فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما يذكر في الشيب

( قَولُهُ بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الشَّيْبِ)
أَيْ هَل يخضب أَو يتْرك



[ قــ :5579 ... غــ :5894] قَوْله عَن بن سِيرِينَ هُوَ مُحَمَّدٌ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ عَنْ مُعَلَّى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  سَأَلْتُ أَنَسًا أَخْضَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ مِنْهُ أَنَّهُ الْمُبْهَمُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا حَيْثُ قَالَ ثَابِتٌ سُئِلَ أَنَسٌ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا قَلِيلًا يُفَسِّرُهُ





[ قــ :5580 ... غــ :5895] .

     قَوْلُهُ  فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَبْلُغْ مَا يُخَضِّبُ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الشَّعْرِ الْأَبْيَضِ إِذَا بَدَأَ فِي اللِّحْيَةِ لَمْ يُبَادِرْ إِلَى خَضْبِهِ حَتَّى يَكْثُرَ وَمَرْجِعُ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي ذَلِكَ إِلَى الْعُرْفِ وَزَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَهُ خَضَّبَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ قَالَ وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَحْمِلُهُ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَلِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ الْخِضَابِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوُ حَدِيث بن سِيرِينَ وَزَادَ وَلَمْ يُخَضِّبْ وَلَكِنْ خَضَّبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ .

     قَوْلُهُ  فِي الثَّانِيَةِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ فِي لِحْيَتِهِ الْمُرَادُ بِالشَّمَطَاتِ الشَّعَرَاتِ اللَّاتِي ظَهَرَ فِيهِنَّ الْبَيَاضُ فَكَأَنَّ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مَعَ مَا يُجَاوِرُهَا مِنْ شَعْرَةٍ سَوْدَاءَ ثَوْبٌ أَشْمَطُ وَالْأَشْمَطُ الَّذِي يُخَالِطُهُ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَجَوَابُ لَوْ فِي قَوْلِهِ لَوْ شِئْتُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَعَدَدْتُهَا وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قِلَّتِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَنَاقِبِ بَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل هُوَ بن غَسَّان النَّهْدِيّ وَإِسْرَائِيل هُوَ بن يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ هُوَ التَّيْمِيُّ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ سَبَقَ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ





[ قــ :5581 ... غــ :5896] .

     قَوْلُهُ  أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَعْنِي زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَهْلِهِ وَلَكِنَّهُمْ مِنْ آلِ طَلْحَةَ لِأَنَّهُمْ مَوَالِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِأَهْلِهِ امْرَأَتَهُ .

     قَوْلُهُ  بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلَاثَ أَصَابِعَ مِنْ قُصَّةٍ فِيهَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِيهِ شَعْرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتُلِفَ فِي ضَبطه قُصَّةٍ هُوَ بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ صَادٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ بِفَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ ضَادٍ مُعْجَمَةٍ فَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلَاثَ أَصَابِعَ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى صِغَرِ الْقَدَحِ وَزَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَدِ إِرْسَالِ عُثْمَانَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهُوَ بَعِيدٌ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِيهَا فَضَمِيرٌ لِمَعْنَى الْقَدَحِ لِأَنَّ الْقَدَحَ إِذَا كَانَ فِيهِ مَائِعٌ يُسَمَّى كَأْسًا وَالْكَأْسُ مُؤَنَّثَةٌ أَوِ الضَّمِيرُ لِلْقِصَّةِ كَمَا سَيَأْتِي تَوْجِيهُهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالتَّذْكِيرِ فَوَاضِحَةٌ وَقَولُهُ مِنْ فِضَّةٍ إِنْ كَانَ بِالْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةِ فَهُوَ بَيَانٌ لِجِنْسِ الْقَدَحِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُمَوَّهًا بِفِضَّةٍ لَا أَنَّهُ كَانَ كُلُّهُ فِضَّةً.

قُلْتُ وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ لَا تُجِيزُ اسْتِعْمَالَ آنِيَةِ الْفِضَّةِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمِنْ أَيْنَ لَهُ ذَلِكَ وَقَدْ أَجَازَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ الصَّغِيرِ مِنَ الْفِضَّةِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَإِنْ كَانَ بِالْقَافِ وَالْمُهْمَلَةِ فَهُوَ مِنْ صِفَةِ الشَّعْرِ عَلَى مَا فِي التَّرْكِيبِ مِنْ قَلَقِ الْعِبَارَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ عَلَيْكَ بِتَوْجِيهِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْ سَبَبِيَّةٌ أَيْ أَرْسَلُونِي بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بِسَبَبِ قُصَّةٍ فِيهَا شَعْرٌ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مَحْفُوظَةٌ بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظٍ دَالٍّ عَلَى أَنَّهُ بِالْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةِ وَلَفْظُهُ أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَجَاءَتْ بِجُلْجُلٍ مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ شَعْرٌ إِلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ إِسْرَائِيلَ فَكَأَنَّهُ سَقَطَ عَلَى رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَتْ بِجُلْجُلٍ وَبِهِ يَنْتَظِمُ الْكَلَامُ وَيُعْرَفُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ فضَّة بِالْفَاءِ والمعجمة وَأَنه صِفَةُ الْجُلْجُلِ لَا صِفَةُ الْقَدَحِ الَّذِي أَحْضَرَهُ عُثْمَان بن موهب قَالَ بن دِحْيَةَ وَقَعَ لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِالْقَافِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ بِالْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةِ وَقَدْ بَيَّنَهُ وَكِيعٌ فِي مُصَنفه بعد مَا رَوَاهُ عَنْ إِسْرَائِيلَ فَقَالَ كَانَ جُلْجُلًا مِنْ فِضَّةٍ صِيغَ صَوَّانًا لِشَعَرَاتٍ كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ النَّاسُ إِذَا أَصَابَ الْإِنْسَانُ أَيْ مِنْهُمْ عَيْنٌ أَيْ أُصِيبَ بِعَيْنٍ أَوْ شَيْءٍ أَيْ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ كَانَ وَهُوَ مَوْصُولٌ مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  بَعَثَ إِلَيْهَا مِخْضَبَهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْآنِيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ مَنِ اشْتَكَى أَرْسَلَ إِنَاءً إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَتَجْعَلُ فِيهِ تِلْكَ الشَّعَرَاتِ وَتَغْسِلُهَا فِيهِ وَتُعِيدُهُ فَيَشْرَبُهُ صَاحِبُ الْإِنَاءِ أَوْ يَغْتَسِلُ بِهِ اسْتِشْفَاءً بِهَا فَتَحْصُلُ لَهُ بَرَكَتُهَا .

     قَوْلُهُ  فَاطَّلَعَتْ فِي الْجُلْجُلِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِجِيمَيْنِ مَضْمُومَتَيْنِ بَيْنَهُمَا لَامٌ وَآخِرُهُ أُخْرَى هُوَ شِبْهُ الْجَرَسِ وَقَدْ تُنْزَعُ مِنْهُ الْحَصَاةُ الَّتِي تَتَحَرَّكُ فَيُوضَعُ فِيهِ مَا يُحْتَاجُ إِلَى صِيَانَتِهِ وَالْقَائِلُ فَاطَّلَعَتْ هُوَ عُثْمَانُ وَقِيلَ إِنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْجَحْلَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفُسِّرَ بِالسِّقَاءِ الضَّخْمِ وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا تَصْحِيفًا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ صَوَّانًا لِلشَّعَرَاتِ كَمَا جَزَمَ بِهِ وَكِيعٌ أَحَدُ رُوَاةِ الْخَبَرِ كَانَ الْمُنَاسِبُ لَهُنَّ الظَّرْفَ الصَّغِيرَ لَا الْإِنَاءَ الضَّخْمَ وَلَمْ يُفَسِّرْ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَلَا النِّهَايَةُ الْجُلْجُلَ كَأَنَّهُمَا تَرَكَاهُ لِشُهْرَتِهِ لَكِنْ حَكَى عِيَاضٌ أَنَّ فِي رِوَايَةِ بن السَّكَنِ الْمُخَضَّبِ بَدَلَ الْجُلْجُلِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَرَأَيْتُ شَعَرَاتٍ حُمْرًا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِيهَا مَخْضُوبًا وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ





[ قــ :558 ... غــ :5897] .

     قَوْلُهُ  سَلَّامٌ هُوَ بِالتَّشْدِيدِ اتِّفَاقًا وَجَزَمَ أَبُو نَصْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ بِأَنَّهُ بن مِسْكين وَخَالفهُ الْجُمْهُور فَقَالُوا هُوَ بن أَبِي مُطِيعٍ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ وَأَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي هَذَا الحَدِيث عِنْد بن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَلام بن أبي مُطِيع وَقد أخرجه بن أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُوسَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ .

     قَوْلُهُ  مَخْضُوبًا زَادَ يُونُسُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَكَذَا لِابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ وَكَذَا لِأَحْمَدَ عَنْ عَفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ سَلَّامٍ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَهُوَ شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَعْرًا أَحْمَرَ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عُثْمَانَ الْمَذْكُورِ كَانَ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ شَعْرِ لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَثَرُ الْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَالْحِنَّاءُ مَعْرُوفٌ وَالْكَتَمُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُثَنَّاةِ سَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ بَعْدَ هَذَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي خَضَّبَ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ احْمَرَّ بَعْدَهُ لِمَا خَالَطَهُ مِنْ طِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ فَغَلَبَتْ بِهِ الصُّفْرَةُ قَالَ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَضِّبْ أَصَحُّ كَذَا قَالَ وَالَّذِي أَبَدَاهُ احْتِمَالًا قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مَوْصُولًا إِلَى أَنَسٍ فِي بَابِ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ.

قُلْتُ وَكثير مِنَ الشُّعُورِ الَّتِي تُفْصَلُ عَنِ الْجَسَدِ إِذَا طَالَ الْعَهْدُ يَئُولُ سَوَادُهَا إِلَى الْحُمْرَةِ وَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ مِنَ التَّرْجِيحِ خِلَافُ مَا جَمَعَ بِهِ الطَّبَرِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ جَزَمَ أَنَّهُ خَضَّبَ كَمَا فِي ظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وكما فِي حَدِيث بن عُمَرَ الْمَاضِي قَرِيبًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَضَّبَ بِالصُّفْرَةِ حَكَى مَا شَاهَدَهُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَمَنْ نَفَى ذَلِكَ كَأَنَسٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ مِنْ حَالِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ مَا كَانَ فِي رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِحْيَتِهِ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا شَعَرَاتٌ كَانَ إِذَا دَهَنَ وَأَرَاهُنَّ الدُّهْنَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ أَثْبَتُوا الْخِضَابَ شَاهَدُوا الشَّعْرَ الْأَبْيَضَ ثُمَّ لما واراه الدّهن ظنُّوا أَنه خضبه وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو نُعَيْمٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِوَصْلِهِ فَقَالَ قَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ .

     قَوْلُهُ  نُصَيْرٌ بِنُونٍ مُصَغَّرٌ بن أبي الْأَشْعَث وَيُقَال الْأَشْعَث اسْمُهُ وَلَيْسَ لِنُصَيْرٍ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْموضع