فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب سترة الإمام سترة من خلفه

( قَولُهُ بَابُ سُتْرَةِ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)
أَوْرَدَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْهَا مُطَابِقَانِ لِلتَّرْجَمَةِ لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ أَصْحَابَهُ أَنْ يَتَّخِذُوا سُتْرَةً غَيْرَ سترته وَأما الأول وَهُوَ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ بَابُ مَنْ صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَقَدْ تُقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ قَول الشَّافِعِي أَن المُرَاد بقول بن عَبَّاسٍ إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ أَيْ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَذَكَرْنَا تَأْيِيدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ الْبَزَّارِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ .

     قَوْلُهُ  إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ لَا يَنْفِي غَيْرَ الْجِدَارِ إِلَّا أَنَّ إِخْبَارَ بن عَبَّاسٍ عَنْ مُرُورِهِ بِهِمْ وَعَدَمِ إِنْكَارِهِمْ لِذَلِكَ مُشْعِرٌ بِحُدُوثِ أَمْرٍ لَمْ يَعْهَدُوهُ فَلَوْ فُرِضَ هُنَاكَ سُتْرَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْجِدَارِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْإِخْبَارِ فَائِدَةٌ إِذْ مُرُورُهُ حِينَئِذٍ لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ أَصْلًا وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ حَمَلَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَأْلُوفِ الْمَعْرُوفِ مِنْ عَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي فِي الْفَضَاءِ إِلَّا وَالْعَنَزَةُ أَمَامه ثمَّ أيد ذَلِك بحديثي بن عمر وَأبي جُحَيْفَة وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  بَعْدَ ذِكْرِ الْحَرْبَةِ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَقَدْ تَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي كَلَامِهِ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :480 ... غــ :493] .

     قَوْلُهُ  نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ أَيْ قَارَبْتُهُ وَقَدْ ذَكَرْتُ الِاخْتِلَافَ فِي قَدْرِ عُمْرِهِ فِي بَابِ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ مِنْ كِتَابِ فَضِيلَةِ الْقُرْآنِ وَفِي بَابِ الِاخْتِتَانِ بَعْدَ الْكِبَرِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَتَوْجِيهِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِ مِنْ ذَلِكَ وَبَيَانِ الرَّاجِحِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى كَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ بن عُيَيْنَةَ بِعَرَفَةَ قَالَ النَّوَوِيُّ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ مَخْرَجِ الْحَدِيثِ فَالْحَقُّ إِن قَول بن عُيَيْنَةَ بِعَرَفَةَ شَاذٌّ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوِ الْفَتْحِ وَهَذَا الشَّكُّ مِنْ مَعْمَرٍ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .

     قَوْلُهُ  بَعْضُ الصَّفِّ زَاد المُصَنّف فِي الْحَج من رِوَايَة بن أخي بن شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ حَتَّى سِرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ انْتَهَى وَهُوَ يُعَيِّنُ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  فَلم يُنكر ذَلِك عَليّ أحد قَالَ بن دَقِيق الْعِيد اسْتدلَّ بن عَبَّاسٍ بِتَرْكِ الْإِنْكَارِ عَلَى الْجَوَازِ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِتَرْكِ إِعَادَتِهِمْ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ تَرْكَ الْإِنْكَارِ أَكْثَرُ فَائِدَةً.

قُلْتُ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ تَرْكَ الْإِعَادَةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا فَقَطْ لَا عَلَى جَوَازِ الْمُرُورِ وَتَرْكُ الْإِنْكَارِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُرُورِ وَصِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعًا وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ تَرْكَ الْإِنْكَارِ حُجَّةٌ عَلَى الْجَوَازِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ انْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ مِنَ الْإِنْكَارِ وَثُبُوتُ الْعِلْمِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى الْفِعْلِ وَلَا يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِمَّا ذُكِرَ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الصَّفُّ حَائِلًا دُونَ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرَى فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَرَائِهِ كَمَا يَرَى مَنْ أَمَامَهُ وَتُقَدِّمُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَائِلٌ دُونَ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ تَوَفُّرُ دَوَاعِيهِمْ عَلَى سُؤَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَحْدُثُ لَهُمْ كَافِيًا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مُرُورِ الْحِمَارِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ فَيَكُونُ نَاسِخًا لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي كَوْنِ مُرُورِ الْحِمَارِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَذَا مُرُورُ الْمَرْأَةِ وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مُرُورَ الْحِمَارِ مُتَحَقِّقٌ فِي حَال مُرُور بن عَبَّاسٍ وَهُوَ رَاكِبُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ لِكَوْنِ الْإِمَامِ سُتْرَةً لِمَنْ خَلْفَهُ.
وَأَمَّا مُرُورُهُ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ عَنْهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى نقل.

     وَقَالَ  بن عبد الْبر حَدِيث بن عَبَّاسٍ هَذَا يَخُصُّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لحَدِيث بن عَبَّاسٍ هَذَا قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا نَقَلَ عِيَاضٌ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومِينَ يُصَلُّونَ إِلَى سُتْرَةٍ لَكِنِ اخْتَلَفُوا هَلْ سُتْرَتُهُمْ سُتْرَةُ الْإِمَامِ أَمْ سُتْرَتُهُمُ الْإِمَامُ نَفْسُهُ اه فِيهِ نَظَرٌ لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي سَفَرٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَمَرَّتْ حَمِيرٌ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ فَأَعَادَ بِهِمُ الصَّلَاةَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ إِنَّهَا لَمْ تَقْطَعْ صَلَاتِي وَلَكِنْ قَطَعَتْ صَلَاتَكُمْ فَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا نُقِلَ مِنَ الِاتِّفَاقِ وَلَفْظُ تَرْجَمَةِ الْبَابِ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ.

     وَقَالَ  تَفَرَّدَ بِهِ سُوَيْدٌ عَنْ عَاصِمٍ اه وَسُوَيْدٌ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ وَوَرَدَتْ أَيْضًا فِي حَدِيث مَوْقُوف على بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ الَّذِي نَقَلَهُ عِيَاضٌ فِيمَا لَوْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ أَحَدٌ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ يَضُرُّ صَلَاتَهُ وَصَلَاتَهُمْ مَعًا وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْإِمَامَ نَفْسَهُ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ يَضُرُّ صَلَاتَهُ وَلَا يَضُرُّ صَلَاتَهُمْ وَقَدْ تقدّمت بَقِيَّة مبَاحث حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ





[ قــ :481 ... غــ :494] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَبُو عَلِيِّ الْجَيَّانِيُّ لَمْ أَجِدْ إِسْحَاقَ هَذَا مَنْسُوبًا لِأَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ.

قُلْتُ وَقَدْ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ وَخَلَفٌ وَغَيْرُهَما بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ .

     قَوْلُهُ  أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ أَيْ أَمَرَ خَادِمَهُ بِحَمْلِ الْحَرْبَةِ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ نَافِعٍ كَانَ يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى وَالْعَنَزَةُ تُحْمَلُ وَتُنْصَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا زَاد بن ماجة وبن خُزَيْمَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَسْتُرُهُ .

     قَوْلُهُ  وَالنَّاسُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ فَيُصَلِّي .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْ نَصْبَ الْحَرْبَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ جِدَارٌ .

     قَوْلُهُ  فَمِنْ ثَمَّ أَيْ فَمِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اتَّخَذَ الْأُمَرَاءُ الْحَرْبَةَ يَخْرُجُ بِهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْأَخِيرَةُ فَصَّلَهَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ فَجَعَلَهَا مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ كَمَا أَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَأَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ الْمُدْرَجِ وَفِي الْحَدِيثِ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّلَاةِ وَأَخْذُ آلَةِ دَفْعِ الْأَعْدَاءِ لَا سِيَّمَا فِي السَّفَرِ وَجَوَازُ الِاسْتِخْدَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالضَّمِيرُ فِي اتَّخَذَهَا يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إِلَى الْحَرْبَةِ نَفْسِهَا أَوْ إِلَى جِنْسِ الْحَرْبَةِ وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ الْقَرَظِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرْبَةً فَأَمْسَكَهَا لِنَفْسِهِ فَهِيَ الَّتِي يَمْشِي بِهَا مَعَ الْإِمَامِ يَوْمَ الْعِيدِ وَمِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْعَنَزَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخَذَهَا مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَنْصِبُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بِأَنَّ عَنَزَةَ الزُّبَيْرِ كَانَتْ أَوَّلًا قَبْلَ حَرْبَةِ النَّجَاشِيِّ فَائِدَةٌ حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ فِي بَابِ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ وَفِي حَدِيثِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا هُنَا وَبَعْدَ بَابَيْنِ أَيْضًا وَفِي الْأَذَانِ وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَفِي اللِّبَاسِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَمَدَارُهُ عِنْدَهُ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَعَلَى عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَعِنْدَ أَحَدِهِمَا مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ وَقَدْ سَمِعَهُ شُعْبَةُ مِنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا





[ قــ :48 ... غــ :495] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ يَعْنِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ وَهُوَ مَوْضِعٌ خَارِجَ مَكَّةَ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْأَبْطَحُ وَكَذَا ذَكَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَوْنٍ وَزَادَ مِنْ رِوَايَةِ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَوْنٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْهَاجِرَةِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ أَيْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا .

     قَوْلُهُ  وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ تَقَدَّمَ ضَبْطُهَا وَتَفْسِيرُهَا فِي الطَّهَارَةِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْعُمَيْسِ جَاءَ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ خَرَجَ بِالْعَنَزَةِ حَتَّى رَكَزَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَأَوَّلُ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مَنْ أُدْمٍ وَرَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَلِكَ الْوَضُوءَ فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ وَفِيهَا أَيْضًا وَخَرَجَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا وَفِي رِوَايَةِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عَوْنٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ وَبَيَّنَ فِيهَا أَيْضًا أَنَّ الْوَضُوءَ الَّذِي ابْتَدَرَهُ النَّاسُ كَانَ فَضْلَ الْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَوْنٍ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَيْ بَيْنِ الْعَنَزَةِ وَالْقِبْلَةِ لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَنَزَةِ فَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيِ الْعَنَزَةِ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْتِمَاسُ الْبَرَكَةِ مِمَّا لامسه الصالحون وَوَضْعُ السُّتْرَةِ لِلْمُصَلِّي حَيْثُ يُخْشَى الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالِاكْتِفَاءُ فِيهَا بِمِثْلِ غِلَظِ الْعَنَزَةِ وَأَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ مِنَ الْإِتْمَامِ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ الْخَبَرُ مِنْ مُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَنَّ ابْتِدَاءَ الْقَصْرِ مِنْ حِينِ مُفَارَقَةِ الْبَلَدِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ وَفِيهِ تَعْظِيمِ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَشْمِيرِ الثِّيَابِ لَا سِيَّمَا فِي السَّفَرِ وَكَذَا اسْتِصْحَابُ الْعَنَزَةِ وَنَحْوِهَا وَمَشْرُوعِيَّةُ الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَذَانِ وَجَوَازُ النَّظَرِ إِلَى السَّاقِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ فِي الرَّجُلِ حَيْثُ لَا فِتْنَةَ وَجَوَازُ لُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى