فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب لا يتناجى اثنان دون الثالث

( قَولُهُ بَابُ الِاسْتِلْقَاءِ)
هُوَ الِاضْطِجَاعُ عَلَى الْقَفَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ نَوْمٌ أَمْ لَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَحَدِيثُهَا فِي آخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ قُبَيْلِ كِتَابِ الْأَدَبِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْحُكْمِ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ وَأَنَّ الْجَمْعَ أَوْلَى وَأَنَّ مَحَلَّ النَّهْيِ حَيْثُ تَبْدُو الْعَوْرَةُ وَالْجَوَازُ حَيْثُ لَا تَبْدُو وَهُوَ جَوَابُ الْخَطَّابِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَنَقَلْتُ قَوْلَ مَنْ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُخَرَّجْ فِي الصَّحِيحِ وَأَوْرَدْتُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَفَلَ عَمَّا فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ مِنَ الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ صَحِيحُ مُسْلِمٍ وَسَبَقَ الْقَلَمُ هُنَاكَ فَكَتَبْتُ صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَصْلَحْتُهُ فِي أَصْلِي وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْبَابِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَححهُ بن حبَان قَولُهُ بَابُ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ أَيْ لَا يَتَحَدَّثَانِ سِرًّا وَسَقَطَ لَفْظُ بَابُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تتناجوا إِلَى قَوْلِهِ الْمُؤْمِنُونَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ الْآيَتَيْنِ بِتَمَامِهِمَا وَأَشَارَ بِإِيرَادِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ إِلَى أَنَّ التَّنَاجِيَ الْجَائِزَ الْمَأْخُوذَ مِنْ مَفْهُومِ الْحَدِيثِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ .

     قَوْلُهُ  وَقوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة إِلَى قَوْلِهِ بِمَا تَعْمَلُونَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ الْآيَتَيْنِ أَيْضًا وَزعم بن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ وَإِذَا تَنَاجَيْتُمْ قَالَ وَالتِّلَاوَةُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ.

قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيح على مَا ذكره بن التِّينِ وَقَولُهُ تَعَالَى فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَأَخْرَجَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ كَانَ لَا يُنَاجِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ إِلَّا تَصَدَّقَ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ نَاجَاهُ عَلِيَّ بْنَ أبي طَالب فَتصدق بِدِينَار وَنزلت الرُّخْصَة فَإِذا لم تَفعلُوا وَتَابَ الله عَلَيْكُم الْآيَةَ وَهَذَا مُرْسَلٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَجَاءَ مَرْفُوعًا عَلَى غَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وبن حبَان وَصَححهُ وبن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَقُولُ دِينَارٌ.

قُلْتُ لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ فِي نِصْفِ دِينَارٍ.

قُلْتُ لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ فَكَمْ.

قُلْتُ شَعِيرَةٌ قَالَ إِنَّكَ لَزَهِيدٌ قَالَ فَنَزَلَتْ أَأَشْفَقْتُم الْآيَةَ قَالَ عَلِيٌّ فَبِي خُفِّفَ عَنْ هَذِهِ الْأمة وَأخرج بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لَهُ شَاهِدًا



[ قــ :5955 ... غــ :6288] .

     قَوْلُهُ  عَنْ نَافِعٍ كَذَا أَوْرَدَهُ هُنَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَلِمَالِكٍ فِيهِ شيخ آخر عَن بن عُمَرَ وَفِيهِ قِصَّةٌ سَأَذْكُرُهَا بَعْدَ بَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِنَصْبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى أَنَّهُ الْخَبَرُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِأَلِفٍ مَقْصُورَةٍ ثَابِتَةٌ فِي الْخَطِّ صُورَةَ يَاءٍ وَتَسْقُطُ فِي اللَّفْظِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَهُوَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِجِيمٍ فَقَطْ بِلَفْظِ النَّهْيِ وَبِمَعْنَاهُ زَادَ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلْآيَةِ الْأُولَى من قَوْله ليحزن الَّذين آمنُوا وَسَيَأْتِي بَسطه بعد أَبْوَاب