فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب

( قَولُهُ بَابُ مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَيْهِ فَلَا دِيَةَ لَهُ)
كَذَا جَزَمَ بِنَفْيِ الدِّيَةِ وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي سَاقَهُ تَصْرِيحٌ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَلَى عَادَتِهِ



[ قــ :6536 ... غــ :6900] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ أَيْ نَظَرَ مِنْ عُلُوٍّ وَهَذَا الرَّجُلُ لَمْ أَعْرِفِ اسْمَهُ صَرِيحًا لَكِنْ نقل بن بَشْكُوَالَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْغَيْثِ أَنَّهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ وَالِدُ مَرْوَانَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدًا لِذَلِكَ وَوَجَدْتُ فِي كِتَابِ مَكَّةَ لِلْفَاكِهِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سُفْيَانَ عَن الزُّهْرِيّ وَعَطَاء الخرساني أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَلْعَنُ الْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ يَقُولُ اطَّلَعَ عَلَيَّ وَأَنَا مَعَ زَوْجَتِي فُلَانَةَ فَكَلَحَ فِي وَجْهِي وَهَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمَقْصُودِ هُنَا وَوَقَعَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ جَاءَ سَعْدٌ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ هَكَذَا عَنْكَ فَإِنَّمَا الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ الْمُبْهَمُ الَّذِي فِي ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ وَلَمْ يَنْسِبْ سَعْدٌ هَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ حجر فِي بعض حجر تقدم ضبط اللَّفْظَيْنِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ .

     قَوْلُهُ  بِمِشْقَصٍ أَوْ مَشَاقِصَ هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَأَنَّهُ النَّصْلُ الْعَرِيضُ وَقَولُهُ فِي الْخَبَرِ الَّذِي بَعْدَهُ مِدْرًى قَدْ يُخَالِفُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ رَأْسَ الْمِدْرَى كَانَ مُحَدَّدًا فَأَشْبَهَ النَّصْلَ وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْمِدْرَى فِي بَابِ الِامْتِشَاطِ مِنْ كِتَابِ اللِّبَاسِ وَأَنَّ مِمَّا قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ حَدِيدَةً كَالْخِلَالِ لَهَا رَأْسٌ مُحَدَّدٌ وَقِيلَ لَهَا سِنَّانِ مِنْ حَدِيدٍ .

     قَوْلُهُ  وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ لَامٌ مِنَ الْخَتْلِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَهُوَ الْإِصَابَةُ عَلَى غَفْلَةٍ .

     قَوْلُهُ  لِيَطْعُنَهُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الطَّعْنَ بِالْفِعْلِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالْقَوْلِ بِفَتْحِهَا وَقَدْ قِيلَ هُمَا سَوَاءٌ زَادَ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَذَهَبَ أَوْ لَحِقَهُ فَأَخْطَأَ وَفِي رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ حَمَّادٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فَمَا أَدْرِي أذهب أَو كَيفَ صنع الحَدِيث الثَّانِي





[ قــ :6537 ... غــ :6901] قَوْله حَدثنَا لَيْث هُوَ بن سَعْدٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي حُجْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّكَ رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيُّ أَنْ خَفِيفَةٌ .

     قَوْلُهُ  فِي عَيْنَيْكَ كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيِّ وَلِلْبَاقِينَ فِي عَيْنِكَ بِالْإِفْرَادِ وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي تَعَدُّدَ الْقِصَّةِ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ جَزَمَ بِأَنَّهُ اطَّلَعَ وَأَرَادَ أَنْ يَطْعُنَهُ وَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ عَلَّقَ طَعْنَهُ عَلَى نَظَرِهِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ قِبَلِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مِنْ جِهَةِ .

     قَوْلُهُ  الْبَصَرُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ النَّظَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ وَجْهٍ آخر عَن الزُّهْرِيّ بِلَفْظ آخر الحَدِيث الثَّالِث





[ قــ :6539 ... غــ :690] قَوْله حَدثنَا عَليّ هُوَ بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَخْرَجَهُ عَن بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ .

     قَوْلُهُ  لَوْ أَنَّ امْرَأً تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ وَالْمرَاد بالجناح هُنَا الْحَرج وَقد أخرجه بن أبي عَاصِم من وَجه آخر عَن بن عُيَيْنَةَ بِلَفْظِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ حَرَجٍ وَمن طَرِيق بن عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَن يفقؤا عَيْنَهُ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ حَمَلَ الْجُنَاحَ هُنَا عَلَى الْإِثْمِ وَرُتِّبَ عَلَى ذَلِكَ وُجُوبُ الدِّيَةِ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ رَفْعِ الْإِثْمِ رَفْعُهَا لِأَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ إِثْبَاتَ الْحِلِّ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَوَرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أصرح من هَذَا عِنْد أَحْمد وبن أبي عَاصِم وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْهُ بِلَفْظِ مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قوم بِغَيْر إذْنهمْ ففقؤا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ هَدَرٌ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ إِبْقَاءُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَتَرْبِيَتِهِ وَاتِّخَاذُ آلَةٍ يُزِيلُ بِهَا عَنْهُ الْهَوَامَّ وَيَحُكُّ بِهَا لِدَفْعِ الْوَسَخِ أَوِ الْقَمْلِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى مَنْ يَكُونُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقِ الْبَابِ وَمَنْعُ التَّطَلُّعِ عَلَيْهِ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الِامْتِشَاطِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فِي بَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ لَا يَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْمَحَارِمِ بَلْ يُشْرَعُ عَلَى مَنْ كَانَ مُنْكَشِفًا وَلَوْ كَانَ أُمًّا أَوْ أُخْتًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ رَمْيِ مَنْ يَتَجَسَّسُ وَلَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ جَازَ بِالثَّقِيلِ وَأَنَّهُ إِنْ أُصِيبَتْ نَفْسُهُ أَوْ بَعْضُهُ فَهُوَ هَدَرٌ وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى الْقِصَاصِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَصْدُ الْعَيْنِ وَلَا غَيْرِهَا وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُدْفَعُ بِالْمَعْصِيَةِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ إِذَا ثَبَتَ الْإِذْنُ لَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ لَوْ تَجَرَّدَ عَنْ هَذَا السَّبَبِ يُعَدُّ مَعْصِيَةً وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ دَفْعِ الصَّائِلِ وَلَوْ أَتَى عَلَى نَفْسِ الْمَدْفُوعِ وَهُوَ بِغَيْرِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ مَعْصِيَةٌ فَهَذَا مُلْحَقٌ بِهِ مَعَ ثُبُوتِ النَّصِّ فِيهِ وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ وَالْإِرْهَابِ وَوَافَقَ الْجُمْهُورُ مِنْهُم بن نَافِعٍ.

     وَقَالَ  يَحْيَى بْنُ عُمَرَ مِنْهُمْ لَعَلَّ مَالِكًا لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالَّذِي يَهُمُّ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَا يَجُوزُ أَوْ يُؤَدِّيَ إِلَى مَا لَا يَجُوزُ وَالْحَمْلُ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ لَا يَتِمُّ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ بِرَفْعِ الْحَرَجِ وَلَيْسَ مَعَ النَّصِّ قِيَاسٌ وَاعْتَلَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَصَدَ النَّظَرَ إِلَى عَوْرَةِ الْآخَرِ ظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُبِيحُ فَقْءَ عَيْنِهِ وَلَا سُقُوطَ ضَمَانِهَا عَمَّنْ فَقَأَهَا فَكَذَا إِذَا كَانَ الْمَنْظُورُ فِي بَيْتِهِ وَتَجَسَّسَ النَّاظِرُ إِلَى ذَلِكَ وَنَازَعَ الْقُرْطُبِيُّ فِي ثُبُوتِ هَذَا الْإِجْمَاعِ.

     وَقَالَ  إِنَّ الْخَبَرَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مُطَّلِعٍ قَالَ وَإِذَا تَنَاوَلَ الْمُطَّلِعُ فِي الْبَيْتِ مَعَ الْمَظِنَّةِ فَتَنَاوُلُهُ الْمُحَقَّقَ أَوْلَى.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّطَلُّعَ إِلَى مَا فِي دَاخِلِ الْبَيْتِ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي النَّظَرِ إِلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ مَثَلًا بَلْ يَشْمَلُ اسْتِكْشَافَ الْحَرِيمِ وَمَا يَقْصِدُ صَاحِبُ الْبَيْتِ سَتْرَهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَجِبُ اطِّلَاعُ كُلِّ أَحَدٍ عَلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ التَّجْسِيسِ وَالْوَعِيدُ عَلَيْهِ حَسْمًا لِمَوَادِّ ذَلِكَ فَلَوْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ الْمُدَّعَى لَمْ يَسْتَلْزِمْ رَدَّ هَذَا الْحُكْمِ الْخَاصِّ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعَاقِلَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَرَى وَجْهَ زَوْجَتِهِ وَابْنَتِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَكَذَا فِي حَالِ مُلَاعَبَتِهِ أَهْلَهُ أَشَدُّ مِمَّا رَأَى الْأَجْنَبِيُّ ذَكَرَهُ مُنْكَشِفًا وَالَّذِي أَلْزَمَهُ الْقُرْطُبِيُّ صَحِيحٌ فِي حَقِّ مَنْ يَرُومُ النَّظَرَ فَيَدْفَعُهُ الْمَنْظُورُ إِلَيْهِ وَفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ لَا يُشْرَعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْإِنْذَارُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَجْهَانِ قِيلَ يُشْتَرَطُ كَدَفْعِ الصَّائِلِ وَأَصَحُّهُمَا لَا لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ يَخْتِلُهُ بِذَلِكَ وَفِي حُكْمِ الْمُتَطَلِّعِ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ النَّاظِرُ مِنْ كَوَّةٍ مِنَ الدَّارِ وَكَذَا مَنْ وَقَفَ فِي الشَّارِعِ فَنَظَرَ إِلَى حَرِيمِ غَيْرِهِ أَوْ إِلَى شَيْءٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ وَقِيلَ الْمَنْعُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ كَانَ فِي مِلْكِ الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ وَهَلْ يُلْحَقُ الِاسْتِمَاعُ بِالنَّظَرِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ لَا لِأَنَّ النَّظَرَ إِلَى الْعَوْرَةِ أَشَدُّ مِنِ اسْتِمَاعِ ذِكْرِهَا وَشَرْطُ الْقِيَاسِ الْمُسَاوَاةُ أَوْ أَوْلَوِيَّةُ الْمَقِيسِ وَهُنَا بِالْعَكْسِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اعْتِبَارِ قَدْرِ مَا يُرْمَى بِهِ بِحَصَى الْخَذْفِ الْمُقَدَّمِ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَخَذَفْتُهُ فَلَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ يَقْتُلُ أَوْ سَهْمٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْقِصَاصُ وَفِي وَجْهٍ لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِذَلِكَ جَازَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَهُ فِي تِلْكَ الدَّارِ زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ أَوْ مَتَاعٌ فَأَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ رَمْيُهُ لِلشُّبْهَةِ وَقِيلَ لَا فَرْقَ وَقِيلَ يَجُوزُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ غَيْرُ حَرِيمِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا غَيْرُهُمْ أُنْذِرَ فَإِنِ انْتَهَى وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ هُوَ مَالِكُهَا أَوْ سَاكِنُهَا لَمْ يَجُزِ الرَّمْيُ قَبْلَ الْإِنْذَارِ إِلَّا إِنْ كَانَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا لِأَنَّ مِنَ الْأَحْوَالِ مَا يُكْرَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَصَّرَ صَاحِبُ الدَّارِ بِأَنْ تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَكَانَ النَّاظِرُ مُجْتَازًا فَنَظَرَ غَيْرَ قَاصِدٍ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا وَيَلْتَحِقُ بِهَذَا مَنْ نَظَرَ مِنْ سَطْحِ بَيْتِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ وَقَدْ تَوَسَّعَ أَصْحَابُ الْفُرُوعِ فِي نَظَائِر ذَلِك قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَبَعْضُ تَصَرُّفَاتِهِمْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ إِطْلَاقِ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ وَبَعْضُهَا مِنْ مُقْتَضَى فَهْمِ الْمَقْصُودِ وَبَعْضُهَا بِالْقِيَاسِ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم