فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فِي مَوْضِعِ

باب اسْتِحْبَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُغْتَسِلَةِ مِنْ الْحَيْضِ فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فِي مَوْضِعِ الدَّمِ
[ سـ :534 ... بـ :332]
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْ حَيْضَتِهَا قَالَ فَذَكَرَتْ أَنَّهُ عَلَّمَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَ تَطَهَّرِي بِهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَاسْتَتَرَ وَأَشَارَ لَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاجْتَذَبْتُهَا إِلَيَّ وَعَرَفْتُ مَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا آثَارَ الدَّمِ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَغْتَسِلُ عِنْدَ الطُّهْرِ فَقَالَ خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِي بِهَا ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ سُفْيَانَ

قَدْ قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ صِفَةَ غُسْلِ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ سَوَاءٌ ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى ، وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْبَابِ بَيَانُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي حَقِّ الْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ أَنْ تَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مِسْكٍ فَتَجْعَلَهُ فِي قُطْنَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَتُدْخِلَهَا فِي فَرْجِهَا بَعْدَ اغْتِسَالِهَا ، وَيُسْتَحَبُّ هَذَا لِلنُّفَسَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْحَائِضِ . وَذَكَرَ الْمَحَامِلِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابهِ ( الْمُقْنِعُ ) أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَنْ تُطَيِّبَ جَمِيعَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَصَابَهَا الدَّمُ مِنْ بَدَنِهَا ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ تَعْمِيمِ مَوَاضِعِ الدَّمِ مِنَ الْبَدَنِ غَرِيبٌ لَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ .

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحِكْمَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ ، فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِاسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ تَطْيِيبُ الْمَحَلِّ ، وَدَفْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ . وَحَكَى أَقْضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا : أَحَدُهُمَا هَذَا ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُهُ أَسْرَعَ إِلَى عُلُوقِ الْوَلَدِ قَالَ : فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَفَقَدَتِ الْمِسْكَ اسْتَعْمَلَتْ مَا يَخْلُفُهُ فِي طِيبِ الرَّائِحَةِ ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي اسْتَعْمَلَتْ مَا قَامَ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقُسْطِ وَالْأَظْفَارِ وَشِبْهِهِمَا . قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ اسْتِعْمَالِهِ . فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ قَالَ : تَسْتَعْمِلُهُ بَعْدَ الْغُسْلِ ، وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي قَالَ : قَبْلَهُ . هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ . وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ مِنِ اسْتِعْمَالِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَيَكْفِي فِي إِبْطَالِهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي الْكِتَابِ فِي قَوْلِـهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَّهَّرُ بِهَا وَهَذَا نَصٌّ فِي اسْتِعْمَالِ الْفِرْصَةَ بَعْدَ الْغُسْلِ ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَادَ الْإِسْرَاعُ فِي الْعُلُوقِ فَضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُخَصُّ بِهِ ذَاتُ الزَّوْجِ الْحَاضِرِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ جِمَاعُهُ فِي الْحَالِ ، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَصِرْ إِلَيْهِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ ، وَإِطْلَاقُ الْأَحَادِيثِ يَرُدُّ عَلَى مَنِ الْتَزَمَهُ ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ تَطَيُّبُ الْمَحَلِّ ، وَإِزَالَةُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ مُغْتَسِلَةٍ مِنَ الْحَيْضِ أَوِ النِّفَاسِ ، سَوَاءٌ ذَاتَ الزَّوْجِ وَغَيْرَهَا ، وَتَسْتَعْمِلُهُ بَعْدَ الْغُسْلِ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مِسْكًا فَتَسْتَعْمِلُ أَيَّ طِيبٍ وَجَدَتْ ، فَإِنْ لِمْ تَجِدْ طِيبًا اسْتُحِبَّ لَهَا اسْتِعْمَالُ طِينٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُزِيلُ الْكَرَاهَةَ ، نَصَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَالْمَاءُ كَافٍ لَهَا ، لَكِنْ إِنْ تَرَكَتِ التَّطَيُّبَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ كُرِهَ لَهَا ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَكَّنْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا ( الْفِرْصَةُ ) فَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ .

وَ ( الْمِسْكُ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَهُوَ الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي رَوَاهُ ، وَقَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ ، وَعَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ أَهْلِ الْعُلُومِ . وَقِيلَ : ( مَسْكٌ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ ، وَهُوَ الْجِلْدُ ، أَيْ قِطْعَةُ جِلْدٍ فِيهِ شَعْرٌ . ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ فَتْحَ الْمِيمِ هِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ قُتَيْبَةَ : إِنَّمَا هُوَ قُرْضَةٌ مِنْ مَسْكٍ بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَمَسْكٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْ جِلْدٍ . وَهَذَا كُلُّهُ ضَعِيفٌ ، وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ ( فِرْصَةٌ مُمَسَّكَةٌ ) وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْ قُطْنٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خِرْقَةٍ مُطَيَّبَةٍ بِالْمِسْكِ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( تَطَّهَّرِي بِهَا ، سُبْحَانَ اللَّهِ ) قَدْ قَدَّمْنَا ( أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ ) فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمْثَالِهِ يُرَادُ بِهَا التَّعَجُّبُ ، وَكَذَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَمَعْنَى التَّعَجُّبِ هُنَا كَيْفَ يَخْفَى مِثْلُ هَذَا الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ فِي فَهْمِهِ إِلَى فِكْرٍ؟ وَفِي هَذَا : جَوَازُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ وَاسْتِعْظَامِهِ ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ عِنْدَ التَّثَبُّتِ عَلَى الشَّيْءِ ، وَالتَّذَكُّرِ بِهِ . وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِعْمَالِ الْكِنَايَاتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَوْرَاتِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَرَّاتٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( تَتَبَّعِي بِهَا آثَارَ الدَّمِ ) قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ : يَعْنِي بِهِ الْفَرْجَ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ الْمَحَامِلِيِّ أَنَّهُ قَالَ : تُطَيِّبُ كُلَّ مَوْضِعٍ أَصَابَهُ الدَّمُ مِنْ بَدَنِهَا ، وَفِي ظَاهِرِ الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لَهُ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ ) هُوَ ( حَبَّانُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ( حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ ) .




[ سـ :535 ... بـ :332]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ سَمِعْتُ صَفِيَّةَ تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ فَقَالَ تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا فَقَالَتْ أَسْمَاءُ وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِينَ بِهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ أَوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ وَقَالَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا وَاسْتَتَرَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ إِحْدَانَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ

قَوْلُهُ : ( غُسْلُ الْمَحِيضِ ) هُوَ الْحَيْضُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاضِحًا .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : التَّطَهُّرُ الْأَوَّلُ مِنَ النَّجَاسَةِ وَمَا مَسَّهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضِ ، وَهَكَذَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْأَظْهَرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّطَهُّرِ الْأَوَّلِ الْوُضُوءُ كَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ غُسْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ بَيَانَ مَعْنَى تَحْسِينِ الطُّهْرِ وَهُوَ إِتْمَامُهُ بِهَيْئَتِهِ فَهَذَا الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( حَتَّى تَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِهَا ) هُوَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَمَعْنَاهُ : أُصُولُ شَعْرِ رَأْسِهَا ، وَأُصُولُ الشُّئُونِ الْخُطُوطُ الَّتِي فِي عَظْمِ الْجُمْجُمَةِ ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ شُعَبِ عِظَامِهَا الْوَاحِدُ مِنْهَا شَأْنٌ .

قَوْلُهُ : ( قَالَتْ عَائِشَةُ : كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتْبَعِينَ أَثَرَ الدَّمِ ) مَعْنَاهُ : قَالَتْ لَهَا كَلَامًا خَفِيًّا تَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبَةُ لَا يَسْمَعُهُ الْحَاضِرُونَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهَا : ( دَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ ) هُوَ شَكَلٌ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَافِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ ، وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فِيهِ إِسْكَانُ الْكَافِ ، وَذَكَرَ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَسْمَاءُ الْمُبْهَمَةُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ اسْمَ هَذِهِ السَّائِلَةِ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الَّتِي كَانَ يُقَالُ لَهَا : خَطِيبَةُ النِّسَاءِ ، وَرَوَى الْخَطِيبُ حَدِيثًا فِيهِ تَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .