فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ فِي الْأَقْوَاتِ

باب تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ فِي الْأَقْوَاتِ
[ سـ :3113 ... بـ :1605]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ قَالَ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ أَنَّ مَعْمَرًا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ فَقِيلَ لِسَعِيدٍ فَإِنَّكَ تَحْتَكِرُ قَالَ سَعِيدٌ إِنَّ مَعْمَرًا الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ يَحْتَكِرُ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ فِي رِوَايَةٍ : ( لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْخَاطِئُ بِالْهَمْزِ هُوَ الْعَاصِي الْآثِمُ .

وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ . قَالَ أَصْحَابُنَا : الِاحْتِكَارُ الْمُحَرَّمُ هُوَ الِاحْتِكَارُ فِي الْأَقْوَاتِ خَاصَّةً ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الطَّعَامَ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِلتِّجَارَةِ ، وَلَا يَبِيعُهُ فِي الْحَالِ ، بَلْ يَدَّخِرُهُ لِيَغْلُوَ ثَمَنُهُ ، فَأَمَّا إِذَا جَاءَ مِنْ قَرْيَتِهِ ، أَوِ اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ وَادَّخَرَهُ ، أَوِ ابْتَاعَهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِحَاجَتِهِ إِلَى أَكْلِهِ ، أَوِ ابْتَاعَهُ لِيَبِيعَهُ فِي وَقْتِهِ ، فَلَيْسَ بِاحْتِكَارٍ وَلَا تَحْرِيمَ فِيهِ ، وَأَمَّا غَيْرُ الْأَقْوَاتِ فَلَا يَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ فِيهِ بِكُلِّ حَالٍ ، هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَالْحِكْمَةُ فِي تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ عَامَّةِ النَّاسِ ، كَمَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَ إِنْسَانٍ طَعَامٌ ، وَاضْطُرَّ النَّاسُ إِلَيْهِ وَلَمْ يَجِدُوا غَيْرَهُ ، أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ النَّاسِ . وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَعْمَرٍ رَاوِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا كَانَا يَحْتَكِرَانِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَآخَرُونَ : إِنَّمَا كَانَا يَحْتَكِرَانِ الزَّيْتَ ، وَحَمَلَا الْحَدِيثَ عَلَى احْتِكَارِ الْقُوتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَالْغَلَاءِ ، وَكَذَا حَمَلَهُالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ وَهُوَ صَحِيحٌ .




[ سـ :3114 ... بـ :1605]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ مُسْلِم وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي مَعْمَرٍ أَحَدِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى

قَوْلُ مُسْلِمٍ : ( وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ) قَالَ الْغَسَّانِيُّ وَغَيْرُهُ : هَذَا أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ الْمَقْطُوعَةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، قَالَ الْقَاضِي : قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى مَقْطُوعًا ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْمَجْهُولِ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي ، وَلَا يَضُرُّ هَذَا الْحَدِيثُ ; لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ مُتَابَعَةً ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ بِرِوَايَةِ مَنْ سَمَّاهُمْ مِنَ الثِّقَاتِ . وَأَمَّا الْمَجْهُولُ فَقَدْ جَاءَ مُسَمًّى فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ ، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى بِإِسْنَادِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .