فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب حكم المفقود في أهله وماله

( قَولُهُ بَابُ حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ)
كَذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُفْصِحْ بِالْحُكْمِ وَدُخُولُ حُكْمِ الْأَهْلِ يَتَعَلَّقُ بِأَبْوَابِ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْمَالِ لَكِنْ ذكره مَعَه اسْتِطْرَادًا قَوْله.

     وَقَالَ  بن الْمُسَيَّبِ إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ عِنْدَ الْقِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَتَمَّ مِنْهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْهُ قَالَ إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ تَرَبَّصَتِ امْرَأَتُهُ سَنَةً وَإِذَا فُقِدَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ فَأَرْبَعَ سِنِينَ وَقَولُهُ فِي الْأَصْلِ تَرَبَّصُ بِفَتْح أَوله على حذف إِحْدَى الناءين وَاتَّفَقَتِ النُّسَخُ وَالشُّرُوحُ وَالْمُسْتَخْرَجَاتُ عَلَى قَوْلِهِ سَنَةً الا بن التِّين فَوَقع عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَفْظُ سِتَّةَ تَصْحِيفٌ وَلَفْظُ أَشْهُرٍ زِيَادَةٌ وَإِلَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ لَكِنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا إِذَا وَقَعَ الْقِتَالُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ قَوْله وَاشْترى بن مَسْعُودٍ جَارِيَةً فَالْتَمَسَ صَاحِبُهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِدْهُ وَفُقِدَ فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ عَنْ فُلَانٍ فَإِنْ أَتَى فُلَانٌ فَلِي وَعَلَيَّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ أَتَى بِالْمُثَنَّاةِ بِمَعْنَى جَاءَ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْمُوَحَّدَةِ مِنَ الِامْتِنَاعِ وَسَقَطَ هَذَا التَّعْلِيقُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ السَّرَخْسِيِّ وَقَدْ وَصَلَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ بِسَنَدٍ لَهُ جيد أَن بن مَسْعُودٍ اشْتَرَى جَارِيَةً بِسَبْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِمَّا غَابَ صَاحِبُهَا وَإِمَّا تَرَكَهَا فَنَشَدَهُ حَوْلًا فَلَمْ يَجِدْهُ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى مَسَاكِينَ عِنْدَ سُدَّةِ بَابِهِ فَجَعَلَ يَقْبِضُ وَيُعْطِي وَيَقُولُ اللَّهُمَّ عَنْ صَاحِبِهَا فَإِنْ أَتَى فَمِنِّي وَعَلَيَّ الْغُرْمُ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا وَفِيهِ أَبَى بِالْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  وقَال هَكَذَا فَافْعَلُوا بِاللُّقَطَةِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ انْتَزَعَ فِعْلَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ اللُّقَطَةِ لِلْأَمْرِ بِتَعْرِيفِهَا سَنَةً وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا غَرِمَهَا لَهُ فَرَأَى بن مَسْعُودٍ أَنْ يَجْعَلَ التَّصَرُّفَ صَدَقَةً فَإِنْ أَجَازَهَا صَاحِبُهَا إِذَا جَاءَ حَصَلَ لَهُ أَجْرُهَا وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا كَانَ الْأَجْرُ لِلْمُتَصَدِّقِ وَعَلَيْهِ الْغُرْمُ لِصَاحِبِهَا وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَلِي وَعَلَيَّ أَيْ فَلِيَ الثَّوَابُ وَعَلَيَّ الْغَرَامَةُ وَغَفَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَلِي وَعَلَيَّ لِيَ الثَّوَابُ وَعَلَيَّ الْعِقَابُ أَيْ أَنَّهُمَا مُكْتَسَبَانِ لَهُ بِفِعْلِهِ وَالَّذِي قُلْتُهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ ثَبَتَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ كَمَا تَرَى.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ الْبَابِ فَلِي فَمَعْنَاهُ فَلِي ثَوَابُ الصَّدَقَةِ وَإِنَّمَا حذفه للْعلم بِهِ قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ نَحْوَهُ ثَبَتَ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ فَقَطْ عَنِ الْمُسْتَمْلِي والْكُشْمِيهَنِيِّ خَاصَّةً وَقَدْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ ابْتَاعَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ بِمَكَّةَ فَضَلَّ مِنْهُ فِي الزحام قَالَ فَأتيت بن عَبَّاسٍ فَقَالَ إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ فَانْشُدِ الرجل فِي الْمَكَانِ الَّذِي اشْتَرَيْتَ مِنْهُ فَإِنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ وَإِلَّا تَصَدَّقْ بِهَا فَإِنْ جَاءَ فَخَيِّرْهُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَإِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ وَأَخْرَجَ دَعْلَجٌ فِي مُسْنَدٍ بن عَبَّاس لَهُ بِسَنَد صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ انْظُرْ هَذِهِ الضَّوَالَّ فَشُدَّ يَدَكَ بِهَا عَامًا فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ وَإِلَّا فَجَاهِدْ بِهَا وَتَصَدَّقْ فَإِنْ جَاءَ فَخَيِّرْهُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالْمَالِ .

     قَوْلُهُ  وقَال الزُّهْرِيُّ فِي الْأَسير يعلم مَكَانَهُ لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ وَلَا يُقْسَمُ مَالُهُ فَإِذَا انْقَطَعَ خَبره فسنته سنة الْمَفْقُود وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ الْأَسِيرِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ مَتَى تُزَوَّجُ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَا تُزَوَّجُ مَا عَلِمَتْ أَنَّهُ حَيٌّ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ يُوقَفُ مَالُ الْأَسِيرِ وَامْرَأَتُهُ حَتَّى يُسْلِمَا أَوْ يَمُوتَا.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَفْقُودِ فَإِنَّ مَذْهَبَ الزُّهْرِيِّ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّهَا تَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ عُمَرَ مِنْهَا لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيَا بِذَلِكَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ بن عمر وبن عَبَّاسٍ قَالَا تَنْتَظِرُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَثَبت أَيْضا عَن عُثْمَان وبن مَسْعُودٍ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْ جَمْعٍ مِنَ التَّابِعِينَ كَالنَّخَعِيِّ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالشَّعْبِيِّ وَاتَّفَقَ أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ التَّأْجِيلَ مِنْ يَوْمِ تَرْفَعُ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ وَعَلَى أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعِ سِنِينَ وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا إِنْ تَزَوَّجَتْ فَجَاءَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ خُيِّرَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَبَيْنَ الصَّدَاقَ.

     وَقَالَ  أَكْثَرُهُمْ إِذَا اخْتَارَ الْأَوَّلُ الصَّدَاقَ غَرِمَهُ لَهُ الثَّانِي وَلَمْ يُفَرِّقْ أَكْثَرُهُمْ بَيْنَ أَحْوَالِ الْفَقْدِ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَفَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ مَنْ فُقِدَ فِي الْحَرْبِ فَتُؤَجَّلُ الْأَجَلَ الْمَذْكُورَ وَبَيْنَ مَنْ فُقِدَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ فَلَا تُؤَجَّلُ بَلْ تَنْتَظِرُ مُضِيَّ الْعُمْرَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مَنْ غَابَ عَنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ لَا تَأْجِيلَ فِيهِ وَإِنَّمَا يُؤَجَّلُ مَنْ فُقِدَ فِي الْحَرْبِ أَوْ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَجَاءَ عَنْ عَلِيٍّ إِذَا فَقَدَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لَمْ تُزَوَّجُ حَتَّى يَقْدَمَ أَوْ يَمُوتَ أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ بَلَغَنِي عَن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَافَقَ عَلِيًّا فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّهَا تَنْتَظِرُهُ أَبَدًا وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ أَيْضًا بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ لَوْ تَزَوَّجَتْ فَهِيَ امْرَأَةُ الْأَوَّلِ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ إِذَا تَزَوَّجَتْ فَبَلَغَهَا أَنَّ الْأَوَّلَ حَيٌّ فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي وَاعْتَدَّتْ مِنْهُ فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ اعْتَدَّتْ مِنْهُ أَيْضًا وَوَرِثَتْهُ وَمِنْ طَرِيقِ النَّخَعِيِّ لَا تُزَوَّجُ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَاخْتَارَ بن الْمُنْذِرِ التَّأْجِيلَ لِاتِّفَاقِ خَمْسَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ



[ قــ :5006 ... غــ :5292] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ سَمِعْتُ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثَ اللُّقَطَةِ وَهَذَا صُورَتُهُ الْإِرْسَالُ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَتْنِ قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سُفْيَانُ وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ فِي أَمْرِ الضَّالَّةِ هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ يحيى يَعْنِي بن سَعِيدٍ الَّذِي حَدَّثَهُ مُرْسَلًا وَيَقُولُ رَبِيعَةُ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَقُلْتُ لَهُ أَيْ.

قُلْتُ لَهُ الْكَلَامَ الَّذِي تَقَدَّمَ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  أَرَأَيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ إِلَخْ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَ بِهِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ مُرْسَلًا ثُمَّ ذَكَرَ لِسُفْيَانَ أَنَّ رَبِيعَةَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فَيُوصِلُهُ فَحَمَلَ ذَلِكَ سُفْيَانُ عَلَى أَنْ لَقِيَ رَبِيعَةَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَاعْتَرَفَ لَهُ بِهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ مُرْسَلًا وَعَنْ رَبِيعَةَ مَوْصُولًا وَسَاقَهُ بِسِيَاقَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَة بن الْمَدِينِيِّ مِنَ التَّفْصِيلِ أَتْقَنُ وَأَضْبَطُ فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ السِّيَاقَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَنَّ رَبِيعَةَ لَمْ يُحَدِّثْ سُفْيَانَ إِلَّا بِإِسْنَادِهِ فَقَطْ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَقَالَ حَدَّثَنِي بِهِ يَزِيدُ عَنْ زَيْدٍ وَهَذَا أَيْضًا فِيهِ إِيهَامٌ وَرِوَايَة بن الْمَدِينِيِّ أَوْضَحُ وَقَدْ وَافَقَهُ الْحُمَيْدِيُّ وَلَفْظُهُ قَالَ سُفْيَانُ فَأَتَيْتُ رَبِيعَةَ فَقُلْتُ لَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحَدِّثُهُ يَزِيدُ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ فِي اللُّقَطَةِ هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ قَالَ سُفْيَانُ وَكنت أَكْرَهُهُ لِلرَّأْيِ أَيْ لِأَجْلِ كَثْرَةِ فَتْوَاهُ بِالرَّأْيِ قَالَ فَلِذَلِكَ لَمْ أَسْأَلْهُ إِلَّا عَنْ إِسْنَادِهِ وَهَذَا السَّبَبُ فِي قِلَّةِ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ ربيعَة أولي من السَّبَب الَّذِي ابداه بن التِّينِ فَقَالَ كَانَ قَصْدُ سُفْيَانَ لِطَلَبِ الْحَدِيثِ أَكْثَرَ مِنْ قَصْدِهِ لِطَلَبِ الْفِقْهِ وَكَانَ الْفِقْهُ عِنْدَ رَبِيعَةَ أَكْثَرَ مِنْهُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ فَلِذَلِكَ أَكْثَرَ عَنْهُ سُفْيَانُ دُونَ رَبِيعَةَ مَعَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُ عَلَى وَفَاةِ رَبِيعَةَ بِنَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ بَلْ أَكْثَرَ اه وَاقْتَضَى قَوْلُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ هَذَا أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ مَا سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِهِ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ مَوْصُولًا وَإِنَّمَا وَصَلَهُ لَهُ رَبِيعَةُ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ زَيْدٍ مَوْصُولًا فَلَعَلَّ يَحْيَى بْنَ سعيد لما حدث بِهِ بن عُيَيْنَةَ مَا كَانَ يَتَذَكَّرُ وَصَلَهُ أَوْ دَلَّسَهُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ حِينَ حَدَّثَهُ بِهِ مَوْصُولًا وَإِنَّمَا سَمِعَ وَصْلَهُ مِنْ رَبِيعَةَ فَأَسْقَطَ رَبِيعَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ مَوْصُولًا أَيْضًا وَمِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ عَنْ زَيْدٍ مَوْصُولًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَمَلَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ اللُّقَطَةِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِهَا وَأَرَادَ المُصَنّف بِذكرِهِ هَا هُنَا الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ إِذَا غَابَ جَائِزٌ مَا لَمْ يَكُنِ الْمَالُ مِمَّا لَا يُخْشَى ضَيَاعُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّفْصِيل بَين الْإِبِل وَالْغنم.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ لَمَّا تَعَارَضَتِ الْآثَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فَكَانَ فِيهِ أَنَّ ضَالَّةَ الْغَنَمِ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ وَفَاةِ صَاحِبِهَا فَكَانَ إِلْحَاقُ الْمَالِ الْمَفْقُودِ بِهَا مُتَّجَهًا وَفِيهِ أَنَّ ضَالَّةَ الْإِبِلِ لَا يُتَعَرَّضُ لَهَا لِاسْتِقْلَالِهَا بِأَمْرِ نَفْسِهَا فَاقْتَضَى أَنَّ الزَّوْجَةَ كَذَلِكَ لَا يُتَعَرَّضُ لَهَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ خَبَرُ وَفَاتِهِ فَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُخْشَى ضَيَاعُهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ صَوْنًا لَهُ عَنِ الضّيَاع ومالا فَلَا وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ ضَالَّةِ الْغَنَمِ حُكْمُ الْمَالِ فِي وُجُوبِ تَعْوِيضِهِ لصَاحبه إِذا حضر وَالله أعلم