فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب

( قَولُهُ بَابُ إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ أَوِ الذَّائِبِ)
أَيْ هَلْ يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ أَوْ لَا وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الْجَزْمَ بِذَلِكَ لِقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِهِ طَرِيقَ يُونُسَ الْمُشْعِرَةَ بِالتَّفْصِيلِ



[ قــ :5242 ... غــ :5538] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَيْمُونَةَ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوُضُوءِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي إِثْبَاتِ مَيْمُونَةَ فِي الْإِسْنَادِ وَعَدَمِهِ وَأَنَّ الرَّاجِحَ إِثْبَاتُهَا فِيهِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ الِاخْتِلَافُ عَلَى مَالِكٍ فِي وَصْلِهِ وَانْقِطَاعِهِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا هَكَذَا أَوْرَدَهُ أَكثر أَصْحَاب بن عُيَيْنَةَ عَنْهُ وَوَقَعَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَمن طَرِيقه أخرجه بن حِبَّانَ بِلَفْظِ إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَلَا تَقْرَبُوهُ وَهَذِه الزِّيَادَة فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ غَرِيبَةٌ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  قِيلَ لِسُفْيَانَ الْقَائِلُ لِسُفْيَانَ ذَلِكَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي عِلَلِهِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ مَعْمَرًا يُحَدِّثُ بِهِ إِلَخْ طَرِيقُ مَعْمَرٍ هَذِهِ وَصَلَهَا أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ خَطَأٌ وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونَةَ وَجَزَمَ الذُّهْلِيُّ بِأَنَّ الطَّرِيقَيْنِ صَحِيحَانِ وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ الْحَسَنُ وَرُبَّمَا حدث بِهِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُوذَوَيْهِ عَنْ مَعْمَرٍ كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ خُشَيْشِ بْنِ أَصْرَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ اللَّيْثَ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ جَامِدٍ الْحَدِيثَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ أَصْلًا وَكَوْنُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ لَمْ يَحْفَظْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونَةَ لَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عِنْدَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ وَقَدْ جَاءَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ إِسْنَادٌ ثَالِثٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بن عمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن بن عُمَرَ بِهِ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَجَاءَ مِنْ رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ لَكِنَّ السَّنَدَ إِلَى بن جريج ضَعِيف وَالْمَحْفُوظ أَنه من قَول بن عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ الْقَائِلُ هُوَ سُفْيَانُ وَقَولُهُ وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مِرَارًا أَيْ مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونَةَ فَقَطْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ قَالَ سُفْيَانُ كَمْ سَمِعْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ يُعِيدُهُ وَيُبْدِئُهُ





[ قــ :543 ... غــ :5539] .

     قَوْلُهُ  عبد الله هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يزِيد .

     قَوْلُهُ  عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الدَّابَّةِ أَيْ فِي حُكْمِ الدَّابَّةِ تَمُوتُ فِي الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ إِلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ فِي هَذَا الْحُكْمِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ السَّمْنِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ الْجَامِدِ مِنْهُ وَالذَّائِبِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي السُّؤَالِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ فِي السَّمْنِ فَأَمَّا غَيْرُ السَّمْنِ فَإِلْحَاقُهُ بِهِ فِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَاضِحٌ.
وَأَمَّا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الذَّائِبِ وَالْجَامِدِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي اللَّفْظِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ وَهَذَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ مَنْ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالذَّائِبِ كَمَا ذُكِرَ قَبْلُ عَنْ إِسْحَاقَ وَهُوَ مَشْهُورٌ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَنْ مَعْمَرٍ فِيهِ فَأخْرجهُ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ نَعَمْ وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَة بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَصْفُ السَّمْنِ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ جَامِدٌ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي الطَّهَارَةِ وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَن الموسري وَكَذَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ منهال عَن بن عُيَيْنَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدُ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ عَنْ سُفْيَانَ وَأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِالتَّفْصِيلِ عَنْ سُفْيَانَ دُونَ حُفَّاظِ أَصْحَابِهِ مِثْلِ أَحْمَدَ وَالْحُمَيْدِيِّ وَمُسَدَّدٍ وَغَيْرِهِمْ وَوَقَعَ التَّفْصِيلُ فِيهِ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَهَذَا الَّذِي يَنْفَصِلُ بِهِ الْحُكْمُ فِيمَا يَظْهَرُ لِي بِأَنَّ التَّقْيِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْإِطْلَاقُ مِنْ رِوَايَتِهِ مَرْفُوعًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَرْفُوعًا مَا سَوَّى فِي فَتْوَاهُ بَيْنَ الْجَامِدِ وَغَيْرِ الْجَامِدِ وَلَيْسَ الزُّهْرِيُّ مِمَّنْ يُقَالُ فِي حَقِّهِ لَعَلَّهُ نَسِيَ الطَّرِيقَ الْمُفَصَّلَةَ الْمَرْفُوعَةَ لِأَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ النَّاسِ فِي عَصْرِهِ فَخَفَاءُ ذَلِكَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ





[ قــ :544 ... غــ :5540] .

     قَوْلُهُ  عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله يَعْنِي بِسَنَدِهِ لَكِن لم يَظْهَرُ لَنَا هَلْ فِيهِ مَيْمُونَةُ أَوْ لَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ بن الْمُبَارَكِ فَقَالَ فِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا وَأَغْرَبَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الْفَرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ عَن عَبْدَانِ مَوْصُولا بِذكر بن عَبَّاسٍ وَمَيْمُونَةَ بِالْمَرْفُوعِ دُونَ الْمَوْقُوفِ.

     وَقَالَ  أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدَانَ وَذَكَرَ فِيهِ كَلَامًا وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَائِعَ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَا يَنْجَسُ الا بالتغير وَهُوَ اخْتِيَار البُخَارِيّ وَقَول بن نَافِعٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ عِمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ بن عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ قَالَ تُؤْخَذُ الْفَأْرَةُ وَمَا حَوْلَهَا فَقُلْتُ إِنَّ أَثَرَهَا كَانَ فِي السَّمْنِ كُلِّهِ قَالَ إِنَّمَا كَانَ وَهِيَ حَيَّةٌ وَإِنَّمَا مَاتَتْ حَيْثُ وُجِدَتْ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

     وَقَالَ  فِيهِ عَنْ جَرٍّ فِيهِ زَيْتٌ وَقَعَ فِيهِ جُرْذٌ وَفِيهِ أَلَيْسَ جَالَ فِي الْجَرِّ كُلِّهِ قَالَ إِنَّمَا جَالَ وَفِيهِ الرُّوحُ ثُمَّ اسْتَقَرَّ حَيْثُ مَاتَ وَفَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الْمَائِعِ وَالْجَامِدِ عَمَلًا بِالتَّفْصِيلِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ وَقَدْ تمسك بن الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ وَمَا حَوْلَهَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَامِدًا قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَائِعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَوْلٌ لِأَنَّهُ لَوْ نُقِلَ مِنْ أَيٍّ جَانِبٍ مَهْمَا نُقِلَ لَخَلَفَهُ غَيْرُهُ فِي الْحَالِ فَيَصِيرُ مِمَّا حَوْلَهَا فَيُحْتَاجُ إِلَى إِلْقَائِهِ كُلِّهِ كَذَا قَالَ.
وَأَمَّا ذِكْرُ السَّمْنِ وَالْفَأْرَةِ فَلَا عمل بمفهومها وجد بن حزم عَلَى عَادَتِهِ فَخَصَّ التَّفْرِقَةَ بِالْفَأْرَةِ فَلَوْ وَقَعَ غَيْرُ جِنْسِ الْفَأْرِ مِنَ الدَّوَابِّ فِي مَائِعٍ لَمْ يَنْجُسْ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَضَابِطُ الْمَائِعِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يَتَرَادَّ بِسُرْعَةٍ إِذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ فَمَاتَتْ عَلَى أَنَّ تَأْثِيرَهَا فِي الْمَائِعِ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَوْتِهَا فِيهِ فَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ وَخَرَجَتْ بِلَا مَوْتٍ لَمْ يَضُرَّهُ وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ التَّقْيِيدُ بِالْمَوْتِ فَيَلْزَمُ مَنْ لَا يَقُولُ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ بِالتَّأْثِيرِ وَلَوْ خَرَجَتْ وَهِيَ فِي الْحَيَاة وَقد الْتَزمهُ بن حَزْمٍ فَخَالَفَ الْجُمْهُورَ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا لَمْ يَرِدْ فِي طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ تَحْدِيدُ مَا يلقى لَكِن أخرج بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ يَكُونُ قَدْرَ الْكَفِّ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ لَوْلَا إِرْسَالُهُ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَرَ أَنْ يُقَوَّرَ مَا حَوْلَهَا فَيُرْمَى بِهِ وَهَذَا أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ جَامِدًا مِنْ قَوْلِهِ وَمَا حولهَا فيقوى مَا تمسك بِهِ بن الْعَرَبِيِّ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا مِنَ التَّقْيِيدِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ ثَلَاثُ غُرُفَاتٍ بِالْكَفَّيْنِ فَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ ظَاهِرًا فِي الْمَائِعِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُفَصَّلَةِ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي شَيْءٍ فَيَحْتَاجُ مَنْ أَجَازَ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ كَالشَّافِعِيَّةِ وَأَجَازَ بَيْعَهُ كَالْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْجَوَابِ أَعْنِي الْحَدِيثَ فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِهِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالْمَائِعِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عمر عِنْد الْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث بن عُمَرَ إِنْ كَانَ السَّمْنُ مَائِعًا انْتَفَعُوا بِهِ وَلَا تأكلوه وَعِنْده فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ مِثْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ وَقْفُهُ وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي زَيْتٍ قَالَ اسْتَصْبِحُوا بِهِ وَادْهُنُوا بِهِ أُدُمَكُمْ وَهَذَا السَّنَدُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْفَأْرَةَ طَاهِرَةُ الْعَيْنِ وَأَغْرَبَ بن الْعَرَبِيِّ فَحَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا نَجِسَةٌ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ كَذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِإِبْهَامِ السَّائِلِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَحْمَدَ تَعْيِينُ مَنْ سَأَلَ وَلَفْظُهُ عَنْ مَيْمُونَةَ إِنَّهَا اسْتَفْتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَأْرَةٍ الْحَدِيثَ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ مَالِكٍ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظ عَن بن عَبَّاس أَن مَيْمُونَة استفتت وَالله أعلم