فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ رُكُوبِ الْمُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ إِذَا انْصَرَفَ

باب رُكُوبِ الْمُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ إِذَا انْصَرَفَ
[ سـ :1669 ... بـ :965]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَقَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرًى فَرَكِبَهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ جَنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحِ وَنَحْنُ نَمْشِي حَوْلَهُ

قَوْلُهُ : ( أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرًى فَرَكِبَهُ ) مَعْنَاهُ : بِفَرَسٍ عَرِيٍّ ، وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : اعْرَوْرَيْتَ الْفَرَسَ إِذَا رَكِبْتَهُ عَرِيًّا فَهُوَ مُعْرَوْرًى . قَالُوا : وَلَمْ يَأْتِ أُفْعَوْلَى مُعَدًّى إِلَّا قَوْلُهُمُ : اعْرَوْرَيْتُ الْفَرَسَ ، وَاحْلَوْلَيْتُ الشَّيْءَ .

قَوْلُهُ : ( فَرَكِبَهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ جِنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحِ ) فِيهِ : إِبَاحَةُ الرُّكُوبُ فِي الرُّجُوعِ مِنَ الْجِنَازَةِ ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الذَّهَابِ مَعَهَا . وَابْنُ الدَّحْدَاحِ بِدَالَيْنِ وَحَاءَيْنِ مُهْمَلَاتٍ ، وَيُقَالُ : أَبُو الدَّحْدَاحِ . وَيُقَالُ : أَبُو الدَّحْدَاحَةِ . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ .

قَوْلُهُ : ( وَنَحْنُ نَمْشِي حَوْلَهُ ) فِيهِ : جَوَازُ مَشْيِ الْجَمَاعَةِ مَعَ كَبِيرِهِمُ الرَّاكِبِ ، وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّهِمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَفْسَدَةٌ ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ إِذَا حَصَلَ فِيهِ انْتَهَاكٌ لِلتَّابِعِينَ أَوْ خِيفَ إِعْجَابٌ وَنَحْوُهُ فِي حَقِّ التَّابِعِ ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْمَفَاسِدِ .




[ سـ :1670 ... بـ :965]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ الدَّحْدَاحِ ثُمَّ أُتِيَ بِفَرَسٍ عُرْيٍ فَعَقَلَهُ رَجُلٌ فَرَكِبَهُ فَجَعَلَ يَتَوَقَّصُ بِهِ وَنَحْنُ نَتَّبِعُهُ نَسْعَى خَلْفَهُ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَمْ مِنْ عِذْقٍ مُعَلَّقٍ أَوْ مُدَلًّى فِي الْجَنَّةِ لِابْنِ الدَّحْدَاحِ أَوْ قَالَ شُعْبَةُ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ

قَوْلُهُ : ( فَعَقَلَهُ رَجُلٌ فَرَكِبَهُ ) مَعْنَاهُ : أَمْسَكَهُ لَهُ وَحَبَسَهُ . وَفِيهِ : إِبَاحَةُ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِخِدْمَةِ التَّابِعِ مَتْبُوعَهُ بِرِضَاهُ .

قَوْلُهُ : ( فَجَعَلَ يَتَوَقَّصُ بِهِ ) أَيْ يَتَوَثَّبُ .

قَوْلُهُ : ( كَمْ مِنْ عِذْقٍ مُعَلَّقٍ ) الْعِذْقُ هُنَا بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، وَهُوَ الْغُصْنُ مِنَ النَّخْلَةِ . وَأَمَّا الْعَذْقُ بِفَتْحِهَا فَهُوَ النَّخْلَةُ بِكَمَالِهَا وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَمْ مِنْ عِذْقٍ مُعَلَّقٍ فِي الْجَنَّةِ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ ) قَالُوا : سَبَبُهُ أَنَّ يَتِيمًا خَاصَمَ أَبَا لُبَابَةَ فِي نَخْلَةٍ فَبَكَى الْغُلَامُ ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ : " أَعْطِهِ إِيَّاهَا وَلَكَ بِهَا عِذْقٌ فِي الْجَنَّةِ " ، فَقَالَ : لَا ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو الدَّحْدَاحِ ، فَاشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي لُبَابَةَ بِحَدِيقَةٍ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلِيَ بِهَا عِذْقٌ إِنْ أَعْطَيْتُهَا الْيَتِيمَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَمْ مِنْ عِذْقٍ مُعَلَّقٍ فِي الْجَنَّةِ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ ) .