فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

باب اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
[ سـ :963 ... بـ :584]
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ هَارُونُ حَدَّثَنَا وَقَالَ حَرْمَلَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ الْيَهُودِ وَهِيَ تَقُولُ هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَالَتْ فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ إِنَّمَا تُفْتَنُ يَهُودُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَبِثْنَا لَيَالِيَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ " وَفَتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَمِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ " حَاصِلُ أَحَادِيثِ الْبَابِ اسْتِحْبَابُ التَّعَوُّذِ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ . وَفِيهِ إِثْبَاتُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ . وَمَعْنَى فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ : الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ . وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِفِتْنَةِ الْمَوْتِ ، فَقِيلَ : فِتْنَةُ الْقَبْرِ ، وَقِيلَ : يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرَادُ بِهَا الْفِتْنَةُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ . وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَفِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ فَهُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ يَهُودِيَّةً قَالَتْ : هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَالَ : إِنَّمَا تُفْتَنُ يَهُودُ ، فَلَبِثْنَا لَيَالِيَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( دَخَلَتْ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ ) وَذَكَرَتْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَّقَهُمَا ، هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ فَجَرَتِ الْقَضِيَّةُ الْأُولَى ، ثُمَّ أُعْلِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ ، ثُمَّ جَاءَتِ الْعَجُوزَانِ بَعْدَ لَيَالٍ فَكَذَّبَتْهُمَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَلَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ نُزُولَ الْوَحْيِ بِإِثْبَاتِ عَذَابِ الْقَبْرِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ الْعَجُوزَيْنِ ، فَقَالَ صَدَقَتَا ، وَأَعْلَمَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ نَزَلَ الْوَحْيُ بِإِثْبَاتِهِ ، وَقَوْلُهَا : لَمْ أَنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا ، أَيْ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أُصَدِّقَهُمَا ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّصْدِيقِ : ( أُنْعِمُ ) وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ .