فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام

( قَولُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ)
هَكَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ بِلَفْظِ بَابُ إِلَّا فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ فَوَقَعَ فِيهَا كِتَابُ أَخْبَارِ الْآحَادِ ثُمَّ قَالَ بَابُ مَا جَاءَ إِلَى آخِرِهَا فَاقْتَضَى أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّمَنِّي أَنْ يُقَالَ بَابُ لَا كِتَابُ أَوْ يُؤَخَّرُ عَنْ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِأَبِي ذَرٍّ وَالْقَابِسِيِّ وَالْجُرْجَانِيِّ وَثَبَتَتْ هُنَا قَبْلَ الْبَابِ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ أَبْوَابِ الِاعْتِصَامِ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مُتَعَلَّقَاتِهِ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ بَيَّضَ الْكِتَابَ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ الْبَسْمَلَةِ كِتَابُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ بِعُمْدَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْإِجَازَةِ جَوَازُ الْعَمَلِ بِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ حجَّة وبالواحد هُنَا حَقِيقَةُ الْوَحْدَةِ.
وَأَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ وَقَصْدُ التَّرْجَمَةِ الرَّدُّ بِهِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْخَبَرَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ إِلَّا إِذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّهَادَةِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ شَرَطَ أَرْبَعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ نَقَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَنْ يَرْوِيَهُ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى مُنْتَهَاهُ وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَرْبَعَةٌ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَبَعْضُهُمْ خَمْسَةٌ عَنْ خَمْسَةٍ وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ انْتَهَى وَكَأَنَّ كُلَّ قَائِلٍ مِنْهُمْ يَرَى أَنَّ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ يُفِيدُ التَّوَاتُرَ أَوْ يَرَى تَقْسِيمَ الْخَبَرِ إِلَى مُتَوَاتِرٍ وَآحَادٍ وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمْ وَفَاتَ الْأُسْتَاذَ ذِكْرُ مَنِ اشْتَرَطَ اثْنَيْنِ عَنِ اثْنَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ وَنُسِبَ إِلَى الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ شَرْطُ الشَّيْخَيْنِ وَلَكِنَّهُ غَلَطٌ عَلَى الْحَاكِمِ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى عُلُومِ الْحَدِيثِ وَقَولُهُ الصَّدُوقُ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَمُقَابِلُهُ وَهُوَ الْكَذُوبُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ فَثَالِثُهَا يَجُوزُ إِنِ اعْتَضَدَ وَقَولُهُ وَالْفَرَائِضِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَأَفْرَدَ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لِيُعْلَمَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَمَلِيَّاتِ لَا فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَالْمُرَادُ بِقَبُولِ خَبَرِهِ فِي الْأَذَانِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُؤْتَمَنًا فَأَذَّنَ تَضَمَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ فَجَازَتْ صَلَاةُ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي الصَّلَاةِ الْإِعْلَامُ بِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَفِي الصَّوْمِ الْإِعْلَامُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَولُهُ وَالْأَحْكَامِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْفَرَائِضِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى عَامٍّ أَخَصُّ مِنْهُ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ فَرْدٌ مِنَ الْأَحْكَامِ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْلَا نَفَرَ من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة الْآيَةَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ سِيَاقُ الْآيَةِ إِلَى قَوْلِهِ يَحْذَرُونَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ غَيْرِهَا الْآيَةَ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ لَفْظَ طَائِفَةٍ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ فَمَا فَوْقَهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ كَالنَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ نَقَلَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَن عَطاء وَعِكْرِمَة وبن زيد أَرْبَعَة وَعَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا مِنْ أَرْبَعَةٍ إِلَى أَرْبَعِينَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ثَلَاثَةٌ وَعَنِ الْحَسَنِ عَشَرَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ أقل الطَّائِفَة أَرْبَعَة كَذَا أطلق بن التِّينِ وَمَالِكٌ إِنَّمَا قَالَهُ فِيمَنْ يَحْضُرُ رَجْمَ الزَّانِي وَعَنْ رَبِيعَةَ خَمْسَةٌ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ لَفْظُ طَائِفَةٍ يُرَادُ بِهَا الْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ طَائِفٌ وَيُرَادُ بِهَا الْوَاحِدُ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَرَاوِيَةٍ وَعَلَامَةٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجَمْعُ وَأُطْلِقَ عَلَى الْوَاحِدِ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ الطَّائِفَةُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَقَوَّاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ بِأَنَّ لَفْظَ طَائِفَةٍ يُشْعِرُ بِالْجَمَاعَةِ وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الطَّائِفَةَ فِي اللُّغَةِ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَدَدُ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ الْأُولَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ لَمَّا قَالَ فَلَوْلَا نَفَرَ من كل فرقة وَكَانَ أَقَلُّ الْفِرْقَةِ ثَلَاثَةً وَقَدْ عَلَّقَ النَّفَرَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَأَقَلُّ مَنْ يَنْفِرُ وَاحِدٌ وَيَبْقَى اثْنَانِ وَبِالْعَكْسِ .

     قَوْلُهُ  وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى وان طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلَانِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الرَّجُلَانِ دَخَلَا فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ سَبَقَهُ إِلَى الْحُجَّةِ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَقَبْلَهُ مُجَاهِدٌ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلَهُ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤمنِينَ لِكَوْنِ سِيَاقِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ لِأَنَّا لَمْ نَقُلْ إِنَّ الطَّائِفَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومَيِ الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ فَإِنَّهُمَا يَقْتَضِيَانِ قَبُولَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَهَذَا الدَّلِيلُ يُورَدُ لِلتَّقَوِّي لَا لِلِاسْتِقْلَالِ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ قَدْ لَا يَقُولُ بِالْمَفَاهِيمِ وَاحْتَجَّ الْأَئِمَّةُ أَيْضًا بِآيَاتٍ أُخْرَى وَبِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَجْمُوعَهَا يُفِيدُ الْقَطْعَ كَالتَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ وَقَدْ شَاعَ فَاشِيًا عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَاقْتَضَى الِاتِّفَاقُ مِنْهُمْ عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهُمْ عَمِلُوا بِغَيْرِهَا أَوْ عَمِلُوا بِهَا لَكِنَّهَا أَخْبَارٌ مَخْصُوصَةٌ بِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْعِلْمُ حَاصِلٌ مِنْ سِيَاقِهَا بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَمِلُوا بِهَا لِظُهُورِهَا لَا لِخُصُوصِهَا .

     قَوْلُهُ  وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْكَلَامِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ بَابِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَزَادَ فِيهِ بُعِثَ الرُّسُلُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ تَعَدُّدُ الْجِهَاتِ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهَا بِتَعَدُّدِ الْمَبْعُوثِينَ وَحَمَلَهُ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ فَائِدَةُ بَعْثِ الْآخِرِ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِيَرُدَّهُ إِلَى الْحَقِّ عِنْدَ سَهْوِهِ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ لِثُبُوتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَوْ لَمْ يَكْفِ قَبُولُهُ مَا كَانَ فِي إِرْسَالِهِ مَعْنًى وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا كَمَا سَأَذْكُرُهُ وَأَيَّدَهُ بِحَدِيثِ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبِحَدِيثِ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنِّي حَدِيثًا فَأَدَّاهُ وَهُوَ فِي السُّنَنِ وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ بِأَنَّ إِرْسَالَهُمْ إِنَّمَا كَانَ لِقَبْضِ الزَّكَاةِ وَالْفُتْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهِيَ مُكَابَرَةٌ فَإِنَّ الْعِلْمَ حَاصِلٌ بِإِرْسَالِ الْأُمَرَاءِ لِأَعَمَّ مِنْ قَبْضِ الزَّكَاةِ وَإِبْلَاغِ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَهِرْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا تَأْمِيرُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَمْرُهُ لَهُ وَقَولُهُ لَهُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ إِلَخْ وَالْأَخْبَارُ طَافِحَةٌ بِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ مِنْهُمْ كَانُوا يَتَحَاكَمُونَ إِلَى الَّذِي أُمِّرَ عَلَيْهِمْ وَيَقْبَلُونَ خَبَرَهُ وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى قَرِينَةٍ وَفِي أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ مَعَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُهُمْ فَلَوْ كَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ غَيْرَ مَقْبُولٍ لَتَعَذَّرَ إِبْلَاغُ الشَّرِيعَةِ إِلَى الْكُلِّ ضَرُورَةً لِتَعَذُّرِ خِطَابِ جَمِيعِ النَّاسِ شِفَاهًا وَكَذَا تَعَذُّرُ إِرْسَالِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ إِلَيْهِمْ وَهُوَ مَسْلَكٌ جَيِّدٌ يَنْضَمُّ إِلَى مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ وَاحْتَجَّ مَنْ رَدَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ بِتَوَقُّفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبُولِ خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ عَارَضَ عِلْمَهُ وَكُلُّ خَبَرٍ وَاحِدٍ إِذَا عَارَضَ الْعِلْمَ لَمْ يُقْبَلْ وَبِتَوَقُّفِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي حَدِيثَيِ الْمُغِيرَةِ فِي الْجَدَّةِ وَفِي مِيرَاثِ الْجَنِينِ حَتَّى شَهِدَ بِهِمَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَبِتَوَقُّفِ عُمَرَ فِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى فِي الاسْتِئْذَان حَتَّى شهد لَهُ أَبُو سعيد وبتوقف عَائِشَة فِي خبر بن عُمَرَ فِي تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ الْحَيِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُمْ إِمَّا عِنْدَ الِارْتِيَابِ كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي مُوسَى فَإِنَّهُ أَوْرَدَ الْخَبَرَ عِنْدَ إِنْكَارِ عُمَرَ عَلَيْهِ رُجُوعَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَتَوَعُّدِهُ فَأَرَادَ عُمَرُ الِاسْتِثْبَاتَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ.
وَأَمَّا عِنْدَ مُعَارَضَةِ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ كَمَا فِي إِنْكَارِ عَائِشَةَ حَيْثُ اسْتَدَلَّتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ عَنِ اثْنَيْنِ وَإِلَّا فَمَنْ يَشْتَرِطُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ قَبْلَ عَائِشَةَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لأَنهم قبلو االخبر مِنَ اثْنَيْنِ فَقَطْ وَلَا يَصِلُ ذَلِكَ إِلَى التَّوَاتُرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِ الْقَرِينَةِ إِذْ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً مَا احْتِيجَ إِلَى الثَّانِي وَقَدْ قَبِلَ أَبُو بَكْرٍ خَبَرَ عَائِشَةَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَقَبِلَ عُمَرُ خَبَرَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي أَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ سَوَاءٌ وَقَبِلَ خَبَرَ الضَّحَّاك بن سُفْيَان فِي تَوْرِيث الْمَرْأَة من دِيَةِ زَوْجِهَا وَقَبِلَ خَبَرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي أَمْرِ الطَّاعُونِ وَفِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ وَقَبِلَ خَبَرَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَبِلَ عُثْمَانُ خَبَرَ الْفُرَيْعَةِ بِنْتِ سِنَانٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ فِي إِقَامَة الْمُعْتَمدَة عَنِ الْوَفَاةِ فِي بَيْتِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بُعِثَ لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ وَصِدْقُ خَبَرِ الْوَاحِدِ مُمْكِنٌ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ احْتِيَاطًا وَأَنَّ إِصَابَةَ الظَّنِّ بِخَبَرِ الصَّدُوقِ غَالِبَةٌ وَوُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ نَادِرٌ فَلَا تُتْرَكُ الْمَصْلَحَةُ الْغَالِبَةُ خَشْيَةَ الْمَفْسَدَةِ النَّادِرَةِ وَأَنَّ مَبْنَى الْأَحْكَامِ عَلَى الْعَمَلِ بِالشَّهَادَةِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْقَطْعَ بِمُجَرَّدِهَا وَقَدْ رَدَّ بَعْضُ مَنْ قَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَا كَانَ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ قَبِلُوهُ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الْمَرْفِقِ فِي الْوُضُوءِ وَهُوَ زَائِدٌ وَحُصُولُ عُمُومِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَنِصَابِ السَّرِقَةِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَفَسَّرُوا ذَلِكَ بِمَا يَتَكَرَّرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَإِيجَابِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَبِالْقَيْءِ وَالرُّعَافِ وَكُلُّ هَذَا مَبْسُوطٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ اكْتَفَيْتُ هُنَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفِ هُنَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ بِمُهْمَلَةٍ ومثلثة مصغر بن حشيش بِمُهْملَة ومعجمتين وزن عَظِيم وَيُقَال بن أَشْيَمَ بِمُعْجَمَةٍ وَزْنُ أَحْمَرَ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ حِجَازِيٍّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَمَاتَ بِهَا سنة أَربع وَسَبْعِينَ بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الصَّوَابِ



[ قــ :6857 ... غــ :7246] .

     قَوْلُهُ  عَبْدُ الْوَهَّاب هُوَ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ وَأَيُّوبُ هُوَ السَّخْتِيَانِيُّ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ وَافِدِينَ عَلَيْهِ سَنَةَ الْوُفُودِ وَقد ذكر بن سَعْدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وِفَادَةَ بَنِي لَيْثٍ رَهْطِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْمَذْكُورِ كَانَتْ قَبْلَ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَكَانَتْ تَبُوكُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ .

     قَوْلُهُ  وَنَحْنُ شَبَبَةٌ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ وَفَتَحَاتٍ جَمْعُ شَابٍّ وَهُوَ مَنْ كَانَ دُونَ الْكُهُولَةِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ أَوَّلِ الْكُهُولَةِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَفِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ فِي الصَّلَاةِ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ قَوْمِي وَالنَّفَرُ عَدَدٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ فِي الصَّلَاةِ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي وَجَمَعَ الْقُرْطُبِيُّ بِاحْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْوِفَادَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَالْأَوْلَى فِي الْجَمْعِ أَنَّهُمْ حِينَ أَذِنَ لَهُمْ فِي السَّفَرِ كَانُوا جَمِيعًا فَلَعَلَّ مَالِكًا ورفيقه عادا إِلَى تَوْدِيعِهِ فَأَعَادَ عَلَيْهِمَا بَعْضَ مَا أَوْصَاهُمْ بِهِ تَأْكِيدًا وَأَفَادَ ذَلِكَ زِيَادَةُ بَيَانِ أَقَلِّ مَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْجَمَاعَةُ .

     قَوْلُهُ  مُتَقَارِبُونَ أَيْ فِي السِّنِّ بَلْ فِي أَعَمَّ مِنْهُ فَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مَسْلَمَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَكُنَّا يَوْمَئِذٍ مُتَقَارِبِينَ فِي الْعِلْمِ وَلِمُسْلِمٍ كُنَّا مُتَقَارِبِينَ فِي الْقِرَاءَةِ وَمِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يُؤْخَذُ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِهِ قَدَّمَ الْأَسَنَّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأَقْرَأِ بَلْ فِي حَالِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْكِرْمَانِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَقَالَ يُؤْخَذُ اسْتِوَاؤُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ مِنَ الْقِصَّةِ لِأَنَّهُمْ أَسْلَمُوا وَهَاجَرُوا مَعًا وَصَحِبُوا وَلَازَمُوا عِشْرِينَ لَيْلَةً فَاسْتَوَوْا فِي الْأَخْذِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِوَاءَ فِي الْعِلْمِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْفَهْمِ إِذْ لَا تَنْصِيصَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ .

     قَوْلُهُ  رَقِيقًا بِقَافَيْنِ وَبِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَعِنْدَ رُوَاةِ مُسْلِمٍ بِقَافَيْنِ فَقَطْ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ هُنَا .

     قَوْلُهُ  اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَهْلِينَا بِكَسْرِ اللَّامِ وَزِيَادَةِ يَاءٍ وَهُوَ جَمْعُ أَهْلٍ وَيُجْمَعُ مُكَسَّرًا عَلَى أَهَالٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُخَفَّفًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ فِي الصَّلَاةِ اشْتَقْنَا إِلَى أَهْلِنَا بَدَلَ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا وَفِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهْلِنَا وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ كُلٍّ مِنْهُمْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  سَأَلَنَا بِفَتْحِ اللَّامِ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ الْمَذْكُورِينَ .

     قَوْلُهُ  ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُمْ فِي الرُّجُوعِ لِأَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ قَدِ انْقَطَعَتْ بِفَتْحِ مَكَّةَ فَكَانَتِ الْإِقَامَةُ بِالْمَدِينَةِ بِاخْتِيَارِ الْوَافِدِ فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْكُنُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ يتَعَلَّم مَا يحْتَاج إِلَيْهِ قَوْله وعلموهم ومرورهم بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ضِدِّ النَّهْي وَالْمُرَادُ بِهِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِفِعْلٍ خِلَافَ مَا نُهِيَ عَنْهُ اتِّفَاقًا وَعَطَفَ الْأَمْرَ عَلَى التَّعْلِيمِ لِكَوْنِهِ أَخَصَّ مِنْهُ أَوْ هُوَ اسْتِئْنَافٌ كَأَنَّ سَائِلًا قَالَ مَاذَا نُعَلِّمُهُمْ فَقَالَ مُرُوهُمْ بِالطَّاعَاتِ وَكَذَا وَكَذَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ مُرُوهُمْ فَلْيُصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَعُرِفَ بِذَلِكَ الْمَأْمُورُ الْمُبْهَمُ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ بَيَانَ الْأَوْقَاتِ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهَا عِنْدَهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا وَلَا أَحْفَظُهَا قَائِلُ هَذَا هُوَ أَبُو قِلَابَةَ رَاوِي الْخَبَرَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَوْ لَا أَحْفَظُهَا وَهُوَ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ .

     قَوْلُهُ  وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي أَيْ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَحْفَظُهَا أَبُو قِلَابَةَ عَنْ مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ وَصَلُّوا فَقَطْ وَنُسِبَتْ إِلَى الِاخْتِصَارِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ هُوَ الَّذِي وَقَعَ هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا تَامًّا فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ فِي كتاب الْأَدَب قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ اسْتَدَلَّ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ عَلَى الْوُجُوبِ بِالْفِعْلِ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي قَالَ وَهَذَا إِذَا أُخِذَ مُفْرَدًا عَنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ وَسِيَاقِهِ أَشْعَرَ بِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأُمَّةِ بِأَنْ يُصَلُّوا كَمَا كَانَ يُصَلِّي فَيَقْوَى الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ ثَبَتَ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي الصَّلَاةِ لَكِنَّ هَذَا الْخِطَابَ إِنَّمَا وَقَعَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَأَصْحَابِهِ بِأَنْ يُوقِعُوا الصَّلَاةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي رَأَوْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِ نَعَمْ يُشَارِكُهُمْ فِي الْحُكْمِ جَمِيعُ الْأُمَّةِ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ اسْتِمْرَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَدَلِّ بِهِ دَائِمًا حَتَّى يَدْخُلَ تَحْتَ الْأَمْرِ وَيَكُونَ وَاجِبًا وَبَعْضُ ذَلِكَ مَقْطُوعٌ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِهِ فِي تِلْكَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي تَعَلَّقَ الْأَمْرُ بِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ عَلَى صِفَتِهَا فَلَا نَحْكُمُ بِتَنَاوُلِ الْأَمْرِ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ أَيْ دَخَلَ وَقْتُهَا .

     قَوْلُهُ  فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ هُوَ مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ سَائِرُ شَرْحِهِ فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ وَفِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :6858 ... غــ :747] .

     قَوْلُهُ  عَن يحيى هُوَ بن سعيد الْقطَّان والتيمي هُوَ سُلَيْمَان بن طرخان وَأَبُو عُثْمَان هُوَ النَّهْدِيّ والسند كُله إِلَى بن مَسْعُودٍ بَصْرِيُّونَ وَقَولُهُ وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَجَمَعَ يَحْيَى كَفَّيْهِ يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ رَاوِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ أَبْوَابِ الْأَذَانِ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَلَى سُلَيْمَانَ وَفِيهِ وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ تَقُولَ هَكَذَا.

     وَقَالَ  بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى فَوْقٍ وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّ أَصْلَ الرِّوَايَةِ بِالْإِشَارَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالْقَوْلِ وَأَنَّ الرُّوَاةَ عَنْ سُلَيْمَانَ تَصَرَّفُوا فِي حِكَايَةِ الْإِشَارَةِ وَاسْتَوْفَيْتُ هُنَاكَ الْكَلَامَ عَلَى شَرْحِهِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَولُهُ فِيهِ مِنْ سُحُورِهِ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ سُجُودِهِ بِجِيمٍ ودال وَهُوَ تَحْرِيف الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن عُمَرَ فِي نِدَاءِ بِلَالٍ بِلَيْلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا الْحَدِيثُ الرَّابِع حَدِيث عبد الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ فِي صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهم خمْسا وَالْحكم فِي السَّنَد هُوَ بن عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخعِيّ وعلقمة هُوَ بن قَيْسٍ وَقَولُهُ فَقِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ تَقَدَّمَ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ جَمَاعَتُهُمْ وَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ تَسَارَرُوا فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ الْمُخَاطِبِ لَهُ بِذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَائِرُ مَبَاحِثِهِ هُنَاكَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ بن التِّينِ بَوَّبَ لِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهَذَا الْخَبَرُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ لِأَنَّ الْمُخْبِرِينَ لَهُ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ انْتَهَى وَسَيَأْتِي جَوَابُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ فِي سُجُود السَّهْو وَمُحَمّد فِي السَّنَد هُوَ بن سِيرِينَ وَفِيهِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَفِيهِ فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَبْوَابِ سُجُودِ السَّهْوِ أَيْضًا وَوَجْهُ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا لَمْ يَقْنَعْ فِي الْإِخْبَارِ بِسَهْوِهِ بِخَبَرِ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ عَارَضَ فِعْلَ نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ اسْتَفْهَمَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ بِصِدْقِهِ رَجَعَ إِلَيْهِمْ وَفِي الْقِصَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَخْبَرُوهُ كُلُّهُمْ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَرَى رُجُوعَ الْإِمَامِ فِي السَّهْوِ إِلَى أَخْبَارِ مَنْ يُفِيدُ خَبَرُهُ الْعِلْمَ عِنْدَهُ وَهُوَ رَأْيُ الْبُخَارِيِّ وَلِذَلِكَ أَوْرَدَ الْخَبَرَيْنِ هُنَا بِخِلَافِ مَنْ يَحْمِلُ الْأَمْرَ عَلَى أَنَّهُ تَذَكَّرَ فَلَا يَتَّجِهُ إِيرَادُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَارَ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِسَبَبِ مَا حَفَّهُ مِنَ الْقَرَائِنِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ إِنَّمَا اسْتَثْبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ دُونَ مَنْ صَلَّى مَعَهُ بِمَا ذُكِرَ مَعَ كَثْرَتِهِمْ فَاسْتَبْعَدَ حِفْظَهُ دُونَهُمْ وَجَوَّزَ عَلَيْهِ الْخَطَأَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ خَبَرِ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا الْحَدِيثُ السَّادِس حَدِيث بن عُمَرَ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَبْوَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَالْحُجَّةُ مِنْهُ بِالْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ إِلَى جِهَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَحَوَّلُوا عَنْهُ بِخَبَرِ الَّذِي قَالَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَصَدَّقُوا خَبَرَهُ وَعَمِلُوا بِهِ فِي تَحَوُّلِهِمْ عَنْ جِهَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهِيَ شَامِيَّةٌ إِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ يَمَانِيَّةٌ عَلَى الْعَكْسِ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ خَبَرَ الْمَذْكُورِ أَفَادَهُمُ الْعِلْمَ بِصِدْقِهِ لِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ قَرِينَةِ ارْتِقَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُقُوعَ ذَلِكَ لِتَكَرُّرِ دُعَائِهِ بِهِ وَالْبَحْثُ إِنَّمَا هُوَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ إِذَا تَجَرَّدَ عَنِ الْقَرِينَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِذَا سُلِّمَ أَنَّهُمُ اعْتَمَدُوا عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ كَفَى فِي صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْقَرِينَةِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ الْعَمَلُ بِالْخَبَرِ الْمَحْفُوفِ بِالْقَرِينَةِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى مَنِ اشْتَرَطَ الْعَدَدَ وَأَطْلَقَ وَكَذَا مَنِ اشْتَرَطَ الْقَطْعَ.

     وَقَالَ  إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِي أَبْوَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَيْضًا وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الَّذِي أَخْبَرَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِالتَّحْوِيلِ لَمْ يُعْرَفِ اسْمُهُ وَيَحْيَى شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ هُوَ بن مُوسَى الْبَلْخِي وَإِسْرَائِيل هُوَ بن يُونُسَ وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ وَهُوَ جَدُّ إِسْرَائِيلَ الْمَذْكُورِ الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدِيثُ أَنَسٍ كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ وَأَنَّ الْآتِيَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُسَمَّ وَأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَوَاللَّهِ مَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلَا رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ وَهُوَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا بِهِ نَسْخَ الشَّيْءِ الَّذِي كَانَ مُبَاحًا حَتَّى أَقْدَمُوا مِنْ أَجْلِهِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ التَّاسِعُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ فِي السَّنَدِ هُوَ السَّبِيعِيُّ وَشَيْخُهُ صِلَةُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّام هُوَ بن زُفَرَ يُكْنَى أَبَا الْعَلَاءِ كُوفِيٌّ عَبْسِيٌّ بِالْمُوَحَّدَةِ مِنْ رَهْطِ حُذَيْفَةَ





[ قــ :6865 ... غــ :754] .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي مَعَ شَرْحِهِ وَقَولُهُ اسْتَشْرَفَ بِمُعْجَمَةٍ بَعْدَ مُهْمَلَةٍ أَيْ تَطَلَّعُوا إِلَيْهَا وَرَغِبُوا فِيهَا بِسَبَبِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ حَدِيثُ أَنَسٍ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ تَقَدَّمَ أَيْضًا مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ حَدِيثُ عُمَرَ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ تَقَدَّمَ بَيَانُ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَالْقَدْرُ الْمَذْكُورُ هُنَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَاقَهُ بِتَمَامِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ التَّحْرِيمِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقْبَلُ خَبَرَ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ وَقَولُهُ





[ قــ :6867 ... غــ :756] وَإِذَا غِبْتُ وَشَهِدَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي وَشَهِدَهُ أَيْ حَضَرَ مَا يَكُونُ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَنَّ كُلَّ صَاحِبٍ وَتَابِعٍ سُئِلَ عَنْ نَازِلَةٍ فِي الدِّينِ فَأَخْبَرَ السَّائِلَ بِمَا عِنْدَهُ فِيهَا مِنَ الْحُكْمِ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ لَا يَعْمَلَ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَسْأَلَ غَيْرَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْأَلَ الْكَوَّافَ بَلْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يُخْبِرُهُ بِمَا عِنْدَهُ فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ حَدِيثُ عَلِيٍّ





[ قــ :6868 ... غــ :757] .

     قَوْلُهُ  وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ طَاعَةِ الْأَمِيرِ فِيمَا فِيهِ طَاعَةٌ لَا فِيمَا فِيهِ مَعْصِيَةٌ فِي أَوَائِلِ الْأَحْكَامِ وَقَولُهُ فِيهِ لَا طَاعَةَ فِي الْمَعْصِيَةِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي مَعْصِيَةٍ وَخَفِيَتْ مُطَابَقَةُ هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة على بن التِّينِ فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ مَا بَوَّبَ لَهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُطِيعُوهُ فِي دُخُولِ النَّارِ.

قُلْتُ لَكِنَّهُمْ كَانُوا مُطِيعِينَ لَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَبِه يتم المُرَاد الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ أَوْرَدَهُ مِنْ رِوَايَة صَالح وَهُوَ بن كيسَان وَمن رِوَايَة شُعْبَة وَهُوَ بن أَبِي حَمْزَةَ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيم فِي السَّنَد الأول هُوَ بْنُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْمُحَارِبِينَ وَبَيَّنْتُ فِيهِ الَّذِي قَالَ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ وَأَنَّهُ مَدْرَجٌ فِي هَذِهِ الطَّرِيق قَالَ بن الْقَيِّمِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ رَدَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ مَا مُلَخَّصُهُ السُّنَّةُ مَعَ الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ تُوَافِقَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَكُونَ مِنْ تَوَارُدِ الْأَدِلَّةِ ثَانِيهَا أَنْ تَكُونَ بَيَانًا لِمَا أُرِيدَ بِالْقُرْآنِ ثَالِثُهَا أَنْ تَكُونَ دَالَّةً عَلَى حُكْمٍ سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ وَهَذَا الثَّالِث يَكُونُ حُكْمًا مُبْتَدَأً مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُطَاعُ إِلَّا فِيمَا وَافَقَ الْقُرْآنَ لَمْ تَكُنْ لَهُ طَاعَةٌ خَاصَّةٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَقَدْ تَنَاقَضَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْحُكْمُ الزَّائِدُ عَلَى الْقُرْآنِ إِلَّا إِنْ كَانَ مُتَوَاتِرًا أَوْ مَشْهُورًا فَقَدْ قَالُوا بِتَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَتَحْرِيمِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ بِالرَّضَاعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ وَمِيرَاثِ الْجَدَّةِ وَتَخْيِيرِ الْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ وَمَنْعِ الْحَائِضِ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ وَوُجُوبِ إِحْدَادِ الْمُعْتَدَّةِ عَنِ الْوَفَاةِ وَتَجْوِيزِ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَإِيجَابِ الْوِتْرِ وَأَنَّ أَقَلَّ الصَّدَاقِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَتَوْرِيثِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ الْبِنْت واستبراء المسببة بِحَيْضَةٍ وَأَنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ وَلَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ وَقَطْعِ رِجْلِ السَّارِقِ فِي الثَّانِيَةِ وَتَرْكِ الِاقْتِصَاصِ مِنَ الْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الكالىء بالكالىء وَغَيرهَا مِمَّا يَطُولُ شَرْحُهُ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا آحَادٌ وَبَعْضُهَا ثَابِتٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَلَكِنَّهُمْ قَسَّمُوهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفَاصِيلُ يَطُولُ شَرْحُهَا وَمَحَلُّ بَسْطِهَا أُصُولُ الْفِقْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق