فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: إن لله مائة اسم إلا واحدا

( قَولُهُ بَابُ إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ اسْمٍ إِلَّا وَاحِدَة)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ وَبَيَانُ مَنْ رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَوَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا بِالتَّذْكِيرِ وَمِائَةَ فِي الْحَدِيثِ بَدَلٌ مِنْ



[ قــ :6997 ... غــ :7392] قَوْلِهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَعَدَلَ فِي التَّرْجَمَةِ مِنَ الْبَدَلِ إِلَى الْمُبْدَلِ وَهُوَ فصيح وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ زِيَادَةُ تَوْضِيحٍ وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْعَقْدِ أَعْلَى مِنْ ذِكْرِ الْكُسُورِ وَأَوَّلُ الْعُقُودِ الْعَشَرَاتُ وَثَانِيهَا الْمِائَةُ فَلَمَّا قَارَبَتِ الْعِدَّةَ أُعْطِيَتْ حُكْمَهَا وجبر الْكسر بقوله مائَة ثمَّ أُرِيد التَّحَقُّقَ فِي الْعَدَدِ فَاسْتَثْنَى وَلَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ لَكَانَ اسْتِعْمَالا غَرِيبا سائغا قَوْله قَالَ بن عَبَّاسٍ ذُو الْجَلَالِ الْعَظَمَةِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْعَظِيمِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَفِيهِ تَفْسِيرُ الْجَلَالِ بِالْعَظَمَةِ وَعَلَى الثَّانِي هُوَ تَفْسِيرُ ذُو الْجَلَالِ .

     قَوْلُهُ  الْبر اللَّطِيف هُوَ تَفْسِير بن عَبَّاسٍ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَبَيَانُ مَنْ وَصَلَهُ عَنْهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الطُّورِ .

     قَوْلُهُ  اسْمًا قِيلَ مَعْنَاهُ تَسْمِيَةً وَحِينَئِذٍ لَا مَفْهُومَ لِهَذَا الْعَدَدِ بَلْ لَهُ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ هَذِهِ .

     قَوْلُهُ  أَحْصَيْنَاهُ حَفِظْنَاهُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَعْنَى الْإِحْصَاءِ وَبَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِيهِ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ قَالَ الْأَصِيلِيُّ الْإِحْصَاءُ لِلْأَسْمَاءِ الْعَمَلُ بِهَا لَا عَدَّهَا وَحِفْظَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَقَعُ لِلْكَافِرِ الْمُنَافِقِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْخَوَارِج يقرؤون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ الْإِحْصَاءُ يَقَعُ بِالْقَوْلِ وَيَقَعُ بِالْعَمَلِ فَالَّذِي بِالْعَمَلِ أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاءً يَخْتَصُّ بِهَا كَالْأَحَدِ وَالْمُتَعَالِ وَالْقَدِيرِ وَنَحْوِهَا فَيَجِبُ الْإِقْرَارُ بِهَا وَالْخُضُوعُ عِنْدَهَا وَلَهُ أَسْمَاءٌ يُسْتَحَبُّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا فِي مَعَانِيهَا كَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيمِ وَالْعَفُوِّ وَنَحْوِهَا فَيُسْتَحَبُّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَحَلَّى بِمَعَانِيهَا لِيُؤَدِّيَ حَقَّ الْعَمَلِ بِهَا فَبِهَذَا يَحْصُلُ الْإِحْصَاءُ الْعَمَلِيُّ.
وَأَمَّا الْإِحْصَاءُ الْقَوْلِيُّ فَيَحْصُلُ بِجَمْعِهَا وَحِفْظِهَا وَالسُّؤَالِ بِهَا وَلَوْ شَارَكَ الْمُؤْمِنَ غَيْرُهُ فِي الْعَدِّ وَالْحِفْظِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يمتاز عَنهُ بِالْإِيمَان وَالْعَمَل بهَا.

     وَقَالَ  بن أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ ذَكَرَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ قَالُوا إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ لِأَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى وَادَّعَوْا أَنَّ اللَّهَ كَانَ وَلَا وُجُودَ لِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَهَا ثُمَّ تَسَمَّى بِهَا قَالَ فَقُلْنَا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَالَ سَبِّحِ اسْم رَبك الْأَعْلَى.

     وَقَالَ  ذَلِكُم الله ربكُم فاعبدوه فَأَخْبَرَ أَنَّهُ الْمَعْبُودُ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى اسْمِهِ بِمَا دَلَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اسْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يُسَبِّحَ مَخْلُوقًا وَنُقِلَ عَن إِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ عَنِ الْجَهْمِيَّةِ أَنَّ جَهْمًا قَالَ لَوْ.

قُلْتُ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا لَعَبَدْتَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَهًا قَالَ فَقُلْنَا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ عِبَادَهُ أَنْ يَدْعُوَهُ بِأَسْمَائِهِ فَقَالَ وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا وَالْأَسْمَاءُ جَمْعُ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ وَلَا فَرْقَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَبَيْنَ التِّسْعَةِ وَالتسْعين