فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ ثَوَابِ الْعَبْدِ وَأَجْرِهِ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ

باب ثَوَابِ الْعَبْدِ وَأَجْرِهِ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ
[ سـ :3244 ... بـ :1664]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ الْقَطَّانُ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ ، وَهُوَ النَّاصِحُ لِسَيِّدِهِ ، وَالْقَائِمُ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ الْمُتَوَجِّبَةِ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ لِقِيَامِهِ بِالْحَقَّيْنِ ، وَلِانْكِسَارِهِ بِالرِّقِّ .




[ سـ :3245 ... بـ :1665]
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ قَالَ وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَحُجُّ حَتَّى مَاتَتْ أُمُّهُ لِصُحْبَتِهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي حَدِيثِهِ لِلْعَبْدِ الْمُصْلِحِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَمْلُوكَ وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ الْأُمَوِيُّ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَلَغَنَا وَمَا بَعْدَهُ

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : ( لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ ) فَفِيهِ : أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ وَلَا حَجَّ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ ، وَأَرَادَ بِبِرِّ أُمِّهِ الْقِيَامَ بِمَصْلَحَتِهَا فِي النَّفَقَةِ وَالْمُؤَنِ وَالْخِدْمَةِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، مِمَّا لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ مِنَ الرَّقِيقِ .

قَوْلُهُ : ( وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَحُجُّ حَتَّى مَاتَتْ أُمُّهُ لِصُحْبَتِهَا ) الْمُرَادُ بِهِ حَجُّ التَّطَوُّعِ ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدَّمَ بِرَّ الْأُمِّ عَلَى حَجِّ التَّطَوُّعِ ; لِأَنَّ بِرَّهَا فَرْضٌ فَقُدِّمَ عَلَى التَّطَوُّعِ ، وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ مَنْعَ الْوَلَدِ مِنْ حَجَّةِ التَّطَوُّعِ دُونَ حَجَّةِ الْفَرْضِ .




[ سـ :3246 ... بـ :1666]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ كَانَ لَهُ أَجْرَانِ قَالَ فَحَدَّثْتُهَا كَعْبًا فَقَالَ كَعْبٌ لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ وَلَا عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ

قَوْلُهُ : ( قَالَ كَعْبٌ : لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ وَلَا عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ ) الْمُزْهِدُ : بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ ، وَمَعْنَاهُ : قَلِيلُ الْمَالِ ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى ، وَحَقَّ مَوَالِيهِ ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ لِكَثْرَةِ أَجْرِهِ ، وَعَدَمِ مَعْصِيَتِهِ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ كَعْبٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِتَوْقِيفٍ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بالِاجْتِهَادِ ; لِأَنَّ مَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ وَأُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ، وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا .




[ سـ :3247 ... بـ :1667]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعِمَّا لِلْمَمْلُوكِ أَنْ يُتَوَفَّى يُحْسِنُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَصَحَابَةَ سَيِّدِهِ نِعِمَّا لَهُ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نِعِمَّا لِلْمَمْلُوكِ أَنْ يُتَوَفَّى يُحْسِنُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَصَحَابَةَ سَيِّدِهِ أَمَّا ( نِعِمَّا ) فَفِيهَا : ثَلَاثُ لُغَاتٍ قُرِئَ بِهِنَّ فِي السَّبْعِ : إِحْدَاهَا : كَسْرُ النُّونِ مَعَ إِسْكَانِ الْعَيْنِ ، وَالثَّانِيَةُ : كَسْرُهُمَا ، وَالثَّالِثَةُ : فَتْحُ النُّونِ مَعَ كَسْرِ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ، أَيْ : نِعْمَ شَيْءٌ هُوَ ، وَمَعْنَاهُ : نِعْمَ مَا هُوَ فَأُدْغِمَتِ الْمِيمُ فِي الْمِيمِ قَالَ الْقَاضِي : وَرَوَاهُ الْعُذْرِيُّ ( نُعْمًا ) بِضَمِّ النُّونِ مُنَوَّنًا ، وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْ : لَهُ مَسَرَّةٌ وَقُرَّةُ عَيْنٍ ، يُقَالُ : نُعْمًا لَهُ وَنِعْمَةً لَهُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُحْسِنُ عِبَادَةَ اللَّهِ ) هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِ ( يُحْسِنُ ) وَعِبَادَةَ مَنْصُوبَةٌ ، وَالصَّحَابَةُ هُنَا بِمَعْنَى الصُّحْبَةِ .