فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: لا يقتل المسلم بالكافر

( قَولُهُ بَابُ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ)
عَقَّبَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ بِالَّتِي قَبْلَهَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَى قَتْلِ الذِّمِّيِّ أَنْ يُقْتَصَّ مِنَ الْمُسْلِمِ إِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا كَانَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ فَلَيْسَ لَهُ قَتْلُ كُلِّ كَافِرٍ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ



[ قــ :6550 ... غــ :6915] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ ثَبَتَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ ح وَحَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ إِلَخْ وَالصَّوَابُ مَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَطَرِيقُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ تَقَدَّمَتْ فِي الْجِزْيَةِ .

     قَوْلُهُ  مُطَرِّفٌ بِمُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ هُوَ بن طَرِيفٍ بِوَزْنِ عَظِيمٍ كُوفِيٌّ مَشْهُورٌ .

     قَوْلُهُ  سَأَلْتُ عَلِيًّا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ بَيَانُ سَبَبِ هَذَا السُّؤَالِ وَهَذَا السِّيَاقُ أَخْصَرُ مِنْ سِيَاقِهِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ أَحْمَدُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهَذَا السَّنَدِ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ فَقَالَ لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِلَّا فَهْمٌ يُؤْتِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآن ومافي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَذَكَرَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُطَرِّفٍ فِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ مَعَ شَرْحِ الْحَدِيثِ وَبَيَانِ اخْتِلَافِ أَلْفَاظٍ نَقَلْتُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَبَيَانِ الْمُرَادِ بِالْعَقْلِ وَفِكَاكِ الْأَسِيرِ.
وَأَمَّا تَرْكُ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ فَأَخَذَ بِهِ الْجُمْهُورُ إِلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ إِذَا قَتَلَ غِيلَةً أَنْ يُقْتَلَ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ ذِمِّيًّا اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ مَنْعِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَهِيَ لَا تُسْتَثْنَى فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ إِذَا قَتَلَهُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ يُقْتَلُ بِالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ دُونَ الْمَجُوسِيِّ وَاحْتَجُّوا بِمَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ لَا يُقْتَلْ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَأخرجه بن ماجة من حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَطُرُقُهُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ إِلَّا الطَّرِيقَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ فَإِنَّ سَنَدَ كُلٍّ مِنْهُمَا حَسَنٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ قَبُولِهِ فَقَالُوا وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ وَلَا يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ قَالُوا وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَيَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ ذُو الْعَهْدِ هُوَ الْحَرْبِيُّ دُونَ الْمُسَاوِي لَهُ وَالْأَعْلَى فَلَا يَبْقَى مَنْ يُقْتَلُ بِالْمُعَاهَدِ إِلَّا الْحَرْبِيَّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُسْلِمُ هُوَ الْحَرْبِيُّ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ لَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ وَلَا ذِي عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَإِلَّا لَكَانَ لَحْنًا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَلْحَنُ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ ذَا الْعَهْدِ هُوَ الْمَعْنِيُّ بِالْقِصَاصِ فَصَارَ التَّقْدِيرُ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ قَالَ وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أشهر واللائى لم يحضن فَإِنَّ التَّقْدِيرَ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْدِيرِ وَالْكَلَامُ مُسْتَقِيمٌ بِغَيْرِهِ إِذَا جَعَلْنَا الْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةً وَيُؤَيِّدُهُ اقْتِصَارُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهَا لِلْعَطْفِ فَالْمُشَارَكَةُ فِي أَصْلِ النَّفْيِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ مُنْطَلِقًا وَعَمْرٍو فَإِنَّهُ لَا يُوجب أَن يكون بِعَمْرٍو مُنْطَلِقًا أَيْضًا بَلِ الْمُشَارَكَةُ فِي أَصْلِ الْمُرُورِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ لِأَنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّمَاءِ الَّتِي يَسْقُطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا الْحَصْرَ مَرْدُودٌ فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ أَحْكَامًا كَثِيرَةً غَيْرَ هَذِهِ وَقَدْ أَبْدَى الشَّافِعِيُّ لَهُ مُنَاسَبَةً فَقَالَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا أَعْلَمَهُمْ أَنْ لَا قَوَدَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ دِمَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَالَ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ قِصَاصًا وَلَا يُقْتَلُ مَنْ لَهُ عَهْدٌ مَا دَامَ عَهده بَاقِيا.

     وَقَالَ  بن السَّمْعَانِيِّ.
وَأَمَّا حَمْلُهُمُ الْحَدِيثَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى التَّخْصِيصِ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يُبْنَى فِي الشَّرْعِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ إِنَّمَا هُوَ لِشَرَفِ الْإِسْلَامِ أَوْ لِنَقْصِ الْكُفْرِ أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَنْبُوعُ الْكَرَامَةِ وَالْكُفْرَ يَنْبُوعُ الْهَوَانِ وَأَيْضًا إِبَاحَةُ دَمِ الذِّمِّيِّ شُبْهَةٌ قَائِمَةٌ لِوُجُودِ الْكُفْرِ الْمُبِيحِ لِلدَّمِ وَالذِّمَّةُ إِنَّمَا هِيَ عَهْدٌ عَارِضٌ مَنَعَ الْقَتْلَ مَعَ بَقَاءِ الْعِلَّةِ فَمِنَ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ أَنْ لَا يَقْتُلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فَإِنِ اتَّفَقَ الْقَتْلُ لَمْ يُتَّجَهِ الْقَوْلُ بِالْقَوَدِ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ الْمُبِيحَةَ لِقَتْلِهِ مَوْجُودَةٌ وَمَعَ قِيَامِ الشُّبْهَةِ لَا يُتَّجَهُ الْقَوَدُ.

قُلْتُ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ زُفَرَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِ أَصْحَابِهِ فَأَسْنَدَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ.

قُلْتُ لِزُفَرَ إِنَّكُمْ تَقُولُونَ تُدْرَأُ الْحُدُودُ بِالشُّبُهَاتِ فَجِئْتُمْ إِلَى أَعْظَمِ الشُّبُهَاتِ فَأَقْدَمْتُمْ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ قَالَ فَاشْهَدْ عَلَى أَنِّي رجعت عَن هَذَا وَذكر بن الْعَرَبِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ سَأَلَ الشَّاشِيَّ عَنْ دَلِيلِ تَرْكِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ قَالَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْعُمُومِ فَيَقُولُ أَخُصُّهُ بِالْحَرْبِيِّ فَعَدَلَ الشَّاشِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَجْهُ دَلِيلِي السُّنَّةُ وَالتَّعْلِيلُ لِأَنَّ ذِكْرَ الصِّفَةِ فِي الْحُكْمِ يَقْتَضِي التَّعْلِيلَ فَمَعْنَى لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ تَفْضِيلُ الْمُسْلِمِ بِالْإِسْلَامِ فَأَسْكَتَهُ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمَّارِ بْنِ مَطَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ ربيعَة عَن بن الْبَيْلَمَانِي عَن بن عُمَرَ قَالَ قَتْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمًا بِكَافِرٍ.

     وَقَالَ  أَنَا أَوْلَى مَنْ وَفَى بِذِمَّتِهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِبْرَاهِيمُ ضَعِيفٌ وَلم يروه مَوْصُولا غَيره وَالْمَشْهُور عَن بن الْبَيْلَمَانِيِّ مُرْسَلًا.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ أَخْطَأَ رَاوِيهِ عَمَّارُ بْنُ مَطَرٍ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي سَنَدِهِ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَرَاوِيهِ غَيْرُ ثِقَةٍ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى.

قُلْتُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ إِبْرَاهِيمُ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ ربيعَة عَن بن الْبَيْلَمَانِي وبن الْبَيْلَمَانِيِّ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ وَوُثِّقَ فَلَا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ إِذَا وَصَلَ فَكَيْفَ إِذَا أَرْسَلَ فَكَيْفَ إِذَا خَالَفَ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بَلَغَنِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنَا حَدَّثْتُ بِهِ ربيعَة عَن بن الْمُنْكَدر عَن بن الْبَيْلَمَانِيِّ فَرَجَعَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيم ضَعِيف أَيْضا قَالَ أَبُو عبيد وَبِمِثْلِ هَذَا السَّنَدِ لَا تُسْفَكُ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ.

قُلْتُ وَتَبَيَّنَ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ مَطَرٍ خَبَطَ فِي سَنَدِهِ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ كَلَامًا حَاصله أَن فِي حَدِيث بن الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي قِصَّةِ الْمُسْتَأْمَنِ الَّذِي قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ فَعَلَى هَذَا لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ مَنْسُوخًا لِأَنَّ حَدِيثَ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ خَطَبَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ كَمَا فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقِصَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى ذَلِكَ بِزَمَانٍ.

قُلْتُ وَمِنْ هُنَا يُتَّجَهُ صِحَّةُ التَّأْوِيلِ الَّذِي تَقَدَّمَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ خُطْبَةَ يَوْمِ الْفَتْحِ كَانَتْ بِسَبَب الْقَتِيل الَّذِي قتلته خُزَاعَةُ وَكَانَ لَهُ عَهْدٌ فَخَطَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ قَتَلْتُ مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ لَقَتَلْتُهُ بِهِ.

     وَقَالَ  لَا يُقْتَلْ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدٍ فَأَشَارَ بِحُكْمِ الْأَوَّلِ إِلَى تَرْكِ اقْتِصَاصِهِ مِنَ الْخُزَاعِيِّ بِالْمُعَاهَدِ الَّذِي قَتَلَهُ وَبِالْحُكْمِ الثَّانِي إِلَى النَّهْيِ عَن الاقدام على مافعله الْقَاتِلُ الْمَذْكُورُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ حُجَجِهِمْ قَطْعُ الْمُسْلِمِ بِسَرِقَةِ مَالِ الذِّمِّيِّ قَالُوا وَالنَّفْسُ أَعْظَمُ حُرْمَة وَأجَاب بن بَطَّالٍ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ حَسَنٌ لَوْلَا النَّصُّ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أُعِيدَتِ السَّرِقَةُ بِعَيْنِهَا لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ وَلَوْ عَفَا وَالْقَتْلُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَأَيْضًا الْقِصَاصُ يُشْعِرُ بِالْمُسَاوَاةِ وَلَا مُسَاوَاةَ لِلْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ وَالْقَطْعُ لَا نشترط فِيهِ الْمُسَاوَاة