فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من شاق شق الله عليه

( قَولُهُ بَابُ مَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ)
فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ مَنْ شَقَّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَالْمَعْنَى مَنْ أَدْخَلَ عَلَى النَّاسِ الْمَشَقَّةَ أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَشَقَّةَ فَهُوَ مِنَ الْجَزَاءِ بِجِنْسِ الْعَمَل



[ قــ :6770 ... غــ :7152] قَوْله خَالِد هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْجُرَيْرِيِّ بِضَمِّ الْجِيمِ هُوَ سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِلْعَبَّاسِ الْجُرَيْرِيِّ شَيْئًا وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ وَخَالِدٌ الطَّحَّانُ مَعْدُودٌ فِيمَنْ سَمِعَ مِنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَكَانَتْ وَفَاةُ الْجُرَيْرِيِّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَاخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ الْآجُرِّيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ مَنْ أَدْرَكَ أَيُّوبَ فَسَمَاعُهُ مِنَ الْجُرَيْرِيِّ جَيِّدٌ.

قُلْتُ وَخَالِدٌ قَدْ أَدْرَكَ أَيُّوبَ فَإِنَّ أَيُّوبَ لَمَّا مَاتَ كَانَ خَالِدٌ الْمَذْكُورُ بن إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً .

     قَوْلُهُ  عَنْ طَرِيفٍ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَزْنُ عَظِيمٍ .

     قَوْلُهُ  أَبِي تَمِيمَةَ بِالْمُثَنَّاةِ وزن عَظِيمَة هُوَ بن مُجَالِدٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ الْهُجَيْمِيِّ بِالْجِيمِ مُصَغَّرٌ نِسْبَةً إِلَى بَنِي الْهُجَيْمِ بَطْنٌ مِنْ تَمِيم وَكَانَ مَوْلَاهُم وَهُوَ بَصرِي مَاله فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ تَقَدَّمَ فِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَوْله شهِدت صَفْوَان هُوَ بن مُحْرِزِ بْنِ زِيَادٍ التَّابِعِيُّ الثِّقَةُ الْمَشْهُورُ مِنْ أهل الْبَصْرَة قَوْله وجندبا هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ قَالَهُ الْكَلَابَاذِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَأَصْحَابَهُ أَيْ أَصْحَابَ صَفْوَانَ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ أَيْ جُنْدُبٌ يُوصِيهِمْ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ بِلَفْظِ شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَأَصْحَابَهُ وَجُنْدُبًا يُوصِيهِمْ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ عَمِّهِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَعَثَ إِلَى عَسْعَسَ بْنِ سَلَامَةَ زَمَنَ فتْنَة بن الزُّبَيْرِ فَقَالَ اجْمَعْ لِي نَفَرًا مِنْ إِخْوَانِي حَتَّى أُحَدِّثَهُمْ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي تَحْدِيثِهِ لَهُمْ بِقِصَّةِ الَّذِي حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَتَلَهُ وَأَظُنُّ أَنَّ الْقِصَّتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَيَجْمَعُهُمَا أَنَّهُ حَذَّرَهُمْ مِنَ التَّعَرُّضِ لِقَتْلِ الْمُسلم وزمن فتْنَة بن الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَقِبَ مَوْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ فَقَالَ ائْتِنِي بِنَفَرٍ مِنْ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَلْيَكُونُوا شُيُوخًا قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِنَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ وَأَبِي بِلَالٍ مِرْدَاسٍ وَنَفَرٍ مَعَهُمَا سِتَّةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْحَدِيثَ.

قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ أَنَّهُ انْطَلَقَ مَعَ جُنْدُبٍ إِلَى الْبَصْرَةِ فَقَالَ هَلْ كُنْتَ تُدَارِسُ أَحَدًا الْقُرْآنَ.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَائْتِنِي بِهِمْ قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِنَافِعٍ وَأَبِي بِلَالٍ مِرْدَاسٍ وَنَجْدَةَ وَصَالِحِ بْنِ مِشْرَحٍ فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُ قلت وَهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة من رُؤُوس الْخَوَارِج الَّذين خَرجُوا إِلَى مَكَّة لنصر بن الزُّبَيْرِ لَمَّا جَهَّزَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُيُوشَ فَشَهِدُوا مَعَهُ الْحِصَارَ الْأَوَّلَ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْخَبَر بِمَوْت يزِيد بن مُعَاوِيَة سَأَلُوا بن الزُّبَيْرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي عُثْمَانَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فَغَضِبُوا وَفَارَقُوهُ فَحَجُّوا وَخَرَجَ نَجْدَةُ بِالْيَمَامَةِ فَغَلَبَ عَلَيْهَا وَعَلَى بَعْضِ بِلَادِ الْحِجَازِ وَخَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ بِالْعِرَاقِ فَدَامَتْ فِتْنَتُهُ مُدَّةً.
وَأَمَّا أَبُو بِلَالٍ مِرْدَاسٌ فَكَانَ خَرَجَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ .

     قَوْلُهُ  مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قُلْتُ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَتْنُ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ وَفِيهِ وَمَنْ رَايَا وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ مَقْصُودُ هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِلسَّرْخَسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ وَبِفَكِّ الْقَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ التَّسَتُّرِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ شَاهِينَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشُقُّ اللَّهُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالُوا أَوْصِنَا فَقَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ يَعْنِي بَعْدَ الْمَوْتِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ جُنْدُبٍ وَلَفْظُهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا مَاتَ بَطْنُهُ .

     قَوْلُهُ  فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ فِي رِوَايَةِ صَفْوَانَ فَلَا يُدْخِلْ بَطْنَهُ إِلَّا طَيِّبًا هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَوْقُوفًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ هُوَ الْبَصْرِيُّ عَنْ جُنْدُبٍ مَوْقُوفًا وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ وَسِيَاقُهُ يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ وَالْوَقْفَ فَإِنَّهُ صُدِّرَ بِقَوْلِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَمَّعَ الْحَدِيثَ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ وَيُنْتِنُ بِنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ وَضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَمَاضِيهِ أَنْتَنَ وَنَتَنَ وَالنَّتْنُ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ .

     قَوْلُهُ  وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفٍّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَحُولَ وَبِلَفْظِ مِلْءِ بِغَيْرِ مُوَحَّدَةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ كَفِّهِ .

     قَوْلُهُ  مِنْ دَمٍ هَرَاقَهُ أَيْ صَبَّهُ فَلْيفْعَل قَالَ بن التِّينِ وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا أَهْرَاقَهُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا.

قُلْتُ هِيَ لِمَنْ عَدَا أَبَا ذَرٍّ كَذَا وَقَعَ هَذَا الْمَتْنُ أَيْضًا مَوْقُوفًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جُنْدُبٍ مَوْقُوفًا وَزَادَ الْحَسَنُ بَعْدَ قَوْلِهِ يُهْرِيقُهُ كَأَنَّمَا يَذْبَحُ دَجَاجَةً كُلَّمَا تَقَدَّمَ لِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَوَقَعَ مَرْفُوعًا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جُنْدُبٍ وَلَفْظُهُ تَعْلَمُونَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحُولَنَّ بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ وَهُوَ يَرَاهَا مِلْءُ كَفِّ دَمٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَهْرَاقَهُ بِغَيْرِ حِلِّهِ وَهَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ مُصَرَّحًا بِرَفْعِهِ لَكَانَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ وَهُوَ وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِقَتْلِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ مِلْءِ كَفٍّ مِنْ دَمٍ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مِقْدَارِ دَمِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ كَذَا قَالَ وَمِنْ أَيْنَ هَذَا الْحَصْرُ وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ ذِكْرَ مِلْءِ الْكَفِّ كَالْمِثَالِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحُولَنَّ بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ فَذَكَرَ نَحْوَ رِوَايَةِ الْجُرَيْرِيِّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ فَبَكَى الْقَوْمُ فَقَالَ جُنْدُبٌ لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ قَوْمًا أَحَقَّ بِالنَّجَاةِ مِنْ هَؤُلَاءِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ.

قُلْتُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَصْدِيرِهِ كَلَامِهِ بِحَدِيثِ مَنْ سَمَّعَ وَكَأَنَّهُ تَفَرَّسَ فِيهِمْ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ وَلَقَدْ صَدَقَتْ فِرَاسَتُهُ فَإِنَّهُمْ لَمَّا خَرَجُوا بَذَلُوا السَّيْفَ فِي الْمُسْلِمِينَ وَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَالْأَطْفَالَ وَعَظُمَ الْبَلَاءُ بِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي كتاب الْمُحَاربين قَالَ بن بَطَّالٍ الْمُشَاقَّةُ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الشِّقَاقِ وَهُوَ الْخِلَافُ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنِ الْقَوْلِ الْقَبِيحِ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَكَشْفِ مسَاوِيهِمْ وَعُيُوبِهِمْ وَتَرْكُ مُخَالَفَةِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ وَالنَّهْيُ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ وَالْإِضْرَارِ بِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ شَقَّ الْأَمْرُ عَلَيْكَ مَشَقَّةً أَضَرَّ بِكَ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَشَقَّةَ وَالْمُشَاقَّةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ جَوَّزَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ الْمَشَقَّةُ مِنَ الْإِضْرَارِ فَيَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَأَنْ تَكُونَ مِنَ الشِّقَاقِ وَهُوَ الْخِلَافُ وَمُفَارَقَةُ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي شِقٍّ أَيْ نَاحِيَةٍ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَرَجَّحَ الدَّاوُدِيُّ الثَّانِي وَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَوَقَعَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ.

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُنْدُبٌ قَالَ نَعَمْ جُنْدُبٌ انْتَهَى وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَالسَّائِلُ لَهُ الْفَرَبْرِيُّ وَقَدْ خَلَتْ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ سِيقَ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي أَوْرَدْتُهَا مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ جُنْدُبًا هُوَ الْقَائِلُ وَلَيْسَ فِيمَنْ سُمِّيَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ