فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ جَوَازِ الْإِغَارَةِ عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ ، مِنْ

باب جَوَازِ الْإِغَارَةِ عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ الْإِعْلَامِ بِالْإِغَارَةِ
[ سـ :3363 ... بـ :1730]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ قَالَ يَحْيَى أَحْسِبُهُ قَالَ جُوَيْرِيَةَ أَوْ قَالَ الْبَتَّةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ فِي ذَاكَ الْجَيْشِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَقَالَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَلَمْ يَشُكَّ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيَّ إِنَّمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى : أَحْسِبُهُ قَالَ جُوَيْرِيَةُ أَوْ أَلْبَتَّةَ ابْنَةُ الْحَارِثِ . وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ ) قَالَ : وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَلَمْ يَشُكَّ ) . أَمَّا قَوْلُهُ : ( أَوْ أَلْبَتَّةَ ) فَمَعْنَاهُ : أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى قَالَ : أَصَابَ يَوْمَئِذٍ بِنْتَ الْحَارِثِ ، وَأَظُنُّ شَيْخِي سُلَيْمَ بْنَ أَخْضَرَ سَمَّاهَا فِي رِوَايَتِهِ : جُوَيْرِيَةَ ، أَوْ أَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَأَجْزِمُ بِهِ وَأَقُولُ أَلْبَتَّةَ ، وَحَاصِلُهُ : أَنَّهَا جُوَيْرِيَةُ فِيمَا أَحْفَظُهُ إِمَّا ظَنًّا وَإِمَّا عِلْمًا . وفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ : هِيَ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بِلَا شَكٍّ .

قَوْلُهُ : ( وَهُمْ غَارُّونَ ) هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ : غَافِلُونَ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الْإِغَارَةِ عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ بِالْإِغَارَةِ ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ حَكَاهَا الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي :

أَحَدُهَا : يَجِبُ الْإِنْذَارُ مُطْلَقًا ، قَالَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ . وَهَذَا ضَعِيفٌ .

وَالثَّانِي : لَا يَجِبُ مُطْلَقًا وَهَذَا أَضْعَفُ مِنْهُ أَوْ بَاطِلٌ .

وَالثَّالِثُ : يَجِبُ إِنْ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ ، وَلَا يَجِبُ إِنْ بَلَغَتْهُمْ ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَالَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْجُمْهُورُ ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَلَى مَعْنَاهُ ، فَمِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ ، وَحَدِيثُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ ، وَحَدِيثُ قَتْلِ أَبِي الْحُقَيْقِ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : جَوَازُ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ ; لِأَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ عَرَبٌ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : لَا يُسْتَرَقُّونَ ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ .