فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب القصر في المنام

( قَولُهُ بَابُ الْقَصْرِ فِي الْمَنَامِ)
قَالَ أَهْلُ التَّعْبِيرِ الْقَصْرُ فِي الْمَنَامِ عَمَلٌ صَالِحٌ لِأَهْلِ الدِّينِ وَلِغَيْرِهِمْ حَبْسٌ وَضِيقٌ وَقَدْ يُفَسَّرُ دُخُولُ الْقصر بِالتَّزْوِيجِ وَذكر فِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ



[ قــ :6655 ... غــ :7023] بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ أَخْرَجَهُ من رِوَايَة عقيل عَن بن شِهَابٍ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ بن شِهَابٍ بِلَفْظِ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُنِي وَهُوَ بِضَمِّ التَّاءِ لِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ مَا نقل عَن بن قُتَيْبَةَ وَالْخَطَّابِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ تَتَوَضَّأُ تَصْحِيفٌ وَأَنَّ الْأَصْلَ شَوْهَاءُ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَوَاوٍ سَاكِنَةٍ ثمَّ هَاء عوض الضَّاد الْمُعْجَمَة واعتل بن قُتَيْبَةَ بِأَنَّ الْجَنَّةَ لَيْسَتْ دَارَ تَكْلِيفٍ ثُمَّ وَجَدْتُ بَعْضَهُمُ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ شَوْهَاءُ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لَا يَرُدُّ عَلَى بن قُتَيْبَةَ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّوْهَاءِ الْحَسْنَاءُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاضِحًا قَالَ وَالْوُضُوءُ لُغَوِيٌّ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا تَوَضَّأَتْ لِتَزْدَادَ حُسْنًا وَنُورًا لَا أَنَّهَا تُزِيلُ وَسَخًا وَلَا قَذَرًا إِذِ الْجَنَّةُ مُنَزَّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ تَتَوَضَّأُ مِنَ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالْحُسْنُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْوُضُوءِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْجَنَّةِ لَيْسَتْ دَارَ تَكْلِيفٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّكْلِيفِ.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُرَادَ وُقُوعُ الْوُضُوءِ مِنْهَا حَقِيقَةً لِكَوْنِهِ مَنَامًا فَيَكُونُ مِثَالًا لِحَالَةِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ أَنَّهَا أُمُّ سُلَيْمٍ وَكَانَتْ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ حِينَئِذٍ فَرَآهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ إِلَى جَانِبِ قَصْرِ عُمَرَ فَيَكُونُ تَعْبِيرُهُ بِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ مِنْ أَهْلِ التَّعْبِيرِ أَنَّ مَنْ رَأَى أَنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَنَّهُ يَدْخُلُهَا فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الرَّائِي لذَلِك أصدق الْخلق وَأما وضوؤها فَيُعْبَرُ بِنَظَافَتِهَا حِسًّا وَمَعْنًى وَطَهَارَتِهَا جِسْمًا وَحُكْمًا.
وَأَمَّا كَوْنُهَا إِلَى جَانِبِ قَصْرِ عُمَرَ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا تُدْرِكُ خِلَافَتَهُ وَكَانَ كَذَلِكَ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ أَنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ حَقٌّ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرَةِ عُمَرَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَنَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ بَعْضُهُ يَفْتَقِرُ إِلَى تَعْبِيرٍ فَإِنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ حَقٌّ يَعْنِي لَيْسَتْ مِنَ الْأَضْغَاثِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا أَوْ مِثَالًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَوَائِدُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَنَاقِبِ وَقَولُهُ أَعَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنَ الْمَقْلُوبِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَقُولَ أَعْلَيْهَا أَغَارُ مِنْكَ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَفْظُ عَلَيْكَ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِأَغَارُ بَلِ التَّقْدِيرُ مُسْتَعْلِيًا عَلَيْكَ أَغَارُ عَلَيْهَا قَالَ وَدَعْوَى الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعَةٌ إِذْ لَا مُحْوِجَ إِلَى ارْتِكَابِ الْقَلْبِ مَعَ وُضُوحِ الْمَعْنَى بِدُونِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ عَلَى وَأَرَادَ مِنْ كَمَا قِيلَ إِنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ تَتَنَاوَبُ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ ذِكْرِ الرَّجُلِ بِمَا عُلِمَ مِنْ خُلُقِهِ كَغَيْرَةِ عُمَرَ وَقَولُهُ





[ قــ :6656 ... غــ :704] رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عُرِفَ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ عُمَرُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عُمَرُ إِمَّا بِالْقَرَائِنِ وَإِمَّا بِالْوَحْي قَوْله مُعْتَمر هُوَ بن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ الْبَصْرِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هُوَ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ أَتَمَّ من هَذَا وَشَرحه مُسْتَوفى فِي المناقب