فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: حسن العهد من الإيمان

( قَولُهُ بَابُ حُسْنِ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَهْدُ هُنَا رِعَايَةُ الْحُرْمَةِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ هُوَ الِاحْتِفَاظُ بِالشَّيْءِ وَالْمُلَازَمَةُ لَهُ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ حِفْظُ الشَّيْءِ وَمُرَاعَاتُهُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ وَعَهْدُ اللَّهِ تَارَةً يَكُونُ بِمَا رَكَزَهُ فِي الْعَقْلِ وَتَارَةً بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَتَارَةً بِمَا يَلْتَزِمُهُ الْمُكَلَّفُ ابْتِدَاءً كَالنَّذْرِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله.
وَأَمَّا لَفْظُ الْعَهْدِ فَيُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ بِإِزَاءِ مَعَانٍ أُخْرَى مِنْهَا الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَالْيَمِينُ وَالذِّمَّةُ وَالصِّحَّةُ وَالْمِيثَاقُ وَالْإِيمَانُ وَالنَّصِيحَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْمَطَرُ وَيُقَالُ لَهُ الْعِهَادُ أَيْضًا



[ قــ :5681 ... غــ :6004] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ قَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي تَرْجَمَةِ خَدِيجَةَ مِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ وَقَولُهُ عَلَى خَدِيجَةَ يُرِيدُ مِنْ خَدِيجَةَ فَأَقَامَ عَلَى مَقَامَ مِنْ وَحُرُوفُ الْجَرِّ تَتَنَاوَبُ فِي رَأْيٍ أَوْ عَلَى سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ خَدِيجَةَ وَقَولُهُ فِيهِ وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ إِلَخْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا وَلَكِنْ أَوْرَدَهُ هُنَاكَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَقَولُهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ لِيُهْدِيَ فِي خُلَّتِهَا مِنْهَا أَيْ مِنَ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ هِشَامٍ فِي فَضْلِ خَدِيجَةَ مَا يَسَعُهُنَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَخُلَّتُهَا بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خَلَائِلُهَا.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْخُلَّةُ مَصْدَرٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ تَقُولُ رَجُلٌ خُلَّةٌ وَامْرَأَةٌ خُلَّةٌ وَقَوْمٌ خُلَّةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ إِلَى أَهْلِ خُلَّتِهَا أَيْ أَهْلِ صَدَاقَتِهَا وَالْخُلَّةُ الصَّدَاقَةُ وَالْخَلِيلُ الصَّدِيقُ.

قُلْتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ ثُمَّ نُهْدِيهَا إِلَى خَلَائِلِهَا وَسَبَقَ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَإِلَى أَصْدِقَائِهَا وَلِلْبُخَارِيِّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى بِالشَّيْءِ يَقُولُ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى فُلَانَةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيقَةً لِخَدِيجَةَ تَنْبِيهٌ جَرَى الْبُخَارِيُّ عَلَى عَادَتِهِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِشَارَةِ دُونَ التَّصْرِيحِ فَإِنَّ لَفْظَ التَّرْجَمَةِ قَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ يَتَعَلَّقُ بِخَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ كَيْفَ حَالُكُمْ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا قَالَتْ بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمَّا خَرَجَتْ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَانَ خَدِيجَةَ وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ جُنَادَةَ عَنْ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ بِمَعْنَى الْقِصَّةِ.

     وَقَالَ  غَرِيبٌ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَة نَحوه وَإِسْنَاده ضَعِيف