فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ السَّلَمِ

باب السَّلَمِ
[ سـ :3111 ... بـ :1604]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنَا وَقَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فَقَالَ مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

بَابُ السَّلَمِ

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : يُقَالُ : السَّلَمُ وَالسَّلَفُ وَأَسْلَمَ وَسَلَّمَ وَأَسْلَفَ وَسَلَّفَ ، وَيَكُونُ السَّلَفُ أَيْضًا قَرْضًا ، وَيُقَالُ : اسْتَسْلَفَ . قَالَ أَصْحَابُنَا : وَيَشْتَرِكُ السَّلَمُ وَالْقَرْضُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِمَبْذُولٍ فِي الْحَالِ ، وَذَكَرُوا فِي حَدِّ السَّلَمِ عِبَارَاتٍ ، أَحْسَنُهَا : أَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ ، بِبَذْلٍ يُعْطَى عَاجِلًا . سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ ، وَسُمِّيَ سَلَفًا لِتَقْدِيمِ رَأْسِ الْمَالِ ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فِيهِ جَوَازُ السَّلَمِ ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُهُ مَعْلُومًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُضْبَطُ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ مَذْرُوعًا كَالثَّوْبِ ، اشْتُرِطَ ذِكْرُ ذُرْعَانٍ مَعْلُومَةٍ ، وَإِنْ كَانَ مَعْدُودًا كَالْحَيَوَانِ ، اشْتُرِطَ ذِكْرُ عَدَدٍ مَعْلُومٍ . وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ كَيْلُهُ مَعْلُومًا ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْزُونٍ فَليَكُنْ وَزْنًا مَعْلُومًا ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلْيَكُنْ أَجَلُهُ مَعْلُومًا . وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا اشْتِرَاطُ كَوْنِ السَّلَمِ مُؤَجَّلًا ، بَلْ يَجُوزُ حَالًّا ; لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ مُؤَجَّلًا مَعَ الْغَرَرِ فَجَوَازُ الْحَالِّ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الْغَرَرِ ، وَلَيْسَ ذِكْرُ الْأَجَلِ فِي الْحَدِيثِ لِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ ، بَلْ مَعْنَاهُ : إِنْ كَانَ أَجَلٌ فَليَكُنْ مَعْلُومًا ، كَمَا أَنَّ الْكَيْلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ ، بَلْ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ بِالذَّرْعِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْكَيْلَ بِمَعْنَى أَنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ كَيْلًا مَعْلُومًا أَوْ فِي مَوْزُونٍ فَلْيَكُنْ وَزْنًا مَعْلُومًا . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ السَّلَمِ الْحَالِّ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِ الْمُؤَجَّلِ ، فَجَوَّزَ الْحَالَّ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ ، وَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى اشْتِرَاطِ وَصْفِهِ بِمَا يُضْبَطُ بِهِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ ( تَمْرٌ ) بِالْمُثَنَّاةِ ، وَفِي بَعْضِهَا : ( ثَمَرٌ ) بِالْمُثَلَّثَةِ ، وَهُوَ أَعَمُّ ، وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ . وَ وَزْنٍ مَعْلُومٍ ، بِالْوَاوِ لَا ( بِأَوْ ) وَمَعْنَاهُ : إِنْ أَسْلَمَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا ، فَليَكُنْ مَعْلُومًا . وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا وَهُوَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ . وَفِي جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَوْزُونِ كَيْلًا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا : جَوَازُهُ كَعَكْسِهِ .




[ سـ :3112 ... بـ :1604]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَسْلَفَ فَلَا يُسْلِفْ إِلَّا فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ سَالِمٍ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ وَلَمْ يَذْكُرْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ بِإِسْنَادِهِمْ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ يَذْكُرُ فِيهِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ) هَكَذَا هُوَ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا ( عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ) وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدَ الْجُلُودِيِّ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ شُيُوخِهِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ( عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ ) وَهُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَآخَرُونَ مِنَ الْحُفَّاظِ : وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ ابْنِ مَاهَانَ ، قَالُوا : وَمَنْ تَأَمَّلَ الْبَابَ عَرَفَ ذَلِكَ ، قَالَ الْقَاضِي : لِأَنَّ مُسْلِمًا ذَكَرَ أَوَّلًا حَدِيثَ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ . وَفِيهِ ذِكْرُ الْأَجَلِ ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَجَلِ ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، وَقَالَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، وَقَالَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ يَذْكُرُ فِيهِ الْأَجَلَ .