي فَعَن بن الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ يَلْزَمُهُ إِذَا عَقَلَ وَمَيَّزَ وَحَدُّهُ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنْ يُطِيقَ الصِّيَامَ وَيُحْصِيَ الصَّلَاةَ وَعِنْدَ عَطَاءٍ إِذَا بَلَغَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةٍ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةُ إِذَا نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَلِيٌّ وَكُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ وَصَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ عَنْ عَلِيِّ بن الْجهد عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَاب الْأَعْمَش عَنهُ صرح فِي بَعْضهَا سَماع عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ مِنْ عَلِيٍّ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ عَجْلَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْمُرَادُ بِالْمَعْتُوهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا هَاءٌ النَّاقِصُ الْعَقْلِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الطِّفْلُ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَفِيهِ خِلَافٌ قديم ذكر بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ أَنَّ الْمُحَبِّرَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَكَانَ مَعْتُوهًا فَأمرهَا بن عُمَرَ بِالْعِدَّةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ مَعْتُوهٌ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَسْمَعِ اللَّهَ اسْتَثْنَى لِلْمَعْتُوهِ طَلَاقًا وَلَا غَيره وَذكر بن أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ



[ قــ :4987 ... غــ :5269] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ هُوَ بن إِبْرَاهِيمَ وَهِشَامُ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ زُرَارَةَ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي أَوَائِلِ الْعِتْقِ وَذَكَرْتُ فِيهِ بَعْضَ فَوَائِدِهِ وَيَأْتِي بَقِيَّتُهَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَقَولُهُ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا بِالْفَتْحِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَذَكَرَ الْمُطَرِّزِيُّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَهُ بِالضَّمِّ يُرِيدُونَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا وَقَدْ أَسْنَدَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ لَيْسَ عِنْدَ قَتَادَةَ حَدِيثٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي أَنَّ الْمُوَسْوَسَ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ أَوْلَى مِنْهُ بِذَلِكَ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِلْجُمْهُورِ فِيمَن قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَلَاق وَنَوَى فِي نَفْسِهِ ثَلَاثًا أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا وَاحِدَةً خِلَافًا لِلشَّافِعَيَّ وَمَنْ وَافَقَهُ قَالَ لِأَنَّ الْخَبَرَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةٍ لَا لَفْظَ مَعَهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَفَظَ بِالطَّلَاقِ وَنَوَى الْفُرْقَةَ التَّامَّةَ فَهِيَ نِيَّةٌ صَحِبَهَا لَفْظٌ وَاحْتُجَّ بِهِ أَيْضًا لِمَنْ قَالَ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا فُلَانَةُ وَنَوَى بِذَلِكَ طَلَاقَهَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالنِّيَّةِ دُونَ اللَّفْظ وَلم يَأْتِ بِصِيغَةٍ لَا صَرِيحَةٍ وَلَا كِنَايَةٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَتَبَ الطَّلَاقَ طَلُقَتِ امْرَأَتُهُ لِأَنَّهُ عَزَمَ بِقَلْبِهِ وَعَمَلَ بِكِتَابَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَشَرْطُ مَالِكٍ فِيهِ الْإِشْهَادُ عَلَى ذَلِك وَاحْتج من قَالَ إِذا طلق فِي نَفسه طلقت وَهُوَ مَرْوِيّ عَن بن سِيرِينَ وَالزُّهْرِيِّ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا أَشْهَبُ عَنهُ وقواها بن الْعَرَبِيِّ بِأَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ كَفَرَ وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ أَثِمَ وَكَذَلِكَ مَنْ رَاءَى بِعَمَلِهِ وَأُعْجِبَ وَكَذَا مَنْ قَذَفَ مُسْلِمًا بِقَلْبِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ دُونَ اللِّسَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْمُصِرُّ عَلَى الْكُفْرِ لَيْسَ مِنْهُمْ وَبِأَنَّ الْمُصِرَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ الْآثِمَ مَنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَمَلُ الْمَعْصِيَةِ لَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْ مَعْصِيَةً قَطُّ.
وَأَمَّا الرِّيَاءُ وَالْعُجْبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَكُلُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَعْمَالِ وَاحْتَجَّ الْخَطَّابِيُّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الظِّهَارِ لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا قَالَ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَكَذَا لَوْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْقَذْفِ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا وَلَوْ كَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ يُؤَثِّرُ لَأَبْطَلَ الصَّلَاةَ وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْحَدِيثِ مَنْدُوبٌ فَلَوْ وَقَعَ لَمْ تَبْطُلْ وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ عُمَرُ إِنِّي لِأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الَّذِي أقرّ بالزنى فَرُجِمَ ذَكَرَهَا مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنِ الزَّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ





[ قــ :4988 ... غــ :570] قَوْلِهِ هَلْ بِكَ جُنُونٌ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَجْنُونًا لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ وَمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ هَلْ كَانَ بِكَ جُنُونٌ أَوْ هَلْ تُجَنُّ تَارَةً وَتُفِيقُ تَارَةً وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ حِينَ الْمُخَاطَبَةِ مُفِيقًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجَّهَ لَهُ الْخِطَابَ وَالْمُرَادُ اسْتِفْهَامُ مَنْ حَضَرَ مِمَّنْ يَعْرِفُ حَالَهُ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْرَدَهَا مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهَا أَيْضًا فِي الْحُدُودِ وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْآخِرَ قَدْ زَنَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الْمُتَأَخِّرَ عَنِ السَّعَادَةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْأَرْذَلُ .

     قَوْلُهُ  وقَال قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ قَالَا مَنْ طَلَّقَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ طَلَاقُهُ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَهَذَا قَول الْجُمْهُور وَخَالفهُم بن سِيرِين وبن شِهَابٍ فَقَالَا تَطْلُقُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ تَنْبِيهٌ وَقَعَ هَذَا الْأَثَرُ عَنْ قَتَادَةَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ عَقِبَ حَدِيثِ قَتَادَةَ الْمَرْفُوعِ الْمَذْكُورِ هُنَا بَعْدُ فَلَمَّا سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ قَتَادَةُ فَذَكَرَهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ





[ قــ :4989 ... غــ :571] .

     قَوْلُهُ  وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبْهَمَهُ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ شُعَيْبًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَدْرُ عِنْدَهُ عَنْ غَيْرِ أَبِي سَلَمَةَ فَأُدْرِجَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْهُ وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَذْلَقَتْهُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَقَافٍ أَيْ أَصَابَتْهُ بِحَدِّهَا وَقَولُهُ جَمَزَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ وَبِزَايٍ أَيْ أسْرع هَارِبا