فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَالِ الْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا

باب ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَالِ الْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا
[ سـ :593 ... بـ :373]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْبَهِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ

قَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - : ( كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ ) هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي جَوَازِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَشَبَهِهَا مِنَ الْأَذْكَارِ وَهَذَا جَائِزٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ آيَةٍ وَبَعْضِ آيَةٍ ، فَإِنَّ الْجَمِيعَ يَحْرُمُ ، وَلَوْ قَالَ الْجُنُبُ : بِسْمِ اللَّهِ ، أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ إِنْ قَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ حَرُمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الذِّكْرَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَمْ يَحْرُمْ . وَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَنْ يُجْرِيَا الْقُرْآنَ عَلَى قُلُوبِهِمَا ، وَأَنْ يَنْظُرَا فِي الْمُصْحَفِ ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا إِذَا أَرَادَا الِاغْتِسَالَ أَنْ يَقُولَا : بِسْمِ اللَّهِ عَلَى قَصْدِ الذِّكْرِ . وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُكْرَهُ الذِّكْرُ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ ، وَفِي حَالَةِ الْجِمَاعِ . وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَ هَذَا قَرِيبًا فِي آخِرِ بَابِ التَّيَمُّمِ ، وَبَيَّنَّا الْحَالَةَ الَّتِي تُسْتَثْنَى مِنْهُ ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي كَرَاهَتِهِ . فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ يَكُونُ الْحَدِيثُ مَخْصُوصًا بِمَا سِوَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ ، وَيَكُونُ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى مُتَطَهِّرًا وَمُحْدِثًا وَجُنُبًا وَقَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا وَمَاشِيًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ : ( حَدَّثَنَا الْبَهِيُّ عَنْ عُرْوَةَ ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ لَقَبٌ لَهُ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَا : وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنَ الْكُوفِيِّينَ ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ ، وَهُوَ مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .