فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ

باب اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ
[ سـ :1971 ... بـ :1123]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَهُ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَالَ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ

( بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ )

مذَهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ : اسْتِحْبَابُ فِطْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ لِلْحَاجِّ ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَابْنِ عُمَرَ وَالثَّوْرِيِّ قَالَ : وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَائِشَةُ يَصُومَانِهِ ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَمِيلُ إِلَيْهِ ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَصُومُهُ فِي الشِّتَاءِ دُونَ الصَّيْفِ ، وَقَالَ قَتَادَةُ : لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يَضْعُفْ عَنِ الدُّعَاءِ ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِفِطْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ؛ وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالْحَاجِّ فِي آدَابِ الْوُقُوفِ وَمُهِمَّاتِ الْمَنَاسِكِ . وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِالْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ أَنَّ صَوْمَ عَرَفَةَ كَفَّارَةٌ سَنَتَيْنِ ؛ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى مَنْ لَيْسَ هُنَاكَ .

قَوْلُهُ : ( إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ امْرَأَةَ الْعَبَّاسِ أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرٍ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَهُ ) فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا : اسْتِحْبَابُ الْفِطْرِ لِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ . وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ الْوُقُوفِ رَاكِبًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا . وَلَنَا قَوْلٌ : أَنَّ غَيْرَ الرُّكُوبِ أَفْضَلُ ، وَقِيلَ : إِنَّهُمَا سَوَاءٌ . وَمِنْهَا : جَوَازُ الشُّرْبِ قَائِمًا وَرَاكِبًا . وَمِنْهَا : إِبَاحَةُ الْهَدِيَّةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمِنْهَا : إِبَاحَةُ قَبُولِ هَدِيَّةِ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ الْمَوْثُوقِ بِدِينِهَا ، وَلَا يُشْرَطُ أَنْ يَسْأَلَ هَلْ هُوَ مِنْ مَالِهَا أَمْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا ؟ أَوْ أَنَّهُ أَذِنَ فِيهِ أَمْ لَا ؟ إِذَا كَانَتْ مَوْثُوقًا بِدِينِهَا . وَمِنْهَا : أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا جَائِزٌ ، وَلَا يُشْتَرَطُ إِذْنُ الزَّوْجِ ، سَوَاءٌ تَصَرَّفَتْ فِي الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ .

وَقَالَ مَالِكٌ : لَا تَتَصَرَّفْ فِيمَا فَوْقَ الثُّلُثِ إِلَّا بِإِذْنِهِ . وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ هَلْ هُوَ مِنْ مَالِهَا وَيَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَمْ لَا ؟ وَلَوِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ لَسَأَلَ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ) وَفِي رِوَايَتَيْنِ : ( مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ ) ، وَفِي رِوَايَةٍ : ( مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ) فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ حَقِيقَةً ، وَيُقَالُ لَهُ : مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ : هُوَ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ حَقِيقَةً ، وَيُقَالُ لَهُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ لِمُلَازِمَتِهِ لَهُ ، وَأَخْذِهِ عَنْهُ ، وَانْتِمَائِهِ إِلَيْهِ ، كَمَا قَالُوا فِي أَبِي مُرَّةَ : مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ ، يَقُولُونَ أَيْضًا : مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالُوا : لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ ، وَانْتِمَائِهِ إِلَيْهِ . وَقَرِيبٌ مِنْهُ مِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ لَيْسَ هُوَ مَوْلَاهُ حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا قِيلَ : مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ .


[ سـ :1973 ... بـ :1124]
وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ مَيْمُونَةُ بِحِلَابِ اللَّبَنِ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي الْمَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ

قَوْلُهُ : ( فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ مَيْمُونَةُ بِحِلَابِ اللَّبَنِ ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، وَهُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ ، وَيُقَالُ لَهُ : ( الْمِحْلَبُ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ .