فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ وَغَصْبِ الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا

باب تَحْرِيمِ الظُّلْمِ وَغَصْبِ الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا
[ سـ :3121 ... بـ :1610]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ وَفِي رِوَايَةٍ " مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقٍّ طَوَّقَهُ اللَّهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْأَرَضُونَ بِفَتْحِ الرَّاءِ ، وَفِيهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ بِإِسْكَانِهَا حَكَاهَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْأَرَضِينَ سَبْعُ طَبَقَاتٍ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ وَأَمَّا تَأْوِيلُ الْمُمَاثَلَةِ عَلَى الْهَيْئَةِ وَالشَّكْلِ ، فَخِلَافُ الظَّاهِرِ ، وَكَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ : الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ سَبْعُ أَرَضِينَ مِنْ سَبْعِ أَقَالِيمَ ; لِأَنَّ الْأَرَضِينَ سَبْعُ طِبَاقٍ ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ أَبْطَلَهُ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُطَوَّقِ الظَّالِمُ بِشِبْرٍ مِنْ هَذَا الْإِقْلِيمِ شَيْئًا مِنْ إِقْلِيمٍ آخَرَ ، بِخِلَافِ طِبَاقِ الْأَرْضِ فَإِنَّهَا تَابِعَةٌ لِهَذَا الشِّبْرِ فِي الْمِلْكِ ، فَمَنْ مَلَكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ مَلَكَهُ وَمَا تَحْتَهُ مِنَ الطِّبَاقِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ جَاءَ فِي غِلَظِ الْأَرَضِينَ وَطِبَاقِهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ حَدِيثٌ لَيْسَ بِثَابِتٍ . وَأَمَّا التَّطْوِيقُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ فَقَالُوا : يَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ يَحْمِلُ مِثْلَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ ، وَيُكَلَّفُ إِطَاقَةَ ذَلِكَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يُجْعَلُ لَهُ كَالطَّوْقِ فِي عُنُقِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : أَنَّهُ يُطَوَّقُ إِثْمُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ كَلُزُومِ الطَّوْقِ بِعُنُقِهِ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّطْوِيقِ فِي عُنُقِهِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : عُنُقُهُ كَمَا جَاءَ فِي غِلَظِ جِلْدِ الْكَافِرِ وَعِظَمِ ضِرْسِهِ .

وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَحْرِيمُ الظُّلْمِ وَتَحْرِيمُ الْغَصْبِ وَتَغْلِيظُ عُقُوبَتِهِ ، وَفِيهِ إِمْكَانُ غَصْبِ الْأَرْضِ ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : لَا يُتَصَوَّرُ غَصْبُ الْأَرْضِ .




[ سـ :3126 ... بـ :1612]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ وَهُوَ ابْنُ شَدَّادٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ وَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبْ الْأَرْضَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ وَحَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ أَخْبَرَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الْأَرْضِ هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ أَيْ : قَدْرَ شِبْرٍ مِنَ الْأَرْضِ ، يُقَالُ : قِيدَ وَقَادَ وَقِيسَ وَقَاسَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ . وَفِي الْبَابِ : حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَنْقَبَةٌ لَهُ وَقَبُولُ دُعَائِهِ ، وَجَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ وَمُسْتَذِلِّ أَهْلِ الْفَضْلِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .