فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إغلاق الأبواب بالليل

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ)

كَذَا ثَبَتَ لِجَمِيعِهِمْ إِلَّا لِأَبِي ذَرٍّ وَهُوَ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَتَعَلُّقُ الْحَدِيثِ بِهِ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ الْمَذْكُورِ وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ أَوْلَادُ النَّاسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي التَّعْبِيرِ بِزِيَادَةِ قَالُوا وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ فِي شِدْقِهِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ سِيَاقٌ مُسْتَقِيمٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَالْبَعْضُ الْمُبْهَمُ لَمْ أَعْرِفِ الْمُرَادَ بِهِ إِلَّا أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ أَخْرَجَهُ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ عَنِ العباسِ بنِ الْفَضْلِ الإسقاطي عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ مِثْلَ حِدِيثٍ قَبْلَهُ وَفِيهِ بِيَدِهِ كُلَّابٌ مِنْ حَدِيدٍ .

     قَوْلُهُ  فِيهِ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسْطِ النَّهْرِ قَالَ يَزِيدُ وَوَهْبُ بْنُ جِرِيرٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَعَلَى شَطِّ النَّهْرِ رَجُلٌ وَهَذَا التَّعْلِيقُ عَنْ هَذَيْنِ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا فَأَمَّا حَدِيثُ يَزِيدَ وَهُوَ بن هَارُونَ فَوَصَلَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ فَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ فَإِذَا نَهْرٌ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ وَعَلَى شَطِّ النَّهْرِ رَجُلٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ فَوَصَلَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِهِ فَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى نَهْرٍ مِنْ دَمٍ وَرَجُلٌ قَائِمٌ فِي وَسْطِهِ وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ الْحَدِيثَ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبٍ لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ وَقَولُهُ فِيهِ إِذَا ارْتَفَعُوا كَذَا فِيهِ بِالْفَاءِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَوَقَعَ فِي جَمْعِ الْحُمَيْدِيِّ ارْتَقَوْا بِالْقَافِ فَقَطْ مِنَ الِارْتِقَاءِ وَهُوَ الصعُود

( .

     قَوْلُهُ  بَاب غَلْقِ الْأَبْوَابِ بِاللَّيْلِ)

فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَالجُّرْجَانِيِّ وَكَذَا لِكَرِيمَةَ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِغْلَاقُ وَهُوَ الْفَصِيحُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ هُوَ الصَّوَابُ.

قُلْتُ لَكِنِ الْأَوَّلُ ثَبَتَ فِي لُغَةٍ نَادِرَةٍ



[ قــ :5963 ... غــ :6296] .

     قَوْلُهُ  همام هُوَ بن يحيى وَعَطَاء هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ .

     قَوْلُهُ  أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيِّ وَغَلِّقُوا بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ بِلَفْظِ أَجِيفُوا بِالْجِيمِ وَالْفَاءِ وَهِيَ بِمَعْنَى أَغْلِقُوا وَتَقَدَّمَ شَرْحُهَا فِي بَابِ ذِكْرِ الْجِنِّ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْأَمْرِ بِإِغْلَاقِ الْأَبْوَابِ مِنَ الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ حِرَاسَةُ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ مِنْ أَهْلِ الْعَبَثِ وَالْفَسَادِ وَلَا سِيَّمَا الشَّيَاطِينُ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا فَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِغْلَاقِ لِمَصْلَحَةِ إِبْعَادِ الشَّيْطَانِ عَنِ الِاخْتِلَاطِ بِالْإِنْسَانِ وَخَصَّهُ بِالتَّعْلِيلِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا يَخْفَى مِمَّا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ جَانِبِ النُّبُوَّةِ قَالَ وَاللَّامُ فِي الشَّيْطَانِ لِلْجِنْسِ إِذْ لَيْسَ الْمُرَادُ فَرْدًا بِعَيْنِهِ وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ قَالَ هَمَّامٌ وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَلَوْ بِعُودٍ يَعْرُضُهُ وَهُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَزْمُ بِذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ فِي رِوَايَةِ بن جُرَيْجٍ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ وَزَادَ فِي كُلٍّ مِنَ الْأَوَامِرِ الْمَذْكُورَةِ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ شُرْبِ اللَّبَنِ مِنْ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ بَيَانُ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ حَمَلَهُ بن بَطَّالٍ عَلَى عُمُومِهِ وَأَشَارَ إِلَى اسْتِشْكَالِهِ فَقَالَ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يُعْطَ قُوَّةً عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أُعْطِيَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَهُوَ وُلُوجُهُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ الْآدَمِيُّ أَنْ يَلِجَ فِيهَا.

قُلْتُ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا قَبْلُ تَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَهُوَ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فِعْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعَةُ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ وَقَدْ تردد بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْإِلْمَام يَحْتَمِلُ أَنْ يُؤْخَذَ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا عَلَى عُمُومِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخَصَّ بِمَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ لِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِجِسْمِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَانِعٍ مِنَ اللَّهِ بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ جِسْمِهِ قَالَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ دُخُولِ الشَّيْطَانِ الْخَارِجِ فَأَمَّا الشَّيْطَانُ الَّذِي كَانَ دَاخِلًا فَلَا يَدُلُّ الْخَبَرُ عَلَى خُرُوجِهِ قَالَ فَيَكُونُ ذَلِكَ لِتَخْفِيفِ الْمَفْسَدَةِ لَا رَفْعِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْإِغْلَاقِ تَقْتَضِي طَرْدَ مَنْ فِي الْبَيْتِ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ مِنِ ابْتِدَاءِ الْإِغْلَاقِ إِلَى تَمَامِهِ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ مَشْرُوعِيَّةَ غَلْقِ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ لِدُخُولِهِ فِي عُمُوم الْأَبْوَاب مجَازًا