فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب السحر

( قَولُهُ بَابُ السِّحْرِ)
كَذَا وَقَعَ هُنَا لِلْكَثِيرِ وَسقط لبَعْضهِم وَعَلِيهِ جرى بن بَطَّالٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ قد تقدّمت بِعَينهَا قبل ببابين وَلَا يُعْهَدُ ذَلِكَ لِلْبُخَارِيِّ إِلَّا نَادِرًا عِنْدَ بعض دون بعض وَذكر حَدِيثَ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَاقْتَصَرَ الْكَثِيرُ مِنْهُ عَلَى بَعْضِهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى



[ قــ :5457 ... غــ :5766] قَوْلِهِ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ وَوَقَعَ سِيَاقُ الْحَدِيثِ بِكَمَالِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي وَكَذَا صَنَعَ النَّسَفِيُّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ طَرِيقَ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامٍ إِلَى قَوْلِهِ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ سَنَدًا وَمَتْنًا لِغَيْرِهِ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ وَأَغْفَلَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ ذِكْرَهَا هُنَا وَذَكَرَ هُنَا رِوَايَةَ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ وَلَمْ أَرَهَا وَلَا ذَكَرَهَا أَبُو مَسْعُودٍ فِي أَطْرَافِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ السَّاحِرَ لَا يُقْتَلُ حَدًّا إِذَا كَانَ لَهُ عَهْدٌ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جُنْدَبٍ رَفَعَهُ قَالَ حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ فَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ فَلَوْ ثَبَتَ لَخُصَّ مِنْهُ مَنْ لَهُ عَهْدٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْجِزْيَةِ مِنْ رِوَايَةِ بَجَالَةَ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ وَزَادَ عَبْدُ الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ بَجَالَةَ فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَصْلَ الْحَدِيثِ دُونَ قِصَّةِ قَتْلِ السَّوَاحِرِ قَالَ بن بَطَّالٍ لَا يُقْتَلُ سَاحِرُ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالزُّهْرِيِّ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِسِحْرِهِ فَيُقْتَلُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ أَدْخَلَ بِسِحْرِهِ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ لَمْ يُعَاهَدْ عَلَيْهِ نُقِضَ الْعَهْدُ بِذَلِكَ فَيَحِلُّ قَتْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِيدَ بْنَ الْأَعْصَمِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ خَشِيَ إِذَا قَتَلَهُ أَنْ تَثُورَ بِذَلِكَ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ حُلَفَائِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ مِنْ نَمَطِ مَا رَاعَاهُ مِنْ تَرْكِ قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ سَوَاءٌ كَانَ لَبِيدٌ يَهُودِيًّا أَوْ مُنَافِقًا عَلَى مَا مَضَى مِنَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ قَالَ وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ حُكْمَ السَّاحِرِ حُكْمُ الزِّنْدِيقِ فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَيُقْتَلُ حَدًّا إِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ لَا يُقْتَلُ إِلَّا إِنِ اعْترف أَنه قتل بِسِحْرِهِ فَيُقْتَلُ بِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ أَنَّ سِحْرَهُ قَدْ يَقْتُلُ وَقَدْ لَا يَقْتُلُ وَأَنَّهُ سَحَرَهُ وَأَنَّهُ مَاتَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَوَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ بِالْبَيِّنَةِ وَادَّعَى أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ فِي الْأَحْكَامِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ إِنَّ السَّاحِرَ يُقْتَلُ قِصَاصًا إِذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِسِحْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ النَّوَوِيُّ إِنْ كَانَ فِي السِّحْرِ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَقْتَضِي الْكُفْرَ كَفَرَ السَّاحِرُ وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إِذَا تَابَ عِنْدَنَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي سِحْرِهِ مَا يَقْتَضِي الْكفْر عزّر واستتيب