فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مَا يُبَاحُ بِهِ دَمُ الْمُسْلِمِ

باب مَا يُبَاحُ بِهِ دَمُ الْمُسْلِمِ
[ سـ :3277 ... بـ :1676]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَا أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : الثَّيِّبُ الزَّانِ ، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ ( الزَّانِ ) مِنْ غَيْرِ يَاءٍ بَعْدَ النُّونِ ، وَهِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ قُرِئَ بِهَا فِي السَّبْعِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ وَغَيْرِهِ ، وَالْأَشْهَرُ فِي اللُّغَةِ إِثْبَاتُ الْيَاءِ فِي كُلِّ هَذَا .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : إِثْبَاتُ قَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ ، وَالْمُرَادُ : رَجْمُهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ ، وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَيَأْتِي إِيضَاحُهُ وَبَيَانُ شُرُوطِهِ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ ) فَالْمُرَادُ بِهِ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ ، وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي قَوْلِهِمْ : يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ ، وَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِ ، مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ ) فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مُرْتَدٍّ عَنِ الْإِسْلَامِ بِأَيِّ رِدَّةٍ كَانَتْ ، فَيَجِبُ قَتْلُهُ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَيَتَنَاوَلُ أَيْضًا كُلَّ خَارِجٍ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِبِدْعَةٍ أَوْ بَغْيٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ، وَكَذَا الْخَوَارِجُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا عَامٌّ يُخَصُّ مِنْهُ الصَّائِلُ وَنَحْوُهُ ، فَيُبَاحُ قَتْلُهُ فِي الدَّفْعِ ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ ، أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ : لَا يَحِلُّ تَعَمُّدُ قَتْلِهِ قَصْدًا إِلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .