فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا حنث ناسيا في الأيمان

( قَولُهُ بَابُ إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا فِي الْأَيْمَانِ)
أَيْ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَوْ لَا .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا اخطأتم بِهِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِثُبُوتِ الْوَاوِ فِي أَوَّلِهِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ حِنْثِ مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ فِعْلُهُ إِلَيْهِ شَرْعًا لِرَفْعِ حُكْمِهِ عَنْهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ .

     قَوْلُهُ  لَا تؤاخذني بِمَا نسيت قَالَ الْمُهَلَّبُ حَاوَلَ الْبُخَارِيُّ فِي إِثْبَاتِ الْعُذْرِ بِالْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ لِيُسْقِطَ الْكَفَّارَةَ وَالَّذِي يُلَائِمُ مَقْصُودَهُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَحَدِيثِ مَنْ أَكْلَ نَاسِيًا وَحَدِيثِ نِسْيَانِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَقِصَّةِ مُوسَى فَإِنَّ الْخَضِرَ عَذَرَهُ بِالنِّسْيَانِ وَهُوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْمُسَامَحَةِ قَالَ.
وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ فَفِي مُسَاعَدَتِهَا عَلَى مُرَادِهِ نَظَرٌ.

قُلْتُ وَيُسَاعِدُهُ أَيْضًا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي تَقْدِيمِ بَعْضِ النُّسُكِ عَلَى بَعْضٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِالْإِعَادَةِ بَلْ عَذَرَ فَاعِلَهُ بِجَهْلِ الْحُكْمِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ بَلْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ أَحَادِيثَ الْبَابِ عَلَى الِاخْتِلَافِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهَا أُصُولُ أَدِلَّةِ الْفَرِيقَيْنِ لِيَسْتَنْبِطَ كُلُّ أَحَدٍ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ مَذْهَبُهُ كَمَا صَنَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ جَمَلِهِ فَإِنَّهُ أَوْرَدَ الطّرق على اختلافها وان كَانَ قدبين فِي الْآخِرِ أَنَّ إِسْنَادَ الِاشْتِرَاطِ أَصَحُّ وَكَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَبِهَذَا جَزَمَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ فَقَالَ أَوْرَدَ الْأَحَادِيثَ الْمُتَجَاذِبَةَ لِيُفِيدَ النَّاظِرَ مَظَانَّ النَّظَرِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرِ الْحُكْمَ فِي التَّرْجَمَةِ بَلْ أَفَادَ مُرَادَ الْحُكْمِ وَالْأُصُولِ الَّتِي تَصْلُحُ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهَا وَهُوَ أَكْثَرُ إِفَادَةً مِنْ قَوْلِ الْمُجْتَهِدِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ فَائِدَةٌ أَيْضًا انْتَهَى مُلَخَّصًا وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ بِعَدَمِ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا وَتَوْجِيهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي سَاقَهَا مُمْكِنٌ.
وَأَمَّا مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مُمْكِنٌ فَمِنْهَا الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَلَوْلَا أَنَّ حُذَيْفَةَ أَسْقَطَهَا لَكَانَتْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَمِنْهَا إِبْدَالُ الْأُضْحِيَّةِ الَّتِي ذُبِحَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَالْجَوَابُ أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الَّذِي قَبْلَهُ وَمِنْهَا حَدِيثُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْذُرْهُ بِالْجَهْلِ لَمَا أَقَرَّهُ عَلَى إِتْمَامِ الصَّلَاةِ الْمُخْتَلَّةِ لَكِنَّهُ لَمَّا رَجَا أَنَّهُ يَتَفَطَّنُ لِمَا عَابَهُ عَلَيْهِ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ جَهْلٍ بِالْحُكْمِ عَلَّمَهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ وَأَيْضًا فَالصَّلَاةُ إِنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِالْأَرْكَانِ فَكُلُّ رُكْنٍ اخْتَلَّ مِنْهَا اخْتَلَّتْ بِهِ مَا لَمْ يُتَدَارَكْ وَإِنَّمَا الَّذِي يُنَاسِبُ مَا لَوْ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بَعْدَهُ أَوْ تَكَلَّمَ بِهِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ مَنْ أَكَلَ أَو شرب نَاسِيا قَالَ بن التِّينِ أَجْرَى الْبُخَارِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جنَاح فِيمَا اخطأتم بِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هِيَ فِي قِصَّةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ مَا إِذَا قَالَ الرَّجُلُ يَا بُنَيَّ وَلَيْسَ هُوَ ابْنَهُ وَقِيلَ إِذَا أَتَى امْرَأَتَهُ حَائِضًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَالَ وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ التَّعْمِيمِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قتل خطأ تلْزمهُ الدِّيَة وَإِذ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ خَطَأً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتَهَى وَانْفَصَلَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُتْلَفَاتِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَالَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْآيَةِ مَا يَدْخُلُ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِعُمُومِهَا وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى الْعَمَلِ بِعُمُومِهَا فِي سُقُوطِ الْإِثْمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَذَاهِبَ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَتَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنَ الْأَيْمَانِ فَلَا تَجِبُ وَهَذَا قَوْلٌ عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَعَنِ الْحَنَابِلَةِ عَكْسُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ.

     وَقَالَ  بن الْمُنْذِرِ كَانَ أَحْمَدُ يُوقِعُ الْحِنْثَ فِي النِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ حَسْبُ وَيَقِفُ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ وَالْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ اثْنَا عَشَرَ حَدِيثًا الْحَدِيثُ الأول



[ قــ :6315 ... غــ :6664] قَوْله زُرَارَة بن أبي أَوْفَى هُوَ قَاضِي الْبَصْرَةِ مَاتَ وَهُوَ سَاجِدٌ أَوْرَدَهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ سَبَقَ فِي الْعِتْقِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ مِسْعَرٍ بِلَفْظِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَلَ قَوْلِهِ هُنَا يَرْفَعُهُ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ وَلِلنَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ كِلَاهُمَا عَنْ مِسْعَرٍ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ إِنَّمَا قَالَ يَرْفَعُهُ لِيَكُونَ أَعَمَّ مِنْ ان يكون سَمعه مِنْهُ اومن صَحَابِيٍّ آخَرَ سَمِعَهُ مِنْهُ.

قُلْتُ وَلَا اخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ بَلْ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ قَالَ وَعَنْ وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ الِاحْتِمَالُ إِذَا قَالَ سَمِعْتُ وَنَحْوَهَا وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ وَكِيعًا رَوَاهُ عَنْ مِسْعَرٍ فَلَمْ يَرْفَعْهُ قَالَ وَالَّذِي رَفَعَهُ ثِقَةٌ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ أَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِسَمَاعِ زُرَارَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يُوصَفْ بِالتَّدْلِيسِ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّمَاعِ وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ الْفُرَاتَ بْنَ خَالِدٍ أَدْخَلَ بَيْنَ زُرَارَةَ وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ وَهُوَ خَطَأٌ فَإِنَّ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَكَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ عَنْ زُرَارَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَظَنَّهُ آخَرَ أُبْهِمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لِأُمَّتِي فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي .

     قَوْلُهُ  عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا وَلَمْ يَتَرَدَّدْ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ وَأَبِي عَوَانَةَ عِنْد مُسلم وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ مَا وَسْوَسَتْ بِهَا صُدُورُهَا وَلَمْ يَتَرَدَّدْ أَيْضًا وَضَبْطُ أَنْفُسِهَا بِالنَّصْبِ لِلْأَكْثَرِ وَلِبَعْضِهِمْ بِالرَّفْعِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ بِالثَّانِي وَبِهِ جَزَمَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُرِيدُونَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ .

     قَوْلُهُ  مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ النِّسْيَانِ وَإِنَّمَا فِيهِ ذِكْرُ مَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ.

قُلْتُ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ إِلْحَاقُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النِّسْيَانِ بِالتَّجَاوُزِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ عَمَلِ الْقَلْبِ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ قَاسَ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ عَلَى الْوَسْوَسَةِ فَكَمَا أَنَّهَا لَا اعْتِبَارَ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ التَّوَطُّنِ فَكَذَا النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ لَا تَوْطِينَ لَهُمَا وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة هِشَام بن عمار عَن بن عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُنْكَرَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِنَّمَا تُعْرَفُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَدِيثُ عِنْدَ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الْوَلِيدِ فَلَعَلَّهُ دَخَلَ لَهُ بَعْضُ حَدِيثٍ فِي حَدِيثٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَن بن عُيَيْنَة الْحميدِي وَهُوَ اعرف أَصْحَاب بن عُيَيْنَةَ بِحَدِيثِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ عَنْهُ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ زِيَاد بن أَيُّوب وبن الْمُقْرِئ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمِنَ الْمَخْزُومِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِيهِ أَنَّ الْوُجُودَ الذِّهْنِيَّ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِالْوُجُودِ الْقَوْلِيِّ فِي الْقَوْلِيَّاتِ وَالْعَمَلِيِّ فِي الْعَمَلِيَّاتِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَا يَرَى الْمُؤَاخَذَةَ بِمَا وَقَعَ فِي النَّفْسِ وَلَوْ عَزَمَ عَلَيْهِ وَانْفَصَلَ مَنْ قَالَ يُؤَاخَذُ بِالْعَزْمِ بِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْعَمَلِ يَعْنِي عَمَلَ الْقَلْبِ.

قُلْتُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْجَوَارِحِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ مَا لَمْ يَعْمَلْ يُشْعِرُ بِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فِي الصَّدْرِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ سَوَاءٌ تَوَطَّنَ بِهِ أَمْ لَمْ يَتَوَطَّنْ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الرِّقَاقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى عَظِيمِ قَدْرِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ لِأَجْلِ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ تَجَاوَزَ لِي وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِاخْتِصَاصِهَا بِذَلِكَ بَلْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كَانَ حُكْمَ النَّاسِي كَالْعَامِدِ فِي الْإِثْمِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِصْرِ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي شَكْوَاهُمْ ذَلِكَ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا مِثْلَ مَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا فَقَالُوهَا فَنَزَلَتْ آمَنَ الرَّسُولُ إِلَى آخِرِ السُّورَة وَفِيه فِي .

     قَوْلُهُ  لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قَالَ نعم وَأخرجه من حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ وَفِيهِ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :6316 ... غــ :6665] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا فِي بَابُ الذَّرِيرَةِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ بِهِ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ أَحْسَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا قَبْلَ كَذَا وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ إِنِّي كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا قَوْله لهَؤُلَاء الثَّلَاثُ قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ ذَلِكَ خَاصًّا بِهَذِهِ الرِّوَايَة وَأَن الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ فَإِنَّهُ فِيهِ الْحَلْقُ وَالنَّحْرُ وَالرَّمْيُ لَكِن وجدته فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ بالايهام كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ كِلَاهُمَا عَن بن جُرَيْجٍ مِثْلُ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ سَوَاءٌ الا ان بن بَكْرٍ لَمْ يَقُلْ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ وَمِنْ رِوَايَةِ يحيى بن سعيد الْأمَوِي عَن بن جُرَيْجٍ بِلَفْظِ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ وَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ الْمَذْكُورَةَ من بن جُرَيْجٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَن بن شهَاب شيخ بن جُرَيْجٍ فِيهِ مُفَسَّرًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَج مَعَ شَرحه الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ





[ قــ :6318 ... غــ :6667] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هُوَ الْعُمَرِيُّ وَسَعِيدٌ هُوَ الْمَقْبُرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ بِهَذَا السَّنَدِ سَوَاءً لَكِنْ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ بَدَلَ أَبِي أُسَامَةَ وَفِي بَعْضِ سِيَاقِهِمَا اخْتِلَافٌ بَيَّنْتُهُ هُنَاكَ فَكَأَنَّ لِإِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَحْدَهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ جَمِيعًا وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ هَذَيْنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ





[ قــ :6319 ... غــ :6668] الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ حُذَيْفَة فِي قصَّة قتل أَبِيه الْيَمَانِ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ الْمَنَاقِبِ وَفِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَقَولُهُ فِي آخِرِهِ بَقِيَّةُ خَيْرٍ بِالْإِضَافَةِ لِلْأَكْثَرِ أَيِ اسْتَمَرَّ الْخَيْرُ فِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بَقِيَّةٌ بِالتَّنْوِينِ وَسَقَطَ عِنْدَهُ لَفْظُ خَيْرٍ وَعَلَيْهَا شَرْحُ الْكَرْمَانِيِّ فَقَالَ أَيْ بَقِيَّةُ حُزْنٍ وَتَحَسُّرٍ مِنْ قَتْلِ أَبِيهِ بِذَلِكَ الْوَجْهِ وَهُوَ وَهْمٌ سَبَقَهُ غَيْرُهُ إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ خَيْرٌ بِقَوْلِهِ لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَبَاهُ خَطَأً عَفَا اللَّهُ عَنْكُمْ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ الْخَيْرُ فِيهِ إِلَى أَنْ مَاتَ





[ قــ :630 ... غــ :6669] الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ وَعَوْفٌ فِي السَّنَدِ هُوَ الْأَعْرَابِيُّ وَخِلَاسٌ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ بعْدهَا مُهْملَة وَهُوَ بن عَمْرو وَمُحَمّد هُوَ بن سِيرِينَ وَالْبُخَارِيُّ لَا يُخَرِّجُ لِخِلَاسٍ إِلَّا مَقْرُونًا وَمِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ هُنَا أَنَّ الْمِزِّيَّ فِي الْأَطْرَافِ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَرْجَمَةِ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ خِلَاسٌ فِي الصِّيَامِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى فَوَهِمَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَلَمْ يُورِدْهُ فِي الصِّيَامِ مِنْ طَرِيقِ خِلَاسٍ أَصْلًا.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَوْجَبَ مَالِكٌ الْحِنْثَ عَلَى النَّاسِي وَلَمْ يُخَالِفْ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَصُومَنَّ غَدًا فَأَكَلَ نَاسِيًا بَعْدَ أَنْ بَيَّتَ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ عَنْهُ فَقِيلَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا حِنْثَ وَلَا قَضَاءَ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَمَّا عَدَمُ الْقَضَاءِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ إِبْطَالَ الْعِبَادَةِ.
وَأَمَّا عَدَمُ الْحِنْثِ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَقَدْ صَحَّحَ الشَّارِعُ صَوْمَهُ فَإِذَا صَحَّ صَوْمُهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ حِنْثٌ





[ قــ :631 ... غــ :6670] الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَعَ شَرحه الحَدِيث الثَّامِن حَدِيث بن مَسْعُودٍ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ أَيْضًا هُنَاكَ عقب حَدِيث بن بُحَيْنَةَ وَقَولُهُ





[ قــ :63 ... غــ :6671] هُنَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهْوَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ مُسْنَدِهِ وَقَولُهُ سَمِعَ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَيْ إِنَّهُ سَمِعَ وَلَفْظَةُ إِنَّهُ يُسْقِطُونَهَا فِي الْخَطِّ أَحْيَانًا وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْعَمِّيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّثْقِيلِ وَمَنْصُورٌ هُوَ بن الْمُعْتَمِر وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ وعلقمة هُوَ بن قَيْسٍ وَقَولُهُ فِيهِ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ قَالَ مَنْصُورٌ لَا أَدْرِي إِبْرَاهِيمُ وَهِمَ أَمْ عَلْقَمَةُ كَذَا أَطْلَقَ وَهِمَ مَوْضِعَ شَكَّ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ الشَّكَّ يَنْشَأُ عَنِ النِّسْيَانِ إِذْ لَوْ كَانَ ذكرا لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَمَا وَقَعَ لَهُ التَّرَدُّدُ يُقَالُ وَهِمَ فِي كَذَا إِذَا غَلِطَ فِيهِ وَوَهِمَ إِلَى كَذَا إِذَا ذَهَبَ وَهْمُهُ إِلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْقِبْلَةِ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ فَجَزَمَ بِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الَّذِي تَرَدَّدَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْصُورًا حِينَ حَدَّثَ عَبْدَ الْعَزِيزِ كَانَ مُتَرَدِّدًا هَلْ عَلْقَمَةُ قَالَ ذَلِكَ أَمْ إِبْرَاهِيمُ وَحِينَ حَدَّثَ جَرِيرًا كَانَ جَازِمًا بِإِبْرَاهِيمَ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ لَفْظُ أَقَصُرَتْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ نَقَصَ وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ مِنَ الرَّاوِي وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مُبَاحِثُ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَاكَ أَيْضًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ الْحَدِيثُ التَّاسِعُ ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا يَسِيرًا مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ وَقَولُهُ





[ قــ :633 ... غــ :667] .

قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ هَكَذَا حَذَفَ مَقُولَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْكَهْفِ بِلَفْظِ.

قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ فَذكر قصَّة فَقَالَ بن عَبَّاسٍ رَادًّا عَلَيْهِ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَخْ فَحَذَفَهَا الْبُخَارِيُّ هُنَا كَمَا حَذَفَ أَكْثَرَ الْحَدِيثِ إِلَى أَنْ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى قَالَ لَا تؤاخذني إِلَخْ .

     قَوْلُهُ  كَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ إِنْكَارِهِ خَرْقَ السَّفِينَةِ كَانَ نَاسِيًا لِمَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْخَضِرُ فِي قَوْلِهِ فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذكرا فَإِن قيل ترك مؤاخذته بِالنِّسْيَانِ مُتَّجه وَكَيف وَأَخَذَهُ قُلْنَا عَمَلًا بِعُمُومِ شَرْطِهِ الَّذِي الْتَزَمَهُ فَلَمَّا اعْتَذَرَ لَهُ بِالنِّسْيَانِ عَلِمَ أَنَّهُ خَارِجٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ مِنْ عُمُومِ الشَّرْطِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَتَّجِهُ إِيرَادُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فَإِنْ قِيلَ فَالْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ لَمْ تَكُنْ إِلَّا عَمْدًا فَمَا الْحَامِلُ لَهُ عَلَى خَلْفِ الشَّرْطِ قُلْنَا لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى كَانَ يَتَوَقَّعُ هَلَاكَ أَهْلِ السَّفِينَةِ فَبَادَرَ لِلْإِنْكَارِ فَكَانَ مَا كَانَ وَاعْتَذَرَ بِالنِّسْيَانِ وَقَدَّرَ اللَّهُ سَلَامَتَهُمْ وَفِي الثَّانِيَةِ كَانَ قَتْلُ الْغُلَامِ فِيهَا مُحَقَّقًا فَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْإِنْكَارِ فَأَنْكَرَ ذَاكِرًا لِلشَّرْطِ عَامِدًا لِإِخْلَافِهِ تَقْدِيمًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَذِرْ بِالنِّسْيَانِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُجَرِّبَ نَفْسَهُ فِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّهَا الْحَدُّ الْمُبَيِّنُ غَالِبًا لِمَا يَخْفَى مِنَ الْأُمُورِ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ كَانَتِ الثَّالِثَةُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا قُلْنَا يَظْهَرُ أَنَّهَا كَانَتْ نِسْيَانًا وانما واخذه صَاحِبُهُ بِشَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْمُفَارقَة فِي الثَّالِثَة وَبِذَلِك جزم بن التِّينِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إِنَّهَا كَانَتْ عَمْدًا اسْتِبْعَادًا لِأَنْ يَقَعَ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْكَارُ أَمْرٍ مَشْرُوعٍ وَهُوَ الْإِحْسَانُ لِمَنْ أَسَاءَ وَالله اعْلَم الحَدِيث الْعَاشِر وَالْحَادِي عَشَرَ حَدِيثُ الْبَرَاءِ وحديثُ أنسٍ فِي تَقْدِيمِ صَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى الذَّبْحِ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُمَا مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ





[ قــ :634 ... غــ :6673] .

     قَوْلُهُ  كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ لَمْ تَقَعْ هَذِهِ الصِّيغَةُ لِلْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ مَشَايِخِهِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ أَخْرَجَ بِصِيغَةِ الْمُكَاتَبَةِ فِيهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً لَكِنْ مِنْ رِوَايَةِ التَّابِعِيِّ عَنِ الصَّحَابِيِّ أَوْ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ التَّابِعِيِّ عَنِ التَّابِعِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ بِبُنْدَارٍ وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْلَ الْحَدِيثِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أُخْرَى مَوْصُولَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى بُنْدَارٍ فَذَكَرَهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ بِغَيْرِ وَاوٍ وَظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ لِلْبَرَاءِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا وَقَعَتْ لِخَالِهِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ مِنْ طَرِيقِ زُبَيْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَقَدْ ذَبَحَ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً الْحَدِيثَ وَمِنْ طَرِيق مطرف عَن الشّعبِيّ عَن الْبَراء قَالَ ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَهُمْ وَالْمُرَادُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيد الذّبْح قَالَ بن التِّينِ رُوِّينَاهُ بِكَسْرِ الذَّالِ وَهُوَ مَا يُذْبَحُ وَبِالْفَتْحِ وَهُوَ مَصْدَرُ ذَبَحْتُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ الْبَرَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ لِلْبَرَاءِ فَلَوْلَا اتِّحَادُ الْمَخْرَجِ لَأَمْكَنَ التَّعَدُّدُ لَكِنَّ الْقِصَّةَ مُتَّحِدَةٌ وَالسَّنَدَ مُتَّحِدٌ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ وَالِاخْتِلَافَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ فَكَأَنَّهُ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اخْتِصَارٌ وَحَذْفٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْبَرَاءُ شَارَكَ خَالَهُ فِي سُؤَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِصَّةِ فَنُسِبَتْ كُلُّهَا إِلَيْهِ تَجَوُّزًا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ كَانَ الْبَرَاءُ وَخَالُهُ أَبُو بُرْدَةَ أهل بَيت وَاحِد فنسبت الْقِصَّةَ تَارَةً لِخَالِهِ وَتَارَةً لِنَفْسِهِ انْتَهَى وَالْمُتَكَلِّمُ فِي الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ أَحَدُهُمَا فَتَكُونُ نِسْبَةُ الْقَوْلِ لِلْآخَرِ مَجَازِيَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ هُنَاكَ أَيْضًا قَوْله وَكَانَ بن عَوْنٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  يَقِفُ فِي هَذَا الْمَكَانِ عَنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ أَيْ يَتْرُكُ تَكْمِلَتَهُ .

     قَوْلُهُ  وَيُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَيْ عَنْ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ .

     قَوْلُهُ  وَيَقِفُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَيْ فِي حَدِيثِ بن سِيرِينَ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  وَيَقُولُ لَا أَدْرِي إِلَخْ يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  رَوَاهُ أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْأَضَاحِيِّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ بِهَذَا السَّنَدِ وَلَفْظُهُ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ وَذَكَرَ جِيرَانَهُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا أَدْرِي أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لَا وَهَذَا ظَاهِرُهُ فِي أَنَّ الْكُلَّ مِنْ رِوَايَة بن سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ





[ قــ :635 ... غــ :6674] الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ حَدِيثُ جُنْدُب وَهُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ .

     قَوْلُهُ  خَطَبَ ثُمَّ قَالَ مَنْ ذَبَحَ فَلْيُبَدِّلْ مَكَانَهَا تَقَدَّمَ فِي الْأَضَاحِيِّ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا السَّنَدِ بِلَفْظِ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدِ الْحَدِيثَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَمُنَاسَبَةُ حَدِيثَيِ الْبَرَاءِ وَجُنْدُبٍ لِلتَّرْجَمَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَين الْجَاهِل بالحكم وَالنَّاسِي