فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من أمر بضرب الحد في البيت

( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَمَرَ بِضَرْبِ الْحَدِّ فِي الْبَيْتِ)
يَعْنِي خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يُضْرَبُ الْحَدُّ سِرًّا وَقَدْ وَرَدَ عَنْ عُمَرَ فِي قصَّة ولد أَبِي شَحْمَةَ لَمَّا شَرِبَ بِمِصْرَ فَحَدَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي الْبَيْتِ أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَأَحْضَرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَضَرَبَهُ الْحَدَّ جَهْرًا روى ذَلِك بن سَعْدٍ وَأَشَارَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَد صَحِيح عَن بن عُمَرَ مُطَوَّلًا وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ وَحَمَلُوا صَنِيعَ عُمَرَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي تَأْدِيبِ وَلَدِهِ لَا أَنَّ إِقَامَةَ الْحَدِّ لَا تَصِحُّ إِلَّا جَهرا



[ قــ :6421 ... غــ :6774] قَوْله عبد الْوَهَّاب هُوَ بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ وبن أَبِي مُلَيْكَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ سُمِّيَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَوْله عَن عقبَة بن الْحَارِث أَي بن عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عِنْدَ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَقَدِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ على وَصله وَخَالفهُم إِسْمَاعِيل بن علية فَقَالَ عَن أَيُّوب عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ مُرْسَلًا أَخْرَجَهُ مُسَدَّدٌ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  جِيءَ كَذَا لَهُمْ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْوَكَالَةِ تَسْمِيَةَ الَّذِي أُتِيَ بِهِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الْمُبْهَمَاتِ .

     قَوْلُهُ  بِالنُّعَيْمَانِ أَوْ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ نُعَيْمَانُ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ النُّعَيْمَانُ بِغَيْرِ شَكٍّ فَإِنَّ الزبير بن بكار وبن مَنْدَهْ أَخْرَجَا الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيهِمَا النُّعَيْمَانُ بِغَيْرِ شَكٍّ وَذَكَرْتُ نَسَبَهُ هُنَاكَ وَفِي رِوَايَةِ الزبير كَانَ النعيمان يصبب الشَّرَاب وَهَذَا يُعَكر على قَول بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّ الَّذِي كَانَ أُتِيَ بِهِ قد شرب الْخمر هُوَ بن النُّعَيْمَانِ فَإِنَّهُ قِيلَ فِي تَرْجَمَةِ النُّعَيْمَانِ كَانَ رجلا صَالحا وَكَانَ لَهُ بن انْهَمَكَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ فَجَلَدَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

     وَقَالَ  فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَظن بن النُّعَيْمَانِ جُلِدَ فِي الْخَمْرِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ مرّة وَذكر الزبير بن بَكَّارٍ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ مَزَّاحًا وَلَهُ فِي ذَلِكَ قِصَّةٌ مَعَ سُوَيْبِطِ بْنِ حَرْمَلَةَ وَمَعَ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَالِدِ الْمِسْوَرِ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ ذَكَرَهَا الزُّبَيْرُ مَعَ نَظَائِرَ لَهَا فِي كِتَابِ الْفُكَاهَةِ وَالْمِزَاحِ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ عَاشَ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  شَارِبًا فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ وَهُوَ سَكْرَانُ وَزَادَ فَشَقَّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ مُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ عَنْ وُهَيْبٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَشَقَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِقِصَّةِ النُّعَيْمَانِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى السَّكْرَانِ فِي حَالِ سُكْرِهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ذِكْرُ سَبَبِ الضَّرْبِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ اسْتَمَرَّ فِي حَالِ ضَرْبِهِ وَأَيَّدُوا ذَلِكَ بِالْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالضَّرْبِ فِي الْحَدِّ الْإِيلَامُ لِيَحْصُلَ بِهِ الرَّدْعُ وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَوُجُوبُ الْحَدِّ عَلَى شَارِبِهَا سَوَاءٌ كَانَ شَرِبَ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا وَسَوَاءِ أَسَكِرَ أَمْ لَا