فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب القسمة، وتعليق القنو في المسجد قال أبو عبد الله: «القنو العذق والاثنان قنوان والجماعة أيضا قنوان مثل صنو وصنوان»

( قَولُهُ بَابُ الْقِسْمَةِ)
أَيْ جَوَازِهَا وَالْقِنْوُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ النُّونِ فَسَّرَهُ فِي الْأَصْلِ فِي رِوَايَتِنَا بِالْعِذْقِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْعُرْجُونُ بِمَا فِيهِ وَقَولُهُ الْاثْنَانِ قِنْوَانِ أَيْ بِكَسْرِ النُّونِ وَقَولُهُ مِثْلُ صِنْوٍ وَصِنْوَانٍ أَهْمَلَ الثَّالِثَةَ اكْتِفَاءً بِظُهُورِهَا



[ قــ :413 ... غــ :421] .

     قَوْلُهُ  وقَال إِبْرَاهِيم يَعْنِي بن طَهْمَانَ كَذَا فِي رِوَايَتِنَا وَهُوَ صَوَابٌ وَأُهْمِلَ فِي غَيْرِهَا.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيم وَهُوَ بن طَهْمَانَ فِيمَا أَحْسَبُ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ يَعْنِي تَعْلِيقًا.

قُلْتُ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عِدَّةَ أَحَادِيثَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ كَذَا فِي رِوَايَتِنَا وَفِي غَيْرِهَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ فَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ قِيلَ إِنَّهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ فِي الْبَابِ حَدِيثًا فِي تَعْلِيق القنو فَقَالَ بن بطال أغفله.

     وَقَالَ  بن التِّينِ أُنْسِيهِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَا بَلْ أَخَذَهُ مِنْ جَوَازِ وَضْعِ الْمَالِ فِي الْمَسْجِدِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وُضِعَ لِأَخْذِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْهُ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِيَدِهِ عَصًا وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ قَنَا حَشَفٍ فَجَعَلَ يَطْعَنُ فِي ذَلِكَ الْقِنْوِ وَيَقُولُ لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْ هَذَا وَلَيْسَ هُوَ عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ قَوِيًّا فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّهُ أَغْفَلَهُ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ثَابِتٌ فِي الدَّلَائِلِ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مِنْ كُلِّ حَائِطٍ بِقِنْوٍ يُعَلَّقُ فِي الْمَسْجِدِ يَعْنِي لِلْمَسَاكِينِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَكَانَ عَلَيْهَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَيْ عَلَى حِفْظِهَا أَوْ عَلَى قِسْمَتِهَا .

     قَوْلُهُ  بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ روى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ مُرْسَلًا أَنَّهُ كَانَ مِائَةَ أَلْفٍ وَأَنَّهُ أَرْسَلَ بِهِ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ مِنْ خَرَاجِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ وَهُوَ أَوَّلُ خَرَاجٍ حُمِلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَغَازِي مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَيْهِمْ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ فَسَمِعَتِ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ الْحَدِيثَ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَعْيِينُ الْآتِي بِالْمَالِ لَكِنْ فِي الرِّدَّةِ لِلْوَاقِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ بِالْمَالِ هُوَ الْعَلَاءُ بْنُ حَارِثَةَ الثَّقَفِيُّ فَلَعَلَّهُ كَانَ رَفِيقَ أَبِي عُبَيْدَةَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ وَفِيهِ فَلَمْ يَقْدُمْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ مُعَارِضًا لِمَا تَقَدَّمَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ فِي السَّنَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ مَالَ خَرَاجٍ أَوْ جِزْيَةٍ فَكَانَ يَقْدُمُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ انْثُرُوهُ أَيْ صُبُّوهُ .

     قَوْلُهُ  وَفَادَيْتُ عقيلا أَي بن أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ أُسِرَ مَعَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَقَولُهُ فَحَثَا بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَالضَّمِيرُ فِي ثَوْبِهِ يَعُودُ عَلَى الْعَبَّاسِ .

     قَوْلُهُ  يُقِلُّهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْإِقْلَالِ وَهُوَ الرَّفْعُ وَالْحَمْلُ .

     قَوْلُهُ  مُرْ بَعْضَهُمْ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفِي رِوَايَةٍ اؤْمُرْ بِالْهَمْزَةِ وَقَوله يرفعهُ بِالْجَزْمِ لِأَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ فَهُوَ يَرْفَعُهُ .

     قَوْلُهُ  عَلَى كَاهِلِهِ أَيْ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَقَوله يتبعهُ بِضَم أَوله من الأتباع وعجبا بِالْفَتْحِ وَقَولُهُ وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ هُنَاكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ كَرَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِ إِلَى الْمَالِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَأَنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ مَالَ الْمَصَالِحِ فِي مُسْتَحِقِّيهَا وَلَا يُؤَخِّرَهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ فِي بَابِ فِدَاءِ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهِ مُخْتَصَرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ هُنَا جَوَازُ وَضْعِ مَا يَشْتَرِكُ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ مِنْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَمَحِلُّهُ مَا إِذَا لَمْ يُمْنَعْ مِمَّا وُضِعَ لَهُ الْمَسْجِدُ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِأَجْلِهِ وَنَحْوُ وَضْعِ هَذَا الْمَالِ وَضْعُ مَالِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ وَضْعِ مَا يَعُمُّ نَفْعُهُ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمَاءِ لِشُرْبِ مَنْ يَعْطَشُ وَيُحْتَمَلُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا يُوضَعُ لِلتَّفْرِقَةِ وَبَيْنَ مَا يُوضَعُ لِلْخَزْنِ فَيُمْنَعُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ