فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الاعتصام بالكتاب والسُّنّة

( قَولُهُ بَابُ خَبَرِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث بن عَمْرٍو بِهِ وَبِمَا فِي الْبَابَيْنِ قَبْلَهُ تَكْمُلُ الْأَحَادِيثُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ حَدِيثًا



[ قــ :6877 ... غــ :7267] .

     قَوْلُهُ  عَنْ تَوْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هُوَ بن كَيْسَانَ يُسَمَّى أَبَا الْمُوَرِّعِ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْإِهْمَالِ والعنبري بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ نِسْبَةً إِلَى بَنِي الْعَنْبَرِ بَطْنٌ شَهِيرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ .

     قَوْلُهُ  أَرَأَيْتَ حَدِيثَ الْحَسَنِ أَيِ الْبَصْرِيِّ وَالرُّؤْيَا هُنَا بَصَرِيَّةٌ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ كَانَ الشَّعْبِيُّ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يُرْسِلُ الْأَحَادِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْحَامِلَ لِفَاعِلِ ذَلِكَ طَلَبُ الْإِكْثَارِ مِنَ التَّحْدِيثِ عَنْهُ وَإِلَّا لَكَانَ يَكْتَفِي بِمَا سَمِعَهُ مَوْصُولًا.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ مُرَادُ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الْحَسَنَ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعِيًّا كَانَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبن عُمَرَ مَعَ كَوْنِهِ صَحَابِيًّا يَحْتَاطُ وَيُقِلُّ مِنْ ذَلِك مهما أمكن قلت وَكَأن بن عُمَرَ اتَّبَعَ رَأْيَ أَبِيهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُضُّ عَلَى قِلَّةِ التَّحْدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا خَشْيَةَ الِاشْتِغَالِ عَنْ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَتَفَهُّمِ مَعَانِيهِ وَالثَّانِي خَشْيَةَ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ بِمَا لَمْ يَقُلْهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَكْتُبُونَ فَإِذَا طَالَ الْعَهْدُ لَمْ يُؤْمَنِ النِّسْيَانُ وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ آخَرَ صَحِيحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عُمَرٍ قَالَ أَقِلُّوا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَقَولُهُ وقاعدت بن عُمَرَ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ جَلَسَ مَعَهُ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَولُهُ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ سنة وَنصف وَوَقع عِنْد بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ جالست بن عُمَرَ سَنَةً فَيُجْمَعُ بِأَنَّ مُدَّةَ مُجَالَسَتِهِ كَانَتْ سَنَةً وَكَسْرًا فَأَلْغَى الْكَسْرُ تَارَةً وَجَبَرَهُ أُخْرَى وَكَانَ الشَّعْبِيُّ جَاوَرَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِمَكَّةَ وَإِلَّا فَهُوَ كُوفِي وبن عُمَرَ لَمْ تَكُنْ لَهُ إِقَامَةٌ بِالْكُوفَةِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ هَذَا أَشَارَ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَذْكُرَهُ وَكَأَنَّهُ اسْتَحْضَرَهُ بِذِهْنِهِ إِذْ ذَاكَ .

     قَوْلُهُ  كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ سَعْدٌ فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ هَكَذَا أَوْرَدَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً وَأَوْرَدَهَا فِي الذَّبَائِحِ مُبَيَّنَةً وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ هُنَاكَ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ فَأَتَوْا بِلَحْمِ ضَبٍّ .

     قَوْلُهُ  فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مَيْمُونَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهُ حَلَالٌ أَوْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ شَكَّ فِيهِ هُوَ قَوْلُ شُعْبَةَ وَالَّذِي شَكَّ فِي أَيِّ اللَّفْظَيْنِ قَالَ هُوَ تَوْبَة الرَّاوِي عَن بن عُمَرَ بَيَّنَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ شُعْبَةَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى لَحْمِ الضَّبِّ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ مُسْتَوْفًى فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ فِي الضَّبِّ لَا أُحِلُّهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ وَأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ قَوْلَهُ هُنَا فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي أَيْ لَيْسَ مِنَ الْمَأْلُوفِ لَهُ فَلِذَلِكَ تَرَكَ أَكْلَهُ لَا لِكَوْنِهِ حَرَامًا خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الْأَحْكَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ التَّمَنِّي وَإِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةِ حَدِيثٍ وَثَلَاثَةِ وَسِتِّينَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا وَمَا فِي حُكْمِهِ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ طَرِيقًا وَسَائِرُهَا مَوْصُولٌ الْمُكَرَّرُ مِنْهُ فِيهِ وَفِيمَا مَضَى مِائَةٌ حَدِيثٍ وَتِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا شَارَكَهُ مُسْلِمٌ فِي تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ وَحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فِي الْبِطَانَةِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهَا وَحَدِيث بن عُمَرَ فِي بَيْعَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَحَدِيثِ عُمَرَ فِي بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ الثَّانِيَةِ وَحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِصَّةِ وَفْدِ بُزَاخَةَ وَفِي التَّمَنِّي سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا كُلُّهَا مُكَرَّرَةٌ مِنْهَا سِتَّةُ طُرُقٍ مُعَلَّقَةٍ وَفِي خَبَرِ الْوَاحِدِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا كُلُّهَا مُكَرَّرَةٌ مِنْهَا طَرِيقٌ وَاحِدٌ مُعَلَّقٌ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ أَثَرًا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ قَـوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ





[ قــ :6879 ... غــ :769] .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْغَدَ حِينَ بَايَعَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ يَتَعَلَّقُ بِسَمِعَ وَالَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْغَدِ مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيرُهُ مِنْ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَسِيَاقُهُ هُنَاكَ أَتَمُّ وَزَادَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَاخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ الَّذِي عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ أَيِ الَّذِي عِنْدَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْكَرَامَةِ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ مِنَ النصب الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن عَبَّاسٍ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَبَيَانُ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ التَّأْوِيلِ وَيَأْتِي مَعْنَى التَّأْوِيلِ فِي بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مجيد مِنْ كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنَ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْفِتَنِ فِي بَابِ إِذَا قَالَ عِنْدَ قَوْمٍ شَيْئًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِخِلَافِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ وَقَولُهُ





[ قــ :6881 ... غــ :771] هُنَا إِنَّ اللَّهَ يُغْنِيكُمْ بِالْإِسْلَامِ كَذَا وَقَعَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ نُونٍ وَنَبَّهَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ بِنُونٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ .

     قَوْلُهُ  يُنْظَرُ فِي أَصْلِ كِتَابِ الِاعْتِصَامِ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ صَنَّفَ كِتَابَ الِاعْتِصَامِ مُفْرَدًا وَكَتَبَ مِنْهُ هُنَا مَا يَلِيقُ بِشَرْطِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ كَمَا صَنَعَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ فَلَمَّا رَأَى هَذِهِ اللَّفْظَةَ مُغَايِرَةً لِمَا عِنْدَهُ أَنَّهُ الصَّوَابُ أَحَالَ عَلَى مُرَاجَعَةِ ذَلِكَ الْأَصْلِ وَكَأَنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَائِبًا عَنْهُ فَأَمَرَ بِمُرَاجَعَتِهِ وَأَنْ يُصْلَحَ مِنْهُ وَقد وَقع لَهُ نَحْوُ هَذَا فِي تَفْسِيرِ أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَنَبَّهْتُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ أَلَمْ نَشْرَحْ وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ ذِكْرَ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ هَذَا هُنَا إِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ تَثْبِيتُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ غَفْلَةٌ مِنْهُ فَإِنَّ حُكْمَ تَثْبِيتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ انْقَضَى وَعَقَّبَ بِالِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمُنَاسَبَةُ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ لِلِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ نَعَشَكُمْ بِالْكِتَابِ ظَاهِرَةٌ جدا وَالله أعلم الحَدِيث الْخَامِس حَدِيث بن عُمَرَ فِي مُكَاتَبَتِهِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بِالْبَيْعَةِ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ كَيْفَ يُبَايَعُ الْإِمَامُ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَمِنْ ثَمَّ يَظْهَرُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ هُنَا وَأَقَرَّ لَكَ وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا اسْتِعْمَالُ سُنَّةِ الله وَرَسُوله فِي جَمِيع الْأُمُور