فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَتَكُونُ مَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ

باب رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَتَكُونُ مَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ
[ سـ :2369 ... بـ :1296]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ رَمَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ قَالَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أُنَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ

قَوْلُهُ : ( رَمَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ أُنَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ )

فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا : إِثْبَاتُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، وَهُوَ وَاجِبٌ ، وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ : رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ، فَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ مَعَ سَعْيِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى ، وَالثَّالِثُ : الْحَلْقُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ نُسُكٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، فَلَوْ تَرَكَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ حَتَّى فَاتَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ ، وَعَلَيْهِ دَمٌ ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ : الرَّمْيُ رُكْنٌ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ ، وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ إِنَّمَا شُرِعَ حِفْظًا لِلتَّكْبِيرِ ، وَلَوْ تَرَكَهُ وَكَبَّرَ أَجْزَأَهُ ، وَنَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ، وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مَا قَدَّمْنَا . وَمِنْهَا : كَوْنُ الرَّمْيِ سَبْعَ حَصَيَاتٍ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، وَمِنْهَا : اسْتِحْبَابُ التَّكْبِيرِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْعُلَمَاءِ كَافَّةً ، قَالَ الْقَاضِي : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَمِنْهَا : اسْتِحْبَابُ كَوْنِ الرَّمْيِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ تَحْتَهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي فَيَجْعَلَ مَكَّةَ عَنْ يَسَارِهِ ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ ، وَيَسْتَقْبِلَ الْعَقَبَةَ وَالْجَمْرَةَ وَيَرْمِيَهَا بِالْحَصَيَاتِ السَّبْعِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا ، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْجَمْرَةِ ، مُسْتَدْبِرًا مَكَّةَ ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ ، وَتَكُونَ الْجَمْرَةُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ رَمَاهَا جَازَ ، سَوَاءٌ اسْتَقْبَلَهَا أَوْ جَعَلَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ ، أَوْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا أَوْ أَسْفَلِهَا ، أَوْ وَقَفَ فِي وَسَطِهَا وَرَمَاهَا ، وَأَمَّا رَمْيُ بَاقِي الْجَمَرَاتِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُسْتَحَبُّ مِنْ فَوْقِهَا . وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ) ، فَسَبَقَ شَرْحُهُ قَرِيبًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :2370 ... بـ :1296]
وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَلِّفُوا الْقُرْآنَ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ قَالَ فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِ فَسَبَّهُ وَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِي فَاسْتَعْرَضَهَا فَرَمَاهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ قَالَ فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ النَّاسَ يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا فَقَالَ هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ لَا تَقُولُوا سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَاقْتَصَّا الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ

قَوْلُهُ : ( عَنِ الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ : أَلِّفُوا الْقُرْآنَ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِ فَسَبَّهُ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : إِنْ كَانَ الْحَجَّاجُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : ( كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ ) تَأْلِيفَ الْآيِ فِي كُلِّ سُورَةٍ وَنَظْمِهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ فَهُوَ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ تَأْلِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ تَأْلِيفَ السُّورَةِ بَعْضِهَا فِي إِثْرِ بَعْضٍ فَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ ، وَخَالَفَهُمُ الْمُحَقِّقُونَ وَقَالُوا : بَلْ هُوَ اجْتِهَادٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَلَيْسَ بِتَوْقِيفٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَتَقْدِيمُهُ هُنَا النِّسَاءَ عَلَى آلِ عِمْرَانَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلَّا نَظْمَ الْآيِلِأَنَّ ؛ لِأَنَّالْحَجَّاجَ إِنَّمَا كَانَ يَتَّبِعُ مُصْحَفَ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا يُخَالِفُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ تَرْتِيبَ الْآيِ لَا تَرْتِيبَ السُّوَرِ .




[ سـ :2371 ... بـ :1296]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَرَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَقَالَ هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَلَمَّا أَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

قَوْلُهُ : ( وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ ) هَذَا دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي الْمَوْقِفِ الْمُسْتَحَبِّ لِلرَّمْيِ .




[ سـ :2372 ... بـ :1296]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُحَيَّاةِ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَاللَّفْظُ لَهُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى أَبُو الْمُحَيَّاةِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَ الْجَمْرَةَ مِنْ فَوْقِ الْعَقَبَةِ قَالَ فَرَمَاهَا عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ثُمَّ قَالَ مِنْ هَا هُنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ رَمَاهَا الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو الْمُحَيَّاةِ ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .