فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ حُجَّةِ مَنْ قَالَ : الْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ

باب حُجَّةِ مَنْ قَالَ الْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ سِوَى بَرَاءَةٌ
[ سـ :645 ... بـ :400]
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْمُخْتَارِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ثُمَّ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ زَادَ ابْنُ حُجْرٍ فِي حَدِيثِهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ مَا أَحْدَثَ بَعْدَكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ أَغْفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِغْفَاءَةً بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ عَلَيْهِ حَوْضٌ وَلَمْ يَذْكُرْ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ

فِيهِ ( أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذِ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا ، فَقُلْنَا : مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ؟ قَالَ : أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ثُمَّ قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ ؟ فَقُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي - عَزَّ وَجَلَّ - ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ ، هُوَ حَوْضٌ يَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ ، فَيَخْتَلِجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ : رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أَمَّتِي فَيُقَالُ : مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) وَفِي رِوَايَةٍ ( مَا أَحْدَثَ ) وَفِيهَا بَيْنَ أَظْهُرِنَا فِي الْمَسْجِدِ .

قَوْلُهُ : ( بَيْنَا ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : ( بَيْنَا ) فِعْلٌ أُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ فَصَارَتِ أَلِفًا وَاصِلَةً ، وَمَنْ قَالَ : وَبَيْنَمَا بِمَعْنَاهُ زِيدَتْ فِيهِ ( مَا ) يَقُولُ : بَيْنَا نَحْنُ نَرْقُبُهُ أَتَانَا أَيْ أَتَانَا بَيْنَ أَوْقَاتِ رَقَبَتِنَا إِيَّاهُ ، ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ الَّذِي هُوَ أَوْقَاتٌ قَالَ : وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَخْفِضُ مَا بَعْدَ ( بَيْنَا ) إِذَا صَلَحَ فِي مَوْضِعِهِ ( بَيْنَ ) ، وَغَيْرُهُ مَا بَعْدَ بَيْنَا وَبَيْنَمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ : بَيْنَا أَظُهْرِنَا أَيْ بَيْنَنَا . قَوْلُهُ : ( أَغْفَى إِغْفَاءَةً ) أَيْ نَامَ . وَقَوْلُهُ : ( آنِفًا ) أَيْ قَرِيبًا وَهُوَ بِالْمَدِّ ، وَيَجُوزُ الْقَصْرُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِ فِي السَّبْعِ . ( وَالشَّانِئُ ) الْمُبْغِضُ ، وَ ( الْأَبْتَرُ ) هُوَ الْمُنْقَطِعُ الْعَقِبِ ، وَقِيلَ : الْمُنْقَطِعُ عَنْ كُلِّ خَبَرٍ قَالُوا : أُنْزِلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ ، وَ ( الْكَوْثَرُ ) هُنَا نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ كَمَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَهُوَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عِبَارَةٌ عَنِ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ ، وَقَوْلُهُ : ( يَخْتَلِجُ ) أَيْ يَنْتَزِعُ وَيَقْتَطِعُ .

فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّ الْبَسْمَلَةَ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَهُوَ مَقْصُودُ مُسْلِمٍ بِإِدْخَالِ الْحَدِيثِ هُنَا . وَفِيهِ جَوَازُ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَجَوَازُ نَوْمِ الْإِنْسَانِ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ ، وَأَنَّهُ إِذَا رَأَى التَّابِعُ مِنْ مَتْبُوعِهِ تَبَسُّمًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يَقْتَضِي حُدُوثَ أَمْرٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ سَبَبِهِ . وَفِيهِ إِثْبَاتُ الْحَوْضِ ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ . وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ حَيْثُ ذَكَرَ مُسْلِمٌ أَحَادِيثَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

وَقَوْلُهُ : ( لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .