فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بابُ وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَسُقُوطِهِ عَنِ الْحَائِضِ

باب وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَسُقُوطِهِ عَنْ الْحَائِضِ
[ سـ :2437 ... بـ :1327]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ قَالَ زُهَيْرٌ يَنْصَرِفُونَ كُلَّ وَجْهٍ وَلَمْ يَقُلْ فِي

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ ، وَأَنَّهُ إِذَا تَرَكَهُ لَزِمَهُ دَمٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَالْحَكْمُ ، وَحَمَّادٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَقَالَ مَالِكٌ وَدَاوُدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ : هُوَ سُنَّةٌ لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهِ ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ .




[ سـ :2438 ... بـ :1328]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ

قَوْلُهُ : ( أَمْرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ ) هَذَا دَلِيلٌ لِوُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى غَيْرِ الْحَائِضِ وَسُقُوطِهِ عَنْهَا ، وَلَا يَلْزَمُهَا دَمٌ بِتَرْكِهِ ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَالْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِالْمَقَامِ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ ، دَلِيلُ الْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ وَحَدِيثُ صَفِيَّةَ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ .




[ سـ :2439 ... بـ :1328]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ تُفْتِي أَنْ تَصْدُرَ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِمَّا لَا فَسَلْ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ هَلْ أَمَرَهَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَرَجَعَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَدَقْتَ

قَوْلُهُ : ( فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِمَّا لَا فَسَلْ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَبِالْإِمَالَةِ الْخَفِيفَةِ ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ الْقَاضِي : ضَبَطَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْأَصِيلِيُّ ( أَمَّالِي ) بِكَسْرِ اللَّامِ ، قَالَ : وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَتْحُهَا ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُمِيلُ ، قَالَ الْمَازِرِيُّ : قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : قَوْلُهُمُ : افْعَلْ هَذَا إِمَّا لَا ، فَمَعْنَاهُ افْعَلْهُ إِنْ كُنْتَ لَا تَفْعَلُ غَيْرَهُ ، فَدَخَلَتْ ( مَا ) زَائِدَةً ( لِأَنَّ ) كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَاكْتَفَوْا بِلَا عَنِ الْفِعْلِ ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ : إِنْ زَارَكَ فَزُرْهُ وَإِلَّا فَلَا . هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَةِ الْغَرِيبِ : أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ ( إِنْ وَمَا ) فَأُدْغِمَتِ النُّونُ فِي الْمِيمِ ( وَمَا ) زَائِدَةٌ فِي اللَّفْظِ لَا حُكْمَ لَهَا ، وَقَدْ أَمَالَتِ الْعَرَبُ ( لَا ) إِمَالَةً خَفِيفَةً ، قَالَ : وَالْعَوَامُّ يُشْبِعُونَ إِمَالَتَهَا فَتَصِيرُ أَلِفُهَا يَاءً ، وَهُوَ خَطَأٌ ، وَمَعْنَاهُ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ هَذَا فَلْيَكُنْ هَذَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :2440 ... بـ :1211]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرْتُ حِيضَتَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَنْفِرْ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَتْ طَمِثَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ طَاهِرًا بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ صَفِيَّةَ قَدْ حَاضَتْ بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ

قَوْلُهَا : ( صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا الضَّمُّ أَشْهَرُ ، وَفِي حَدِيثِهَا دَلِيلٌ لِسُقُوطِ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَنِ الْحَائِضِ وَأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ رُكْنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنِ الْحَائِضِ وَلَا غَيْرِهَا ، وَأَنَّ الْحَائِضَ تُقِيمُ لَهُ حَتَّى تَطْهُرَ فَإِنْ ذَهَبَتْ إِلَى وَطَنِهَا قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بَقِيَتْ مُحْرِمَةً ، وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ صَفِيَّةَ هَذَا وَبَيَانُ إِحْرَامِهِ وَضَبْطِهِ وَمَعْنَاهُ وَفِقْهِهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ فِي بَابِ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ .




[ سـ :2443 ... بـ :1211]
حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ لَعَلَّهُ قَالَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ مِنْ صَفِيَّةَ بَعْضَ مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالُوا إِنَّهَا حَائِضٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنَّهَا لَحَابِسَتُنَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ زَارَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ فَلْتَنْفِرْ مَعَكُمْ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، لَعَلَّهُ قَالَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ مُعْظَمِ النُّسَخِ ، قَالَ : وَسَقَطَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ . قَوْلُهُ : ( لَعَلَّهُ قَالَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ) قَالَ : وَسَقَطَ ( لَعَلَّهُ قَالَ ) فَقَطْ لِابْنِ الْحَذَّاءِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَأَظُنُّ أَنَّ الِاسْمَ كُلَّهُ سَقَطَ مِنْ كُتُبِ بَعْضِهِمْ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَأَلْحَقَهُ عَلَى الْمَحْفُوظِ الصَّوَابِ ، وَنَبَّهَ عَلَى إِلْحَاقِهِ بِقَوْلِهِ : ( لَعَلَّهُ ) .

قَوْلُهُ : ( قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ زَارَتْ يَوْمَ النَّحْرِ ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ : طَوَافُ الزِّيَارَةِ ، وَقَالَ مَالِكٌ : يُكْرَهُ ، وَلَيْسَ لِلْكَرَاهَةِ حُجَّةٌ تُعْتَمَدُ . قَوْلُهَا : ( تَنْفِرُ ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .