فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء

( كِتَابُ الطِّبِّ)
كَذَا لَهُمْ إِلَّا النَّسَفِيَّ فَتَرْجَمَ كِتَابُ الطِّبِّ أَوَّلُ كَفَّارَةِ الْمَرَضِ وَلَمْ يُفْرِدْ كِتَابَ الطِّبِّ وَزَادَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ وَالْأَدْوِيَةِ وَالطِّبُّ بِكَسْرِ الْمُهْملَة وَحكى بن السَّيِّدِ تَثْلِيثَهَا وَالطَّبِيبُ هُوَ الْحَاذِقُ بِالطِّبِّ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا طَبَّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَمُسْتَطَبٌّ وَامْرَأَةُ طب بِالْفَتْح يُقَال استطب تعاني الطِّبّ واستطب اسْتَوْصَفَهُ وَنَقَلَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الطِّبَّ بِالْكَسْرِ يُقَالُ بِالِاشْتِرَاكِ لِلْمُدَاوِي وَلِلتَّدَاوِي وَلِلدَّاءِ أَيْضًا فَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ وَيُقَالُ أَيْضًا لِلرِّفْقِ وَالسِّحْرِ وَيُقَالُ لِلشَّهْوَةِ وَلِطَرَائِقَ تُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ وَلِلْحِذْقِ بِالشَّيْءِ وَالطَّبِيبُ الْحَاذِقُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَخُصَّ بِهِ الْمُعَالِجُ عُرْفًا وَالْجَمْعُ فِي الْقِلَّةِ أَطِبَّةٌ وَفِي الْكَثْرَةِ أَطِبَّاءٌ وَالطِّبُّ نَوْعَانِ طِبُّ جَسَدٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَطِبُّ قَلْبٍ وَمُعَالَجَتُهُ خَاصَّةٌ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَن ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَأَمَّا طِبُّ الْجَسَدِ فَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُ مَا جَاءَ عَنْ غَيْرِهِ وَغَالِبُهُ رَاجِعٌ إِلَى التَّجْرِبَةِ ثُمَّ هُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى فِكْرٍ وَنَظَرٍ بَلْ فَطَرَ اللَّهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ الْحَيَوَانَاتِ مِثْلُ مَا يَدْفَعُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ وَنَوْعٌ يَحْتَاجُ إِلَى الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ كَدَفْعِ مَا يَحْدُثُ فِي الْبَدَنِ مِمَّا يُخْرِجُهُ عَنِ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ إِمَّا إِلَى حَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إِمَّا إِلَى رُطُوبَةٍ أَوْ يُبُوسَةٍ أَوِ إِلَى مَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا وَغَالِبُ مَا يُقَاوَمُ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا بِضِدِّهِ وَالدَّفْعُ قَدْ يَقَعُ مِنْ خَارِجِ الْبَدَنِ وَقَدْ يَقَعُ مِنْ دَاخِلِهِ وَهُوَ أَعْسَرُهُمَا وَالطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَالْعَلَامَةِ فَالطَّبِيبُ الْحَاذِقُ هُوَ الَّذِي يَسْعَى فِي تَفْرِيقِ مَا يَضُرُّ بِالْبَدَنِ جَمْعُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَفِي تَنْقِيصِ مَا يَضُرُّ بِالْبَدَنِ زِيَادَتُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَمَدَارُ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ حِفْظُ الصِّحَّةِ وَالِاحْتِمَاءُ عَنِ الْمُؤْذِي وَاسْتِفْرَاغُ الْمَادَّةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى الثَّلَاثَةِ فِي الْقُرْآنِ فَالْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أخر وَذَلِكَ أَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ النَّصَبِ وَهُوَ مِنْ مُغَيِّرَاتِ الصِّحَّةِ فَإِذَا وَقَعَ فِيهِ الصِّيَامُ ازْدَادَ فَأُبِيحَ الْفِطْرُ إِبْقَاءً عَلَى الْجَسَدِ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ الثَّانِي وَهُوَ الْحَمِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم فَإِنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ جَوَازَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ خَوْفِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْبَارِدِ وَالثَّالِثُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية فَإِنَّهُ أُشِيرَ بِذَلِكَ إِلَى جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ الَّذِي مُنِعَ مِنْهُ الْمُحْرِمُ لِاسْتِفْرَاغِ الْأَذَى الْحَاصِلِ مِنَ الْبُخَارِ الْمُحْتَقَنِ فِي الرَّأْسِ وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلَيْنِ أَيُّكُمَا أَطَبُّ قَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي الطِّبِّ خَيْرٌ قَالَ أَنْزَلَ الدَّاءَ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّوَاءَ قَولُهُ بَابُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً كَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وبن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَمْ أَرَ لَفْظَ بَابٍ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحِ إِلَّا لِلنَّسَفِيِّ



[ قــ :5378 ... غــ :5678] .

     قَوْلُهُ  أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيُّ نُسِبَ لِجَدِّهِ وَهُوَ أَسَدٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَقَدْ يَلْتَبِسُ بِمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ لِكَوْنِهِمْ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهَذَا مِنْ فُنُونِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَصَنَّفُوا فِيهِ الْأَنْسَابَ الْمُتَّفِقَةَ فِي اللَّفْظِ الْمُفْتَرِقَةِ فِي الشَّخْصِ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَطَاءٍ وَخَالَفَهُ شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ وَرَوَاهُ طَلْحَةُ بن عَمْرو عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ هَذِهِ رِوَايَةُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ.

     وَقَالَ  مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَن أبي هُرَيْرَة أخرجه بن عَاصِمٍ فِي الطِّبِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَهَذَا مِمَّا يَتَرَجَّحُ بِهِ رِوَايَةُ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ .

     قَوْلُهُ  مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيّ من دَاء وَمن زَائِدَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولَ أَنْزَلَ مَحْذُوفًا فَلَا تَكُونُ مِنْ زَائِدَةً بَلْ لِبَيَانِ الْمَحْذُوفِ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً فِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو مِنَ الزِّيَادَةِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَدَاوَوْا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَن بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً فَتَدَاوَوْا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَنَحْوُهُ لِلطَّحَاوِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ إِنَّ اللَّهَ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ خَلَقَ الدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ تَدَاوَوْا يَا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً إِلَّا دَاءً وَاحِدًا الْهَرَمَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالْأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ وبن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَفِي لَفْظٍ إِلَّا السَّامَ بِمُهْمَلَةٍ مُخَفَّفَةٍ يَعْنِي الْمَوْتَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن بن مَسْعُود نَحْو حَدِيث الْبَاب وَزَاد فِي آخِرِهِ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهله أخرجه النَّسَائِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ وَفِي مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا يُعْرَفُ مِنْهُ الْمُرَادُ بِالْإِنْزَالِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَهُوَ إِنْزَالُ عِلْمِ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ الْمَلَكِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلًا أَوْ عَبَّرَ بِالْإِنْزَالِ عَنِ التَّقْدِيرِ وَفِيهَا التَّقْيِيدُ بِالْحَلَالِ فَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْحَرَامِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْهَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الشِّفَاءَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِصَابَةِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّوَاءَ قَدْ يَحْصُلُ مَعَهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الْكَيْفِيَّةِ أَوِ الْكَمِّيَّةِ فَلَا يَنْجَعُ بَلْ رُبَّمَا أَحْدَثَ دَاءً آخَرَ وَفِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْأَدْوِيَةِ لَا يَعْلَمُهَا كُلُّ أَحَدٍ وَفِيهَا كُلُّهَا إِثْبَاتُ الْأَسْبَابِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ لِمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَبِتَقْدِيرِهِ وَأَنَّهَا لَا تَنْجَعُ بِذَوَاتِهَا بَلْ بِمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَأَنَّ الدَّوَاءَ قَدْ يَنْقَلِبُ دَاءً إِذَا قَدَّرَ اللَّهُ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ بِإِذْنِ اللَّهِ فَمَدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى تَقْدِيرِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ وَالتَّدَاوِي لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ كَمَا لَا يُنَافِيهِ دَفْعُ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَكَذَلِكَ تَجَنُّبُ الْمُهْلِكَاتِ وَالدُّعَاءُ بِطَلَبِ الْعَافِيَةِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا الْبَحْثِ فِي بَابِ الرُّقْيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهَا أَيْضًا الدَّاءُ الْقَاتِلُ الَّذِي اعْتَرَفَ حُذَّاقُ الْأَطِبَّاءِ بِأَنْ لَا دَوَاءَ لَهُ وَأَقَرُّوا بِالْعَجْزِ عَنْ مُدَاوَاتِهِ وَلَعَلَّ الْإِشَارَة فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ بِقَوْلِهِ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ إِلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى عُمُومِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَبَرِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ لَمْ يُنْزِلْ دَاءٌ يَقْبَلُ الدَّوَاءَ إِلَّا أُنْزِلَ لَهُ شِفَاءٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ مَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْمَرْضَى أَنَّهُ يَتَدَاوَى مِنْ دَاءٍ بِدَوَاءٍ فَيَبْرَأُ ثُمَّ يَعْتَرِيهِ ذَلِكَ الدَّاءُ بِعَيْنِهِ فَيَتَدَاوَى بِذَلِكَ الدَّوَاءِ بِعَيْنِهِ فَلَا ينجع وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ الْجَهْلِ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الدَّوَاءِ فَرُبَّ مَرَضَيْنِ تَشَابَهَا وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا مُرَكَّبًا لَا يَنْجَعُ فِيهِ مَا يَنْجَعُ فِي الَّذِي لَيْسَ مُرَكَّبًا فَيَقَعُ الْخَطَأُ مِنْ هُنَا وَقَدْ يَكُونُ مُتَّحِدًا لَكِنْ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ لَا يَنْجَعَ فَلَا يُنْجَعُ وَمِنْ هُنَا تَخْضَعُ رِقَابُ الْأَطِبَّاء وَقد أخرج بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خُزَامَةَ وَهُوَ بِمُعْجَمَةٍ وَزَايٍ خَفِيفَةٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ هَلْ يَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا قَالَ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُصُولَ الشِّفَاءِ بِالدَّوَاءِ إِنَّمَا هُوَ كَدَفْعِ الْجُوعِ بِالْأَكْلِ وَالْعَطَشِ بِالشُّرْبِ وَهُوَ يَنْجَعُ فِي ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ لِمَانِعٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ الدَّاءُ وَالدَّوَاءُ كِلَاهُمَا بِفَتْحِ الدَّالِ وَبِالْمَدِّ وَحُكِيَ كَسْرُ دَالِ الدَّوَاءِ وَاسْتِثْنَاءُ الْمَوْتِ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ وَاضِحٌ وَلَعَلَّ التَّقْدِيرَ إِلَّا دَاءَ الْمَوْتِ أَيِ الْمَرَضُ الَّذِي قُدِّرَ عَلَى صَاحِبِهِ الْمَوْتُ وَاسْتِثْنَاءُ الْهَرَمِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِمَّا لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَبِيهًا بِالْمَوْتِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا نَقْصُ الصِّحَّةِ أَوْ لِقُرْبِهِ مِنَ الْمَوْتِ وَإِفْضَائِهِ إِلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا وَالتَّقْدِيرُ لَكِنِ الْهَرَمُ لَا دَوَاءَ لَهُ وَالله أعلم