فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: لله مائة اسم غير واحد

( .

     قَوْلُهُ  بَاب قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَابِ الدُّعَاءِ إِذَا عَلَا عَقَبَةَ وَوَعَدْتُ بِشَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَولُهُ بَابُ لِلَّهِ مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدَةٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ مِائَةٌ غَيْرَ وَاحِدٍ بِالتَّذْكِيرِ وَكَذَا اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي هَذَا فِي لَفْظِ الْمَتْنِ



[ قــ :6073 ... غــ :6410] .

     قَوْلُهُ  حَفِظْنَاهُ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ  رِوَايَةً فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا السَّنَدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْحِيدِ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِسَنَدِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَوَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بكير عَن أَبِيه عَن بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا.

قُلْتُ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَنِ الْأَعْرَجِ أَيْضًا مُوسَى بن عقبَة عِنْد بن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ وَسَرَدَ الْأَسْمَاءَ وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَيْضًا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ كَمَا مَضَى فِي الشُّرُوطِ وَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ شُعَيْبٍ وَسَرَدَ الْأَسْمَاءَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَمَالك عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَالنَّسَائِيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ قَدْرُ مَا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي طُرُقِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عِنْدَ احْمَد وبن مَاجَهْ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْهُ وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا هَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ والطَّبَرَانِيِّ فِي الدُّعَاءِ وَجَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي الذِّكْرِ وَأَبُو رَافِعٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عِنْد احْمَد وبن مَاجَهْ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَخْرَجَهَا أَبُو نُعَيْمٍ بِأَسَانِيدَ عَنْهُمْ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ لَكِنْ شَكَّ فِيهِ وَرُوِّينَاهَا فِي جُزْءِ الْمَعَالِي وَفِي أَمَالِي الْجُرْفِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ بِغَيْرِ شَكٍّ وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ سلمَان الْفَارِسِي وبن عَبَّاس وبن عُمَرَ وَعَلِيٌّ وَكُلُّهَا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ أَيْضًا بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِي طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ لأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَحَدِيث بن عَبَّاس وبن عُمَرَ مَعًا فِي الْجُزْءِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ أَمَالِي أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ بَشْرَانَ وَفِي فَوَائِدِ أَبِي عُمَرَ بْنِ حَيُّوَيْهِ انْتِقَاءُ الدَّارَقُطْنِيِّ هَذَا جَمِيعُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقِهِ وَقَدْ اطلق بن عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ تَوَاتَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ فِي سَرْدِ الْأَسْمَاءِ نَظَرٌ فَإِنَّ بَعْضَهَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَلَمْ يَتَوَاتَرِ الْحَدِيثُ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ خَرَجَ فِي الصَّحِيحِ وَلَكِنَّهُ تَوَاتَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا قَالَ وَلَمْ يَتَوَاتَرْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا بَلْ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ سَرْدُ الْأَسْمَاءِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّد عَن مُوسَى بن عقبَة عِنْد بن مَاجَهْ وَهَذَانِ الطَّرِيقَانِ يَرْجِعَانِ إِلَى رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَفِيهِمَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ فِي سَرْدِ الْأَسْمَاءِ وَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ عَلَى مَا سَأُشِيرُ إِلَيْهِ وَوَقَعَ سَرْدُ الْأَسْمَاءِ أَيْضًا فِي طَرِيقٍ ثَالِثَةٍ أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَجَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي الذِّكْرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَرْدِ الْأَسْمَاءِ هَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ أَوْ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَمَشَى كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ كَذَلِكَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ التَّعْيِينَ مُدْرَجٌ لِخُلُوِّ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَنَقَلَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ النَّخْشَبِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ تَخْرِيجِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِسِيَاقِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالْعِلَّةُ فِيهِ عِنْدَهُمَا تَفَرُّدُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْوَلِيدَ أَوْثَقُ وَأَحْفَظُ وَأَجَلُّ وَأَعْلَمُ مِنْ بِشْرِ بْنِ شُعَيْبٍ وَعَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ شُعَيْبٍ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ بِشْرًا وَعَلِيًّا وَأَبَا الْيَمَانِ رَوَوْهُ عَنْ شُعَيْبٍ بِدُونِ سِيَاقِ الْأَسْمَاءِ فَرِوَايَةُ أَبِي الْيَمَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَرِوَايَةُ عَلِيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَرِوَايَةُ بِشْرٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَلَيْسَتِ الْعِلَّةُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ تَفَرُّدَ الْوَلِيدِ فَقَطْ بَلْ الِاخْتِلَافُ فِيهِ وَالِاضْطِرَابُ وَتَدْلِيسُهُ وَاحْتِمَالُ الْإِدْرَاجِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّعْيِينُ وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فِي الطَّرِيقَيْنِ مَعًا وَلِهَذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ الشَّدِيدُ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا الِاحْتِمَالُ تَرَكَ الشَّيْخَانِ تَخْرِيجَ التَّعْيِينِ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ أَنَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَدَّثَنَا بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ صَفْوَانَ وَلَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ وَهُوَ ثِقَةٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ولانعلم فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ ذِكْرَ الْأَسْمَاءِ إِلَّا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَسْمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ انْتَهَى وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ صَفْوَانُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ النَّصِيبِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنِ الْوَلِيدِ أَيْضًا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ عَلَى الْوَلِيدِ فَأَخْرَجَهُ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ فِي النَّقْضِ عَلَى الْمَرِيسِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الْوَلِيدِ فَقَالَ عَنْ خُلَيْدِ بْنِ دَعْلَجٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ بِدُونِ التَّعْيِينِ قَالَ الْوَلِيدُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  كُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم وسرد الْأَسْمَاء وَأخرجه أَبُو الشَّيْخ بن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَامِرٍ الْقُرَشِيِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِسَنَدٍ آخَرَ فَقَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن مُوسَى بن عقبَة عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ زُهَيْرٌ فَبَلَغَنَا أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ إِنَّ أَوَّلَهَا أَنَّ تُفْتَتَحَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَسَرَدَ الْأَسْمَاءَ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ أَخْرَجَهَا بن ماجة وبن أَبِي عَاصِمٍ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَكِنْ سَرَدَ الْأَسْمَاءَ أَوَّلًا فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ إِلَخْ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنِ انْتَهَى الْعَدُّ قَالَ زُهَيْرٌ فَبَلَغَنَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَوَّلَهَا يُفْتَتَحُ بِلَا إِلَهَ الا الله لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى.

قُلْتُ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَوْثَقُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيِّ وَرِوَايَةُ الْوَلِيدِ تُشْعِرُ بِأَنَّ التَّعْيِينَ مُدْرَجٌ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ عَنْ زُهَيْرٍ ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ وَهِيَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الْهَادِي وَوَقَعَ بَدَّلَهَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُقْسِطُ الْقَادِرُ الْوَالِي وَعِنْدَ الْوَلِيدِ أَيْضًا الْوَالِي الرَّشِيدُ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَالِي الرَّاشِدُ وَعِنْدَ الْوَلِيدِ الْعَادِلُ الْمُنِيرُ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَاطِرُ الْقَاهِرُ وَاتَّفَقَا فِي الْبَقِيَّةِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْوَلِيدِ عَنْ شُعَيْبٍ وَهِيَ أَقْرَبُ الطُّرُقِ إِلَى الصِّحَّةِ وَعَلَيْهَا عَوَّلَ غَالِبُ مَنْ شَرَحَ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى فَسِيَاقُهَا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق الباريء الْمُصَوِّرُ الْغَفَّارُ الْقَهَّارُ الْوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْحَكَمُ الْعَدْلُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ الْغَفُورُ الشَّكُورُ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ الْحَفِيظُ الْمُقِيتُ الْحَسِيبُ الْجَلِيلُ الْكَرِيمُ الرَّقِيبُ الْمُجِيبُ الْوَاسِعُ الْحَكِيمُ الْوَدُودُ الْمَجِيدُ الْبَاعِثُ الشَّهِيدُ الْحَقُّ الْوَكِيلُ الْقَوِيُّ الْمَتِينُ الْوَلِيّ الحميد المحصي المبديء الْمُعِيدُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْوَاجِدُ الْمَاجِدُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ الْقَادِرُ الْمُقْتَدِرُ الْمُقَدِّمُ الْمُؤَخِّرُ الْأَوَّلُ الْآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْوَالِي الْمُتَعَالِي الْبَرُّ التَّوَّابُ الْمُنْتَقِمُ الْعَفُوُّ الرَّءُوفُ مَالِكُ الْمُلْكِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الْمُقْسِطُ الْجَامِعُ الْغَنِيُّ الْمُغْنِي الْمَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الْهَادِي الْبَدِيعُ الْبَاقِي الْوَارِثُ الرَّشِيدُ الصَّبُورُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ صَالِحٍ فَخَالَفَ فِي عِدَّةِ أَسْمَاءَ فَقَالَ الْقَائِمُ الدَّائِمُ بَدَلَ الْقَابِضُ الباسط والشديد بدل الرشيد والاعلى الْمُحِيطُ مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ بَدَلَ الْوَدُودُ الْمَجِيدُ الْحَكِيم وَوَقع عِنْد بن حِبَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ صَفْوَانَ الرافع بدل الْمَانِع وَوَقع فِي صَحِيح بن خُزَيْمَةَ فِي رِوَايَةِ صَفْوَانَ أَيْضًا مُخَالَفَةٌ فِي بعض الْأَسْمَاء قَالَ الْحَاكِم بدل الْحَكِيم والقريب بدل الرَّقِيب وَالْمولى بدل الْوَالِي والأحد بدل الْمُغنِي وَوَقع فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ وبن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ عَنِ الْوَلِيدِ الْمُغِيثُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ الْمُقِيتُ بِالْقَافِ وَالْمُثَنَّاةِ وَوَقَعَ بَيْنَ رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَصَفْوَانَ الْمُخَالَفَةُ فِي ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ اسْمًا فَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ الْفَتَّاحُ الْقَهَّارُ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الْحَسِيبُ الْجَلِيلُ الْمُحْصِي الْمُقْتَدِرُ الْمُقَدِّمُ الْمُؤَخِّرُ الْبَرُّ الْمُنْتَقِمُ الْمُغْنِي النَّافِعُ الصَّبُورُ الْبَدِيعُ الْغَفَّارُ الْحَفِيظُ الْكَبِيرُ الْوَاسِعُ الْأَحَدُ مَالِكُ الْمُلْكِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَذَكَرَ بَدَلَهَا الرَّبُّ الْفَرْدُ الْكَافِي الْقَاهِرُ الْمُبِينُ بِالْمُوَحَّدَةِ الصَّادِقُ الْجَمِيلُ الْبَادِي بِالدَّالِ الْقَدِيمُ الْبَارُّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْوَفِيُّ الْبُرْهَانُ الشَّدِيدُ الْوَاقِي بِالْقَافِ الْقَدِيرُ الْحَافِظُ الْعَادِلُ الْمُعْطِي الْعَالِمُ الْأَحَدُ الْأَبَدُ الْوِتْرُ ذُو الْقُوَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصِينِ اخْتِلَافٌ آخَرُ فَسَقَطَ فِيهَا مِمَّا فِي رِوَايَةِ صَفْوَانَ مِنَ الْقَهَّارُ إِلَى تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ اسْمًا عَلَى الْوَلَاءِ وَسَقَطَ مِنْهَا أَيْضًا الْقَوِيُّ الْحَلِيمُ الْمَاجِدُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ الْجَامِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْوَالِي الرَّبُّ فَوَقَعَ فِيهَا مِمَّا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ اسْمًا عَلَى الْوَلَاءِ وَفِيهَا أَيْضًا الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ الْجَلِيلُ الْكَفِيلُ الْمُحِيطُ الْقَادِرُ الرَّفِيعُ الشَّاكِرُ الْأَكْرَمُ الْفَاطِرُ الْخَلَّاقُ الْفَاتِحُ الْمُثِيبُ بِالْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ الْعَلَّامُ الْمَوْلَى النَّصِيرُ ذُو الطَّوْلِ ذُو الْمَعَارِجِ ذُو الْفَضْلِ الْإِلَهُ الْمُدَبِّرُ بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ الْحَاكِمُ إِنَّمَا أَخْرَجْتُ رِوَايَةَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ شَاهِدًا لِرِوَايَةِ الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ الَّتِي زَادَهَا عَلَى الْوَلِيدِ كُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ كَذَا قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنَ الْقُرْآنِ بِضَرْبٍ مِنَ التَّكَلُّفِ لَا أَنَّ جَمِيعَهَا وَرَدَ فِيهِ بِصُورَةِ الْأَسْمَاءِ وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ لَهُ لَا أَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ عُنِيَ بِطَلَبِ أَسْمَاءٍ وَجَمْعِهَا سِوَى رَجُلٍ مِنْ حُفَّاظِ الْمَغْرِبِ يُقَالُ لَهُ عَلِيُّ بْنُ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ صَحَّ عِنْدِي قَرِيبٌ مِنْ ثَمَانِينَ اسْمًا يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا كِتَابُ اللَّهِ وَالصِّحَاحُ مِنَ الْأَخْبَارِ فَلْتُطْلَبِ الْبَقِيَّةُ مِنَ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَأَظُنُّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثَ يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَوْ بَلَغَهُ فَاسْتَضْعَفَ إِسْنَادَهُ.

قُلْتُ الثَّانِي هُوَ مُرَادُهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الْمُحَلَّى ثُمَّ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي سَرْدِ الْأَسْمَاءِ ضَعِيفَةٌ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا أَصْلًا وَجَمِيعُ مَا تَتَبَّعْتُهُ مِنَ الْقُرْآنِ ثَمَانِيَةٌ وَسِتُّونَ اسْمًا فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ بِصُورَةِ الِاسْمِ لَا مَا يُؤْخَذُ مِنَ الِاشْتِقَاقِ كَالْبَاقِي مِنْ قَوْله تَعَالَى وَيبقى وَجه رَبك وَلَا مَا وَرَدَ مُضَافًا كَالْبَدِيعِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَسَأُبَيِّنُ الْأَسْمَاءَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا قَرِيبًا وَقَدِ اسْتَضْعَفَ الْحَدِيثَ أَيْضًا جَمَاعَةٌ فَقَالَ الدَاوُدِيُّ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عين الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأَسْمَاءُ تَكْمِلَةَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ جَمْعِ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي.

     وَقَالَ  أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ أَسْمَاءُ اللَّهِ وَصِفَاتُهُ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا الْقِيَاسُ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْكِتَابِ ذِكْرُ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ وَثَبَتَ فِي السُّنَّةِ أَنَّهَا تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَأَخْرَجَ بَعْضُ النَّاسِ مِنَ الْكِتَابِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَيْسَتْ أَسْمَاءً يَعْنِي صَرِيحَةً وَنَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْبَلْخِيِّ أَنَّهُ طَعَنَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَقَالَ أَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي لَمْ يُسْرَدْ فِيهَا الْأَسْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا أَقْوَى مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي سُرِدَتْ فِيهَا الْأَسْمَاءُ فَضَعِيفَةٌ من جِهَة ان الشَّارِع ذكر هذاالعدد الْخَاصَّ وَيَقُولُ إِنَّ مَنْ أَحْصَاهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ لَا يَسْأَلُهُ السَّامِعُونَ عَنْ تَفْصِيلِهَا وَقَدْ عَلِمْتُ شِدَّةَ رَغْبَةِ الْخَلْقِ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْمَقْصُودِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ لَا يُطَالِبُوهُ بِذَلِكَ وَلَوْ طَالَبُوهُ لَبَيَّنَهَا لَهُمْ وَلَوْ بَيَّنَهَا لَمَا أَغْفَلُوهُ وَلَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْهُمْ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي سُرِدَتْ فِيهَا الْأَسْمَاءُ فَيَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهَا عَدَمُ تَنَاسُبِهَا فِي السِّيَاقِ وَلَا فِي التَّوْقِيفِ وَلَا فِي الِاشْتِقَاقِ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَسْمَاءَ فَقَطْ فَغَالِبُهَا صِفَاتٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الصِّفَاتِ فَالصِّفَاتُ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ وَأَجَابَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ عَنِ الْأَوَّلِ بِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ تَفْسِيرِهَا أَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى الْمُوَاظَبَةِ بِالدُّعَاءِ بِجَمِيعِ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَسْمَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَقَعُوا عَلَى تِلْكَ الْأَسْمَاءِ الْمَخْصُوصَةِ كَمَا أُبْهِمَتْ سَاعَةُ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ وَالصَّلَاةُ الْوُسْطَى وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ سَرْدَهَا إِنَّمَا وَقَعَ بِحَسَبِ التَّتَبُّعِ وَالِاسْتِقْرَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ فَلَمْ يَحْصُلْ الِاعْتِنَاءُ بِالتَّنَاسُبِ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ أَحْصَى هَذِهِ الْأَسْمَاءَ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِحَسَبِ مَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي تَفْسِيرِ الْمُرَادِ بِالْإِحْصَاءِ فَلَمْ يَكُنِ الْقَصْدُ حَصْرَ الْأَسْمَاءِ انْتَهَى وَإِذَا تَقَرَّرَ رُجْحَانُ أَنَّ سَرْدَ الْأَسْمَاءِ لَيْسَ مَرْفُوعًا فَقَدِ اعْتَنَى جَمَاعَةٌ بِتَتَبُّعِهَا مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَدَدٍ فَرُوِّينَا فِي كِتَابِ الْمِائَتَيْنِ لِأَبِي عُثْمَانَ الصَّابُونِيِّ بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ الْأَسْمَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ وَكَذَا أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ احْمَد بن عَمْرو الْخلال عَن بن أَبِي عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى فَقَالَ هِيَ فِي الْقُرْآنِ وَرُوِّينَا فِي فَوَائِدِ تَمَّامٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الطَّاهِرِ بْنِ السَّرْحِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ الْحَدِيثَ يَعْنِي حَدِيثَ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا قَالَ فَوَعَدَنَا سُفْيَانُ أَنْ يُخْرِجَهَا لَنَا مِنَ الْقُرْآنِ فَأَبْطَأَ فَأَتَيْنَا أَبَا زَيْدٍ فَأَخْرَجَهَا لَنَا فَعَرَضْنَاهَا عَلَى سُفْيَانَ فَنَظَرَ فِيهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.

     وَقَالَ  نَعَمْ هِيَ هَذِهِ وَهَذَا سِيَاقُ مَا ذَكَرَهُ جَعْفَرٌ وَأَبُو زَيْدٍ قَالَا فَفِي الْفَاتِحَةِ خَمْسَةٌ اللَّهُ رَبٌّ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ مَالِكٌ وَفِي الْبَقَرَةِ مُحِيطٌ قَدِيرٌ عَلِيمٌ حَكِيمٌ عَلِيٌّ عَظِيمٌ تَوَّابٌ بَصِيرٌ وَلِيٌّ وَاسِعٌ كَافٍ رَءُوفٌ بَدِيعٌ شَاكِرٌ وَاحِدٌ سَمِيعٌ قَابِضٌ بَاسِطٌ حَيٌّ قَيُّومٌ غَنِيٌّ حَمِيدٌ غَفُورٌ حَلِيمٌ وَزَادَ جَعْفَرٌ إِلَهٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ عَزِيزٌ نَصِيرٌ قَوِيٌّ شَدِيدٌ سَرِيعٌ خَبِيرٌ قَالَا وَفِي آلِ عِمْرَانَ وَهَّابٌ قَائِمٌ زَادَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ بَاعِثٌ مُنْعِمٌ مُتَفَضِّلٌ وَفِي النِّسَاءِ رَقِيبٌ حَسِيبٌ شَهِيدٌ مُقِيتٌ وَكِيلٌ زَادَ جَعْفَرٌ عَلِيٌّ كَبِيرٌ وَزَادَ سُفْيَانُ عَفُوٌّ وَفِي الْأَنْعَامِ فاطر قاهر زَاد جَعْفَرٌ مُمِيتٌ غَفُورٌ بُرْهَانٌ وَزَادَ سُفْيَانُ لَطِيفٌ خَبِيرٌ قَادِرٌ وَفِي الْأَعْرَافِ مُحْيِي مُمِيتٌ وَفِي الْأَنْفَالِ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وَفِي هُودٍ حَفِيظٌ مَجِيدٌ وَدُودٌ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ زَادَ سُفْيَانُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ وَفِي الرَّعْدِ كَبِيرٌ مُتَعَالٍ وَفِي إِبْرَاهِيمَ مَنَّانٌ زَادَ جَعْفَرٌ صَادِقٌ وَارِثٌ وَفِي الْحِجْرِ خَلَّاقٌ وَفِي مَرْيَمَ صَادِقٌ وَارِثٌ زَادَ جَعْفَرٌ فَرْدٌ وَفِي طه عِنْدَ جَعْفَرٍ وَحْدَهُ غَفَّارٌ وَفِي الْمُؤْمِنِينَ كَرِيمٌ وَفِي النُّورِ حَقٌّ مُبِينٌ زَادَ سُفْيَانُ نُورٌ وَفِي الْفُرْقَانِ هَادٍ وَفِي سَبَأٍ فَتَّاحٌ وَفِي الزُّمَرِ عَالِمٌ عِنْدَ جَعْفَرٍ وَحْدَهُ وَفِي الْمُؤْمِنِ غَافِرٌ قَابِلٌ ذُو الطَّوْلِ زَادَ سُفْيَانُ شَدِيدٌ وَزَادَ جَعْفَرٌ رَفِيعٌ وَفِي الذَّارِيَاتِ رَزَّاقٌ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ بِالتَّاءِ وَفِي الطُّورِ بَرٌّ وَفِي اقْتَرَبَتْ مُقْتَدِرٌ زَادَ جَعْفَرٌ مَلِيكٌ وَفِي الرَّحْمَنِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ زَادَ جَعْفَرٌ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ بَاقِي مُعِينٌ وَفِي الْحَدِيدِ أَوَّلٌ آخِرُ ظَاهِرٌ بَاطِنٌ وَفِي الْحَشْرِ قُدُّوسٌ سَلَامٌ مُؤْمِنٌ مُهَيْمِنٌ عَزِيزٌ جَبَّار متكبر خَالق باريء مُصَور زَاد جَعْفَر ملك وَفِي البروج مبديء مُعِيدٌ وَفِي الْفَجْرِ وَتْرٌ عِنْدَ جَعْفَرٍ وَحْدَهُ وَفِي الْإِخْلَاصِ أَحَدٌ صَمَدٌ هَذَا آخِرُ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ جَعْفَرٍ وَأَبِي زَيْدٍ وَتَقْرِيرُ سُفْيَانَ مِنْ تَتَبُّعِ الْأَسْمَاءِ مِنَ الْقُرْآنِ وَفِيهَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ وَتَكْرَارٌ وَعِدَّةُ أَسْمَاءٍ لَمْ تَرِدْ بِلَفْظِ الِاسْم وَهِي صَادِق منعم متفضل منان مبديء مُعِيدٌ بَاعِثٌ قَابِضٌ بَاسِطٌ بُرْهَانٌ مُعِينٌ مُمِيتٌ بَاقِي وَوَقَفْتُ فِي كِتَابِ الْمَقْصِدِ الْأَسْنَى لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الزَّاهِدِ أَنَّهُ تَتَبَّعَ الْأَسْمَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ فَتَأَمَّلْتُهُ فَوَجَدْتُهُ كَرَّرَ أَسْمَاءً وَذَكَرَ مِمَّا لَمْ أَرَهُ فِيهِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ الصَّادِقَ وَالْكَاشِفَ وَالْعَلَّامَ وَذَكَرَ مِنَ الْمُضَافِ الفالق من قَوْله فالق الْحبّ والنوى وَكَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْكُرَ الْقَابِلَ مِنْ قَوْلِهِ قَابل التوب وَقَدْ تَتَبَّعْتُ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَسْمَاءِ مِمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَهِيَ الرَّبُّ الْإِلَهُ الْمُحِيطُ الْقَدِيرُ الْكَافِي الشَّاكِرُ الشَّدِيدُ الْقَائِمُ الْحَاكِمُ الْفَاطِرُ الْغَافِرُ الْقَاهِرُ الْمَوْلَى النَّصِيرُ الْغَالِبُ الْخَالِقُ الرَّفِيعُ الْمَلِيكُ الْكَفِيلُ الْخَلَّاقُ الْأَكْرَمُ الْأَعْلَى الْمُبِينُ بِالْمُوَحَّدَةِ الْحَفِيُّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ الْقَرِيبُ الْأَحَدُ الْحَافِظُ فَهَذِهِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ اسْمًا إِذَا انْضَمَّتْ إِلَى الْأَسْمَاءِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مِمَّا وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ تَكْمُلُ بِهَا التِّسْعَةُ وَالتِّسْعُونَ وَكُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ لَكِنَّ بَعْضهَا بِإِضَافَة كالشديد من شَدِيد الْعقَاب والرفيع من رفيع الدَّرَجَات وَالْقَائِمِ مِنْ قَوْلِهِ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كسبت والفاطر من فاطر السَّمَاوَات والقاهر من وَهُوَ القاهر فَوق عباده وَالْمَوْلَى وَالنَّصِيرِ مِنْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ والعالم من عَالم الْغَيْب والخالق من قَوْله خَالق كل شَيْء والغافر من غَافِر الذَّنب وَالْغَالِب من وَالله غَالب على امْرَهْ والرفيع من رفيع الدَّرَجَات والحافظ من قَوْله فَالله خير حَافِظًا وَمن قَوْله وانا لَهُ لحافظون وَقَدْ وَقَعَ نَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَهِي المحي من قَوْله لمحيي الْمَوْتَى وَالْمَالِك من قَوْله مَالك الْملك والنور من قَوْله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض والبديع من قَوْله بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجَامِع من قَوْله جَامع النَّاس وَالْحَكَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَالْوَارِث من قَوْله وَنحن الوارثون وَالْأَسْمَاءُ الَّتِي تُقَابِلُ هَذِهِ مِمَّا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مِمَّا لَمْ تَقَعْ فِي الْقُرْآنِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ وَهِيَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ اسْمًا الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْعَدْلُ الْجَلِيلُ الْبَاعِث المحصي المبديء الْمُعِيدُ الْمُمِيتُ الْوَاجِدُ الْمَاجِدُ الْمُقَدِّمُ الْمُؤَخِّرُ الْوَالِي ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الْمُقْسِطُ الْمُغْنِي الْمَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الرَّشِيدُ الصَّبُورُ فَإِذَا اقْتُصِرَ مِنْ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ عَلَى مَا عَدَا هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَأُبْدِلَتْ بِالسَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا خرج من ذَلِك تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما وَكلهَا فِي الْقُرْآنِ وَارِدَةٌ بِصِيغَةِ الِاسْمِ وَمَوَاضِعُهَا كُلُّهَا ظَاهِرَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا .

     قَوْلُهُ  الْحَفِيُّ فَإِنَّهُ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ فِي قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ سَأَسْتَغْفِرُ لَك رَبِّي انه كَانَ بِي حفيا وَقَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا النَّظَرُ فِي الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ صِفَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلِ الْقَدِيرِ وَالْمُقْتَدِرِ وَالْقَادِرِ وَالْغَفُورِ وَالْغَفَّارِ وَالْغَافِرِ وَالْعَلِيِّ وَالْأَعْلَى وَالْمُتَعَالِ وَالْمَلِكِ وَالْمَلِيكِ وَالْمَالِكِ وَالْكَرِيمِ وَالْأَكْرَمِ وَالْقَاهِرِ وَالْقَهَّارِ وَالْخَالِقِ وَالْخَلَّاقِ وَالشَّاكِرِ وَالشَّكُورِ وَالْعَالِمِ وَالْعَلِيمِ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ عَدِّهَا فَإِنَّ فِيهَا التَّغَايُرَ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّ بَعْضَهَا يَزِيدُ بِخُصُوصِيَّةٍ عَلَى الْآخَرِ لَيْسَتْ فِيهِ وَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ اسْمَانِ مَعَ كَوْنهِمَا مُشْتَقَّيْنِ مِنْ صِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ مَنَعَ مِنْ عَدِّ ذَلِكَ لَلَزِمَ أَنْ لَا يُعَدَّ مَا يَشْتَرِكُ الِاسْمَانِ فِيهِ مَثَلًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنى مثل الْخَالِق الباريء الْمُصَوِّرِ لَكِنَّهَا عُدَّتْ لِأَنَّهَا وَلَوِ اشْتَرَكَتْ فِي مَعْنَى الْإِيجَادِ وَالِاخْتِرَاعِ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْخَالِقَ يُفِيدُ الْقُدْرَةَ عَلَى الايجاد والباريء يُفِيدُ الْمُوجِدَ لِجَوْهَرِ الْمَخْلُوقِ وَالْمُصَوِّرَ يُفِيدُ خَالِقَ الصُّورَةِ فِي تِلْكَ الذَّاتِ الْمَخْلُوقَةِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمُغَايِرَةَ لَمْ يَمْتَنِعْ عَدُّهَا أَسْمَاءً مَعَ وُرُودِهَا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا سَرْدُهَا لِتُحْفَظَ وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ إِعَادَةٌ لَكِنَّهُ يُغْتَفَرُ لِهَذَا الْقَصْدِ اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق الباريء الْمُصَوِّرُ الْغَفَّارُ الْقَهَّارُ التَّوَّابُ الْوَهَّابُ الْخَلَّاقُ الرَّزَّاقُ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ الْوَاسِعُ الْحَكِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ الْمُحِيطُ الْقَدِيرُ الْمَوْلَى النَّصِيرُ الْكَرِيمُ الرَّقِيبُ الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ الْوَكِيلُ الْحَسِيبُ الْحَفِيظُ الْمُقِيتُ الْوَدُودُ الْمَجِيدُ الْوَارِثُ الشَّهِيدُ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ الْحَقُّ الْمُبِينُ الْقَوِيُّ الْمَتِينُ الْغَنِيُّ الْمَالِكُ الشَّدِيدُ الْقَادِرُ الْمُقْتَدِرُ الْقَاهِرُ الْكَافِي الشَّاكِرُ الْمُسْتَعَانُ الْفَاطِرُ الْبَدِيعُ الْغَافِرُ الْأَوَّلُ الْآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْكَفِيلُ الْغَالِبُ الْحَكَمُ الْعَالِمُ الرَّفِيعُ الْحَافِظُ الْمُنْتَقِمُ الْقَائِمُ الْمُحْيِي الْجَامِعُ الْمَلِيكُ الْمُتَعَالِي النُّورُ الْهَادِي الْغَفُورُ الشَّكُورُ الْعَفُوُّ الرَّءُوفُ الْأَكْرَمُ الْأَعْلَى الْبَرُّ الْحَفِيُّ الرَّبُّ الْإِلَهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ .

     قَوْلُهُ  لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ .

     قَوْلُهُ  اسْمًا كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ بِالْجَرِّ وَخَرَّجَهُ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَجْعَلُ الْإِعْرَابَ فِي النُّونِ وَيُلْزِمُ الْجَمْعَ الْيَاءَ فَيَقُولُ كَمْ سِنِينُكَ بِرَفْعِ النُّونِ وَعَدَدْتُ سِنِينَكَ بِالنَّصْبِ وَكَمْ مَرَّ مِنْ سِنِينِكَ بِكَسْرِ النُّونِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ وَقَدْ جَاوَزْتُ حَدَّ الْأَرْبَعِينِ بِكَسْرِ النُّونِ فَعَلَامَةُ النَّصْبِ فِي الرِّوَايَةِ فَتْحُ النُّونِ وَحَذْفُ التَّنْوِينِ لِأَجْلِ الْإِضَافَةِ وَقَولُهُ مِائَةٌ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ قَوْله الا وَاحِدَة قَالَ بن بَطَّالٍ كَذَا وَقَعَ هُنَا وَلَا يَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ قَالَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فِي الِاعْتِصَامِ إِلَّا وَاحِدًا بِالتَّذْكِيرِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَذَا قَالَ وَلَيْسَتِ الرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الِاعْتِصَامِ بَلْ فِي التَّوْحِيدِ وَلَيْسَتِ الرِّوَايَةُ الَّتِي هُنَا خَطَأٌ بَلْ وَجَّهُوهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ هُنَا مِائَةٌ غَيْرَ وَاحِدٍ بِالتَّذْكِيرِ أَيْضًا وَخَرَّجَ التَّأْنِيثَ عَلَى إِرَادَةِ التَّسْمِيَةِ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ بَلْ أَنَّثَ الِاسْمَ لِأَنَّهُ كَلِمَةٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ سِيبَوَيْهِ الْكَلِمَةُ اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ أَوْ حَرْفٌ فَسَمَّى الِاسْم كلمة.

     وَقَالَ  بن مَالِكٍ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى التَّسْمِيَةِ أَوِ الصِّفَةِ أَوِ الْكَلِمَةِ.

     وَقَالَ  جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحِكْمَةُ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ غَيْرَ وَاحِدٍ بَعْدَ قَوْلِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ أَنْ يَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ جَمْعًا بَيْنَ جِهَتَيِ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ أَوْ دَفْعًا لِلتَّصْحِيفِ الْخَطِّيِّ وَالسَّمْعِيِّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْقَلِيلِ مِنَ الْكَثِيرِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَبْعَدَ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا حَتَّى يَدْخُلَ اسْتِثْنَاءُ الْكَثِيرِ حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا الْقَلِيلُ وَأغْرب الدَّاودِيّ فِيمَا حَكَاهُ عَنهُ بن التِّينِ فَنَقَلَ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْجَوَازِ وَأَنَّ مَنْ أَقَرَّ ثُمَّ اسْتَثْنَى عَمِلَ بِاسْتِثْنَائِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِلَّا تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا وَاحِدٌ.
وَتَعَقَّبَهُ بن التِّينِ فَقَالَ ذَهَبَ إِلَى هَذَا فِي الْإِقْرَارِ جَمَاعَةٌ.
وَأَمَّا نَقْلُ الِاتِّفَاقِ فَمَرْدُودٌ فَالْخِلَافُ ثَابِتٌ حَتَّى فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ مِنْهُمْ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا الاثنتين وَقَعَ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ وَنَقَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكَثِيرِ مِنَ الْقَلِيلِ وَمِنْ لَطِيفِ أَدِلَّتِهِمْ أَنَّ مَنْ قَالَ صُمْتُ الشَّهْرَ إِلَّا تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا يُسْتَهْجَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ إِلَّا يَوْمًا وَالْيَوْمُ لَا يُسَمَّى شَهْرًا وَكَذَا مَنْ قَالَ لَقِيتُ الْقَوْمَ جَمِيعًا إِلَّا بَعْضَهَمْ وَيَكُونُ مَا لَقِيَ إِلَّا وَاحِدًا.

قُلْتُ وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْإِطَالَةِ فِيهَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْعَدَدِ هَلِ الْمُرَادُ بِهِ حَصْرُ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ أَوْ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنِ اخْتَصَّتْ هَذِهِ بِأَنَّ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الثَّانِي وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ حَصْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ غَيْرُ هَذِهِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ وَإِنَّمَا مَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ فَالْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِإِحْصَائِهَا لَا الْإِخْبَارُ بِحَصْرِ الْأَسْمَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ بن مَسْعُود الَّذِي أخرجه احْمَد وَصَححهُ بن حِبَّانَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ وَعِنْدَ مَالِكٍ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي دُعَاءِ وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَوْرَدَ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا دَعَتْ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْمِ الْأَعْظَمِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْمَخْصُوصَةِ بِهَذَا الْعَدَدِ وَلَيْسَ فِيهِ مَنْعُ مَا عَدَاهَا مِنَ الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا التَّخْصِيص لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ الْأَسْمَاءِ وَأَبْيَنَهَا مَعَانِيَ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ فِي الْحَدِيثِ هُوَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَحْصَاهَا لَا .

     قَوْلُهُ  لِلَّهِ وَهُوَ كَقَوْلِكَ لِزَيْدٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَعَدَّهَا لِلصَّدَقَةِ أَوْ لِعَمْرٍو مِائَةُ ثَوْبٍ مَنْ زَارَهُ أَلْبَسَهُ إِيَّاهَا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ نَحْو ذَلِك وَنقل بن بَطَّالٍ عَنِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ قَالَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ إِلَّا هَذِهِ الْعِدَّةُ وَإِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ أَنَّ أَكْثَرَهَا صِفَاتٌ وَصِفَاتُ اللَّهِ لَا تَتَنَاهَى وَقِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ الدُّعَاءُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا فَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَيُدْعَى بِهَا وَلَا يُدْعَى بِغَيْرِهَا حَكَاهُ بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي أَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ الدُّعَاءُ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَمْ تَرِدْ فِي الْقُرْآنِ كَمَا فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْفَخْرُ الرَّازِيُّ لَمَّا كَانَتِ الْأَسْمَاءُ مِنَ الصِّفَاتِ وَهِيَ إِمَّا ثُبُوتِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ كَالْحَيِّ أَوْ إِضَافِيَّةٌ كَالْعَظِيمِ وَإِمَّا سَلْبِيَّةٌ كَالْقُدُّوسِ وَإِمَّا مِنْ حَقِيقِيَّةٍ وَإِضَافِيَّةٍ كَالْقَدِيرِ أَوْ مِنْ سَلْبِيَّةٍ إِضَافِيَّةٍ كَالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ وَإِمَّا مِنْ حَقِيقِيَّةٍ وَإِضَافِيَّةٍ سَلْبِيَّةٍ كَالْمَلِكِ وَالسُّلُوبُ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ لِأَنَّهُ عَالم بِلَا نِهَايَة قَادر على مَالا نِهَايَةَ لَهُ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ اسْمٌ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا نِهَايَةَ لِأَسْمَائِهِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ لِلَّهِ أَلْفَ اسْمٍ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَهَذَا قَلِيلٌ فِيهَا وَنَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ لِلَّهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ اسْمٍ اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِ أَلْفٍ مِنْهَا وَأَعْلَمَ الْمَلَائِكَةَ بِالْبَقِيَّةِ وَالْأَنْبِيَاءَ بِأَلْفَيْنِ مِنْهَا وَسَائِرَ النَّاسِ بِأَلْفٍ وَهَذِهِ دَعْوى تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي نَفْسِ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ وَالرِّوَايَةُ الَّتِي سُرِدَتْ فِيهَا الْأَسْمَاءُ لَمْ يُعَدَّ فِيهَا الْوَتْرُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ اسْمًا آخَرَ غَيْرَ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ.
وَتَعَقَّبَهُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْحَصْرِ فِي التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ كَابْنِ حَزْمٍ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْوَارِدَ لَمْ يَثْبُتْ رَفْعُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُدْرَجٌ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ بِأَنَّهُ مَفْهُوم عدد وَهُوَ ضَعِيف وبن حَزْمٍ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْحَصْرِ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ لَا يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ أَصْلًا وَلَكِنَّهُ احْتَجَّ بِالتَّأْكِيدِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُ اسْمٌ زَائِدٌ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِائَةُ اسْمٍ فَيَبْطُلُ .

     قَوْلُهُ  مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْحَصْرَ الْمَذْكُورَ عِنْدَهُمْ بِاعْتِبَارِ الْوَعْدِ الْحَاصِلِ لِمَنْ أَحْصَاهَا فَمَنِ ادَّعَى عَلَى أَنَّ الْوَعْدَ وَقَعَ لِمَنْ أَحْصَى زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ أَخْطَأَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ اسْمٌ زَائِدٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ وَقَدْ قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ مِنَ الْإِلْحَادِ فِي أَسْمَائِهِ تَسْمِيَتُهُ بِمَا لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَقَدْ ذَكَرَ مِنْهَا فِي آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ عِدَّةً وَخَتَمَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى قَالَ وَمَا يُتَخَيَّلُ من الزِّيَادَة فِي الْعدة الْمَذْكُور لَعَلَّهُ مُكَرَّرٌ مَعْنًى وَإِنْ تَغَايَرَ لَفْظًا كَالْغَافِرِ وَالْغَفَّارِ وَالْغَفُورِ مَثَلًا فَيَكُونُ الْمَعْدُودُ مِنْ ذَلِكَ وَاحِدًا فَقَطْ فَإِذَا اعْتُبِرَ ذَلِكَ وَجُمِعَتِ الْأَسْمَاءُ الْوَارِدَةُ نَصًّا فِي الْقُرْآنِ وَفِي الصَّحِيحِ مِنَ الْحَدِيثِ لَمْ تَزِدْ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعين اسْما فان ثَبت الخبرالوارد فِي تَعْيِينِهَا وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلْيُتَتَبَّعْ مِنَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فَإِنَّ التَّعْرِيفَ فِي الْأَسْمَاءِ لِلْعَهْدِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْمَعْهُودِ فَإِنَّهُ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ بِهَا وَنَهَى عَنِ الدُّعَاءِ بِغَيْرِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمَأْمُورِ بِهِ.

قُلْتُ وَالْحَوَالَةُ عَلَى الْكِتَابِ الْعَزِيزِ أَقْرَبُ وَقَدْ حَصَلَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَتَبُّعُهَا كَمَا قَدَّمْتُهُ وَبَقِيَ أَنْ يُعْمَدَ إِلَى مَا تَكَرَّرَ لَفْظًا وَمَعْنًى مِنَ الْقُرْآنِ فَيُقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَيُتَتَبَّعَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَكْمِلَةُ الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ نَمَطٌ آخَرُ مِنَ التَّتَبُّعِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يُعِينَ عَلَيْهِ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ آمِينَ فَصْل.
وَأَمَّا الْحِكْمَةُ فِي الْقَصْرِ عَلَى الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ فَذَكَرَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ عَنِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ كَمَا قِيلَ فِي عَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا وَنُقِلَ عَنْ أَبِي خَلَفٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّبَرِيِّ السُّلَمِيِّ قَالَ إِنَّمَا خَصَّ هَذَا الْعَدَدَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْأَسْمَاءَ لَا تُؤْخَذُ قِيَاسًا وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ مَعَانِيَ الْأَسْمَاءِ وَلَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا مَوْجُودَةٌ فِي التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الْمَذْكُورَةِ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْعَدَدَ زَوْجٌ وَفَرْدٌ وَالْفَرْدُ أَفْضَلُ مِنَ الزَّوْجِ وَمُنْتَهَى الْأَفْرَادِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ لِأَنَّ مِائَةً وَوَاحِدًا يَتَكَرَّرُ فِيهِ الْوَاحِدُ وَإِنَّمَا كَانَ الْفَرْدُ أَفْضَلَ مِنَ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْوَتْرَ أَفْضَلُ مِنَ الشَّفْعِ لِأَنَّ الْوَتْرَ مِنْ صِفَةِ الْخَالِقِ وَالشَّفْعَ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِ وَالشَّفْعُ يَحْتَاجُ لِلْوَتْرِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَقِيلَ الْكَمَالُ فِي الْعَدَدِ حَاصِلٌ فِي الْمِائَةِ لِأَنَّ الْأَعْدَادَ ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ آحَادٌ وَعَشْرَاتٌ وَمِئَاتٌ وَالْأَلْفُ مُبْتَدَأٌ لِآحَادٍ أُخَرَ فَأَسْمَاءُ اللَّهِ مِائَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ مِنْهَا بِوَاحِدٍ وَهُوَ الِاسْم الْأَعْظَم فَلم يطلع عَلَيْهِ أحدا فَكَأَنَّهُ قِيلَ مِائَةٌ لَكِنْ وَاحِدٌ مِنْهَا عِنْدَ اللَّهِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لَيْسَ الِاسْمُ الَّذِي يُكْمِلُ الْمِائَةَ مَخْفِيًّا بَلْ هُوَ الْجَلَالَةُ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ السُّهَيْليُّ فَقَالَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى مِائَةٌ عَلَى عَدَدِ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ وَالَّذِي يُكْمِلُ الْمِائَةَ اللَّهُ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بهَا فَالتِّسْعَةُ وَالتِّسْعُونَ لِلَّهِ فَهِيَ زَائِدَةٌ عَلَيْهِ وَبِهِ تَكْمُلُ الْمِائَةُ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى حَكَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى فَقَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى إِذْ لَوْ كَانَ غَيْرُهُ كَانَتِ الْأَسْمَاءُ غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بهَا ثُمَّ قَالَ وَالْمَخْلَصُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْمِ هُنَا التَّسْمِيَةُ.

     وَقَالَ  الْفَخْرُ الرَّازِيُّ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الِاسْمَ نَفْسُ الْمُسَمَّى وَغَيْرُ التَّسْمِيَةِ وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ الِاسْمُ نَفْسُ التَّسْمِيَةِ وَغَيْرُ الْمُسَمَّى وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ أُمُورٌ مُتَبَايِنَةٌ وَهُوَ الْحق عِنْدِي لَان الْأَصَم إِنْ كَانَ عِبَارَةً عَنِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الشَّيْءِ بِالْوَضْعِ وَكَانَ الْمُسَمَّى عِبَارَةً عَنْ نَفْسِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسَمَّى فَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ حَاصِلٌ بِأَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى وَهَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ النِّزَاعِ فِيهِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ الِاسْمُ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ هُوَ الْكَلِمَةُ الدَّالَّةُ عَلَى شَيْءٍ مُفْرَدٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَهَا بِاصْطِلَاحِ النُّحَاةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ غَرَضِ الْمَبْحَثِ هُنَا وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُرِفَ غَلَطُ مَنْ قَالَ إِنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى حَقِيقَةً كَمَا زَعَمَ بَعْضُ الْجَهَلَةِ فَأَلْزَمَ أَنَّ مَنْ قَالَ نَارٌ احْتَرَقَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا النُّحَاةُ فَمُرَادُهُمْ بِأَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَدُلُّ إِلَّا عَلَيْهِ وَلَا يَقْصِدُ إِلَّا هُوَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الِاسْمُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَاتِ الْمُسَمَّى دَلَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ مَزِيدِ أَمْرٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الذَّاتِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى ذَلِكَ الزَّائِدِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ زَيْدٌ مَثَلًا فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ذَاتٍ مُتَشَخِّصَةٍ فِي الْوُجُودِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فَإِنْ قُلْتَ الْعَالِمُ دَلَّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الذَّاتِ مَنْسُوبَةٌ لِلْعِلْمِ وَمِنْ هَذَا صَحَّ عَقْلًا أَنْ تَتَكَثَّرَ الْأَسْمَاءُ الْمُخْتَلِفَةُ عَلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ وَلَا تُوجِبُ تَعَدُّدًا فِيهَا وَلَا تَكْثِيرًا قَالَ وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى بَعْضِهِمْ فَفَرَّ مِنْهُ هَرَبًا مِنْ لُزُومِ تَعَدُّدٍ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْمِ التَّسْمِيَةُ وَرَأَى أَنَّ هَذَا يُخَلِّصُهُ مِنَ التَّكَثُّرِ وَهَذَا فِرَارٌ مِنْ غَيْرِ مَفَرٍّ إِلَى مَفَرٍّ وَذَلِكَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ إِنَّمَا هِيَ وَضْعُ الِاسْمِ وَذِكْرُ الِاسْمِ فَهِيَ نِسْبَةُ الِاسْمِ إِلَى مُسَمَّاهُ فَإِذَا قُلْنَا لِفُلَانٍ تَسْمِيَتَانِ اقْتَضَى أَنَّ لَهُ اسْمَيْنِ نَنْسُبُهُمَا إِلَيْهِ فَبَقِيَ الْإِلْزَامُ عَلَى حَالِهِ مِنِ ارْتِكَابِ التَّعَسُّفِ ثُمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَقَدْ يُقَالُ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى عَلَى إِرَادَةِ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي هِيَ الِاسْمُ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْمُسَمَّى كَمَا قِيلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى أَيْ سَبِّحْ رَبَّكَ فَأُرِيدَ بِالِاسْمِ الْمُسَمَّى.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ التَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا سَمَّيْتَ شَيْئًا بِاسْمٍ فَالنَّظَرُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ ذَلِكَ الِاسْمُ وَهُوَ اللَّفْظُ وَمَعْنَاهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَمَعْنَاهُ بَعْدَهَا وَهُوَ الذَّاتُ الَّتِي أُطْلِقَ عَلَيْهَا اللَّفْظُ وَالذَّاتُ وَاللَّفْظُ مُتَغَايِرَانِ قَطْعًا وَالنُّحَاةُ إِنَّمَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى اللَّفْظِ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الْأَلْفَاظِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَمًّى قَطْعًا وَالذَّاتُ هِيَ الْمُسَمَّى قَطْعًا وَلَيْسَتْ هِيَ الِاسْمَ قَطْعًا وَالْخِلَافُ فِي الْأَمْرِ الثَّالِثِ وَهُوَ مَعْنَى اللَّفْظِ قَبْلَ التَّلْقِيبِ فَالْمُتَكَلِّمُونَ يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ الثَّالِثُ أَوْ لَا فَالْخِلَافُ حِينَئِذٍ إِنَّمَا هُوَ فِي الِاسْمِ الْمَعْنَوِيِّ هَلْ هُوَ الْمُسَمّى اولا لَا فِي الِاسْمِ اللَّفْظِيِّ وَالنَّحْوِيُّ لَا يُطْلِقُ الِاسْمَ عَلَى غَيْرِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ مَحَطُّ صِنَاعَتِهِ وَالْمُتَكَلِّمُ لَا يُنَازِعُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَمْنَعُ إِطْلَاقَ اسْمِ الْمَدْلُولِ عَلَى الدَّالِّ وَإِنَّمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ دَعَاهُ إِلَى تَحْقِيقِهِ ذِكْرُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَإِطْلَاقُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ جَعْفَرٌ لَقَبُهُ أَنْفُ النَّاقَةِ فَالنَّحْوِيُّ يُرِيدُ بِاللَّقَبِ لَفْظَ أَنْفِ النَّاقَةِ وَالْمُتَكَلِّمُ يُرِيدُ مَعْنَاهُ وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ مِنْ مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلَ النَّحْوِيِّ اللَّقَبُ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِضِعَةٍ أَوْ رِفْعَةٍ لِأَنَّ اللَّفْظَ يُشْعِرُ بِذَلِكَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْنَى وَالْمَعْنَى فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْمُقْتَضِي لِلضَّعَةِ وَالرِّفْعَةِ وَذَاتُ جَعْفَرٍ هِيَ الْمُلَقَّبَةُ عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرُ الْمُسَمَّى خَاصٌّ بِأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ الْمُشْتَقَّةِ ثُمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فَأَسْمَاءُ اللَّهِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فَلَا تَعَدُّدَ فِي ذَاتِهِ وَلَا تَرْكِيبَ لَا مَحْسُوسًا كَالْجِسْمِيَّاتِ وَلَا عَقْلِيًّا كَالْمَحْدُودَاتِ وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتِ الْأَسْمَاءُ بِحَسَبِ الِاعْتِبَارَاتِ الزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ ثُمَّ هِيَ مِنْ جِهَةِ دَلَالَتِهَا على أَرْبَعَة أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ مَا يَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ مُجَرَّدَةً كَالْجَلَالَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً مُطْلَقَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ وَبِهِ يُعْرَفُ جَمِيعُ أَسْمَائِهِ فَيُقَالُ الرَّحْمَنُ مَثَلًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَلَا يُقَالُ اللَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الرَّحْمَنِ وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ غَيْرُ مُشْتَقٍّ وَلَيْسَ بِصِفَةٍ الثَّانِي مَا يَدُلُّ عَلَى الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ لِلذَّاتِ كَالْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ الثَّالِثُ مَا يَدُلُّ عَلَى إِضَافَةِ أَمْرٍ مَا إِلَيْهِ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ الرَّابِعُ مَا يَدُلُّ عَلَى سَلْبِ شَيْءٍ عَنْهُ كَالْعَلِيِّ وَالْقُدُّوسِ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ مُنْحَصِرَةٌ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى هَلْ هِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَقَّ مِنَ الْأَفْعَالِ الثَّابِتَةِ لِلَّهِ أَسْمَاءً إِلَّا إِذَا وَرَدَ نَصٌّ إِمَّا فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ فَقَالَ الْفَخْرُ الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ.

     وَقَالَ تِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْكَرَّامِيَّةُ إِذَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى اللَّفْظِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ اللَّهِ جَازَ إِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْغَزَالِيُّ الْأَسْمَاءُ تَوْقِيفِيَّةٌ دُونَ الصِّفَاتِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَاحْتَجَّ الْغَزَالِيُّ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُسَمِّيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمٍ لَمْ يُسَمِّهِ بِهِ أَبُوهُ وَلَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ وَكَذَا كُلُّ كَبِيرٍ مِنَ الْخَلْقِ قَالَ فَإِذَا امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ فَامْتِنَاعُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ أَوْلَى وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمٌ وَلَا صِفَةٌ تُوهِمُ نَقْصًا وَلَوْ وَرَدَ ذَلِكَ نَصًّا فَلَا يُقَالُ مَاهِدٌ وَلَا زَارِعٌ وَلَا فَالِقٌ وَلَا نَحْوُ ذَلِكَ وَإِنْ ثَبَتَ فِي قَوْلِهِ فَنعم الماهدون أم نَحن الزارعون فالق الْحبّ والنوى وَنَحْوُهَا وَلَا يُقَالُ لَهُ مَاكِرٌ وَلَا بَنَّاءٌ وان ورد ومكر الله وَالسَّمَاء بنيناها.

     وَقَالَ  أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ الْأَسْمَاءُ تُؤْخَذُ تَوْقِيفًا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَكُلُّ اسْمٍ وَرَدَ فِيهَا وَجَبَ إِطْلَاقُهُ فِي وَصْفِهِ وَمَا لَمْ يَرِدْ لَا يَجُوزُ وَلَوْ صَحَّ مَعْنَاهُ.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِمَا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا أَذِنَ الشَّرْعُ أَنْ يُدْعَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُشْتَقًّا أَوْ غَيْرَ مُشْتَقٍّ فَهُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَدْخُلُهُ التَّأْوِيل اولا فَهُوَ مِنْ صِفَاتِهِ وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمًا أَيْضًا قَالَ الْحَلِيمِيُّ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى تَنْقَسِمُ إِلَى الْعَقَائِدِ الْخَمْسِ الْأُولَى إِثْبَاتُ الْبَارِي رَدًّا عَلَى الْمُعَطِّلِينَ وَهِيَ الْحَيُّ وَالْبَاقِي وَالْوَارِثُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَالثَّانِيَةُ تَوْحِيدُهُ رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَهِيَ الْكَافِي وَالْعَلِيُّ وَالْقَادِرُ وَنَحْوُهَا وَالثَّالِثَةُ تَنْزِيهُهُ رَدًّا عَلَى الْمُشَبِّهَةِ وَهِيَ الْقُدُّوسُ وَالْمَجِيدُ وَالْمُحِيطُ وَغَيْرُهَا وَالرَّابِعَةُ اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مِنِ اخْتِرَاعِهِ رَدًّا على القَوْل بِالْعِلَّةِ والمعلول وَهِي الْخَالِق والباريء وَالْمُصَوِّرُ وَالْقَوِيُّ وَمَا يَلْحَقُ بِهَا وَالْخَامِسَةُ أَنَّهُ مُدَبِّرٌ لِمَا اخْتَرَعَ وَمُصَرِّفُهُ عَلَى مَا شَاءَ وَهُوَ الْقَيُّومُ وَالْعَلِيمُ وَالْحَكِيمُ وَشِبْهُهَا.

     وَقَالَ  أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَعْدٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ عَيْنًا وَهُوَ اللَّهُ وَعَلَى الذَّاتِ مَعَ سَلْبٍ كَالْقُدُّوسِ وَالسَّلَامِ وَمَعَ إِضَافَةٍ كَالْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَمَعَ سَلْبٍ وَإِضَافَةٍ كَالْمَلِكِ وَالْعَزِيزِ وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى صِفَةٍ كَالْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَمَعَ إِضَافَةٍ كَالْحَلِيمِ وَالْخَبِيرِ أَوْ إِلَى الْقُدْرَةِ مَعَ إِضَافَةٍ كَالْقَهَّارِ وَإِلَى الْإِرَادَةِ مَعَ فِعْلٍ وَإِضَافَةٍ كَالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمَا يَرْجِعُ إِلَى صِفَةِ فِعْلٍ كالخالق والباريء وَمَعَ دَلَالَةٍ عَلَى الْفِعْلِ كَالْكَرِيمِ وَاللَّطِيفِ قَالَ فَالْأَسْمَاءُ كُلُّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُتَرَادِفٌ إِذْ لِكُلِّ اسْمٍ خُصُوصِيَّةٌ مَا وَإِنِ اتَّفَقَ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى انْتَهَى كَلَامُهُ ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَيْهِ مُنْتَزَعًا مِنْ كَلَامِ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى.

     وَقَالَ  الْفَخْرُ أَيْضًا الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الصِّفَاتِ ثَلَاثَةٌ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ اللَّهِ قَطْعًا وَمُمْتَنِعَةٌ قَطْعًا وَثَابِتَةٌ لَكِنْ مَقْرُونَةٌ بِكَيْفِيَّةٍ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْهُ مَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ مُفْرَدًا وَمُضَافًا وَهُوَ كَثِيرٌ جِدًّا كَالْقَادِرِ وَالْقَاهِرِ وَمِنْهُ مَا يَجُوزُ مُفْرَدًا وَلَا يَجُوزُ مُضَافًا إِلَّا بِشَرْطٍ كَالْخَالِقِ فَيَجُوزُ خَالِقٌ وَيَجُوزُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مَثَلًا وَلَا يَجُوزُ خَالِقُ الْقِرَدَةِ وَمِنْهُ عَكْسُهُ يَجُوزُ مُضَافًا وَلَا يَجُوزُ مُفْرَدًا كالمنشيء يجوز منشىء الْخلق وَلَا يجوز منشيء فَقَطْ وَالْقِسْمُ الثَّانِي إِنْ وَرَدَ السَّمْعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ أُطْلِقَ وَحُمِلَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ إِنْ وَرَدَ السَّمْعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ أُطْلِقَ مَا وَرَدَ مِنْهُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِالِاشْتِقَاقِ كَقَوْلِه تَعَالَى ومكر الله ويستهزيء بهم فَلَا يجوز ماكر ومستهزيء تَكْمِيل وَإِذْ قَدْ جَرَى ذِكْرُ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ فِي هَذِهِ الْمَبَاحِثِ فَلْيَقَعِ الْإِلْمَامُ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ قَوْمٌ كَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَجَمَاعَةٌ بَعْدَهُمَا كَأَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فَقَالُوا لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضُ الْأَسْمَاءِ عَلَى بَعْضٍ وَنَسَبَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِمَالِكٍ لِكَرَاهِيَتِهِ أَنْ تُعَادَ سُورَةٌ أَوْ تُرَدَّدُ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَيُؤْذِنُ ذَلِكَ بِاعْتِقَادِ نُقْصَانِ الْمَفْضُولِ عَنِ الْأَفْضَلِ وَحَمَلُوا مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْظَمِ الْعَظِيمُ وَأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ كُلَّهَا عَظِيمَةٌ وَعِبَارَةُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي تَعْيِينِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا صَحِيحَةٌ إِذْ لَمْ يَرِدْ فِي خَبَرٍ مِنْهَا أَنَّهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَلَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ كُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى يَجُوزُ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ أَعْظَمَ فَيَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى عَظِيمٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

     وَقَالَ  بن حِبَّانَ الْأَعْظَمِيَّةُ الْوَارِدَةُ فِي الْأَخْبَارِ إِنَّمَا يُرَادُ بِهَا مَزِيدُ ثَوَابٍ الدَّاعِي بِذَلِكَ كَمَا أُطْلِقَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَزِيدُ ثَوَابِ القاريء وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ كُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى دَعَا الْعَبْدُ بِهِ مُسْتَغْرِقًا بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِي فِكْرِهِ حَالَتَئِذٍ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ مَنْ تَأَتَّى لَهُ ذَلِكَ اسْتُجِيبَ لَهُ وَنُقِلَ مَعْنَى هَذَا عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَعَنِ الْجُنَيْدِ وَعَنْ غَيْرِهِمَا.

     وَقَالَ  آخَرُونَ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ وَأَثْبَتَهُ آخَرُونَ مُعَيَّنًا وَاضْطَرَبُوا فِي ذَلِكَ وَجُمْلَةُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَوْلًا الْأَوَّلُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ هُوَ نَقَلَهُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكَشْفِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ مَنْ أَرَادَ ان يعبر عَن كَلَام مُعظم بِحَضْرَتِهِ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَنْتَ قُلْتَ كَذَا وَإِنَّمَا يَقُولُ هُوَ يَقُولُ تَأَدُّبًا مَعَهُ الثَّانِي اللَّهُ لِأَنَّهُ اسْمٌ لَمْ يُطْلَقْ عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَمِنْ ثَمَّ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ الثَّالِثُ اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ مَا أخرجه بن مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهَا الِاسْمَ الْأَعْظَمَ فَلَمْ يَفْعَلْ فَصَلَّتْ وَدَعَتْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ اللَّهَ وَأَدْعُوكَ الرَّحْمَنَ وَأَدْعُوكَ الرَّحِيمَ وَأَدْعُوكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى كُلِّهَا مَا عَلِمْتَ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِنَّهُ لَفِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَوْتَ بِهَا.

قُلْتُ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى الرَّابِعُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لِمَا أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم وَفَاتِحَةُ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيَّ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ الْخَامِسُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ اخْرُج بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ فِي ثَلَاثِ سُوَرٍ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطَه قَالَ الْقَاسِمُ الرَّاوِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْتَمَسْتُهُ مِنْهَا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَوَّاهُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ مِنْ صِفَاتِ الْعَظَمَةِ بالربوبية مَالا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرِهِمَا كَدَلَالَتِهِمَا السَّادِسُ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَرَدَ ذَلِكَ مَجْمُوعًا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ السَّابِعُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ والاكرام أخرجه أَبُو يعلى من طَرِيق السّري بن يحيى عَن رجل من طي وَأَثْنَى عَلَيْهِ قَالَ كُنْتُ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُرِيَنِي الِاسْمَ الْأَعْظَمَ فَأُرِيتُهُ مَكْتُوبًا فِي الْكَوَاكِبِ فِي السَّمَاءِ الثَّامِنُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَخْرَجَ لِلتِّرْمِذِي مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقُولُ يَاذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فَقَالَ قَدِ اسْتُجِيبَ لَكَ فَسَلْ وَاحْتَجَّ لَهُ الْفَخْرُ بِأَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْإِلَهِيَّةِ لِأَنَّ فِي الْجَلَالَ إِشَارَةً إِلَى جَمِيعِ السُّلُوبِ وَفِي الْإِكْرَامِ إِشَارَةً إِلَى جَمِيعِ الْإِضَافَاتِ التَّاسِعُ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وبن ماجة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ السَّنَدُ مِنْ جَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ الْعَاشِرُ رَبِّ رَبِّ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء وبن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ اسْمُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ رَبِّ رَبِّ واخرج بن أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عَائِشَةَ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ يَا رَبِّ يَا رَبِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَبَّيْكَ عَبْدِي سَلْ تُعْطَ رَوَاهُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا الْحَادِيَ عَشَرَ دَعْوَةُ ذِي النُّونِ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَفَعَهُ دَعْوَةُ ذِي النُّونِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ الثَّانِيَ عَشَرَ نَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ أَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُعَلِّمَهُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ فَرَأَى فِي النَّوْمِ هُوَ اللَّهُ اللَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الثَّالِثَ عَشَرَ هُوَ مَخْفِيٌّ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمُ لَمَّا دَعَتْ بِبَعْضِ الْأَسْمَاءِ وَبِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى فَقَالَ لَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَفِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَوْتِ بِهَا الرَّابِعَ عشر كلمة التَّوْحِيد نَقله عِيَاض كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِكُلِّ اسْمٍ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ أَوِ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ وَهُوَ وَجْهٌ غَرِيبٌ حَكَاهُ بن كَجٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَنَعَ الْأَكْثَرُ لِقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الذَّاتُ لَا خُصُوصُ هَذَا اللَّفْظِ وَإِلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ والمالكية وبن حزم وَحَكَاهُ بن كَجٍّ أَيْضًا وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْأَسْمَاءَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا يَخْتَصُّ بِاللَّهِ كَالْجَلَالَةِ وَالرَّحْمَنِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ فَهَذَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ إِذَا أُطْلِقَ وَلَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَ اللَّهِ ثَانِيهَا مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ لَكِنَّ الْغَالِبَ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُقَيَّدُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِضَرْبٍ مِنَ التَّقْيِيدِ كَالْجَبَّارِ وَالْحَقِّ وَالرَّبِّ وَنَحْوِهَا فَالْحَلِفُ بِهِ يَمِينٌ فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ ثَالِثُهَا مَا يُطْلَقُ فِي حَقِّ اللَّهِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَالْحَيِّ وَالْمُؤْمِنِ فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ اللَّهِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ وَإِنْ نَوَى اللَّهَ تَعَالَى فَوَجْهَانِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يَمِينٌ وَكَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَخَالَفَ فِي الشَّرْحَيْنِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى لَيْسَ بِيَمِين.

     وَقَالَ  الْمجد بن تَيْمِيَةَ فِي الْمُحَرَّرِ إِنَّهَا يَمِينٌ .

     قَوْلُهُ  مَنْ حَفِظَهَا هَكَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَوَافَقَهُ الْحُمَيْدِيُّ وَكَذَا عَمْرٌو النَّاقِدُ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

     وَقَالَ  بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ مَنْ أَحْصَاهَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَكَذَا قَالَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشُّرُوطِ وَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْإِحْصَاءُ فِي مِثْلِ هَذَا يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحَدُهَا أَنْ يَعُدَّهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِهَا لَكِنْ يَدْعُو اللَّهَ بِهَا كُلَّهَا وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا فَيَسْتَوْجِبُ الْمَوْعُودَ عَلَيْهَا مِنَ الثَّوَابِ ثَانِيهَا المُرَاد بالإحصاء الا طَاقَة كَقَوْلِه تَعَالَى علم ان لن تحصوه وَمِنْهُ حَدِيثُ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا أَيْ لَنْ تَبْلُغُوا كُنْهَ الِاسْتِقَامَةِ وَالْمَعْنَى مَنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَالْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهَا وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ مَعَانِيَهَا فَيُلْزِمُ نَفْسَهُ بِوَاجِبِهَا فَإِذَا قَالَ الرَّزَّاقُ وَثِقَ بِالرِّزْقِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَسْمَاءِ ثَالِثُهَا الْمُرَادُ بِالْإِحْصَاءِ الْإِحَاطَةُ بِمَعَانِيهَا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ فُلَانٌ ذُو حَصَاةٍ أَيْ ذُو عَقْلٍ وَمَعْرِفَةٍ انْتَهَى مُلَخَّصًا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الْمَرْجُوُّ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ إِحْصَاءُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ عَلَى إِحْدَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الثَّلَاثَةُ لِلسَّابِقِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَأَصْحَابِ الْيَمِينِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مَعْنَى أَحْصَاهَا عَرَفَهَا لِأَنَّ الْعَارِفَ بِهَا لَا يَكُونُ إِلَّا مُؤْمِنًا وَالْمُؤْمِنُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ عَدَّهَا مُعْتَقِدًا لِأَنَّ الدَّهْرِيَّ لَا يَعْتَرِفُ بِالْخَالِقِ وَالْفَلْسَفِيُّ لَا يَعْتَرِفُ بِالْقَادِرِ وَقِيلَ أَحْصَاهَا يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَإِعْظَامَهُ وَقِيلَ مَعْنَى أَحْصَاهَا عَمِلَ بِهَا فَإِذَا قَالَ الْحَكِيمُ مَثَلًا سَلَّمَ جَمِيعَ أَوَامِرِهِ لِأَنَّ جَمِيعَهَا عَلَى مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ وَإِذَا قَالَ الْقُدُّوسُ اسْتَحْضَرَ كَوْنَهُ مُنَزَّهًا عَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الوفا بن عقيل.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ طَرِيقُ الْعَمَلِ بِهَا أَنَّ الَّذِي يُسَوَّغُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِيهَا كَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيمِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى حِلَاهَا عَلَى عَبْدِهِ فَلْيُمَرِّنِ الْعَبْدُ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَصِحَّ لَهُ الِاتِّصَافُ بِهَا وَمَا كَانَ يَخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى كَالْجَبَّارِ وَالْعَظِيمِ فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْإِقْرَارُ بِهَا وَالْخُضُوعُ لَهَا وَعَدَمُ التَّحَلِّي بِصِفَةٍ مِنْهَا وَمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْوَعْدِ نَقِفُ مِنْهُ عِنْدَ الطَّمَعِ وَالرَّغْبَةِ وَمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْوَعِيدِ نَقِفُ مِنْهُ عِنْدَ الْخَشْيَةِ وَالرَّهْبَةِ فَهَذَا مَعْنَى أَحْصَاهَا وَحَفِظَهَا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَنْ حَفِظَهَا عَدًّا وَأَحْصَاهَا سَرْدًا وَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا يَكُونُ كَمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَ الْخَبَر فِي الْخَوَارِج انهم يقرؤون الْقُرْآنَ وَلَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ.

قُلْتُ وَالَّذِي ذَكَرَهُ مَقَامَ الْكَمَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يُرَدَّ الثَّوَابُ لِمَنْ حَفِظَهَا وَتَعَبَّدَ بِتِلَاوَتِهَا وَالدُّعَاءِ بِهَا وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالْمَعَاصِي كَمَا يَقَعُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَارِئِ الْقُرْآنِ سَوَاءً فان القاريء وَلَوْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَعْصِيَةٍ غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاءَةِ يُثَابُ عَلَى تِلَاوَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ فَلَيْسَ مَا بَحثه بن بَطَّالٍ بِدَافِعٍ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ حِفْظُهَا سَرْدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ مَعْنَاهُ حَفِظَهَا وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ لِثُبُوتِهِ نَصًّا فِي الْخَبَرِ.

     وَقَالَ  فِي الْأَذْكَار هُوَ قَول الْأَكْثَرين.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ لَمَّا ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ مَنْ حَفِظَهَا بَدَلَ أَحْصَاهَا اخْتَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ الْعَدُّ أَيْ مَنْ عَدَّهَا لِيَسْتَوْفِيَهَا حِفْظًا.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَجِيئِهِ بِلَفْظِ حَفِظَهَا تَعَيُّنُ السَّرْدِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ بَلْ يَحْتَمِلُ الْحِفْظَ الْمَعْنَوِيَّ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحِفْظِ حِفْظُ الْقُرْآنِ لِكَوْنِهِ مُسْتَوْفِيًا لَهَا فَمَنْ تَلَاهُ وَدَعَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ حَصَّلَ الْمَقْصُودُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ تتبعها من الْقُرْآن.

     وَقَالَ  بن عَطِيَّةَ مَعْنَى أَحْصَاهَا عَدَّهَا وَحَفِظَهَا وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْإِيمَانَ بِهَا وَالتَّعْظِيمَ لَهَا وَالرَّغْبَةَ فِيهَا وَالِاعْتِبَارَ بِمَعَانِيهَا.

     وَقَالَ  الْأَصِيلِيُّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِحْصَاءِ عَدَّهَا فَقَطْ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُدُّهَا الْفَاجِرُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْعَمَلُ بِهَا.

     وَقَالَ  أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ الْإِحْصَاءُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ هُوَ التَّعْدَادَ وَإِنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ وَالتَّعَقُّلُ بِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَالْإِيمَانُ بِهَا.

     وَقَالَ  أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ مِنْ تَمَامِ الْمَعْرِفَةِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا الدَّاعِي وَالْحَافِظُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَعْرِفَةُ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَمَا تَتَضَمَّنُ مِنَ الْفَوَائِدِ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقَائِقِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَلَا مُسْتَفِيدًا بِذِكْرِهَا مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَانِي.

     وَقَالَ  أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَعْدٍ يَحْتَمِلُ الْإِحْصَاءُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ تَتَبُّعُهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حَتَّى يَحْصُلَ عَلَيْهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَحْفَظَهَا بَعْدَ أَنْ يَجِدَهَا مُحْصَاةً قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مَنْ حَفِظَهَا قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ أَوَّلًا قَوْلَهُ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَوَكَّلَ الْعُلَمَاءَ إِلَى الْبَحْثِ عَنْهَا ثُمَّ يَسَّرَ عَلَى الْأُمَّةِ الْأَمْرَ فَأَلْقَاهَا إِلَيْهِمْ مُحْصَاةً.

     وَقَالَ  مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ.

قُلْتُ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ جِدًّا لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَرَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا قبل الْأُخْرَى وَمن أَيْن يثبت ذَلِك وَمَخْرَجُ اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالِاخْتِلَافُ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِي أَيِّ اللَّفْظَيْنِ قَالَهُ قَالَ وَلِلْإِحْصَاءِ مَعَانٍ أُخْرَى مِنْهَا الْإِحْصَاءُ الْفِقْهِيُّ وَهُوَ الْعِلْمُ بِمَعَانِيهَا مِنَ اللُّغَةِ وَتَنْزِيهُهَا عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي تَحْمِلُهَا الشَّرِيعَةُ وَمِنْهَا الْإِحْصَاءُ النَّظَرِيُّ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَى كُلَّ اسْمٍ بِالنَّظَرِ فِي الصِّيغَةِ وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِأَثَرِهِ الساري فِي الْوُجُودِ فَلَا تَمُرُّ عَلَى مَوْجُودٍ إِلَّا وَيَظْهَرُ لَكَ فِيهِ مَعْنًى مِنْ مَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَتَعْرِفُ خَوَاصَّ بَعْضِهَا وَمَوْقِعَ الْقَيْدِ وَمُقْتَضَى كُلِّ اسْمٍ قَالَ وَهَذَا أَرْفَعُ مَرَاتِبِ الْإِحْصَاءِ قَالَ وَتَمَامُ ذَلِكَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَمَلِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِمَا يَقْتَضِيهِ كُلُّ اسْمٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ فَيَعْبُدُ اللَّهَ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الصِّفَاتِ الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لِذَاتِهِ قَالَ فَمَنْ حَصَلَتْ لَهُ جَمِيعُ مَرَاتِبِ الْإِحْصَاءِ حَصَلَ عَلَى الْغَايَةِ وَمَنْ مُنِحَ مَنْحًى مِنْ مَنَاحِيهَا فَثَوَابُهُ بِقَدْرِ مَا نَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيه وَقع فِي تَفْسِير بن مرْدَوَيْه وَعند أبي نعيم من طَرِيق بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بَدَلَ قَوْلِهِ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ مَنْ دَعَا بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَفِي سَنَدِهِ حُصَيْنُ بْنُ مُخَارِقٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَزَادَ خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ فِي رِوَايَتِهِ الَّتِي تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا وَكُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ وَكَذَا وَقَعَ مِنْ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز وَكَذَا وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاس وبن عُمَرَ مَعًا بِلَفْظِ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ شَرْحُ مَعَانِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ حَيْثُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي تَرَاجِمِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَولُهُ دَخَلَ الْجَنَّةُ عَبَّرَ بِالْمَاضِي تَحْقِيقًا لِوُقُوعِهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْوَاقِعِ لِأَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ أَنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ وَيَجُوزُ فَتْحُ الْوَاوِ وَكَسْرُهَا وَالْوِتْرُ الْفَرْدُ وَمَعْنَاهُ فِي حَقِّ اللَّهِ أَنَّهُ الْوَاحِدُ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ فِي ذَاتِهِ وَلَا انْقِسَامَ وَقَولُهُ يُحِبُّ الْوِتْرَ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوِتْرَ فِي الْعَدَدِ فَضْلًا عَلَى الشَّفْعِ فِي أَسْمَائِهِ لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ فِي صِفَاتِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الدَّلَالَةَ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ لَمَا تَعَدَّدَتِ الْأَسْمَاءُ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْوِتْرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا فِيهِ الْوِتْرُ وَقِيلَ هُوَ مُنْصَرِفٌ إِلَى مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالتَّفَرُّدِ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْلَاصِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْوِتْرِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالطَّاعَاتِ كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَوِتْرِ اللَّيْلِ وَأَعْدَادِ الطَّهَارَةِ وَتَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ انْتَهَى مُلَخَّصًا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْوِتْرَ هُنَا لِلْجِنْسِ إِذْ لَا مَعْهُودَ جَرَى ذِكْرُهُ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ كُلَّ وِتْرٍ شَرَعَهُ وَمَعْنَى مَحَبَّتِهِ لَهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ وَأَثَابَ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُ ذَلِكَ الْعُمُومَ مَا خَلَقَهُ وِتْرًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ أَوْ مَعْنَى مَحَبَّتِهِ لَهُ أَنَّهُ خَصَّصَهُ بِذَلِكَ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ وِتْرًا بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقِيلَ الْمُرَادُ صَلَاةُ الْوِتْرِ وَقِيلَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَقِيلَ آدَمُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ وَالْأَشْبَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْعُمُومِ قَالَ وَيَظْهَرُ لِي وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْوِتْرَ يُرَادُ بِهِ التَّوْحِيدُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ فِي ذَاتِهِ وَكَمَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَاحِدٌ وَيُحِبُّ التَّوْحِيدَ أَيْ أَنْ يُوَحَّدَ وَيُعْتَقَدَ انْفِرَادُهُ بِالْأُلُوهِيَّةِ دُونَ خَلْقِهِ فَيَلْتَئِمُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ وَآخِرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ لَعَلَّ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى صَلَاةِ الْوِتْرِ اسْتَنَدَ إِلَى حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَالْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ ثُمَّ قَالَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ أَخْرجُوهُ فِي السّنَن الْأَرْبَعَة وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَكُونُ اللَّامُ فِي هَذَا الْخَبَرِ لِلْعَهْدِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الْوِتْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ الْأُخَرُ عَلَى هَذَا بَلِ الْعُمُومُ فِيهِ أَظْهَرُ كَمَا أَنَّ الْعُمُومَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ مُحْتَمَلُ أَيْضًا وَقَدْ طَعَنَ أَبُو زَيْدٍ الْبَلْخِيُّ فِي صِحَّةِ الْخَبَرِ بِأَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ ثَبَتَ فِي الْقُرْآنِ مَشْرُوطًا بِبَذْلِ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَكَيْفَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ حِفْظِ أَلْفَاظٍ تُعَدُّ فِي أَيْسَرِ مُدَّةٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مُطَّرِدًا وَلَا حَصْرَ فِيهِ بَلْ قَدْ تَحْصُلُ الْجَنَّةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا وَرَدَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَعْمَالِ غَيْرِ الْجِهَادِ أَنَّ فَاعِلَهُ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ.
وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ حِفْظَهَا يَحْصُلُ فِي أَيْسَرِ مُدَّةٍ فَإِنَّمَا يُرَدُّ عَلَى مَنْ حَمَلَ الْحِفْظَ وَالْإِحْصَاءَ عَلَى مَعْنَى أَنْ يَسْرُدَهَا عَنْ ظهر قَلْبٍ فَأَمَّا مَنْ أَوَّلَهُ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي غَايَةِ الْمَشَقَّةِ وَيُمْكِنُ الْجَواب عَن الأول بِأَن الْفضل وَاسع