فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامَ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ فِي الْحَالِ وَكَرَاهَةِ

باب كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ فِي الْحَالِ وَكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ
[ سـ :909 ... بـ :557]
أَخْبَرَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ ، وَفِي رِوَايَةٍ : إِذَا قُرِّبَ الْعَشَاءُ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ وَفِي رِوَايَةٍ : إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ، وَفِي رِوَايَةٍ : لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ ، لِمَا فِيهِ مِنِ اشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِهِ ، وَذَهَابِ كَمَالِ الْخُشُوعِ ، وَكَرَاهَتِهَا مَعَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثِينَ وَهُمَا : الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ ، وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَيُذْهِبُ كَمَالَ الْخُشُوعِ ، وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمِ إِذَا صَلَّى كَذَلِكَ وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ ، فَإِذَا ضَاقَ بِحَيْثُ لَوْ أَكَلَ أَوْ تَطَهَّرَ خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ صَلَّى عَلَى حَالِهِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا . وَحَكَى أَبُو سَعْدٍ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِحَالِهِ ، بَلْ يَأْكُلُ وَيَتَوَضَّأُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ فَلَا يَفُوتُهُ ، وَإِذَا صَلَّى عَلَى حَالِهِ وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ فَقَدِ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ إِعَادَتُهَا وَلَا يَجِبُ .

وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ . وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : دَلِيلٌ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ ، وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ، وَفِي مَذْهَبِنَا سَنُوَضِّحُهُ فِي أَبْوَابِ الْأَوْقَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ حَاجَتَهُ مِنَ الْأَكْلِ بِكَمَالِهِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ . وَأَمَّا مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا يَكْسِرُ بِهَا شِدَّةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي إِبْطَالِهِ .




[ سـ :911 ... بـ :559]
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ الْمُسَيَّبِيُّ حَدَّثَنِي أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ ح وَحَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَيُّوبَ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ مُوسَى ) سُفْيَانُ هَذَا بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : هُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ : هُوَ ثِقَةٌ ، وَأَنْكَرُوا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَجْهُولٌ .




[ سـ :912 ... بـ :560]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ هُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ تَحَدَّثْتُ أَنَا وَالْقَاسِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدِيثًا وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً وَكَانَ لِأُمِّ وَلَدٍ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ مَا لَكَ لَا تَحَدَّثُ كَمَا يَتَحَدَّثُ ابْنُ أَخِي هَذَا أَمَا إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ هَذَا أَدَّبَتْهُ أُمُّهُ وَأَنْتَ أَدَّبَتْكَ أُمُّكَ قَالَ فَغَضِبَ الْقَاسِمُ وَأَضَبَّ عَلَيْهَا فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ قَدْ أُتِيَ بِهَا قَامَ قَالَتْ أَيْنَ قَالَ أُصَلِّي قَالَتْ اجْلِسْ قَالَ إِنِّي أُصَلِّي قَالَتْ اجْلِسْ غُدَرُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي أَبُو حَزْرَةَ الْقَاصُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةَ الْقَاسِمِ

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ لَحَّانَةً ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ ، أَيْ : كَثِيرَ اللَّحْنِ فِي كَلَامِهِ . قَالَ الْقَاضِي : وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ ( لُحْنَةً ) بِضَمِّ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ وَهُوَ بِمَعْنَى ( لَحَّانَةٍ ) .

قَوْلُهُ : ( ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَالْقَاسِمُ هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

قَوْلُهُ : ( فَغَضِبَ وَأَضَبَّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ حَقَدَ .

قَوْلُهَا : ( اجْلِسْ غُدَرُ ) هُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ ، أَيْ يَا غَادِرُ . قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْغَدْرُ : تَرْكُ الْوَفَاءِ ، وَيُقَالُ لِمَنْ غَدَرَ : غَادِرٌ ، وَغُدَرٌ . وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النِّدَاءِ بِالشَّتْمِ . وَإِنَّمَا قَالَتْ لَهُ : ( غُدَرُ ) ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِاحْتِرَامِهَا ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَعَمَّتُهُ وَأَكْبَرُ مِنْهُ وَنَاصِحَةٌ لَهُ وَمُؤَدِّبَةٌ ، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَحْتَمِلَهَا وَلَا يَغْضَبَ عَلَيْهَا .

قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنِي أَبُو حَزْرَةَ ) هُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ زَايٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ رَاءٍ . وَاسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ ، وَهُوَ يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ ، وَيُقَالُ : كُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ ، وَأَمَّا أَبُو حَزْرَةَ فَلَقَبٌ لَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .