فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتخليهم من الدنيا

( .

     قَوْلُهُ  بَاب بِالتَّنْوِينِ كَيْفَ كَانَ عَيْشُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ)

أَيْ فِي حَيَاتِهِ وَتَخَلِّيهِمْ عَنِ الدُّنْيَا أَيْ عَنْ مَلَاذِّهَا والتبسط فِيهَا ذكر فِيهِ ثَمَانِيَة أَحَادِيث الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ



[ قــ :6114 ... غــ :6452] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ يَعْنِي غَيْرَ مَوْصُولٍ لِأَنَّ النِّصْفَ الْمَذْكُورَ مُبْهَمٌ لَا يُدْرَى أَهُوَ الْأَوَّلُ أَوِ الثَّانِي.

قُلْتُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَدْرُ النِّصْفِ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ مُلَفَّقًا مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَالَّذِي يَتَبَادَرُ مِنَ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ النِّصْفُ الْأَوَّلُ وَقَدْ جَزَمَ مُغْلَطَايْ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْقَدْرَ الْمَسْمُوعَ لَهُ مِنْهُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي بَابِ إِذَا دُعِيَ الرَّجُلُ فَجَاءَ هَلْ يَسْتَأْذِنُ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدثنَا عمر بن ذرح وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْمُبَارَكِ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ أَنْبَأَنَا مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قدح فَقَالَ أباهر الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ إِلَيَّ قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا قَالَ مُغْلَطَايْ فَهَذَا هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي سَمِعَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَاعْتَرَضَهُ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا ثلث الحَدِيث ولاربعه فَضْلًا عَنْ نِصْفِهِ.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ أَحَدُهُمَا احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ هَذَا السِّيَاقُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ لَفْظَ أَبِي نُعَيْمٍ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ مُنْتَزَعٌ مِنْ أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ الْقِصَّةُ الْأُولَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا مَا فِي آخِرِهِ مِنْ حُصُولِ الْبَرَكَةِ فِي اللَّبَنِ إِلَخْ نَعَمْ الْمُحَرر قَول شَيخنَا فِي النكت على بن الصَّلَاحِ مَا نَصُّهُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ فِي الِاسْتِئْذَانِ بَعْضُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الرِّقَاقِ.

قُلْتُ فَهُوَ مِمَّا حَدَّثَهُ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِهِ أَمْ بِمَعْنَاهُ.
وَأَمَّا بَاقِيهِ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ فَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ إِنَّهُ يَصِيرُ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ فَيَعُودُ الْمَحْذُورُ كَذَا قَالَ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَّصِلًا لِعَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِأَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ حَدَّثَهُ بِهِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مَحْذُورٌ بَلْ يَحْتَمِلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِطَرِيقِ الْوِجَادَةِ أَوِ الْإِجَازَةِ أَوْ حَمَلَهُ عَنْ شَيْخٍ آخَرَ غَيْرِ أَبِي نُعَيْمٍ.

قُلْتُ أَوْ سَمِعَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ مِنْ شَيْخٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَلِهَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ أَوْرَدْتُهُ فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ فَأَخْرَجْتُهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ تَامًّا وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الصُّوفِيِّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِتَمَامِهِ وَاجْتَمَعَ لِي مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ شَيْخِ أَبِي نُعَيْمٍ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمِنْ طَرِيقه أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ ثُمَّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُجِيبًا عَنِ الْمَحْذُورِ الَّذِي ادَّعَاهُ مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ الْبُخَارِيُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَطْعِمَةِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عِيسَى فَإِنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالنِّصْفِ هُنَا مَا لَمْ يَذْكُرْهُ ثَمَّةَ فَيَصِيرُ الْكُلُّ مُسْنَدًا بَعْضُهُ عَنْ يُوسُفَ وَبَعْضُهُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.

قُلْتُ سَنَدُ طَرِيقِ يُوسُفَ مُغَايِرٌ لِطَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَعُودُ الْمَحْذُورُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى خُصُوصِ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَصَابَنِي جهد فَذكر سُؤَاله عمر عَنِ الْآيَةِ وَذَكَرَ مُرُورَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وَفِيهِ فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَحْلِهِ فَأَمَرَ لِي بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ عُدْ فَذَكَرَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ وَلَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَرَكَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي اللَّبَنِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ مَا دَارَ بَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعُمَرَ وَنَدَمَ عُمَرَ عَلَى كَوْنِهِ مَا اسْتَتْبَعَهُ فَظَهَرَ بِذَلِكَ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ فِي السَّنَدَيْنِ.
وَأَمَّا الْمَتْنُ فَفِي أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ مَا لَيْسَ فِي الْآخَرِ لَكِنْ لَيْسَ فِي طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ مِنَ الزِّيَادَةِ كَبِيرُ أَمْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  عمر بن ذَر فتح الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ وَيُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ وَغَيْرِهِمَا حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

     قَوْلُهُ  اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ مِنَ الْقَسَمِ وَهُوَ فِي رِوَايَتِنَا بِالْخَفْضِ وَحَكَى بَعْضُهُمْ جَوَازَ النصب.

     وَقَالَ  بن التِّين روينَاهُ بِالنّصب.

     وَقَالَ  بن جِنِّيٍّ إِذَا حُذِفَ حَرْفُ الْقَسَمِ نُصِبَ الِاسْمُ بَعْدَهُ بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجُرُّ اسْمَ اللَّهِ وَحْدَهُ مَعَ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ فَيَقُولُ اللَّهِ لَأَقُومَنَّ وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يَسْتَعْمِلُونَهُ.

قُلْتُ وَثَبَتَ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ وَيُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ وَغَيْرِهِمَا بِالْوَاوِ فِي أَوَّلِهِ فَتَعَيَّنَ الْجَرُّ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  إِنْ كُنْتُ بِسُكُونِ النُّونِ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ وَقَولُهُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ أَيْ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْأَرْضِ وَكَأَنَّهُ كَانَ يَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ مَا يَسْتَفِيدُهُ مِنْ شَدِّ الْحَجَرِ عَلَى بَطْنِهِ أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ سُقُوطِهِ إِلَى الْأَرْضِ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ فِي أَوَّلِ الْأَطْعِمَةِ فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً فَذَكَرَهُ قَالَ فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي مِنَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ فَإِذَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَأَخِرُّ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْحُجْرَةِ مِنَ الْجُوعِ مَغْشِيًّا عَلَيَّ فَيَجِيءُ الْجَائِي فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي يَرَى أَنَّ بِي الْجُنُونَ وَمَا بِي الا الْجُوع وَعند بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَإِنْ كَانَ لَيُغْشَى عَلَيَّ فِيمَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ مِنَ الْجُوعِ وَمَضَى أَيْضًا فِي مَنَاقِبِ جَعْفَرٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشِبَعِ بَطْنِي وَفِيهِ وَكنت أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصَى مِنَ الْجُوعِ وَإِنْ كُنْتُ لاستقريء الرَّجُلَ الْآيَةَ وَهِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي وَزَادَ فِيهِ التِّرْمِذِيِّ وَكُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمْ يُجِبْنِي حَتَّى يَذْهَبَ بِي إِلَى مَنْزِلهِ .

     قَوْلُهُ  وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ أَقَمْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ سَنَةً فَقَالَ لَوْ رَأَيْتَنَا وَإِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَى أَحَدِنَا الْأَيَّامُ مَا يَجِدُ طَعَامًا يُقِيمُ بِهِ صُلْبَهُ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَأْخُذُ الْحَجَرَ فَيَشُدُّ بِهِ عَلَى أَخْمَصِ بَطْنِهِ ثُمَّ يَشُدُّهُ بِثَوْبِهِ لِيُقِيمَ بِهِ صُلْبَهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ فَائِدَةُ شَدِّ الْحَجَرِ الْمُسَاعَدَةُ عَلَى الِاعْتِدَالِ وَالِانْتِصَابِ أَوِ الْمَنْعُ مِنْ كَثْرَةِ التَّحَلُّلِ مِنَ الْغِذَاءِ الَّذِي فِي الْبَطْنِ لِكَوْنِ الْحَجَرِ بِقَدْرِ الْبَطْنِ فَيَكُونُ الضَّعْفُ أَقَلُّ أَوْ لِتَقْلِيلِ حَرَارَةِ الْجُوعِ بِبَرْدِ الْحَجَرِ أَوْ لِأَنَّ فِيهِ الْإِشَارَةَ إِلَى كَسْرِ النَّفْسِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فِي شَدِّ الْحَجَرِ عَلَى الْبَطْنِ مِنَ الْجُوعِ عَلَى قَوْمٍ فَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَزَعَمُوا أَنَّهُ الْحُجَزُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْجِيمِ بعْدهَا زَاي جمع الحجزة الَّتِي يشد بِهِ الْوَسَطُ قَالَ وَمَنْ أَقَامَ بِالْحِجَازِ وَعَرَفَ عَادَتَهُمْ عَرَفَ أَنَّ الْحَجَرَ وَاحِدُ الْحِجَارَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَجَاعَةَ تَعْتَرِيهِمْ كَثِيرًا فَإِذَا خَوَى بَطْنُهُ لَمْ يُمْكِنْ مَعَهُ الِانْتِصَابُ فَيَعْمِدُ حِينَئِذٍ إِلَى صَفَائِحَ رِقَاقٍ فِي طُولِ الْكَفِّ أَوْ أَكْبَرَ فيربطها على بَطْنه وَتُشَدُّ بِعِصَابَةٍ فَوْقَهَا فَتَعْتَدِلُ قَامَتُهُ بَعْضَ الِاعْتِدَالِ وَالِاعْتِمَادُ بِالْكَبِدِ عَلَى الْأَرْضِ مِمَّا يُقَارِبُ ذَلِكَ.

قُلْتُ سَبَقَهُ إِلَى الْإِنْكَارِ الْمَذْكُورِ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْتُ كَلَامَهُ وَتَعَقُّبَهُ فِي بَابِ التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَرَادَ الْوِصَالَ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ .

     قَوْلُهُ  وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ الضَّمِيرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ طَرِيقُ مَنَازِلِهِمْ إِلَى الْمَسْجِدِ مُتَّحِدَةً .

     قَوْلُهُ  فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مِنَ الشِّبَعِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لِيَسْتَتْبِعَنِي بِمُهْمَلَةٍ وَمُثَنَّاتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ أَيْ يَطْلُبُ مِنِّي أَنْ أَتْبَعَهُ لِيُطْعِمَنِي وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ .

     قَوْلُهُ  فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ أَيِ الْإِشْبَاعَ أَوْ الِاسْتِتْبَاعَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى مَرَّ بِي عُمَرُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ اسْتَمَرَّ فِي مَكَانِهِ بَعْدَ ذَهَابِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَنْ مَرَّ عُمَرُ وَوَقَعَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي قَوْلِهِ لِيُشْبِعَنِي نَظِيرُ مَا وَقَعَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا عَلَيَّ أَيْ قَرَأَ الَّذِي اسْتَفْهَمْتُهُ عَنْهُ وَلَعَلَّ الْعُذْرَ لِكُلٍّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَمْلُ سُؤَالِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ فَهِمَا مَا أَرَادَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا إِذْ ذَاكَ مَا يُطْعِمَانِهِ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّ عُمَرَ تَأَسَّفَ عَلَى عَدَمِ إِدْخَالِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ دَارَهُ وَلَفْظُهُ فَلَقِيتُ عُمَرَ فَذَكَرْتُ لَهُ وَقُلْتُ لَهُ وَلَّى اللَّهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ وَفِيهِ قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي حُمُرُ النَّعَمِ فَإِنَّ فِيهِ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُطْعِمُهُ إِذْ ذَاكَ فَيُرَجَّحُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَا رَمَزَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ كِنَايَتِهِ بِذَلِكَ عَنْ طَلَبِ مَا يَأْكُل وَقَدِ اسْتَنْكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا ثُبُوتَ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِاسْتِبْعَادِ مُوَاجَهَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِعُمَرَ بِذَلِكَ وَهُوَ اسْتِبْعَادٌ مُسْتَبْعَدٌ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي اسْتَدَلَّ أَبُو هُرَيْرَةَ بِتَبَسُّمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ مَا بِهِ لِأَنَّ التَّبَسُّمَ تَارَةً يَكُونُ لِمَا يُعْجِبُ وَتَارَةً يَكُونُ لِإِينَاسِ مَنْ تَبَسَّمَ إِلَيْهِ وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْحَالُ مُعْجِبَةً فَقَوِيَ الْحَمْلُ عَلَى الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  وَمَا فِي وَجْهِي كَأَنَّهُ عَرَفَ مِنْ حَالِ وَجْهِهِ مَا فِي نَفْسِهِ مِنِ احْتِيَاجِهِ إِلَى مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَرَوْحٍ وَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي أَوْ نَفْسِي بِالشَّكِّ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَالَ لِي يَا أَبَا هِرٍّ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَقَالَ أَبُو هِرٍّ وَفِي رِوَايَةِ رَوْحٍ فَقَالَ أَبَا هِرٍّ فَأَمَّا النَّصْبُ فَوَاضِحٌ.
وَأَمَّا الرَّفْعُ فَهُوَ عَلَى لُغَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ لَفْظَ الْكُنْيَةِ أَوْ هُوَ لِلِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَنْتَ أَبُو هِرٍّ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  هِرٍّ فَهُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ مِنْ رَدِّ الِاسْمِ الْمُؤَنَّثِ إِلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُصَغَّرِ إِلَى الْمُكَبَّرِ فَإِنَّ كُنْيَتَهُ فِي الْأَصْلِ أَبُو هُرَيْرَةَ تَصْغِيرُ هِرَّةٍ مُؤَنَّثًا وَأَبُو هِرٍّ مُذَكَّرٌ مُكَبَّرٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ تَخْفِيفُ الرَّاءِ مُطْلَقًا فَعَلَى هَذَا يُسَكَّنُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْ أَنْتَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْتُ تَوْجِيهَهُ قَبْلُ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ .

     قَوْلُهُ  اِلْحَقْ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَيِ اتْبَعْ .

     قَوْلُهُ  وَمَضَى فَاتَّبَعْتُهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَلَحِقْتُهُ .

     قَوْلُهُ  فَدَخَلَ زَادَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ إِلَى أَهْلِهِ .

     قَوْلُهُ  فَأَسْتَأْذِن بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْفَاءِ وَالنُّونُ مَضْمُومَةٌ فِعْلُ مُتَكَلِّمٍ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي التَّحَقُّقِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَيُونُسَ وَغَيْرِهِمَا فَاسْتَأْذَنْتُ .

     قَوْلُهُ  فَأَذِنَ لِي فَدَخَلَ كَذَا فِيهِ وَهُوَ إِمَّا تَكْرَارٌ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ لِوُجُودِ الْفَصْلِ أَوِ الْتِفَاتٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَدَخَلْتُ وَهِيَ وَاضِحَة قَوْله فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بن مسْهر فَإِذا هُوَ بِلَبن فِي قدح وَفِي رِوَايَة يُونُس فَوجدَ قدحا من اللَّبن .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ زَادَ روح لكم وَفِي رِوَايَة بن مُسْهِرٍ فَقَالَ لِأَهْلِهِ مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا .

     قَوْلُهُ  قَالُوا أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ كَذَا بِالشَّكِّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ مَنْ أَهْدَاهُ وَفِي رِوَايَةِ رَوْحٍ أَهْدَاهُ لَنَا فُلَانٌ أَوْ آلُ فُلَانٍ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ أَهْدَاهُ لَنَا فُلَانٌ .

     قَوْلُهُ  الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ كَذَا عَدَّى الْحَقْ بِإِلَى وَكَأَنَّهُ ضَمَّنَهَا مَعْنَى انْطَلِقْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ بِلَفْظِ انْطَلِقْ قَوْله قَالَ وَأهل الصّفة أَضْيَافِ الْإِسْلَامِ سَقَطَ لَفْظُ قَالَ مِنْ رِوَايَةِ رَوْحٍ وَلَا بُدَّ مِنْهَا فَإِنَّهُ كَلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَهُ شَارِحًا لِحَالِ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَلِلسَّبَبِ فِي اسْتِدْعَائِهِمْ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخُصُّهُمْ بِمَا يَأْتِيهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَيُشْرِكُهُمْ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنَ الْهَدِيَّةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ هَذَا الْقَدْرُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافَ الْإِسْلَامِ لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَخْ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ وَالْأَكْثَرُ إِلَى بَدَلَ عَلَى .

     قَوْلُهُ  وَلَا عَلَى أَحَدٍ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ فَشَمِلَ الْأَقَارِبَ وَالْأَصْدِقَاءَ وَغَيْرَهُمْ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرو عِنْد أَحْمد وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ عَرِيفٌ نَزَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرِيفٌ نَزَلَ مَعَ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ وَفِي مُرْسَلِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عِنْد بن سَعْدٍ كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ نَاسًا فُقَرَاءَ لَا مَنَازِلَ لَهُمْ فَكَانُوا يَنَامُونَ فِي الْمَسْجِدِ لَا مَأْوَى لَهُمْ غَيْرُهُ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَكُنَّا إِذَا أَمْسَيْنَا حَضَرَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْمُرُ كُلَّ رَجُلٍ فَيَنْصَرِفُ بِرَجُلٍ أَوْ أَكْثَرَ فَيَبْقَى مَنْ بَقِيَ عَشَرَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَيَأْتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَائِهِ فَنَتَعَشَّى مَعَهُ فَإِذَا فَرَغْنَا قَالَ نَامُوا فِي الْمَسْجِدِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَغَيْرِهِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ الْحَدِيثَ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ مُرْسَلِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى قَسَمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ بَيْنَ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَذْهَبُ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ وَالرَّجُلُ بِالرَّجُلَيْنِ حَتَّى ذَكَرَ عَشَرَةً الْحَدِيثَ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّفَّةِ فَجَعَلَ يُوَجِّهُ الرَّجُلَ مَعَ الرَّجُلِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ حَتَّى بَقِيتُ فِي أَرْبَعَةٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسُنَا فَقَالَ انْطَلِقُوا بِنَا فَقَالَ يَا عَائِشَةُ عَشِّينَا الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا أَيْ لِنَفْسِهِ وَفِي رِوَايَةِ رَوْحٍ وَلَمْ يُصِبْ مِنْهَا شَيْئًا وَزَادَ وَلَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَشَرَّكَهُمْ بِالتَّشْدِيدِ.

     وَقَالَ  فِيهَا أَوْ مِنْهَا بِالشَّكِّ وَوَقَعَ عِنْدَ يُونُسَ الصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ بِالتَّعْرِيفِ فِيهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا بَيَانُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ وَتَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُخْتَصَرًا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْهُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ قَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَكَلَ مَعَهُمْ وَلِأَحْمَدَ وبن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى الصُّفَّةُ فَكَانَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَةَ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَيَأْكُلُ مِنَ الْهَدِيَّةِ مَعَ من حضر من أَصْحَابه وقدأخرج أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ قَالَ بُنِيَتُ صُفَّةٌ فِي الْمَسْجِدِ لِضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَيُحْمَلُ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَحْضُرْهُ أحد فَإِنَّهُ يُرْسِلُ بِبَعْضِ الْهَدِيَّةِ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ أَوْ يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ كَمَا فِي قِصَّةِ الْبَابِ وَإِنْ حَضَرَهُ أَحَدٌ يُشْرِكُهُ فِي الْهَدِيَّةِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ فَضْلٌ أَرْسَلَهُ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ أَوْ دَعَاهُمْ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي ذَكَرْتُهُ آنِفًا وَكُنْتُ فِيمَنْ نَزَلَ الصُّفَّةَ فَوَافَقْتُ رَجُلًا فَكَانَ يَجْرِي عَلَيْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ كُلِّ رَجُلَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَنَزَلْتُ فِي الصُّفَّةِ مَعَ رَجُلٍ فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كُلَّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ تَمْرٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ أَيْضًا عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَكَانَ أَوَّلًا يُرْسِلُ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ بِمَا حَضَرَهُ أَوْ يَدْعُوهُمْ أَوْ يُفَرِّقُهُمْ عَلَى مَنْ حَضَرَ إِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ مَا يَكْفِيهِمْ فَلَمَّا فُتِحَتْ فَدَكُ وَغَيْرُهَا صَارَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ مِنَ التَّمْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَا ذَكَرَ وَقَدِ اعْتَنَى بِجَمْعِ أَسْمَاءِ أَهْلِ الصُّفَّةِ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَتَبِعَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمَيُّ فَزَادَ أَسْمَاءً وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي أَوَائِلِ الْحِلْيَةِ فَسَرَدَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِي فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا سَبْعِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَهُمْ فِي هَذَا الْعَدَدِ وَإِنَّمَا هِيَ عِدَّةُ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَمَجْمُوعُهُمْ أَضْعَافُ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَّا مِنِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  فَسَاءَنِي ذَلِكَ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَاللَّهِ وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ ادْعُهُمْ لِي وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَقُلْتُ أَيْ فِي نَفْسِي وَمَا هَذَا اللَّبَنُ أَيْ مَا قَدْرُهُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ وَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بِحَذْفِ الْوَاوِ زَادَ فِي رِوَايَتِهِ وَأَنَا رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَأَيْنَ يَقَعُ هَذَا اللَّبَنُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَأَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَالتَّقْدِيرُ وَأَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ مَعَهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا زَادَ فِي رِوَايَةِ رَوْحَ يَوْمِي وَلَيْلَتِي .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا جَاءَ كَذَا فِيهِ بِالْإِفْرَادِ أَيْ مَنْ أَمَرَنِي بِطَلَبِهِ وللأكثر فَإِذا جاؤوا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ .

     قَوْلُهُ  أَمَرَنِي أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ وَكَأَنَّهُ عَرَفَ بِالْعَادَةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يُلَازِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَخْدُمُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ جَعْفَرٍ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِسْكِينًا لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَالَ وَكَانَ يَدُورُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا دَارَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كُنْتُ امْرَءًا مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشِبَعِ بَطْنِي وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ فَسَيَأْمُرُنِي أَنْ أُدِيرَهُ عَلَيْهِمْ فَمَا عَسَى أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصِيبَ مِنْهُ مَا يُغْنِينِي أَيْ عَنْ جُوعِ ذَلِكَ الْيَوْمِ .

     قَوْلُهُ  وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ أَيْ يَصِلُ إِلَيَّ بَعْدَ أَنْ يَكْتَفُوا مِنْهُ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَفْظُ عَسَى زَائِدٌ .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ بُدٌّ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ .

     قَوْلُهُ  فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِتْيَانَ وَالدَّعْوَةَ وَقَعَ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَكُنْتُ أَنَا اعطيهم عطف على جَوَاب فَإِذا جاؤوا فَهُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ.

قُلْتُ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنَ السِّيَاقِ .

     قَوْلُهُ  فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ أَيْ فَقَعَدَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى عَدَدِهِمْ إِذْ ذَاكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمَيَّ وَأَبَا سَعِيدِ بْنَ الْأَعْرَابِيِّ وَالْحَاكِمَ اعْتَنَوْا بِجَمْعِ أَسْمَائِهِمْ فَذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الْآخَرُ وَجَمَعَ الْجَمِيعَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَعِدَّتُهُمْ تَقْرُبُ مِنَ الْمِائَةِ لَكِنَّ الْكَثِيرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ وَقَدْ بَيَّنَ كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ وَقَدْ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ كَانَ عَدَدُ أَهْلِ الصُّفَّةِ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْحَالِ فَرُبَّمَا اجْتَمَعُوا فَكَثُرُوا وَرُبَّمَا تَفَرَّقُوا إِمَّا لِغَزْوٍ أَوْ سَفَرٍ أَوِ اسْتِفْتَاءٍ فَقَلُّوا وَوَقَعَ فِي عَوَارِفِ السُّهْرَوَرْدِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ يَا أَبَا هِرٍّ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  خُذْ فَأَعْطِهِمْ أَيِ الْقَدَحَ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ .

     قَوْلُهُ  أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ أَيِ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ هَذَا فِيهِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ إِذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً لَا تَكُونُ عَيْنَ الْأَوَّلِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَطَّرِدُ بَلِ الْأَصْلُ أَنْ تَكُونَ عَيْنَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُهُ مِثْلُ مَا وَقَعَ هُنَا مِنْ قَوْله حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى أَنْ كَانَ آخِرَهمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قُلْتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ ثُمَّ يَرُدُّهُ فَأُنَاوِلُهُ الْآخَرَ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ قَالَ خُذْ فَنَاوِلْهُمْ قَالَ فَجَعَلْتُ أُنَاوِلُ الْإِنَاءَ رَجُلًا رَجُلًا فَيَشْرَبُ فَإِذَا رَوِيَ أَخَذْتُهُ فَنَاوَلْتُهُ الْآخَرَ حَتَّى رَوِيَ الْقَوْمُ جَمِيعًا وَعَلَى هَذَا فَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِخَرْمِ الْقَاعِدَةِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى الْقَوْمُ كُلُّهُمْ أَيْ فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ الْقَدَحَ زَادَ رَوْحٌ وَقَدْ بَقِيَتْ فِيهِ فَضْلَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَتَبَسَّمَ كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَفَرَّسَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ مَا كَانَ وَقَعَ فِي تَوَهُّمِهِ أَنْ لَا يَفْضُلَ لَهُ مِنَ اللَّبَنِ شَيْءٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَلِذَلِكَ تَبَسَّمَ إِلَيْهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَبَا هِرٍّ كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ .

     قَوْلُهُ  بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ كَأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنْ أَهْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَيْتَ إِذْ ذَاكَ مَا كَانَ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ كَانُوا أَخَذُوا كِفَايَتَهُمْ وَكَانَ اللَّبَنُ الَّذِي فِي ذَلِكَ الْقَدَحِ نَصِيبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  اقْعُدْ فَاشْرَبْ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ قَالَ خُذْ فَاشْرَبْ .

     قَوْلُهُ  فَمَا زَالَ يَقُولُ اشْرَبْ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ فَمَا زَالَ يَقُولُ لِي .

     قَوْلُهُ  مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ فِيَّ مَسْلَكًا .

     قَوْلُهُ  فَأَرِنِي فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ فَقَالَ نَاوِلْنِي الْقَدَحَ .

     قَوْلُهُ  فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى أَيْ حَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ مِنَ الْبَرَكَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي اللَّبَنِ الْمَذْكُورِ مَعَ قِلَّتِهِ حَتَّى رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَأَفْضَلُوا وَسَمَّى فِي ابْتِدَاءِ الشُّرْبِ .

     قَوْلُهُ  وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ أَيِ الْبَقِيَّةَ وَهِيَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَفِي رِوَايَةِ رَوْحٍ فَشَرِبَ مِنَ الْفَضْلَةِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ شُرْبِهِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً فَلَعَلَّهُ أَعَدَّهَا لِمَنْ بَقِيَ فِي الْبَيْتِ إِنْ كَانَ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُ الشُّرْبِ مِنْ قُعُودٍ وَأَنَّ خَادِمَ الْقَوْمِ إِذَا دَارَ عَلَيْهِمْ بِمَا يَشْرَبُونَ يَتَنَاوَلُ الْإِنَاءَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فَيَدْفَعُهُ هُوَ إِلَى الَّذِي يَلِيهِ وَلَا يَدْعُ الرَّجُلَ يُنَاوِلُ رَفِيقَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ نَوْعِ امْتِهَانِ الضَّيْفِ وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ عَظِيمَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهَا نَظَائِرُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ تَكْثِيرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ بِبَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ جَوَازُ الشِّبَعِ وَلَوْ بَلَغَ أَقْصَى غَايَتِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا وَتَقْرِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي اللَّبَنِ مَعَ رِقَّتِهِ وَنُفُوذِهِ فَكَيْفَ بِمَا فَوْقَهُ مِنَ الْأَغْذِيَةِ الْكَثِيفَةِ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِمَا وَقَعَ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَقَدْ أَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا حَدِيثَ بْنَ عُمَرَ رَفَعَهُ أَكْثَرُهُمْ فِي الدُّنْيَا شِبَعًا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

     وَقَالَ  حَسَنٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ.

قُلْتُ وَحَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثُ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ رَفَعَهُ مَا مَلأ بن آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا.

     وَقَالَ  حَسَنٌ صَحِيحٌ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُحْمَلَ الزَّجْرُ عَلَى مَنْ يَتَّخِذُ الشِّبَعَ عَادَةً لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْكَسَلِ عَنِ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا وَيُحْمَلُ الْجَوَازُ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ نَادِرًا وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ شِدَّةِ جُوعٍ وَاسْتِبْعَادُ حُصُولِ شَيْءٍ بَعْدَهُ عَنْ قُرْبٍ وَفِيهِ أَنَّ كِتْمَانَ الْحَاجَةِ وَالتَّلْوِيحَ بِهَا أَوْلَى مِنْ إِظْهَارِهَا وَالتَّصْرِيحِ بِهَا وَفِيهِ كَرَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيثَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَخَادِمِهِ وَفِيهِ مَا كَانَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ وَفَضْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَعَفُّفُهُ عَنِ التَّصْرِيحِ بِالسُّؤَالِ وَاكْتِفَاؤُهُ بِالْإِشَارَةِ إِلَى ذَلِكَ وَتَقْدِيمُهُ طَاعَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَظِّ نَفْسِهِ مَعَ شِدَّةِ احْتِيَاجِهِ وَفَضْلُ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَدْعُوَّ إِذَا وَصَلَ إِلَى دَارِ الدَّاعِي لَا يَدْخُلُ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ رَسُولُ الرَّجُلِ إِذْنُهُ وَفِيهِ جُلُوسُ كُلِّ أَحَدٍ فِي الْمَكَانِ اللَّائِقِ بِهِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِمُلَازَمَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُعَاءُ الْكَبِيرِ خَادِمَهُ بِالْكُنْيَةِ وَفِيهِ تَرْخِيمُ الِاسْمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالْعَمَلُ بِالْفَرَاسَةِ وَجَوَابُ الْمُنَادَى بِلَبَّيْكَ وَاسْتِئْذَانُ الْخَادِمِ عَلَى مَخْدُومِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَسُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا يَجِدُهُ فِي مَنْزِلِهِ مِمَّا لَا عَهْدَ لَهُ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَى ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ وَقَبُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّةَ وَتَنَاوُلُهُ مِنْهَا وَإِيثَارُهُ بِبَعْضِهَا الْفُقَرَاءَ وَامْتِنَاعُهُ مِنْ تَنَاوُلِ الصَّدَقَةِ وَوَضْعُهُ لَهَا فِيمَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَشُرْبُ السَّاقِي آخِرًا وَشُرْبُ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ بَعْدَهُ وَالْحَمْدُ عَلَى النِّعَمِ وَالتَّسْمِيَةُ عِنْدَ الشُّرْبِ تَنْبِيه وَقَعَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ قِصَّةٌ أُخْرَى فِي تَكْثِيرِ الطَّعَامِ مَعَ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَأخْرج بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ قَالَ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَمْ أَطْعَمْ فَجِئْتُ أُرِيدُ الصُّفَّةَ فَجَعَلْتُ أَسْقُطُ فَجَعَلَ الصِّبْيَانُ يَقُولُونَ جُنَّ أَبُو هُرَيْرَةَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الصُّفَّةِ فَوَافَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَدَعَا عَلَيْهَا أهل الصّفة وهم يَأْكُلُونَ مِنْهَا فَجَعَلْتُ أَتَطَاوَلُ كَيْ يَدْعُوَنِي حَتَّى قَامُوا وَلَيْسَ فِي الْقَصْعَةِ إِلَّا شَيْءٌ فِي نَوَاحِيهَا فَجَمَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَ لُقْمَةً فَوَضَعَهَا عَلَى أَصَابِعِهِ فَقَالَ لي كل باسم الله فو الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا زِلْتُ آكُلُ مِنْهَا حَتَّى شعبت الحَدِيث الثَّانِي





[ قــ :6115 ... غــ :6453] قَوْله يحيى هُوَ بن سعيد الْقطَّان وَإِسْمَاعِيل هُوَ بن أبي خَالِد وَقيس هُوَ بن أبي حَازِم وَسعد هُوَ بن أَبِي وَقَّاصٍ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ زَادَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ إِنِّي لَأَوَّلُ رَجُلٍ أَهَرَاقَ دَمًا فِي سَبِيلِ الله وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعْدٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي السَّرِيَّةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا مَعَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي سِتِّينَ رَاكِبًا وَهِيَ أَوَّلُ السَّرَايَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ .

     قَوْلُهُ  وَرَأَيْتُنَا بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ .

     قَوْلُهُ  وَرَقُ الْحُبْلَةِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي مَنَاقِبِ سَعْدٍ بِالتَّرَدُّدِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ .

     قَوْلُهُ  وَهَذَا السَّمُرُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ هُمَا نَوْعَانِ مِنْ شَجَرِ الْبَادِيَةِ وَقِيلَ الْحُبْلَةُ ثَمَرُ الْعِضَاهِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُعْجَمَةِ شَجَرُ الشَّوْكِ كَالطَّلْحِ وَالْعَوْسَجِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا جَيِّدٌ عَلَى رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لِعَطْفِهِ الْوَرَقَ عَلَى الْحُبْلَةِ.

قُلْتُ هِيَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ إِلَّا الْحُبْلَةُ وَوَرَقُ السمر وَكَذَا وَقع عِنْد احْمَد وبن سَعْدٍ وَغَيْرِهِمَا وَفِي رِوَايَةِ بَيَانٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَغْزُو فِي الْعِصَابَةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَأْكُلُ إِلَّا وَرَقَ الشَّجَرِ وَالْحُبْلَةَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِلَّا ورق الحبلة هَذَا السمر.

     وَقَالَ  بن الْأَعرَابِي الحبلة ثَمَر السمر يشبه اللوبية وَفِي رِوَايَةِ التَّيْمِيِّ وَالطَّبَرِيِّ فِي مُسْلِمٍ وَهَذَا السَّمُرُ بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَحْسَنُهَا لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْوَرَقِ وَالسَّمُرِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعُ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا .

     قَوْلُهُ  لَيَضَعُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ كِنَايَةٌ عَنِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ فِي حَالِ التَّغَوُّطِ .

     قَوْلُهُ  كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ زَادَ بَيَانٌ فِي رِوَايَتِهِ وَالْبَعِيرُ .

     قَوْلُهُ  مَا لَهُ خِلْطٌ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ يَصِيرُ بَعْرًا لَا يخْتَلط من شدَّة اليبس الناشيء عَنْ قَشَفِ الْعَيْشِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنو أَسد أَي بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ وَبَنُو أَسَدٍ هُمْ إِخْوَةُ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ جَدِّ قُرَيْشٍ وَبَنُو أَسَدٍ كَانُوا فِيمَنِ ارْتَدَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبِعُوا طُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيَّ لَمَّا ادَّعَى النُّبُوَّةَ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَكَسَرَهُمْ وَرَجَعَ بَقِيَّتُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَتَابَ طُلَيْحَةُ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَسَكَنَ مُعْظَمُهُمُ الْكُوفَةَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ كَانُوا مِمَّنْ شَكَا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ إِلَى عُمَرَ حَتَّى عَزَلَهُ وَقَالُوا فِي جُمْلَةٍ مَا شَكَوْهُ إِنَّهُ لَا يُحْسِنُ الصَّلَاةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي بَابِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَبَيَّنْتُ أَسْمَاءَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ بَنِي أَسَدٍ الْمَذْكُورِينَ وَأَغْرَبَ النَّوَوِيُّ فَنَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مُرَادَ سَعْدٍ بِقَوْلِهِ فَأَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ بَنُو الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامِّ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقِصَّةَ إِنْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَلَمْ يَكُنْ لِلزُّبَيْرِ إِذْ ذَاكَ بَنُونَ يَصِفُهُمْ سَعْدٌ بِذَلِكَ وَلَا يَشْكُو مِنْهُمْ فَإِنَّ أَبَاهُمُ الزُّبَيْرَ كَانَ إِذْ ذَاكَ مَوْجُودًا وَهُوَ صَدِيقُ سَعْدٍ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ .

     قَوْلُهُ  تعزرني أَي توقفني وَالتَّعْزِير التَّوْقِيفُ عَلَى الْأَحْكَامِ وَالْفَرَائِضِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهُ تُقَوِّمُنِي وَتُعَلِّمُنِي وَمِنْهُ تَعْزِيرُ السُّلْطَانِ وَهُوَ التَّقْوِيمُ بِالتَّأْدِيبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ سَعْدًا أَنْكَرَ أَهْلِيَّةَ بَنِي أَسَدٍ لِتَعْلِيمِهِ الْأَحْكَامَ مَعَ سَابِقِيَّتِهِ وَقِدَمِ صُحْبَتِهِ.

     وَقَالَ  الْحَرْبِيُّ مَعْنَى تُعَزِّرُنِي تَلُومُنِي وَتَعْتِبُنِي وَقِيلَ تُوَبِّخُنِي عَلَى التَّقْصِيرِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ حَكَى ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ بُعْدٌ عَنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَلْيَقَ بِمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْزِيرِ هُنَا الْإِعْظَامُ وَالتَّوْقِيرُ كَأَنَّهُ وَصَفَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَتُهُمْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنْ شِدَّةِ الْحَالِ وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ وَالْجَهْدِ ثُمَّ إِنَّهُمُ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا بِالْفُتُوحَاتِ وَوُلُّوا الْوِلَايَاتِ فعظمهم النَّاس لشهرتهم وَفَضْلِهِمْ فَكَأَنَّهُ كَرِهَ تَعْظِيمَ النَّاسِ لَهُ وَخَصَّ بَنِي أَسَدٍ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ أَفْرَطُوا فِي تَعْظِيمِهِ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ الَّذِي بَعْدَهُ فِي مُسْلِمٍ نَحْوُ حَدِيثِ سَعْدٍ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ فَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالك أَي بن أَبِي وَقَّاصٍ فَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا فَمَا أَصْبَحَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ انْتَهَى وَكَانَ عُتْبَةُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ وَسَعْدٌ أَمِيرَ الْكُوفَةِ.

قُلْتُ وَهَذَا كُلُّهُ مَرْدُودٌ لِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ بَنِي أَسَدٍ شَكَوْهُ وَقَالُوا فِيهِ مَا قَالُوا وَلِذَلِكَ خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَنَاقِبِ سَعْدٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَضَلَّ عَمَلِي وَكَانُوا وَشَوْا بِهِ إِلَى عُمَرَ قَالُوا لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي وَوَقَعَ كَذَلِكَ هُنَا فِي رِوَايَةِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُمْ شَكَوْهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ سَعْدٌ أَتُعَلِّمُنِي الْأَعْرَابُ الصَّلَاةَ فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتَفْسِيرُ التَّعْزِيرِ عَلَى مَا شَرَحَهُ مَنْ تَقَدَّمَ مُسْتَقِيمٌ.
وَأَمَّا قِصَّةُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ فَإِنَّمَا قَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ مَا قَالَ لِأَنَّهُ خَطَبَ بِذَلِكَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرٌ فَأَرَادَ إِعْلَامَ الْقَوْمِ بِأَوَّلِ أَمْرِهِ وَآخِرِهِ إِظْهَارًا مِنْهُ لِلتَّوَاضُعِ وَالتَّحَدُّثِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِالدُّنْيَا.
وَأَمَّا سَعْدٌ فَقَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ عُزِلَ وَجَاءَ إِلَى عُمَرَ فَاعْتَذَرَ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ سَعَى فِيهِ بِمَا سَعَى .

     قَوْلُهُ  عَلَى الْإِسْلَامِ فِي رِوَايَةِ بَيَانٍ عَلَى الدِّينِ .

     قَوْلُهُ  خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي فِي رِوَايَةِ خَالِدٍ عَمَلِي كَمَا تَرَى وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ وَفِي رِوَايَةِ بَيَانٍ لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِي وَوَقع عِنْد بن سَعْدٍ عَنْ يَعْلَى وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِسَنَدِهِ فِي آخِرِهِ وَضَلَّ عَمَلِيَهْ بِزِيَادَةِ هَاءٍ فِي آخِرِهِ وَهِيَ هَاءُ السَّكْتِ قَالَ بن الْجَوْزِيِّ إِنْ قِيلَ كَيْفَ سَاغَ لِسَعْدٍ أَنْ يَمْدَحَ نَفْسَهُ وَمِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ تَرْكُ ذَلِكَ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ سَاغَ لَهُ لَمَّا عَيَّرَهُ الْجُهَّالُ بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الصَّلَاةَ فَاضْطَرَّ إِلَى ذِكْرِ فَضْلِهِ وَالْمِدْحَةُ إِذَا خَلَتْ عَنِ الْبَغْيِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَكَانَ مَقْصُودُ قَائِلِهَا إِظْهَارَ الْحَقِّ وَشُكْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا لَوْ قَالَ الْقَائِلُ إِنِّي لَحَافِظٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَالِمٌ بِتَفْسِيرِهِ وَبِالْفِقْهِ فِي الدِّينِ قَاصِدًا إِظْهَارَ الشُّكْرِ أَوْ تَعْرِيفَ مَا عِنْدَهُ لِيُسْتَفَادَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ وَلِهَذَا قَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي حَفِيظٌ عليم.

     وَقَالَ  عَلِيٌّ سَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ.

     وَقَالَ  بن مَسْعُودٍ لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي لَأَتَيْتُهُ وَسَاقَ فِي ذَلِكَ أَخْبَارًا وَآثَارًا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ





[ قــ :6116 ... غــ :6454] قَوْله حَدثنِي عُثْمَان هُوَ بن أبي شيبَة وَجَرِير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِر وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ وَالْأسود هُوَ بن يَزِيدَ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَخْرُجُ مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ يَخْرُجُ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَأْكُولَاتِ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَيْ بِأَيَّامِهَا تِبَاعًا يَخْرُجُ التَّفَارِيقُ حَتَّى قُبِضَ إِشَارَةً إِلَى اسْتِمْرَارِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مُدَّةَ إِقَامَتِهِ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ عَشْرُ سِنِينَ بِمَا فِيهَا مِنْ أَيَّامِ أَسْفَارِهِ فِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ وَالْعمْرَة وَزَاد بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمَا رُفِعَ عَنْ مَائِدَتِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ فَضْلًا حَتَّى قُبِضَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ مَنْصُورٍ فِيهِ بِلَفْظِ مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ خُبْزٍ بُرٍّ مَأْدُومٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ أَخْرَجَاهُ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَا شَبِعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ مَسْرُوقٍ عَنْهَا وَاللَّهِ مَا شَبِعَ مِنْ خبز وَلحم فِي يَوْم مرَّتَيْنِ وَعند بن سَعْدٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَأْتِي عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مَا يَشْبَعُ مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُ حَدِيثِ الْبَابِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَطْعِمَةِ من طَرِيق سعد الْمَقْبُرِيِّ عَنْهُ مَا شَبِعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ حِنْطَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ غَدَاءً وَعَشَاءً وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبْعَتَيْنِ فِي يَوْمٍ حَتَّى فَارق الدُّنْيَا أخرجه بن سَعْدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَا شَبِعَ مِنْ غَدَاءٍ أَوْ عَشَاءٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ الطَّبَرِيُّ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ النَّاسِ كَوْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَطْوُونَ الْأَيَّامَ جُوعًا مَعَ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَةٍ وَأَنَّهُ قَسَمَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ أَلْفَ بَعِيرٍ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ سَاقَ فِي عُمْرَتِهِ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَنَحَرَهَا وَأَطْعَمَهَا الْمَسَاكِينَ وَأَنَّهُ أَمَرَ لِأَعْرَابِيٍّ بِقَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَغَيْرِهِمْ مَعَ بَذْلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَعُمَرُ بِنِصْفِهِ وَحَثَّ عَلَى تَجْهِيزِ جَيْشِ الْعُسْرَةِ فَجَهَّزَهُمْ عُثْمَانُ بِأَلِفِ بَعِيرٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ فِي حَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ لَا لِعَوْزٍ وَضِيقٍ بَلْ تَارَةً لِلْإِيثَارِ وَتَارَةً لِكَرَاهَةِ الشِّبَعِ وَلِكَثْرَةِ الْأَكْلِ انْتَهَى وَمَا نَفَاهُ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ من الْأَحَادِيث آنِفا وَقد أخرج بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّا كُنَّا نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ فَقَدْ كَذَبَكُمْ فَلَمَّا افتتحت قُرَيْظَةُ أَصَبْنَا شَيْئًا مِنَ التَّمْرِ وَالْوَدَكِ وَتَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الْآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ حَدِيثُ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ شَبِعْنَا مِنَ التَّمْر وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ شَبِعْنَا مِنَ التَّمْرِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْهُمْ كَانُوا فِي حَالِ ضِيقٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ حَيْثُ كَانُوا بِمَكَّةَ ثُمَّ لَمَّا هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ أَكْثَرُهُمْ كَذَلِكَ فَوَاسَاهُمُ الْأَنْصَارُ بِالْمَنَازِلِ وَالْمَنَائِحِ فَلَمَّا فُتِحَتْ لَهُمُ النَّضِيرُ وَمَا بَعْدَهَا رَدُّوا عَلَيْهِمْ مَنَائِحَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَالِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ أَحَدٌ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبِطُ بِلَالٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَكَذَا أخرجه بن حِبَّانَ بِمَعْنَاهُ نَعَمْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتَارُ ذَلِكَ مَعَ إِمْكَانِ حُصُولِ التَّوَسُّعِ وَالتَّبَسُّطِ فِي الدُّنْيَا لَهُ كَمَا أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا فَقُلْتُ لَا يَا رَبِّ وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَسَأَذْكُرُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ .

     قَوْلُهُ  إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْبَغَوِيُّ وَهِلَالٌ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ هُوَ الْوزان وَهُوَ بن حُمَيْدٍ





[ قــ :6117 ... غــ :6455] .

     قَوْلُهُ  مَا أَكْلَ آلُ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ مُنَيْعٍ عَنْ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ هُنَا مَا شَبِعَ مُحَمَّدٌ بِحَذْفِ لَفْظِ آلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مُحَمَّدٌ نَفْسُهُ .

     قَوْلُهُ  أَكْلَتَيْنِ فِي يَوْمٍ إِلَّا إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّمْرَ كَانَ أَيْسَرَ عِنْدَهُمْ مِنْ غَيْرِهِ وَالسَّبَبُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي قَبْلَهُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ رُبَّمَا لَمْ يَجِدُوا فِي الْيَوْمِ إِلَّا أَكْلَةً وَاحِدَةً فَإِنْ وَجَدُوا أَكْلَتَيْنِ فَإِحْدَاهُمَا تَمْرٌ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ مِسْعَرٍ بِلَفْظِ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ يَوْمَيْنِ مِنْ خُبْزِ الْبر الا وَأَحَدهمَا تمر وَقد أخرج بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عِمْرَانَ بْنِ يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ خَرَجَ تَعْنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَمْلَأْ بَطْنَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ طَعَامَيْنِ كَانَ إِذَا شَبِعَ مِنَ التَّمْرِ لَمْ يَشْبَعْ مِنَ الشَّعِيرِ وَإِذَا شَبِعَ مِنَ الشَّعِيرِ لَمْ يَشْبَعْ مِنَ التَّمْرِ وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ فَقَدْ تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَطْعِمَةِ لِلْجَوَازِ وَأَوْرَدَ حَدِيثَ كَانَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ وَبَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ الْخَامِس





[ قــ :6118 ... غــ :6456] قَوْله النَّضر هُوَ بن شُمَيْلٍ بِالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرٌ .

     قَوْلُهُ  كَانَ فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ أَدَمٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ حَشْوُهُ لِيفٌ فِي رِوَايَةِ بن نمير عَن هِشَام عِنْد بن مَاجَهْ بِلَفْظِ كَانَ ضِجَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَمًا حَشْوُهُ لِيفٌ وَالضِّجَاعُ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا جِيمٌ مَا يُرْقَدُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَوَّزُ مِنَ اللِّبَاسِ وَالْبُسُطِ مِنْ كِتَابِ اللِّبَاسِ حَدِيثُ عُمَرَ الطَّوِيلُ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِنَحْوِهِ وَفِيهِ وِسَادَةٌ بَدَلَ مِرْفَقَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ فَرَأَتْ فِرَاشَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبَاءَةً مَثْنِيَّةً فَبَعَثَتْ إِلَيَّ بِفِرَاشٍ حَشْوُهُ صُوفٌ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ فَقَالَ رُدِّيهِ يَا عَائِشَةُ وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ أَجْرَى اللَّهُ مَعِي جِبَالَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ من حَدِيث بن مَسْعُودٍ اضْطَجَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقِيلَ لَهُ أَلَا نَأْتِيكَ بِشَيْءٍ يَقِيكَ مِنْهُ فَقَالَ مَالِي وَلِلدُّنْيَا إِنَّمَا أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدِيثُ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ 





[ قــ :6119 ... غــ :6457] وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْخبز المرقق من كتاب الْأَطْعِمَة الحَدِيث اسابيع ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَقَدْ سَقَطَتِ الثَّانِيَةُ لِلنَّسَفِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ وَثَبَتَتْ لِلْبَاقِينَ وَهِيَ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى يحيى هُوَ الْقطَّان وَهِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَأْتِي عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نُوقِدُ فِيهِ نَارًا إِنَّمَا هُوَ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلَّا أَنْ نُؤْتَى بِاللُّحَيْمِ كَذَا فِيهِ بِالتَّصْغِيرِ إِشَارَةٌ إِلَى قِلَّتِهِ وَقَولُهُ



[ قــ :611 ... غــ :6459] فِي الطَّرِيق الثَّانِيَة بن أَبِي حَازِمٍ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَبُو حَازِمٍ وَيزِيد وَعُرْوَة قَوْله بن أُخْتِي بِحَذْف حرف النداء أَي يَا بن أُخْتِي لِأَنَّ أُمَّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ .

     قَوْلُهُ  إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ الْمُرَادُ بِالْهِلَالِ الثَّالِثِ هِلَالُ الشَّهْرِ الثَّالِثِ وَهُوَ يُرَى عِنْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرَيْنِ وَبِرُؤْيَتِهِ يَدْخُلُ أَوَّلُ الشَّهْرِ الثَّالِثِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عِنْد بن سَعْدٍ كَانَ يَمُرُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِلَالٌ ثُمَّ هِلَالٌ ثُمَّ هِلَالٌ لَا يُوقَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ بُيُوتِهِ نَارٌ لَا لِخُبْزٍ وَلَا لِطَبْخٍ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ يُقَالُ أَعَاشَهُ اللَّهُ أَيْ أَعْطَاهُ الْعَيْشَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَفِيهِ.

قُلْتُ فَمَا كَانَ طَعَامُكُمْ قَالَتِ الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالُوا بِأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا يَعِيشُونَ نَحْوَهُ وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى ثَانِي الْحَالِ بَعْدَ أَنْ فُتِحَتْ قُرَيْظَةُ وَغَيْرُهَا وَمِنْ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قُلْتُ وَأَيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ قَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ قَالَ الصَّغَانِيُّ الْأَسْوَدَانِ يُطْلَقُ عَلَى التَّمْرِ وَالْمَاءِ وَالسَّوَادُ لِلتَّمْرِ دُونَ الْمَاءِ فَنُعِتَا بِنَعْتٍ وَاحِدٍ تَغْلِيبًا وَإِذَا اقْتَرَنَ الشَّيْئَانِ سُمِّيَا بِاسْمِ أَشْهَرِهِمَا وَعَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَاءُ يُسَمَّى الْأَسْوَدَ وَاسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ بِشِعْرٍ.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ تَقَعُ الْخِفَّةُ أَوِ الشَّرَفُ مَوْضِعَ الشُّهْرَةِ كَالْعُمَرَيْنِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْقَمَرَيْنِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ زَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِهِ جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا .

     قَوْلُهُ  كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ جَمْعُ مَنِيحَةٍ بِنُونٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَعند التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبِيتُ اللَّيَالِيَ الْمُتَتَابِعَةَ وَأَهْلُهُ طَاوِينَ لَا يَجِدُونَ عشَاء وَعند بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ سُخْنٍ فَأَكَلَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا دَخَلَ بَطْنِي طَعَامٌ سُخْنٌ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَسَنَدُهُ حسن وَمن شَوَاهِد الحَدِيث مَا أخرجه بن مَاجَهْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِرَارًا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ حَبٍّ وَلَا صَاعُ تَمْرٍ وَإِنَّ لَهُ يَوْمَئِذٍ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْد بن ماجة عَن بن مَسْعُودٍ الْحَدِيثُ الثَّامِنُ





[ قــ :61 ... غــ :6460] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ هُوَ فُضَيْل بن غَزوَان وَعمارَة هُوَ بن الْقَعْقَاع وَأَبُو زرْعَة هُوَ بن عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا هَكَذَا وَقَعَ هُنَا وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وبن مَاجَهْ اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنَّ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ صَالِحٌ لِأَنْ يَكُونَ دُعَاءً بِطَلَبِ الْقُوتِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَنْ يَكُونَ طَلَبَ لَهُمُ الْقُوتَ بِخِلَافِ اللَّفْظِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُعَيِّنُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ وَهُوَ الدَّالُّ عَلَى الْكَفَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي الْبَاب الَّذِي قبله وعَلى ذَلِك شَرحه بن بَطَّالٍ فَقَالَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ الْكَفَافِ وَأَخْذِ الْبُلْغَةِ مِنَ الدُّنْيَا وَالزُّهْدِ فِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي تَوَفُّرِ نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَإِيثَارًا لِمَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى فَيَنْبَغِي أَنْ تَقْتَدِيَ بِهِ أُمَّتُهُ فِي ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ طَلَبَ الْكَفَافَ فَإِنَّ الْقُوتَ مَا يَقُوتُ الْبَدَنَ وَيَكُفُّ عَنِ الْحَاجَةِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَلَامَةٌ مِنْ آفَاتِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ جَمِيعًا وَالله اعْلَم